5 تحديات جدّية تواجه العراق في 2018

في مقدمتها مكافحة الفساد والأزمة بين بغداد وأربيل

عراقيون في محل لبيع الكعك في بغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقيون في محل لبيع الكعك في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

5 تحديات جدّية تواجه العراق في 2018

عراقيون في محل لبيع الكعك في بغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقيون في محل لبيع الكعك في بغداد أمس (أ.ف.ب)

يعلم العراقيون، سواء على مستوى المتواجدين في أعلى هرم السلطة أو على مستوى المواطنين العاديين، أن الانتصار الذي تحقق هذا العام في الحرب على الإرهاب لا يقلل من أهمية التحديات الأخرى التي يتوجب على البلاد وحكومتها معالجتها في عام 2018 والأعوام اللاحقة؛ ذلك أن بعض تلك التحديات ربما يعود إلى الأعوام الأولى من الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وبعضها مرتبط بالأعوام التي أعقبته، وأخرى أفرزتها ظروف الحرب على «داعش».
ويكاد يتفق أغلب العراقيين على أن التحدي الأهم الذي ينتظر العراق عموماً، وحكومة العبادي بوجه خاص في العام الجديد، هو قضية الفساد الذي ارتبط بالدولة ومؤسساتها منذ الأيام الأولى لإطاحة حكم البعث عام 2003، وهناك من يرى أن، ملف الفساد سبق ذلك التاريخ وابتدأ مع سنوات الحصار الدولي التي أعقبت غزو العراق لدولة الكويت في تسعينات القرن الماضي.
وإلى جانب ذلك، تبرز قضية العلاقة المتوترة بين بغداد وأربيل على خلفية استفتاء الاستقلال الكردي في سبتمبر (أيلول) الماضي، كواحدة من أهم التحديات التي تتطلب معالجات جذرية لحلها. وهناك تحدي إعادة إعمار المحافظات التي دمرتها الحرب، وبخاصة في ظل الأزمة المالية التي تعانيها البلاد، والحديث عن عجز في الموازنة العامة لعام 2018 يقدّر بنحو 13 تريليون دينار عراقي. وتواجه حكومة العبادي التي لم يبق سوى 5 أشهر على انتهاء ولايتها، تحدي إجراء الانتخابات المحلية والعامة في منتصف مايو (أيار) المقبل، وسط معارضة أطراف وكتل سياسية سنيّة بذريعة عدم عودة أعداد كبيرة من النازحين إلى ديارهم، وتدمير البنى التحتية في المحافظات التي احتلها «داعش».
ويرى البعض أن عملية «نزع السلاح» من أكبر التحديات التي تواجه البلاد وحكومة العبادي، بسبب انتشاره المخيف، ليس بين الفصائل المسلحة التي قاتلت تنظيم داعش وحسب، بل في عموم الأوساط العراقية، وقد سقط الأسبوع الماضي نحو 75 مواطناً بين قتيل وجريح عقب فوز المنتخب العراقي لكرة القدم على نظيره القطري في دورة الخليج المقامة حالياً في الكويت نتيجة العيارات النارية التي أطلقها المواطنون احتفالاً بالنصر.
وبشأن الفساد، يقول القيادي في تيار «الحكمة الوطني»، فادي الشمري، لـ«الشرق الأوسط»: «نتوقع أن نرى نتائج على الأرض إجراءات حقيقية بشأن هذا الملف بعد وعود العبادي الكثيرة في مكافحة الفساد، وحديثه المتكرر عنه في الأسابيع الأخيرة». ويرى أن الموضوع معقد وصعب، وليس بوسع العبادي تحقيق تقدم كبير فيه، لكن بإمكانه أن «يضع الخطوات الأولى ويقوم بالقدر الذي يسمح به وقت ولايته رئاسة الوزراء بتهيئة الأجواء المناسبة، ووضع الآليات المحددة لتفعيل هذا الملف». ويلفت الشمري إلى أن معالجة ملف الفساد «لا يتعلق بمحاسبة الرؤوس الكبيرة المتورطة به، إنما بسد الثغرات في جسد الدولة والحكومة التي ينفذ منها الفساد، حتى لا تفرّخ فساداً جديداً».
ويعتقد الشمري، أن الملف الاقتصادي الذي يتفرع عنه إعادة إعمار المحافظات المخربة يمثل أحد التحديات التي تواجهها البلاد في العام المقبل؛ ذلك أن «الاقتصاد عموماً في العراق افتقر في السنوات الماضية إلى هوية واضحة المعالم، وعلى الدولة والحكومة معالجة ذلك». ويشير إلى أن العلاقة بين بغداد وأربيل من أهم تحديات السنة المقبلة، وهي مرتبطة بشكل وآخر بموضوع انتخابات مايو المقبل. وبرأيه، فإن «الموقف المتشدد من الإقليم ليس سياسة صحيحة، بعد أن أتت الخطوات التي اتخذتها الحكومة حياله أكلها، واعترف بقرارات المحكمة الاتحادية، وتراجع ضمناً عن موضوع الاستفتاء».
أما الكاتب والصحافي عامر بدر حسون، فيرى أن عام 2018 كما في غيره من الأعوام اللاحقة والسابقة، ستكون الحياة العراقية فيه «سلسلة متصلة من التحديات المفتوحة»، ويتفق مع كثيرين بشأن مشكلة الفساد التي تعاني منها البلاد منذ سنوات، لكنه يرى أن تحدي العراق الأكثر وضوحاً هو «إعادة القدسية للسلاح». ويشرح حسون لـ«الشرق الأوسط» ذلك بالقول: «هذا يتحقق بطريقة واحدة، لا سلاح خارج الدولة، وهو أمر مطابق للدستور العراقي. دون هذا سنتجه نحو دهاليز الموت لأي فكرة أو تطور».
ويعتقد حسون أن الانتخابات المقبلة ستكون «مختلفة»؛ لأن «العبادي ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ابنا نفس الحزب، لكنهما سيخوضان الانتخابات بقائمتين مستقلتين، وهذا الأمر سيفتت الكتلة الأكبر أيما تفتيت، ويوزع الأصوات بين الصديقين اللدودين».
بدوره، يرى الخبير النفطي والاقتصادي حمزة الجواهري، أن الفساد التحدي الأكبر والأهم الذي يواجه رئيس والدولة العراقية في العام الجديد.
ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الفساد يشمل جميع الأحزاب والطوائف ومفاصل الدولة المختلفة، مثل الحكومة والبرلمان والقضاء والهيئات المستقلة». وبرأيه، فإن «تعيين القاضي أو الوزير في المنصب الفلاني استناداً إلى مبدأ المحاصصة هو الفساد بعينه، وقد سارت عليه الدولة العراقية منذ سنوات».
لكن الجواهري يستبعد قدرة العبادي على معالجة تحدي الفساد في السنة الجديدة مع انتهاء عمر حكومته بعد 5 أشهر. وبرأيه، فإن العبادي «لا يستطيع تحقيق شيء في الفترة المتبقية؛ لأن المسألة معقدة وغير سهلة وفي حاجة إلى تضافر جميع الجهود الدينية والسياسية والاجتماعية».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.