«دومينو» الخوف من ترمب يحكم إيران

اتفاق هش بين روحاني و«الحرس» يحوّل الوضع الداخلي إلى «مقبرة كبيرة»

خامنئي متوسطاً أركان النظام الإيراني خلال استضافته مأدبة إفطار رمضانية (موقع خامنئي)
خامنئي متوسطاً أركان النظام الإيراني خلال استضافته مأدبة إفطار رمضانية (موقع خامنئي)
TT

«دومينو» الخوف من ترمب يحكم إيران

خامنئي متوسطاً أركان النظام الإيراني خلال استضافته مأدبة إفطار رمضانية (موقع خامنئي)
خامنئي متوسطاً أركان النظام الإيراني خلال استضافته مأدبة إفطار رمضانية (موقع خامنئي)

ربما كان «مسار الاتفاق النووي»، و«تأثير الرئيس الأميركي دونالد ترمب»، المفتاحيْن الأساسيين لفهم الأوضاع السياسية الداخلية في إيران خلال 2017. فعندما ترشح للانتخابات الرئاسية في 2013، ردد حسن روحاني شعارات جذابة، وقال إن الوقت قد حان لتوظيف السياسة الخارجية لحل المشكلات الداخلية الإيرانية. كانت فكرته أساس التحرك القوي والعلني نحو التوصل إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات وحل مشكلات الاقتصاد الإيراني. لكن من الناحية العملية، أصبح الاقتصاد، وحتى الشؤون الداخلية، أكثر اعتماداً على السياسة الخارجية الإيرانية.
أدى هذا الاعتماد إلى تشكيل طيفين جديدين ومهمين في إيران، مما تسبب في زيادة تعقيدات الجغرافيا السياسية الإيرانية. ورغم هذه التعقيدات، فإنه من الممكن اعتبار الاستراتيجيات والتوقعات لكلا الطيفين؛ «المتفائل» بالاتفاق النووي، و«الخائف» منه، نموذجاً لفهم حالة السياسة الداخلية في إيران.
ويعد روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، رمزين مهمين للتيار المتفائل بالاتفاق النووي. الإصلاحيون وغيرهم ممن صوتوا لإعادة انتخاب روحاني في 19 مايو (أيار) 2017، يمكن تصنيفهم ضمن هذا الطيف.
الفكرة ليست معقدة جداً... يرى «المتفائلون» في الاتفاق النووي نموذجاً ناجحاً للسياسة الخارجية ومثالاً جيداً لإثبات قدرتهم على حل مشكلات الجمهورية الإسلامية. وهم يأملون كذلك في حصد النتائج الإيجابية للاتفاق النووي، ويحاولون إظهار أقصى قدر من الدعم للحفاظ على الاتفاق، على أمل أن يصبح طريقهم إلى النصر في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة أكثر سلاسة.
لكن هذه الآمال واجهت شكوكاً جدية في عام 2017، فالفشل في رفع العقوبات البنكية عن إيران والنهج المختلف لإدارة ترمب في مواجهة الاتفاق النووي، تسببا في إبطاء عملية الاستثمار الأجنبي، وعودة الإحباط لدى الإيرانيين.
وهذه القضية أثارت مشكلات على الصعيد السياسي؛ فاضطرت حكومة روحاني إلى الدفاع عن نفسها بشكل دائم، فيما كانت حريصة - بوصفها مسعفة - على ألا يصاب الاتفاق بجلطة، ومن ثم يموت. وفي الوقت نفسه، وجدت نفسها مجبرة دائماً على الإجابة عن أسئلة وكنايات الأصوليين المعارضين لها.
وفي محاولة لحل هذه المشكلة، عملت الحكومة على إقامة علاقات أفضل مع أوروبا وتنظيم مفاوضات عالية المستوى. ومع ذلك، أدت المشكلات التنفيذية للاتفاق النووي إلى تقدم بطيء وغير مؤكد لمشروع تنمية العلاقات مع الأوروبيين. ويقول معارضو الحكومة إن الأوروبيين يتبعون الولايات المتحدة في نهاية المطاف. ويشيرون تحديدا إلى سلوك الحكومة الفرنسية بوصفها معارضاً نشطاً فيما يخص تطوير برنامج الصواريخ الإيرانية.
غير أن المشكلة لا تنحصر في مجال السياسة الخارجية، فتموضع الحكومة في الموقع الدفاعي والقلق بشأن تدهور الوضع الاقتصادي، من الطبيعي أن يجعلاها أكثر اعتماداً على المؤسسات الأخرى. كما أن الانتماء السياسي للحكومة أثر في تغيير أدبياتها السياسية وجعلها أكثر حذراً في متابعة بعض المشروعات السياسية المتعلقة بحقوق الإنسان، مثل تلك الرامية إلى رفع الإقامة الجبرية عن زعيمي «الحركة الخضراء» مير حسين موسوي ومهدي كروبي، أو تعزيز حرية الصحافة والتعبير والحريات السياسية وحقوق المرأة.
