الخرطوم تعتزم إنشاء خطوط حديدية تربطها بإثيوبيا وجنوب السودان

TT

الخرطوم تعتزم إنشاء خطوط حديدية تربطها بإثيوبيا وجنوب السودان

أعلن السودان عزمه إقامة خطوط سكك حديدية قارية، تربط بين السودان وكل إثيوبيا وجنوب السودان، وإنفاذ خطة طموحة تربط أنحاء البلاد المترامية بخطوط حديدية يتجاوز طولها 8 آلاف كيلومتر.
وقال الرئيس عمر البشير، للمحتفلين بتشغيل قطار «صيني» جديد، يربط بين العاصمة الخرطوم، وولاية الجزيرة وسط البلاد أمس إن حكومته ستعمل على ربط السودان بدولتي جواره إثيوبيا وجنوب السودان، بخطوط سكك حديدية، تلبية لحاجتها للموانئ السودانية، المطلة على ساحل البحر الأحمر.
وأوضح البشير، أن تشييد الخطوط الحديدية مع دولة جنوب السودان، يجعل منها معبراً إلى دولتي كينيا وأوغندا، ويسهل حركة نقل البضائع وتنقلات المواطنين بين هذه الدول.
ولا تملك كل من إثيوبيا ودول جنوب السودان منافذ بحرية، فهي «دول مغلقة»، وتعتمد تجارتها على موانئ دول الجوار، مثل السودان وجيبوتي وكينيا، عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي. وأشار البشير إلى مشروع سكك حديدية قاري طموح، يربط ميناء بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، بالعاصمة السنغالية «داكار»، وهو مشروع أعلنت عنه منظمة التعاون الإسلامي في قمة داكار مارس (آذار) 2008، بطول 10 آلاف ومائة كيلومتر.
ومن المنتظر أن يمر الخط المقترح بدول «السودان، تشاد، نيجيريا، النيجر، بوركينا فاسو، مالي، السنغال، غامبيا، غينيا، وليبيا، الكاميرون، وأوغندا». ورأى البشير في تشييد هذا الخط الحديدي أنه سيحقق نقلة كبيرة في حركة النقل الأفريقية. وطنياً، أعلن البشير عن توجه جديد لحكومته، وهو تقوية مشاريع النقل عبر خطوط السكك الحديدية داخل البلاد الشاسعة المساحة، والاعتماد عليها في عمليات التنمية، باعتبارها واحدة من أدوات خلق الوحدة الوطنية.
وقال وزير النقل والطرق والجسور مكاوي محمد عوض، في كلمته للمحتفلين بتشغيل «قطار مدني» الجديد، إن حكومته أعادت تحديث 1300 كيلومتر من السكك الحديدية شرعت فيها عام 2016، وحتى الآن. وخط السكة الحديدية الذي يربط بين العاصمة الخرطوم ومدينة ودمدني وسط البلاد، يبلغ طوله 174 كيلومترا، ومخطط له نقل نحو ألف راكب يومياً.
وفي المناسبة ذاته، شهد البشير توقيع اتفاقية بين وزارة النقل و3 شركات سودانية، تعمل على تأهيل الخط الحديدي الذي يربط مدن «الأبيض» وسط البلاد، كوستي جنوب البلاد، وسنار في الجنوب الشرقي، ويبلغ طوله 434 كيلومترا. وبدأ السودان منذ عام 2016 خطة لتأهيل السكك الحديدية، مقرراً أن تكتمل بحلول عام 2029، وتشييد سكك حديدية بطول 8500 كيلومتر، تربط عواصم 18 ولاية سودانية، فضلاً عن ربطها بدول الجوار، وذلك لنقل 20 مليون طن من البضائع، ونحو 7,5 مليون راكب سنوياً.
وقبل النكسة التي أصابت هيئة سكك حديد السودان، ابتداء من عام 1999، كانت البلاد تملك نظام سكة حديد يربط معظم أنحائها، يبلغ طوله 4578 كيلومترا. لكن النقل عبر السكة حديد في السودان تأثر بالعقوبات الاقتصادية والتجارية الأميركية المفروضة عليه، ورفعت في 6 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك لأن معظم تجهيزاتها كانت أميركية الصنع. كما تأثرت السكة الحديد أيضاً بسياسات تشغيلية أهملت أهميتها الفائقة كوسيلة نقل رخيصة، وتعثرت تماماً وكادت أن تتوقف حركة القطارات تماماً بين أنحاء البلاد المختلفة.



تحركات عربية مكثفة لحشد الدعم لخطة «إعمار غزة»

صورة جماعية للزعماء والقادة العرب المشاركين في القمة العربية الطارئة (الرئاسة المصرية)
صورة جماعية للزعماء والقادة العرب المشاركين في القمة العربية الطارئة (الرئاسة المصرية)
TT

تحركات عربية مكثفة لحشد الدعم لخطة «إعمار غزة»

صورة جماعية للزعماء والقادة العرب المشاركين في القمة العربية الطارئة (الرئاسة المصرية)
صورة جماعية للزعماء والقادة العرب المشاركين في القمة العربية الطارئة (الرئاسة المصرية)

في إطار تحركات عربية مكثفة لحشد الدعم لخطة «إعمار غزة»، يشارك وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في اجتماعات «خليجية» و«إسلامية» بالمملكة العربية السعودية. وهي خطوة قال مصدر دبلوماسي عربي مطلع تحدث لـ«الشرق الأوسط» إنها «تأتي في إطار تفعيل مخرجات (قمة فلسطين) العربية الطارئة» التي عُقدت أخيراً بالقاهرة.

وبحسب إفادة رسمية لوزارة الخارجية المصرية، فقد «توجه عبد العاطي صباح الخميس إلى مكة المكرمة، للمشاركة في الاجتماع الوزاري المشترك مع دول مجلس التعاون الخليجي»، والذي يهدف إلى «تنسيق الجهود الإقليمية وتبادل الرؤى حول مختلف القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك».

