مساعٍ حوثية لنهب أرصدة مقربين من صالح

قادة «مؤتمريون» يؤكدون وقوفهم إلى جانب الشرعية اليمنية

TT

مساعٍ حوثية لنهب أرصدة مقربين من صالح

أمرت جماعة الحوثيين الانقلابيين أمس، المصارف المحلية بكشف أرصدة وودائع العشرات من أقارب صالح وقيادات حزب المؤتمر الشعبي الذي كان يتزعمه، في خطوة يعتقد أنها تمهّد للاستيلاء عليها في سياق عمليات التنكيل المستمرة بحق المناهضين للوجود الحوثي. وتزامنت هذه التطورات مع نجاح الأخ غير الشقيق للرئيس السابق وأحد أقوى أذرعه العسكرية، اللواء علي صالح الأحمر، في الوصول إلى محافظة مأرب الواقعة تحت سلطات الحكومة الشرعية قادما من صنعاء، بعد رحلة هروب مضنية من الوقوع في قبضة الميليشيات الحوثية.
وأمرت الميليشيات الحوثية أمس، جميع المصارف المحلية بإمدادها بمعلومات عن أرصدة وحسابات أقارب الرئيس السابق وقيادات حزبه في مسعى للاستيلاء عليها. وقال مصدر مصرفي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» - تحفظ على ذكر اسمه لاعتبارات أمنية - إن الميليشيات عممت على المصارف طلبا لتزويدها بحسابات وأرصدة 32 شخصا من الموالين لصالح وأصهاره، بينهم محمد مهدي مقولة، ومحسن علي محسن الأحمر، وأحمد الكحلاني، ومبخوت المشرقي، ويحيى مجاهد أبو شوارب، ونبيل هائل سعيد أنعم، وشرف الكحلاني وآخرون. وكانت الميليشيات أمرت قبل أيام المصارف بالحجز التحفظي على حسابات وأرصدة 1223 شخصية من الموالين للحكومة الشرعية، بينهم وزراء وعسكريون وقيادات من مختلف الأحزاب المناهضة للانقلاب الحوثي.
في غضون ذلك، أكد قادة حزبيون وعسكريون في حزب المؤتمر الشعبي ينتمون إلى مختلف المحافظات في لقاء موسع جمعهم في مأرب أمس، أنهم يقفون إلى جانب الجيش الوطني والشرعية، ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، لتحرير ما تبقى من الأراضي اليمنية الواقعة تحت سيطرة «ميليشيات الحوثي الإرهابية». ودعا المشاركون في اللقاء وبينهم قيادات في الحزب وصلت مؤخرا إلى مأرب هربا من بطش الحوثي، رفاقهم الباقين في صنعاء والمحافظات الواقعة تحت ميليشيات الانقلاب «إلى سرعة التحرك للانضمام إلى الشرعية ولملمة شتات الحزب، والمشاركة في مقدمة الصفوف والجبهات لتحرير الوطن من ميليشيات الانقلاب الإيرانية».
وكان قيادي بارز في جناح حزب المؤتمر الشعبي الموالي للرئيس السابق علي عبد الله صالح قد أكد رفضه استمرار الشراكة مع ميليشيات جماعة الحوثيين في حكومة الانقلاب غير المعترف بها دولياً. وقال ياسر العواضي، في ثاني ظهور له منذ مقتل علي صالح على يد ميليشيات الحوثيين الانقلابية في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إن «أولوية الحزب القصوى هي لملمة صفوفه وتضميد جراحه»، مضيفا أن الحزب «لن يكون مطية لأي طرف» وهو ما يفهم منه رفضه خياري الالتحاق بالحكومة الشرعية أو الخضوع للحوثيين، على حد سواء. وذكر العواضي في سلسلة تغريدات نشرها على حسابه في «تويتر»: «سيظل (المؤتمر الشعبي) العام بنهجه وميثاقه الوطني تنظيما مدنيا رائدا في مواقفه الوطنية، متمسكا بثوابته، ولن يكون مطية لأي طرف، ورغم ما حدث من زلزال أصاب الرأس فإن المؤتمريين سيفيقون من الصدمة، وأعتقد أن الأولوية القصوى الآن يجب أن تكون للحفاظ على المؤتمر ولملمة صفوفه وتضميد جراحه ليقوم بمسؤولياته الوطنية وفق وثائقه وأدبياته وأولها الميثاق الوطني». وتابع القيادي البارز والزعيم القبلي في حزب المؤتمر، قائلاً: «كما أن على الجميع إدراك أن (المؤتمر) تنظيم مؤسسي ولديه أنظمته ولوائحه التي تحدد هياكله