بعد تحرير بنغازي... حفتر يلوّح بخيار «تفويض شعبي» لتولي السلطة

نفى تخطيطه لانقلاب عسكري ولم يستبعد التدخل إذا استنفدت وسائل الحل

عنصر من الجيش الوطني الليبي أثناء مواجهات مع إرهابيين في منطقة إخريبيش (رويترز)
عنصر من الجيش الوطني الليبي أثناء مواجهات مع إرهابيين في منطقة إخريبيش (رويترز)
TT

بعد تحرير بنغازي... حفتر يلوّح بخيار «تفويض شعبي» لتولي السلطة

عنصر من الجيش الوطني الليبي أثناء مواجهات مع إرهابيين في منطقة إخريبيش (رويترز)
عنصر من الجيش الوطني الليبي أثناء مواجهات مع إرهابيين في منطقة إخريبيش (رويترز)

نفى المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، تخطيطه لانقلاب عسكري في البلاد، لكنه أبقى في المقابل على خيار «التدخل إذا ما استنفدت جميع الوسائل المعتادة في انتقال السلطة سلميا عن طريق انتخابات حرة ونزيهة»، ورأى أن «تفويض» الشعب للجيش لتولي السلطة سيصبح «خيارا متقدما، قد لا يوجد سواه على الساحة السياسية».
وبعد ساعات فقط من إعلان اللواء ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة بالجيش عن تحرير كامل منطقة إخريبيش في مدينة بنغازي، آخر معاقل المتطرفين في شرق البلاد، بدا أن حفتر الذي أشاد بحملة الحراك الشعبي لتفويضه لتولى السلطة في البلاد، يرغب في أن يلعب مجلس النواب دورا رئيسيا خلال المرحلة المقبلة.
وقال حفتر في تصريحات مفاجئة بثتها مساء أول من أمس، قناة «ليبيا الحدث» «في الوقت الحاضر لدينا مؤسسة تشريعية منتخبة تمثل إرادة الشعب، وهي المعنية بتلبية هذا المطلب ألا وهو البرلمان المنتخب»، في إشارة إلى مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق مقرا له.
كما نفى معارضته للحل السياسي أو عرقلة الجهود السلمية المحلية والدولية أو رفض التوافق بين الليبيين، معتبرا أن القيادة العامة للجيش الوطني تتعرض لما وصفه بـ«دعاية مغرضة».
وقال: «الحقيقة هي أننا نحن من دفع العالم إلى القبول على مضض بمسار الانتخابات كحل أساسي ومبدئي يتقدم كل المراحل للوصول إلى اتفاق سياسي».
وتابع: «نحن أول من نادى بهذا المسار ولا زلنا نتمسك به وبكل قوة، كل الجالسين على هرم السلطة حاليا باستثناء القلة لا يريدون الانتخابات ويعملون على عرقلتها أو تأجيلها إلى أبعد مدى ممكن ويبحثون عن أي ذريعة للتمديد لأنهم يخشون على عدم بقائهم في السلطة ولهم حساباتهم الخاصة وهذه هي الحقيقة».
ولفت إلى أن هناك أيضا أطرافا دولية، لم يسمها، قال إنها لا ترغب في إجراء الانتخابات قبل أن تضمن نجاح الموالين لها ولو جزئيا، مضيفا: «كل الوفود الدولية التي تزور القيادة العامة من وزراء وسفراء، وكذلك رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم غسان سلامة يعلمون حقيقة تمسكنا القوي بمسار الانتخابات وضرورة التعجيل بها وهم يشهدون على ذلك».
وتابع حفتر «وفي كل زيارة نقوم بها للخارج نضع ملف الانتخابات في مقدمة المباحثات ونؤكد لهم أنه لا حل في ليبيا إلا أن يختار الليبيون رئيسا لبلادهم عبر صناديق الاقتراع في انتخابات مباشرة حرة ونزيهة وأن يختاروا نوابهم أيضا»، مضيفا: «ولا يستطيع أحد أن يزايد علينا في التمسك بالمسار الديمقراطي وحمايته والدفاع عنه وهذا أحد أهم واجباتنا في الجيش الوطني، لكنهم يماطلون من أجل مصالحهم ومناصبهم ويريدون إلصاق التهمة بنا على أننا ضد الانتخابات».
