عودة الجدل حول سعر الخبز في المغرب

الحكومات المتتالية اعتبرت زيادته خطاً أحمر

TT

عودة الجدل حول سعر الخبز في المغرب

مع بداية العام الجديد سيعود الجدل حول سعر الخبز إلى الواجهة في المغرب، إذ يرتقب أن تفتح الحكومة حواراً مع فيدرالية الخبازين حول برنامج تعاقدي جديد للأعوام الخمسة المقبلة، فيما يضغط الخبازون من أجل زيادة سعر الرغيف العادي، وهو أمر اعتبرته الحكومات المتتالية خطاً أحمر، منذ أحداث 1981، التي أطلق عليها «انتفاضة الخبز».
وتشارك الحكومة في مسلسل الحوار الجديد بـ4 وزارات؛ هي الداخلية والزراعة والمالية والصناعة والتجارة. وتضم طاولة الحوار أيضاً جميع الجمعيات والاتحادات المهنية المرتبطة بصناعة الخبز، بما فيها منتجو القمح والمطاحن وأصحاب المخابز العصرية والتقليدية.
ويطالب أصحاب المخابز، الحكومة، بضرورة كسر الحاجز النفسي المرتبط بسعر الخبز، مشيرين إلى أن هذا السعر لم يتحرك منذ 15 سنة، في حين عرفت أسعار كل المواد والمنتجات الأخرى ارتفاعات خلال هذه الفترة.
ويقول صاحب مخبز في مدينة سلا: «الربط بين القدرة الشرائية للمواطنين وسعر الرغيف أمر مغلوط. فالمواطن يحتاج إلى السكن والنقل والتعليم والصحة، وليس إلى الخبز فقط». ويضيف: «لا يجب أن ننسى أن الخباز أيضاً مواطن، وأن قدرته الشرائية ترتبط بشكل مباشر بسعر الخبز أكثر من غيره».
الزيادة الأخيرة في سعر الخبز بالمغرب كانت في سنة 2004، عقب سلسلة إضرابات في قطاع المخابز. وتوصلت الحكومة، آنذاك، إلى اتفاق مع أصحاب المخابز بزيادة 10 سنتيمات في سعر الخبز كل عام خلال 3 سنوات.
غير أن هذا الاتفاق لم ينفذ سوى في السنة الأولى. ومنذ ذلك الحين وسعر الرغيف محدد بـ1.2 درهم (0.13 دولار) للرغيف العادي، وحُدد وزنه القانوني بـ200 غرام للرغيف الواحد. كما تعهدت الحكومة بتوفير دقيق المخابز للخبازين بسعر محدد بـ3500 درهم (370 دولاراً) للطن، عن طريق آلية دعم المواد الأساسية.
في سياق ذلك، حررت الحكومة أسعار أنواع الرغيف الأخرى التي تحتوي على مواد إضافية، أو أنواع أخرى من الدقيق غير الدقيق الممتاز المستعمل في المخابز.
ومنذ 2011، سنة انطلاق العمل بأول برنامج تعاقدي بين المخابز والحكومة، الذي انتهى العمل به في سنة 2015، احترمت الحكومة التزامها بتوفير الدقيق بسعر 3500 درهم (370 دولاراً) للطن مقابل عدم الزيادة في سعر الرغيف العادي. غير أن الخبازين ظلوا يطالبون خلال هذه الفترة، بمراجعة سعر الرغيف، مشيرين إلى غلاء مدخلات الإنتاج الأخرى غير الدقيق بشكل خاص.
وأبرزت دراسة ميدانية أنجزها مكتب خبرة مستقل بتمويل من الحكومة، أن تكلفة الرغيف تناهز 1.6 درهم (0.17 دولار). غير أنها أوضحت أن الرغيف المسوق من طرف الخبازين لا يستجيب للمواصفات القانونية، مبرزة على الخصوص، أن متوسط وزن الرغيف العادي المعروض في السوق لا يتجاوز 160 غراماً، عوض 200 غرام التي ينص عليها القانون.
ويقول أحد المهنيين: «ما حدث أن الحكومة عندما تراجعت عن اتفاقية الزيادة التدريجية في الأسعار غضت الطرف عن وزن الرغيف، ومنذ ذلك الحين لم تعد المخابز تخضع لمراقبة وزن الخبز». الإشكالية الأخرى التي يعتزم الخبازون الدفاع عنها بقوة خلال هذه المفاوضات تتعلق بالمتأخرات الضريبية، التي تقدر بنحو 300 مليون درهم (31.6 مليون دولار). ويطالب الخبازون الحكومة بإيجاد حل لهذه الوضعية، معتبرين أن تجميد سعر الرغيف والمنافسة غير النزيهة من طرف المخابز العشوائية كانت سبباً أساسياً في تراكم هذه الضرائب. غير أن المتأخرات الضريبية وعدم احترام الوزن القانوني يشكلان أيضاً أسلحة في يد الحكومة في مفاوضاتها مع الخبازين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.