وقراراته، ولا يستطيع أحد تجاوزها أو إملاء مواقف على (المؤتمر) خارج قناعاته وثوابته مهما كان»، مشددا على «أن أي قول لأي مؤتمري خارج ما تقرره هيئات (المؤتمر) هو رأي شخصي فقط». وأضاف أن «من أولويات قيادات (المؤتمر) العمل على إطلاق سراح الأسرى والإفراج عن المعتقلين واستعادة مقراته وممتلكاته ووسائل إعلامه، ليتمكن من ممارسة دوره بحرية كاملة وفقا للدستور والقانون ومرجعياته». وأكد العواضي أنه يرفض الاستمرار في الشراكة مع الحوثيين في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، حيث قال: «أما السلطة فليتحمل مسؤوليتها القائمون عليها، وليتركوا للمؤتمر خياراته، ولن يقبل أي مؤتمري حر فرض غير ذلك عليه مهما حدث أو كان». وأضاف: «لن يحدث أكثر مما حدث إما حياة بكرامة وإما موت بشرف. هذا رأيي الشخصي وأحترم كل رأي آخر، والله من وراء القصد»، في إشارة إلى أنه لم يعد يعبأ بأي عمل قمعي مرتقب من الحوثيين وإن حدث مثل ذلك فلن يكون أعظم من قتل صالح والتنكيل بأقاربه وقيادات حزبه.
وكان العواضي نجا من بطش الحوثيين مع قيادات أخرى في حزب المؤتمر، في ظل معلومات أفادت بأن الجماعة وضعتهم مع العشرات من أنصار صالح ونواب البرلمان تحت الإقامة الإجبارية في صنعاء بالتزامن مع ضغوط لـ«حوثنة» الحزب وتحويله إلى ذراع سياسية تخدم أجنداتها.
وجاءت تغريدات العواضي بعد يوم من تصريحات مهادنة للحوثيين أدلى بها القيادي في الحزب طارق الشامي لقناة تلفزيونية ممولة إيرانيا، وفي وقت تدور فيه مشاورات حثيثة بين قيادات الحزب لعقد أول اجتماع لـ«اللجنة العامة» للحزب (المكتب السياسي) برئاسة الشيخ صادق أمين أبو راس. وتكشف تغريدات القيادي المؤتمري بشكل ضمني ما كانت كشفته «الشرق الأوسط» في وقت سابق عن وجود خلاف بين قيادات حزب المؤتمر الموالين لصالح وانقسامهم بين فريق مؤيد لمداهنة الحوثيين خوفا من بطشهم وفريق رافض للاستمرار في الشراكة معهم.
يذكر أن الميليشيات الحوثية كانت قد شنّت بعد تصفية صالح حملات قمع واعتقالات واسعة شملت الآلاف من أعضاء الحزب وصادرت أموال وممتلكات الرئيس السابق وأقاربه، وسيطرت على مقرات الحزب ووسائل إعلامه.
في سياق متصل، أفادت مصادر في حزب المؤتمر بأن الأخ غير الشقيق للرئيس السابق علي صالح الأحمر وصل في وقت مبكر أمس إلى محافظة مأرب التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية بعد عملية هروب معقدة استمرت نحو أربعة أسابيع من صنعاء للإفلات من قبضة الميليشيات الحوثية. وكانت قيادات عسكرية وحزبية وإعلامية موالية للرئيس السابق وصلت في أوقات متفرقة في الأسابيع الماضية إلى عدن ومأرب، وأعلنت انضمامها إلى صف الحكومة الشرعية وقوات الجيش الوطني في مواجهة الميليشيات الانقلابية.
وكان علي صالح الأحمر واحدا من أقوى أذرع صالح العسكرية إبان حكمه، وسبق له تولي قيادة «الحرس الجهوري» قبل أن يعين صالح نجله أحمد خلفا له ويقوم بتعيينه مديرا لمكتبه في قيادة القوات المسلحة، إضافة إلى الإبقاء على مهامه مسؤولا لعمليات «الحرس الجمهوري»، نظرا لخبرته العسكرية وعلاقاته الواسعة مع كبار الضباط ورجال القبائل.
ولم يتسن على الفور معرفة وجهة الأحمر بعد وصوله إلى مأرب، ففي حين رجحت مصادر في حزب المؤتمر لـ«الشرق الأوسط» أنه سيغادر البلاد للالتحاق بأفراد عائلته الموجودين في الخارج توقّعت مصادر أخرى أنه سيتولى أدوارا عسكرية في المستقبل القريب ضمن قوات الجيش الوطني في مواجهة الميليشيات الحوثية التي أراقت دم أخيه بدم بارد.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.