قانونا «احترام النشيد الوطني والخطابة» يربكان حسابات السلفيين في مصر

وضع قيادات الدعوة وحزب النور في مأزق أمام أنصارهم

قانونا «احترام النشيد الوطني والخطابة» يربكان حسابات السلفيين في مصر
TT

قانونا «احترام النشيد الوطني والخطابة» يربكان حسابات السلفيين في مصر

قانونا «احترام النشيد الوطني والخطابة» يربكان حسابات السلفيين في مصر

في خطوات وصفها مراقبون بأنها تعمق من التباعد بين قيادات الدعوة السلفية وحزبها «النور»، وقواعدها وأنصارها في الشارع، أربك قانونا الرئاسة المصرية بـ«احترام النشيد الوطني، وقصر الخطابة في المساجد على الأزهريين» حسابات سلفيي مصر. وبينما كشفت مصادر داخل الدعوة عن أن «الدعوة السلفية تجري اتصالات مستمرة مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف للتوصل إلى حل سريع للوصول لمخرج لقانون الخطابة»، قال قيادي في حزب النور السلفي، إن «الحزب ليست لديه أي مشكلة في احترام النشيد الوطني».
وجاء ذلك بالتزامن مع عقد وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، اجتماعا مع عدد من وكلاء الوزارة مساء أول من أمس، لمناقشة آليات تطبيق قانون «ممارسة الخطابة» بهدف ضبط مزاولي نشاط الخطابة دون ترخيص وإحالتهم إلى السلطات القضائية، على أن يعاقبوا بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ولا تزيد على عام.
وشارك حزب النور، ذراع الدعوة السلفية السياسية بمصر، في وضع خارطة طريق المستقبل مع الجيش وقوى وطنية ودينية، ووافق على عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وهو الموقف الذي لا يزال يشعل الوضع بين الإسلاميين وحزب النور، وتتهمه قيادات الإخوان بـ«خيانة التجربة الإسلامية».
وأصدر الرئيس المؤقت المنتهية ولايته المستشار عدلي منصور قانونا بقصر ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد على أئمة الأزهر، ومن يخالف ذلك دون تصريح من الأزهر تقع عليه عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنة، وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه. كما أصدر قرارا بقانون ينص على احترام العلم الوطني والنشيد وأقر عقوبات بالحبس والغرامة لكل من أهان العلم ولم يقف عند عزف السلام الوطني.
وكانت عدة أزمات قد أثيرت خلال سنة من حكم مرسي بسبب رفض نواب سلفيين في البرلمان السابق، الوقوف خلال عزف السلام الوطني في أكثر من مناسبة. لكن قياديا بحزب النور قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب ملتزم باحترام العلم والنشيد الوطني، لكونهما رموز للدولة، يجب احترامهما والتعامل معهما بوقار».
من جانبها، هاجمت الدعوة السلفية أمس، قصر الخطابة والدروس الدينية على المعينين بالأزهر والأوقاف، واصفة إياه بأنه يفتقد إلى الحوار المجتمعي. وقالت مصادر داخل الدعوة السلفية، إن «الدعوة متحفظة على هذا القانون.. وإن هناك اتصالات مع أحمد الطيب شيخ الأزهر ووزير الأوقاف للتوصل إلى حل سريع لهذا القانون».
وكشفت المصادر عن أن اجتماعات الدعوة وحزبها «النور» مستمرة لتحديد الخيارات المقبلة. ولم تكشف المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط» عن «هذه الخيارات». لكنها قالت إن «الحوار أفضلها بدلا من التصعيد ووضع شروط سهلة لمنح التراخيص».
وهيمن التيار السلفي على المنابر بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، ونشبت خلال ذلك مشادات مع الأئمة والدعاة الرسميين لوزارة الأوقاف، وطالب دعاة الأوقاف، مرسي، في ذلك الوقت، بحماية المساجد من الدخلاء وغير المؤهلين لاعتلاء المنابر بالقوة.
وعقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013 قررت الأوقاف منع غير الأزهريين من الخطابة في المساجد، مما تسبب في أزمة مع عدد من دعاة السلفية غير المنتمين للأزهر، منهم أبو إسحاق الحوينى، ونائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي، ومحمد حسين يعقوب، الذي حررت الوزارة محضرا ضده في محافظة المنيا، لصعوده المنبر دون ترخيص، كما قرر وزير الأوقاف مطلع العام الحالي، ضم جميع مساجد مصر إلى الوزارة، بما فيها مساجد الجمعية الشرعية، وأنصار السنة المحمدية، وجمعيات السلفيين والإخوان، للسيطرة على الخطاب الديني المتشدد، ومنع غير الأزهريين من صعود المنابر.
ويرى الشيخ ياسر، وهو أحد مشايخ الدعوة السلفية بمنطقة عين شمس (شرق القاهرة) والذي طلب ذكر اسمه الأول فقط، أن «منع السلفيين من اعتلاء المنابر يهدد بكارثة كبيرة ولن نسمح بتحقيق ذلك»، لافتا إلى أن «القانون بداية لقرارات قادمة تهدف إلى تحجيم الدعوة السلفية»، معتبرا أن القانون سيقابل بصعوبة في التنفيذ بسبب قلة أعداد مشايخ الأزهر أمام العدد الضخم من المساجد على مستوى مصر.
وحذرت وزارة اﻷوقاف أمس، غير العاملين بها أو باﻷزهر الشريف في تخصصات دعوية، من صعود المنابر وأداء خطبة الجمعة أو إلقاء الدروس بالمساجد. وقالت الأوقاف في بيان لها، إن «الوزارة سلمت أمس قانون تنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد لعدد من وكلاء الوزارة»، مؤكدة أن هذه اﻹجراءات تعد دخول القانون حيز التنفيذ وتطبيقه على أي خطيب يعتلي المنبر الجمعة المقبل دون تصريح.
ويرى مراقبون أن «قادة الدعوة السلفية حاولوا تمرير قرارات صعبة خلال الفترة الماضية، منها عزل مرسي وتأييد الرئيس الجديد للبلاد، أملا في الحفاظ على قدرتهم على التحرك خلال الفترة القادمة بحرية، خصوصا في انتخابات البرلمان المقبلة (الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق)».
وسبق أن حل نواب حزب النور في المركز الثاني بعد جماعة الإخوان في آخر برلمان سيطر عليه الإسلاميون. ودعم حزب النور والدعوة السلفية الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي في إمضاء خارطة الطريق ومنها الاستفتاء على الدستور مطلع العام الحالي وانتخاب الرئاسة الشهر الماضي.
وأكد مراقبون أن «الدعوة سوف تجد صعوبات جمة ومتزايدة أمام كوادرها وأنصارها في الشارع المصري، خصوصا بعد اتهامها بعدم قدرتها على الحشد في الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية»، ويقول الشيخ ياسر: «نتخوف من أن تحمل هذه القوانين الأخيرة فرصا أكبر بإبعاد الكوادر عن القيادات، وانخراط الكوادر مع الحركة الرافضة للوضع السياسي الراهن في البلاد»، لافتا إلى «أن هذه القوانين سوف تؤثر على السلفيين في انتخابات البرلمان، التي يعول عليها حزب النور كثيرا في البقاء داخل المشهد السياسي».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.