اختلفت الأدبيات السياسية لروحاني بشكل واضح عن فترة الانتخابات الرئاسية. بعض المنتقدين يقولون إنه يغمز للإصلاحيين، لكنه يذهب باتجاه الأصوليين. تسبب هذا التحفظ في حالة من عدم الرضا بين الناخبين، مهدداً قاعدة روحاني السياسية والاجتماعية. وفي الوقت نفسه، أدى تدهور الأوضاع الاقتصادية إلى اتساع رقعة الاحتجاجات العامة.
أظهرت الاحتجاجات الجماهيرية واسعة النطاق للأشخاص الذين فقدوا أموالهم بسبب إفلاس بعض المؤسسات المالية والوقفات الاحتجاجية الدائمة لعمال المصانع الخاصة والمتقاعدين، أن حكومة روحاني تواجه تحديات اجتماعية أقوى خلال الأشهر الأخيرة. حاول روحاني إيجاد حلول لهذه المشكلات من خلال عقد اجتماعات متكررة مع رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني ورئيس البرلمان علي لاريجاني. لكن ضعف الاقتصاد الإيراني والمشكلات الناتجة عن الفساد والعقوبات والعجز، أصبحت واسعة الانتشار، لدرجة أنه من غير المرجح أن تسفر هذه الاجتماعات عن نتيجة مهمة.
وأدى اتساع الاحتجاجات الاقتصادية التي لا تجد حلولاً فورية إلى دخول المدن الإيرانية في أجواء أمنية مشددة خلال الأشهر القليلة الماضية. وأطلق «الحرس الثوري» دوريات أمنية في أحياء المدن للتحكم في بعض الاضطرابات الأمنية. في حين لم يعلن بدقة عدد القوات المنخرطة في هذه الدوريات، إلا أن ما لا يقل عن مائتي ألف من عناصر القوات المسلحة يشاركون على ما يبدو في الخطة الأمنية.
ويمكن أن يؤدي هذا الوجه الأمني في المدن الإيرانية إلى استياء عام وتدمير صورة حكومة روحاني. ففي الظاهر، تهدف هذه الدوريات للتعامل مع عصابات الجريمة والمخربين واللصوص، لكن وجودها يمكن أن تكون غايته قمع جميع الاحتجاجات المحتملة ضد الوضعين الاجتماعي والاقتصادي.
هذه الأمثلة تبين أن تبعات عدم فاعلية الاتفاق النووي مثل «دومينو» مخيف يمكن أن تكون آثاره أكثر من التقديرات الأولية.
على الجانب الآخر من الساحة السياسية، يمكن رؤية أبعاد متعددة لتأثير ترمب والاتفاق النووي. فخصوم حكومة روحاني والمحافظون عموماً يخشون بشكل جدي من أن يتحول الاتفاق إلى وثيقة نجاح في سجل روحاني، وأن يعجزوا عن التحكم بتعبات ذلك. وهم لا يعارضون الفوائد الاقتصادية للاتفاق النووي وضخ الأموال في الاقتصاد الإيراني وأن يصبحوا شركاء بعض المشروعات، وحتى يطالبون بحصص أكبر، لكنهم يعرفون أن الاتفاق النووي ليس مجرد اتفاق اقتصادي.
كانت العقوبات النووية مشكلة رئيسية في السياسة الخارجية والداخلية الإيرانية، يدّعي روحاني أنه تمكن من تجاوزها. ولهذا أهميته الشديدة التي قد يساعد على فهمها التطرق إلى مثال تاريخي؛ ففي عام 1989 أنهى القرار «598» الحرب بين إيران والعراق وبدأت حقبة جديدة. وفي السنوات التي أعقبت الحرب، لم يتوقف رئيس البرلمان وقائد الحرب آنذاك علي أكبر هاشمي رفسنجاني عن تذكير وسائل الإعلام بأنه كان أهم شخصية ساهمت في إنهاء الحرب.
لم يكن رفسنجاني مبالغاً في تصوير دوره في إنهاء الحرب. لكن الأهم من ذلك هو دافعه الذي فسره القائد الأسبق لـ«الحرس الثوري» اللواء رحيم صفوي في حديث لأسبوعية إيرانية في 2014، حين قال إن التفكير في السيطرة على السلطة بعد الخميني، الذي توفي بعد عام من القرار «598»، كان السبب الرئيسي وراء مسعى رفسنجاني لإنهاء الحرب مع العراق.
