بلاغات عن أكثر من 3 آلاف مفقود في الموصل منذ تحريرها

بلاغات عن أكثر من 3 آلاف مفقود في الموصل منذ تحريرها
TT

بلاغات عن أكثر من 3 آلاف مفقود في الموصل منذ تحريرها

بلاغات عن أكثر من 3 آلاف مفقود في الموصل منذ تحريرها

في عام 2014، اقتيد عبد الرحمن سعد من منزله في الموصل على يد مجموعة من مسلحي تنظيم داعش، تاركاً خلفه أسرته في حيرة عارمة. وطرق أفراد أسرته أبواب المكاتب الأمنية التابعة للتنظيم للاستفسار عن مكان سعد.
وعندما بدأت عملية استعادة الموصل من يد التنظيم، نمت إلى مسامعهم أنباء تفيد عن احتجازه في الجزء الغربي من المدينة، بجانب مئات المحتجزين الآخرين. ومع ذلك، فإنه لدى تحرير المنطقة، لم يجدوا لسعد، البالغ 59 عاماً ويملك متجراً لبيع المواد الغذائية بالجملة، أثراً. وقال نجله، رامي: «الحياة عصيبة من دون أبي». وتجد الأسرة بوجه عام مشقة كبيرة في سداد احتياجاتها من دون الأب، في الوقت الذي لا تتوقف زوجته عن البكاء.
وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» فإن أسرة سعد ليست بمفردها في هذه المحنة، فمنذ إعلان تحرير الموصل في يوليو (تموز)، تقدم مقيمون بالمدينة بأكثر عن 3.000 بلاغ عن أشخاص مفقودين إلى المجلس المحلي في نينوى، تبعاً لما ذكره عضو المجلس، علي خضير. والملاحظ أن معظم المفقودين رجال أو صبية مراهقون. وألقي القبض على بعضهم خلال فترة حكم «داعش» المتطرف، بينما احتجز آخرون من جانب القوات العراقية للاشتباه في صلات بينهم وبين عناصر متطرفة.
وبغض النظر عن الجهة التي تولت الاحتجاز، تظل الحقيقة أن البيروقراطية داخل الحكومة العراقية وافتقارها إلى الكفاءة وإهمالها خلف آلاف الأسر عبر العراق معلقة على أحبال الأمل والترقب في انتظار مفقوديها في وقت تحتفل قيادة البلاد بهزيمة «داعش».
داخل حديقة صغيرة خارج قاعة محكمة بالموصل، وقف العشرات في انتظار ما توصلت إليه التحقيقات بخصوص أقاربهم المفقودين، بينما يمسكون بأيديهم بملفات ضخمة من المستندات من أوراق هوية وطلبات رسمية وصور عائلية وإعلانات في صحف محلية عن الشخص المفقود. إلا أنه يبدو من غير المحتمل أن يتلقوا أنباء طيبة.
وقال أحد المحققين، بينما وقف أقارب المفقودين الذين استبد بهم القلق على أعتاب مكتبه: «ستمر سنوات قبل أن يتمكن أي من هؤلاء الأشخاص معرفة حقيقة ما حدث لقريبه». وأضاف المحقق، الذي رفض كشف هويته، أن الحكومة العراقية لا تملك عددا كافيا من خبراء الطب الشرعي لتفحص عشرات المقابر الجماعية التي اكتشفت في المنطقة التي جرى طرد «داعش» منها. كما أن النظام القضائي غير مجهز للتعامل بكفاءة مع آلاف المحتجزين الذين ألقت قوات الأمن القبض عليهم.
جدير بالذكر، أن ما يقرب من 20 ألف شخص محتجزون داخل مراكز اعتقال بمختلف أرجاء العراق، بناءً على شكوك في وجود صلات بينهم وبين «داعش»، حسبما أفاد تقرير صدر عن منظمة «هيومان رايتس ووتش» هذا الشهر.
وفي محافظة الأنبار، حيث أعلن النصر في مدينتي الرمادي والفلوجة منذ أكثر عن عام، لا يزال أكثر من 2900 شخص مفقودين، حسبما ذكر محمد الكربولي، عضو اللجنة البرلمانية العراقية لشؤون الدفاع والأمن من الأنبار. وأضاف أن المفقودين من الأنبار أصبحوا رمزاً لغياب الثقة بين سكان الأنبار الذين ينتمون في غالبيتهم إلى السنة والحكومة المركزية في بغداد التي يهيمن عليها الشيعة. وحذر النائب من أنه عندما يعجز آباء وأمهات عن معرفة مصير أبنائهم، «تشتعل توترات».
وإلى الجنوب من الموصل ثمة عدد هائل من العراقيين يعتقد أنهم مدفونون داخل تجويف طبيعي بالأرض أصبح واحدا من أشهر المقابر الجماعية التي ظهرت في عهد «داعش». ويقدر بعض المسؤولين العراقيين أعداد المدفونين في التجويف القاحل الواقع على طريق يربط بين الموصل وبغداد بما يصل إلى أربعة آلاف شخص. وبينما دفن البعض وهم موتى، دفن البعض بينما كانوا لا يزالون على قيد الحياة.
في هذا الصدد، قال محمد يونس، أحد المقيمين بالمنطقة، في إشارة إلى الأسابيع والشهور السابقة مباشرة لاندلاع القتال حول الموصل: «كان مقاتلو (داعش) يحضرونهم ويجبروهم على الخروج من السيارة ثم يصفونهم على أطراف الحفرة، وبعد ذلك، يبدأون في قتلهم وتبدأ الجثث في التساقط داخل الحفرة».
وخلص تحقيق أجرته وكالة «أسوشييتد برس» إلى أن 133 مقبرة جماعية على الأقل خلفها وراءهم المتطرفون المهزومون. وحتى الآن، تعرض عدد قليل للغاية منها للفحص. وربما انتهى الحال بالكثير من المفقودين، خاصة آلاف الإيزيديين المنتمين لأقلية تعرضت للذبح والاستعباد من قبل مقاتلي «داعش»، بالدفن في تلك المقابر إلى الأبد. وتشير تقديرات إلى أن ما يتراوح بين 11.000 و13.000 جثة توجد داخل هذه المقابر.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».