وقال: «نحن نمارس كل الضغوط من أجل إجراء انتخابات دون مماطلة ودون غش أو تزوير ونحذر كل من تسول له نفسه التلاعب بالعملية الانتخابية، وندعو كل الليبيين من الفئات العمرية المسموح لها بالمشاركة في العملية الانتخابية أن يبادروا بالتسجيل في سجلات الناخبين».
وكرر حفتر تأكيده على انتهاء صلاحية اتفاق السلام المبرم بمنتجع الصخيرات في المغرب برعاية أممية قبل نحو عامين، موضحا أن «انتهاء الاتفاق السياسي شيء وعمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا شيء آخر، فالاتفاق السياسي انتهى بشكل تلقائي وهذا كلام غير قابل للنقاش أو الجدل».
وتابع: «بالنسبة لنا الاتفاق السياسي انتهى وهو من الأساس مطعون في شرعيته والحديث عنه أصبح مقززا لأنه يذكرنا بمرحلة سياسية غاية في السوء، والذي يعتقد أن الاتفاق السياسي ما يزال نافذا إنما يخادع الشعب».
ودعا حفتر المبعوث الأممي إلى الانتباه لمن وصفهم بالمعرقلين والمزورين للانتخابات المقبلة التي قال إنها «تأتي أولا والبقية تأتي تباعا».
ولفت إلى أنه أوضح في بيانه الأخير حول انتهاء صلاحية اتفاق الصخيرات في الـ17 من الشهر الجاري، أن الجيش الوطني لن يخضع لأي سلطة ما لم تكن منتخبة من الشعب الليبي وهذا لا مجال للشك فيه، ومع ذلك، شدد على «تمسكنا وإيماننا بالمسار الديمقراطي والذي أساسه الانتخابات الحرة المباشرة».
من جهة أخرى، أكد الجيش الوطني انتزاع السيطرة من مقاتلين إسلاميين على آخر حي في بنغازي ثاني كبرى المدن الليبية، حيث قال اللواء ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة إن قوات الجيش قضت على المتطرفين في منطقة إخريبيش، معلنا تحرير مدينة بنغازي من الإرهابيين والقضاء على «داعش» بعد عمليات استمرت لأكثر من خمسة أشهر.
ودعا بوخمادة بقية المدن الليبية إلى حذو بنغازي والانتفاضة على المتطرفين، مؤكدا أن الجيش الوطني مستمر لاستكمال مهمته في تحرير كامل الأراضي الليبية من الجماعات الإرهابية.
وطبقا لما أوضحه المتحدث باسم القوات الخاصة العقيد ميلود الزوي، فقد بدأت وحدات الجيش في عمليات تمشيط وتأمين بعد هروب بعض الإرهابيين غربي مدينة بنغازي، فيما قال مصدر عسكري إنه تم قتل 12 إرهابيا، بعد فرارهم باتجاه منطقة جروثة، داعيا السكان إلى الإبلاغ عن الإرهابيين، في حال رصد تحركاتهم.
إلى ذلك، كشف العقيد وسام الجامع رئيس جهاز الأمن الدبلوماسي التابع لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج, عن مباشرة عدد من سفارات دول الاتحاد الأوروبي مهامها من داخل العاصمة الليبية طرابلس مطلع العام المقبل.
ونقلت وكالة «شينخوا» الصينية عنه قوله «من ضمن السفارات العربية التي ستباشر مهامها من طرابلس خلال الفترة المقبلة هي السفارة التونسية»، مشيرا إلى أن السفارة المجرية، من بين السفارات التي باشرت مهامها أخيرا من العاصمة طرابلس، في انتظار فتح باب التأشيرات عقب انتهاء أعياد الميلاد في بلادهم.
وكانت معظم السفارات والبعثات الدبلوماسية والهيئات الأجنبية قد غادرت طرابلس إلى تونس المجاورة لتسيير أعمالها بشكل مؤقت اعتبارا من شهر يوليو (تموز) عام 2014 بعد اندلاع معارك بين ميلشيات «فجر ليبيا» وقوات من الزنتان.
في غضون ذلك، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، عن ترحيل 299 مهاجرا غير شرعي إلى نيجيريا وغينيا، في عمليتين منفصلتين ضمن برنامج العودة الطوعية الذي تنفذه المنظمة, علما بأنه ومنذ منتصف هذا الشهر فقد تم ترحيل أكثر من 17 ألف مهاجر غير شرعي إلى بلدانهم خلال العام الجاري، يمثلون جنسيات 24 بلدا من قارتي أفريقيا وآسيا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم