عون والحريري يختلفان على الرئاسة لكنهما يصوغان تفاهمات أبعد

قيادي في «التغيير والإصلاح»: لا تنازلات في الملف وضقنا ذرعا بالرؤساء الضعفاء

ارشيفية
ارشيفية
TT

عون والحريري يختلفان على الرئاسة لكنهما يصوغان تفاهمات أبعد

ارشيفية
ارشيفية

لن يكون مصير الجلسة السادسة التي سيعقدها مجلس النواب اللبناني غدا (الاثنين) لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهي الأولى بعد دخول البلاد في شغور رئاسي، مختلفا عن مصير الجلسات السابقة التي تعثرت في الاتفاق على رئيس يخلف ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في 25 مايو (أيار) الماضي.
ويأتي التعثر في ظل استمرار قوى «8 و14 آذار» في تقاذف الاتهامات بتعطيل الاستحقاق، وبقاء الأمور معلقة على خط المشاورات الحاصلة بين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» ميشال عون الذي لا يزال يسعى لإقناع تيار «المستقبل» الأكبر من حيث التمثيل النيابي والذي يتزعمه الحريري بتبني ترشيحه.
وتشير كل المعطيات إلى أنه لا جواب إيجابيا من «المستقبل» يلوح بالأفق حول تبني ترشيح عون الذي يترأس أكبر تكتل نيابي مسيحي، وتتحدث مصادر في تيار «المستقبل» عن «تفاهمات أبعد من ملف الرئاسة بدأت تتبلور مع عون لن يطيح بها فشل التوافق حول تبني ترشيحه». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «التلاقي بين الحريري وعون هو ما أفرز كل الإيجابيات والإنجازات التي طبعت العمل الحكومي، كما أنه ترك أثرا إيجابيا على المناخ العام في البلد، لذلك كان لا بد من توسيع رقعة التفاهمات وتناول الملفات كل على حدة».
ويرفض فريق عون السياسي التعاطي مع أي مواقف سلبية تصدر عن فريق الحريري لجهة إعلان فشل المفاوضات حول الرئاسة، ويشدد النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» حكمت ديب على وجوب استقاء المعلومات في هذا الشأن من الحريري مباشرة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «وحده الرئيس الحريري معني بإعلان فشل المفاوضات أو نجاحها باعتبار أن هناك الكثير من الأشخاص في تياره غير مطلعين على أجواء المشاورات، كما أن هناك عددا آخر منهم متضررون من التقارب بين الزعيمين وبالتالي يسعون لتمرير مواقف وأجواء لا تمت للحقيقة بصلة خدمة لمصالحهم الخاصة».
ويشير ديب إلى أن التفاهمات بين التكتل الذي ينتمي إليه وتيار «المستقبل» هي التي أنتجت الحكومة الحالية وبيانها الوزاري كما أنها هي التي دفعت باتجاه إنجاح الخطة الأمنية وصولا لملف التعيينات، وقال: «توصلنا لتفاهمات أيضا حول مسائل وطنية كبرى لها علاقة بالحياة المشتركة والذهاب سويا لمواجهة الاستحقاقات المقبلة، كما اتفق على إرادة المشاركة للعمل معا والتمسك بلبنان وحماية الاستقرار فيه».
ويعد ديب أن إمكانية التوصل لإعداد ورقة تفاهم مع «المستقبل» على غرار تلك التي أعدت مع حزب الله «تبقى تفصيلا أمام الإنجازات التي تحققت في هذا المجال».
ويؤكد النائب في تكتل عون أن فريقه ليس في صدد تقديم أي تنازلات في الملف الرئاسي، ويضيف: «ضقنا ذرعا بالرؤساء الضعفاء الذين يديرون الأزمة وحان وقت تطبيق مبدأ المشاركة المسيحية الفعلية من خلال رئيس قوي يعيد لموقع الرئاسة وهجه».
ويتوجه نواب «14 آذار» إلى البرلمان اللبناني غدا (الاثنين) وسط استمرار مقاطعة معظم نواب «8 آذار» لجلسات انتخاب الرئيس. ولا يزال رئيس حزب «القوات» سمير جعجع والنائب في «اللقاء الديمقراطي» هنري حلو المرشحين الوحيدين اللذين أعلنا ترشحهما رسميا.
ويتوقع أن يخفق مجلس النواب (128 مقعدا) للمرة السادسة على التوالي بإتمام مهمته، كنتيجة حتمية لـ«توازن الرعب» القائم بين طرفي الصراع في لبنان، حيث يمتلك فريق «8 آذار» 57 نائبا وفريق «14 آذار» 54 نائبا، في حين أن هناك كتلة وسطية مؤلفة من 17 نائبا. وبما أن الدستور اللبناني ينص على أن الرئيس يجب أن يحصل على 65 صوتا على الأقل في دورات الاقتراع الثانية وما بعد، فإن نصه على ضرورة تأمين النصاب من قبل ثلثي أعضاء البرلمان جعل الطرفين قادرين على التعطيل، من دون قدرة أي منهما على تأمين الأصوات الـ65.
ويستهجن نائب رئيس تيار «المستقبل» أنطوان أندراوس محاولة تصوير الحريري كمعطل لتقدم الأمور بالملف الرئاسي كونه لم يعط بعد عون جوابا نهائيا حول إمكانية تبني ترشيحه، لافتا إلى أن «الحريري هو الذي ينتظر أجوبة وضمانات من عون على علاقة بموضوع سلاح حزب الله وقتاله في سوريا إضافة إلى طلبه منه التفاوض مع مسيحيي 14 (آذار)».
ويؤكد أندراوس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الكرة اليوم في ملعب عون وليس العكس»، مشيرا إلى أن الخطاب الأخير لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله «أعاد الأمور إلى نقطة الصفر بموضوع الاستحقاق الرئاسي وغيرها من الملفات». وأضاف: «انتقال فريقنا السياسي إلى خطة (ب) أي اعتماد مرشح جديد للرئاسة، يفترض تأمين 65 صوتا لانتخابه وهو ما نعول عليه في حال قرر النائب وليد جنبلاط وكتلته التصويت للنائب بطرس حرب أو الرئيس أمين الجميل».
ولم تنجح المؤسسات المارونية التي قادت في الأيام الماضية بالتنسيق مع البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي تحركا باتجاه الأقطاب الموارنة عون والجميل وجعجع ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، بتحقيق أي خرق يذكر على صعيد تقريب وجهات النظر للتوافق حول أحدهم كمرشح للرئاسة. ونفت مصادر البطريركية المارونية لـ«الشرق الأوسط» ما أشيع عن قرار الراعي الدعوة للتصعيد وإعلان العصيان المدني للدفع باتجاه انتخاب رئيس. وقالت المصادر: «هي مجرد تكهنات ورغبات البعض، لا قرار حتى الساعة بالتصعيد، والبطريرك يواصل مساعيه ويراقب عن كثب تطورات الأمور ليكون له المواقف المناسبة في الوقت المناسب».
وخلال احتفال حزبي، وصف جعجع ما يحصل في الوضع السياسي العام في البلد بأنه «خيانة عظمى»، مستغربا كيف أن البعض يبحث في «مأسسة الفراغ» بدلا من النظر في كيفية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، «وكأن البعض يحاول تحضيرنا لفترة طويلة من الفراغ».
وقال جعجع: «نحن لا نبحث عن تعيين متصرف على لبنان بل نريد رئيسا للجمهورية يأتي بانتخابات داخل المجلس النيابي، إن ما يحصل في الانتخابات الرئاسية عام 2014 هو فضيحة الفضائح».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.