لا يختلف كثيراً ما يفعله روحاني الآن عما فعله رفسنجاني، فالمسؤولون الإيرانيون حوّلوا العقوبات الاقتصادية مراراً إلى حرب شاملة يزعم روحاني أنه تمكن من وقفها. وإذا ما نجح بشكل كامل، فإنه يمكنه أن يوظف هذا الحدث على أنه رصيد ورأسمال سياسي جيد لمستقبله، خصوصاً في فترة ما بعد وفاة المرشد الحالي علي خامنئي. هذه القضية واحدة من المخاوف العميقة للأصوليين. ومن أجل هذا حاولوا أن يتخذوا دائماً موقفاً سلبياً من الاتفاق النووي، وألا يسمحوا لروحاني باستخدامه دعائياً في مخاطبة الرأي العام.
الهاجس الآخر لدى الأصوليين هو أنه إذا ما نجح الاتفاق النووي، فإنه سيعمم على المجالات الأخرى في صنع القرار، بوصفه نموذجاً ناجحاً للسياسة الخارجية، مما قد ينعكس على مقاربات إيران لعلاقاتها مع دول المنطقة والاتهامات التي تلاحقها بدعم الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان وبرنامج الصواريخ الباليستية.
وعلى مدى الأشهر الماضية، شهدنا نقاشاً حول المفاوضات بشأن برنامج الصواريخ الباليستية وقضايا الشرق الأوسط أو حقوق الإنسان، اصطدم دائماً بمعارضة قوية من الأصوليين. فهم يعلمون جيداً أن بداية أي من هذه المفاوضات يمكن أن تكون بمثابة آلية داعمة للاتفاق النووي، وهم قلقون من أن يعجزوا عن التحكم بنتائج ذلك. إنهم يريدون اتفاقاً نووياً عادياً، بمقدار ما يسمح فقط بقناة اقتصادية نشطة وضخ الأموال في داخل البلد.
أما السبب المهم الآخر لمعارضتهم مفاوضات كهذه، فهو عدم حضورهم على الطاولة. وقال قائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري وقائد «فيلق القدس» قاسم سليماني خلال الأشهر الماضية إنهما يفضلان حل بعض قضايا المنطقة عبر طريق غير المفاوضات. هما يعرفان أن الملفات إذا انتقلت إلى طاولة التفاوض، فلن تكون لهما ولما يمثلانه الكلمة الفصل، بل بإمكانهما أن ينقلا آراءهما إلى شخصية تفاوضية مثل وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وهو سيفاوض الدول الأخرى بصفته ممثلاً لإيران. وفي مثل هذه الحالة يتحولان إلى لاعبين من الدرجة الثانية، الأمر الذي لا يحبذانه ولا يقبلانه.
وهذا الأمر لا ينحصر في السياسة الخارجية، فـ«الحرس الثوري» يريد أن يكون اللاعب الأول على صعيد السياسة الداخلية أيضاً. وتعود سلسلة من التوترات بين روحاني وقادة «الحرس الثوري» في الأسابيع الأولى لولايته الثانية، إلى هذه الخلافات تحديداً. شبه الرئيس الإيراني «الحرس الثوري» بـ«حكومة تحمل البندقية»، في محاولة لتوضيح أن «الحرس» أصبح منافساً قوياً للحكومة في مختلف المجالات. ومع مرور بعض الوقت، التقى الرئيس الإيراني بقادة «الحرس الثوري» وصمتت انتقاداته العلنية.
وكتبت وسائل إعلام أن هذه الخلافات كانت وراء الاحتجاز المؤقت لحسين فريدون، شقيق حسن روحاني، في 25 يوليو (تموز) الماضي. واعتقل شقيق الرئيس بعدما واجه تهماً مالية واسعة، على مدى العامين الماضيين، وأفرج عنه بكفالة في اليوم التالي. ويمكن اعتبار اعتقال فريدون الذي تتابع قضيته مخابرات «الحرس الثوري» رسالة مهمة إلى الرئيس الإيراني.
أراد «الحرس» القول إنه إذا كان من المقرر استمرار الصراع مع الحكومة، فإن بإمكانه أن يمارس ضغطاً على أفراد عائلة روحاني بفتح قضايا مثل الفساد الاقتصادي، وبذلك سيتعين عليه أن يدفع ثمناً باهظاً. وأهمية هذه الرسالة أنها جاءت بعدما فتح روحاني قضايا فساد بعض الشخصيات والمؤسسات التابعة لـ«الحرس الثوري»، مما أدى إلى اعتقال بعض الشخصيات الاقتصادية المهمة التابعة لـ«الحرس»، وأثار مناقشات حول أنشطته الاقتصادية. لكن كي تثمر هذه الجهود وتمكن روحاني من الضغط على «الحرس الثوري»، ستتطلب تدخلاً جاداً وأوامر من المرشد الإيراني علي خامنئي.