وأضافت «الخارجية» المصرية أن عبد العاطي سيشارك، الجمعة، في الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الذي ينعقد بجدة، لبحث سبل دعم الشعب الفلسطيني في ظل مواصلة العدوان الإسرائيلي.

إسرائيل منعت دخول المساعدات إلى قطاع غزة في شهر رمضان (أ.ف.ب)

واستضافت مكة المكرمة، الخميس، اجتماعات مشتركة لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع نظرائهم في مصر وسوريا والمغرب والأردن، تزامناً مع انعقاد الدورة الـ163 للمجلس الوزاري الخليجي.

عربية - إسلامية

وكان عبد العاطي أشار في مؤتمر صحافي في ختام أعمال «قمة فلسطين» العربية الطارئة بالقاهرة الثلاثاء الماضي، إلى أن «بلاده ستسعى إلى اعتماد خطة إعمار غزة خلال الاجتماع الوزاري الاستثنائي لدول منظمة التعاون الإسلامي، حتى تكون خطة عربية وخطة إسلامية».

وفي السياق نفسه، عوّلت السلطة الفلسطينية على دعم إسلامي ودولي لخطة إعادة الإعمار، وفق رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى الذي أشار في مؤتمر صحافي مشترك مع أمين عام جامعة الدول العربية في ختام القمة، إلى تطلع السلطة لـ«اعتماد الخطة في الإطار الإسلامي وحصولها على دعم أعضاء المنظمة الـ57، قبل أن تنتقل للحصول على دعم من أوروبا والولايات المتحدة».

وأشار البيان الختامي لـ«قمة فلسطين» العربية الطارئة بالقاهرة إلى «التنسيق في إطار اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية المشتركة لإجراء الاتصالات والقيام بالزيارات اللازمة للعواصم الدولية من أجل شرح الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، والتعبير عن الموقف المتمسك بحق الشعب الفلسطيني بالبقاء على أرضه وحقه في تقرير مصيره».

حشد الدعم

ووفق مصدر دبلوماسي عربي مطلع، فإنه «من المنتظر أن تبدأ اللجنة التي ترأسها السعودية تحركاتها لحشد الدعم والتأييد الدولي في أقرب وقت»، مشيراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «اجتماع وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي قد يكون نقطة البداية لعملها». وقال: «اللجنة ستبني على الجهود السابقة التي بذلتها منذ بدء حرب غزة».

يُذكر أن «القمة العربية - الإسلامية المشتركة غير العادية» التي عُقدت في الرياض في 11 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، كلفت لجنة وزارية ببلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة.

وأجرت اللجنة الوزارية مباحثات في عدة دول، والتقت عدداً من رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية، وعدداً من المسؤولين في الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، وعدداً من البلدان الفاعلة على الصعيد الدولي، لوقف الحرب في غزة.

بدوره، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير محمد حجازي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحصول على الدعم الإسلامي سيقوي الخطة العربية لإعادة الإعمار»، لافتاً إلى «أهمية الدور الذي ستلعبه اللجنة العربية - الإسلامية لعرض الخطة على الإدارة الأميركية وشرحها للأطراف الدولية المعنية بهدف كسب الدعم لتنفيذها».

صورة من الجو التقطتها مسيّرة تُظهر حجم الدمار في بيت حانون بشمال قطاع غزة الأربعاء (رويترز)

مستشار رئيس «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور عمرو الشوبكي، عدّ التحركات العربية لحشد التأييد «محاولة لإيجاد آلية لتنفيذ خطة إعادة الإعمار عبر حشد الدعم والتأييد الدولي لها».

وقال الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «مخرجات (قمة فلسطين) تحتاج إلى الحشد في اتجاه إنهاء حرب غزة وبدء إعادة الإعمار لإنهاء مشروع التهجير». وأضاف: «من المهم إقناع الجانب الأميركي بالخطة البديلة»، مشيراً إلى أن «التمويل هو أحد التحديات الرئيسية التي تواجه تنفيذ خطة إعادة الإعمار».

وبعد ساعات من إعلان البيان الختامي للقمة رفضت إسرائيل المقترح، في حين قال البيت الأبيض إن الخطة «لا تعالج الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع»، واعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن «القمة فشلت في معالجة الواقع بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

خطة مرنة

ورداً على ذلك، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في تصريحات متلفزة مساء الأربعاء، إن خطة إعمار قطاع غزة «مرنة تماماً»، معرباً عن اعتقاده بأن الجانب الأميركي سيطرح استفسارات عند عرضها عليه، و«تستطيع مصر التجاوب معها وتطوير الخطة دون إخراج السكان من القطاع»، مستشهداً في هذا الصدد بتجارب مدن عدة دُمرت خلال الحرب العالمية الثانية ولم يخرج سكانها منها.

وفي هذا السياق، قال حجازي إن «الخطة العربية التي اعتمدتها (قمة فلسطين) الطارئة تعتبر مبادرة متكاملة تجيب عن كل التحديات، بما في ذلك إعادة الإعمار ووضع غزة في (اليوم التالي)»، مشيراً إلى أن «الخطة أُعدت بالاستعانة بتقارير المنظمات الدولية، وتتضمن إعادة الإعمار على مراحل، تبدأ بمرحلة الإغاثة المبكرة ومدتها 6 أشهر بتكلفة 3 مليارات دولار، تعقبها مرحلة إعادة الإعمار التي تستمر من ثلاث إلى خمس سنوات بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار».

ولفت عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية إلى أن «الخطة تتضمن أفقاً سياسياً أكبر، وتدعم الجهود الدولية للسلام».