وقد تكون المخاوف من سلوك الرئيس الأميركي سبباً آخر لخفض التوترات بين «الحرس الثوري» وحكومة روحاني، فترمب أهم عدو للاتفاق النووي، ولديه هدف واضح يتمثل في إلغائه أو، إذا تعذر ذلك، جعله أقل فاعلية لإيران. هذه حقيقة واضحة؛ أنه كلما ضعفت آثار الاتفاق النووي، يصبح الاقتصاد الإيراني أضعف من أي وقت مضى. إيران لديها اقتصاد يعتمد على النفط، وهو في أمسّ الحاجة إلى الاستثمار الأجنبي. وقدر نائب الرئيس إسحاق جهانغيري في يوليو الماضي أن صناعة الطاقة وحدها بحاجة إلى مائتي مليار دولار من الاستثمارات. وفي 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أشار رئيس البرلمان علي لاريجاني في خطاب علني إلى أن الرفض الأميركي للاتفاق «له انعكاسات مهمة على الاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية للبلاد».
وتبين هذه الحقائق أن الاقتصاد والسياسة الداخلية في إيران باتا أكثر اعتماداً على سياستها الخارجية أكثر من أي وقت مضى. وفي هذه الظروف التي يتعرض فيها الاتفاق النووي وخطط حكومة روحاني للخطر أكثر من أي من وقت آخر بسبب المخاوف من ترمب، ويشعر بعض المعارضين للحكومة بأن هناك فرصة سياسية مناسبة لضرب روحاني، فإن الرئيس الإيراني يحاول تخفيف حدة التوتر بين الحكومة و«الحرس الثوري» ويعلن ولاء أكثر جدية للمرشد حتى لا يفقد دعمه الداخلي ويكون قادراً على تجاوز المشكلات الداخلية إذا أُلغي الاتفاق النووي أو أُضعف بشدة. وقد نجح إلى حد ما في هذا المسعى. كما ساهم تراجع الانتقادات العلنية من خامنئي لروحاني في هذه العملية.
من جهة أخرى، شكل الأمر التنفيذي رقم «13224» الذي أصدره الرئيس الأميركي وتضمن إعلاناً ضمنياً بأن «الحرس الثوري» منظمة إرهابية، حدثاً مهماً ومؤثراً في السياسة الداخلية الإيرانية وفي الحد من التوترات بين جناحيها. ويمكن أن تؤثر زيادة الضغط الخارجي على «الحرس» على أنشطته الاقتصادية داخل البلد، كما يمكنها أن تقدمه بوصفه مصدر أزمة في السياسة الخارجية. وفي ظل هذه الظروف، لا يتوقع «الحرس الثوري» أن يرى الرئيس الإيراني منافساً، إنما يطلب مزيدا من الصداقة وأن يصمت روحاني تجاه أنشطته.
لكن السؤال الأساسي هو: هل يمكن أن تشكل هذه العوامل التي أدت إلى اتفاق مؤقت بين مختلف التيارات، لا سيما الحكومة و«الحرس الثوري»، أساساً لاتفاق طويل الأجل في الساحة السياسية الإيرانية؟ بعبارة أدق: هل يمكن توقع مزيد من دوران روحاني نحو «الحرس» والتيار المحافظ؟
من الواضح أن أهم التحدیات الحالیة في المناخ السياسي الداخلي الإيراني، ليست ناتجة من خلافات وجهات النظر بين الحكومة ورجال الدين أو الحكومة والفصائل السياسية، وإنما التحدي بين الحكومة و«الحرس الثوري». فالأخير هو العنصر الأكثر نشاطاً في مجال الاقتصاد والسياسة الخارجية والأمن ووسائل الإعلام. وإذا نجحت حكومة روحاني في أن تقيم اتفاقاً، ولو هشاً، مع «الحرس الثوري»، فستكون لديها الفرصة للحصول على مجال لالتقاط الأنفاس. ومع ذلك، فإن أساس العلاقات الحالية بين روحاني و«الحرس» في إيران، يشبه إلى حد ما العلاقات الإيرانية - الأميركية، وهو أن كل شيء قام على عدم الثقة؛ فمثلما خضعت إيران وأميركا للاتفاق النووي خشية خطر كبير يتمثل في تحول البرنامج النووي إلى برنامج عسكري، فإن «الحرس» وحكومة روحاني أيضاً خضعا لاتفاق داخلي غير معلن بسب الخوف من ترمب.
إن عدم الثقة المتأصل بين الطرفين، والخلافات الجوهرية في السياسة الخارجية، واختلاف المسارات في المجالات الاجتماعية والثقافية، جعلت الاتفاق الداخلي هشاً بما فيه الكفاية، بقدر لا يسمح له بالتحول إلى اتفاق طويل الأجل ومتعدد الجوانب يحكم الساحة الإيرانية. غير أنه على المدى القصير يمكن أن يساعد على تهدئة المناخ السياسي الداخلي، مثل مقبرة كبيرة ومظلمة وباردة.



زلزال عنيف يضرب منطقة الهيمالايا... ويُخلِّف 126 قتيلاً (صور)

TT

زلزال عنيف يضرب منطقة الهيمالايا... ويُخلِّف 126 قتيلاً (صور)

تجمع النيباليون خارج منازلهم بعد زلزال بقوة 7.1 درجة ضرب كاتماندو (د.ب.أ)
تجمع النيباليون خارج منازلهم بعد زلزال بقوة 7.1 درجة ضرب كاتماندو (د.ب.أ)

ارتفعت حصيلة الزلزال القوي الذي ضرب إقليم التبت في جبال الهيمالايا جنوب غربي الصين، الثلاثاء، إلى 126 قتيلاً، حسبما أفادت «وكالة الصين الجديدة» للأنباء (شينخوا) الرسمية.

وأوردت الوكالة أنه «تأكّد مصرع إجمالي 126 شخصاً، وإصابة 188 آخرين حتى الساعة السابعة مساء الثلاثاء (11.00 ت غ)».

منازل متضررة في شيغاتسي بإقليم التبت جنوب غربي الصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وقالت «شينخوا» إنّ «مراسلاً في مكتب الزلازل بمنطقة التبت ذاتية الحُكم علم بأنَّ أناساً لقوا مصرعهم في 3 بلدات، هي بلدة تشانغسو، وبلدة كولو، وبلدة كوغو، بمقاطعة دينغري».

وكان سكان العاصمة النيبالية كاتماندو قد شعروا، فجر الثلاثاء، بهزَّات أرضية قوية، إثر زلزال عنيف بقوة 7.1 درجة، ضرب منطقة نائية في جبال الهيمالايا قرب جبل إيفرست، حسبما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» و«هيئة المسح الجيولوجي» الأميركية.

صورة تظهر صخوراً على الطريق السريع الوطني بشيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وقالت «هيئة المسح الجيولوجي» الأميركية، إنّ مركز الزلزال يقع على بُعد 93 كيلومتراً من لوبوش، المدينة النيبالية الواقعة على الحدود الجبلية مع التبت في الصين، في حين أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن كثيراً من المباني اهتزَّت في كاتماندو الواقعة على بُعد أكثر من 200 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي.

نيباليون خرجوا من منازلهم بعد تعرضهم لزلزال ويقفون وسط مواد البناء في كاتماندو (أ.ب)

وكان تلفزيون الصين المركزي قد ذكر أن زلزالاً قوته 6.9 درجة هز مدينة شيغاتسي في التبت، الثلاثاء. وقال مركز «شبكات الزلازل الصيني» في إشعار منفصل، إن الزلزال وقع في الساعة (01:05 بتوقيت غرينتش) وكان على عمق 10 كيلومترات.

وشعر السكان بتأثير الزلزال في منطقة شيغاتسي، التي يقطنها 800 ألف شخص. وتدير المنطقة مدينة شيغاتسي، المقر التقليدي لبانشين لاما، إحدى أهم الشخصيات البوذية في التبت. وأفادت قرى في تينغري بوقوع اهتزازات قوية أثناء الزلزال، أعقبتها عشرات الهزات الارتدادية التي بلغت قوتها 4.4 درجة.

آثار الدمار في أحد المنازل كما ظهرت في فيديو بالتبت (أ.ف.ب)

ويمكن رؤية واجهات متاجر منهارة في مقطع مصور على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر آثار الزلزال في بلدة لهاتسي، مع تناثر الحطام على الطريق.

صورة ملتقطة من مقطع فيديو يظهر حطاماً على طريق في مدينة شيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وتمكّنت وكالة «رويترز» للأنباء من تأكيد الموقع من المباني القريبة والنوافذ وتخطيط الطرق واللافتات التي تتطابق مع صور الأقمار الاصطناعية وصور الشوارع.

وذكرت «شينخوا» أن هناك 3 بلدات و27 قرية تقع على بُعد 20 كيلومتراً من مركز الزلزال، ويبلغ إجمالي عدد سكانها نحو 6900 نسمة. وأضافت أن مسؤولي الحكومة المحلية يتواصلون مع البلدات القريبة لتقييم تأثير الزلزال والتحقق من الخسائر.

حطام على طريق في مدينة شيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

كما شعر بالزلزال سكان العاصمة النيبالية كاتماندو على بُعد نحو 400 كيلومتر؛ حيث فرّ السكان من منازلهم. وهزّ الزلزال أيضاً تيمفو عاصمة بوتان وولاية بيهار شمال الهند، التي تقع على الحدود مع نيبال.

جانب من الحطام على طريق في مدينة شيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وقال مسؤولون في الهند إنه لم ترد حتى الآن تقارير عن وقوع أضرار أو خسائر في الممتلكات.

منازل متضررة بعد زلزال بقرية في شيغاتسي بمنطقة التبت (رويترز)

وتتعرض الأجزاء الجنوبية الغربية من الصين ونيبال وشمال الهند لزلازل متكررة، ناجمة عن اصطدام الصفيحتين التكتونيتين الهندية والأوراسية. فقد تسبب زلزال قوي في مقتل نحو 70 ألف شخص بمقاطعة سيتشوان الصينية في 2008، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وفي 2015، هزّ زلزال قوته 7.8 درجة منطقة قريبة من كاتماندو، ما أودى بحياة نحو 9 آلاف شخص، وتسبب في إصابة آلاف في أسوأ زلزال تشهده نيبال.