رياض حجاب في طليعة الأسماء المرشحة لرئاسة الائتلاف السوري

واشنطن تكشف عن تقديم مساعدة فتاكة للمعارضة المعتدلة المناهضة لنظام الأسد

رياض حجاب في طليعة الأسماء المرشحة لرئاسة الائتلاف السوري
TT

رياض حجاب في طليعة الأسماء المرشحة لرئاسة الائتلاف السوري

رياض حجاب في طليعة الأسماء المرشحة لرئاسة الائتلاف السوري

تتجه كتل ومكونات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية المعارض للتوافق على رئيس جديد للائتلاف مطلع الشهر المقبل، بدلا من الرئيس الحالي أحمد الجربا، وفي حين تبدو حظوظ رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب مرتفعة جدا تتداول بعض الشخصيات المعارضة اسم رئيس وفد المعارضة الذي تولى التفاوض في مؤتمر «جنيف2» هادي البحرة وأمين عام الائتلاف بدر جاموس كمرشحين لخلافة الجربا.
ولاية رئيس الائتلاف الحالي أحمد الجربا تنتهي في أواخر الشهر الحالي، ولا يحق له الترشح لولاية ثالثة، بحسب النظام الداخلي للائتلاف. ومن المفروض أن تعقد الهيئة العامة للائتلاف التي تضم نحو 120 عضوا، اجتماعا في مدينة إسطنبول التركية، فور انتهاء ولاية الجربا، لانتخاب رئيس جديد، لكن مصادر في الائتلاف ترجح أن يصار إلى تأجيل الاجتماع إلى ما بعد شهر رمضان، مما يعني التمديد للجربا مدة شهر إضافي.
وتتوقع المصادر أن «تفضي عمليات الترشيح إلى توافقات بين الكتل الكبرى على اسمين أو ثلاثة يجري التنافس بينهما بشكل صوري، تمهيدا للتوافق مجددا على أحدهما ليحظى بمنصب رئيس الائتلاف». وأوضحت أن أبرز المرشحين على المنصب هم رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب ورئيس وفد المعارضة في مؤتمر «جنيف2» هادي البحرة وأمين عام الائتلاف بدر جاموس.
ومن المقرر أن تعقد الهيئة السياسية في الائتلاف اجتماعها الدوري في إسطنبول اليوم وغدا، لكن هذا الاجتماع غير مرتبط بموضوع انتخابات الرئاسة، بحسب ما أكد عضو الهيئة أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن «جدول أعمال الاجتماعات يتركز على الوضع الميداني العسكري ومناقشة نتائج زيارات رئيس الائتلاف للخارج، إضافة إلى الاطلاع على تقرير لترفعه لجنة تعديل النظام الداخلي التي جرى تشكيلها خلال الاجتماعات الماضية».
ونفى عضو الائتلاف المعارض تأجيل استحقاق انتخابات رئاسة الائتلاف ما بعد شهر رمضان، لافتا إلى أن «عمل مؤسسات الائتلاف لا تتوقف خلال الشهر الكريم، مما يعني أن الانتخابات ستجري مطلع الشهر المقبل».
وعد رمضان أن رئيس الوزراء المنشق عن النظام رياض حجاب من أبرز المرشحين لخلافة الجربا، مبررا ذلك بأن «المرحلة المقبلة تحتاج إلى شخص ذي خبرة سياسية ولديه دراية بالوضع الداخلي». وكشف عن وجود «مساع من قبل بعض الشخصيات داخل الائتلاف المعارض من مختلف المكونات والأحزاب بهدف التوصل إلى توافق حول شخصية محددة».
وتقاطع كلام رمضان مع تصريحات نقلتها وكالة «الأناضول» التركية عن أحد قياديي الائتلاف الذي أشار إلى أن «رياض حجاب هو الاسم الأبرز المطروح لخلافة الجربا»، موضحا أن «أعضاء كثرا في الائتلاف يحاولون إقناع حجاب بضرورة الترشح لرئاسة الائتلاف لإنقاذ الائتلاف من حالة الانقسام والضعف التي يعاني منها»، مرجحا أن ينزل الأخير في النهاية على رغبة هؤلاء بعد ممانعته هذا الخيار». وكانت الهيئة العامة للائتلاف قد أعادت انتخاب الجربا لولاية ثانية مدتها ستة أشهر، على حساب حجاب الذي ترشح مقابله لرئاسة الائتلاف مطلع العام الحالي، إذ حصل الجربا على 65 صوتا مقابل 52 صوتا لمنافسه.
ولقد شغل حجاب (48 سنة) عدة مناصب قيادية في النظام السوري تدرج فيها من مناصب قيادية في حزب البعث (الحاكم)، كما شغل منصب محافظ في عدد من المحافظات السورية، قبل تعيينه وزيرا للزراعة، ومن ثم تعيينه رئيسا للوزراء عام 2012 قبل أن ينشق عن النظام بعد شهرين ويفر مع عائلته إلى الأردن وينضم إلى الثورة. وأسس حجاب بعد انشقاقه «التجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة السورية»، الذي يضم مئات الموظفين والعاملين المنشقين عن النظام السوري بهدف «العمل على الحفاظ على تلك المؤسسات من الانهيار في حال الإطاحة بالأسد»، بحسب ما يعرف التجمع عن نفسه.
ولم ينف القيادي المعارض وجود أسماء مرشحة مقابل حجاب، لكنه لفت إلى أنها «لا تحظى بالقبول والإجماع الذي يتمتع به حجاب المعروف بأنه شخص قيادي وإداري ناجح، وذلك باعتراف النظام قبل أن ينشق عنه، والمعارضة أيضا»، مشيرا إلى أن «بدر جاموس أمين عام الائتلاف وهادي البحرة عضو الهيئة السياسية مطروح اسماهما لشغل المنصب، إلا أنهما لا يتمتعان سوى بتأييد دائرة أو مجموعة ضيقة جدا».
ويذكر أن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أسس في العاصمة القطرية الدوحة، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، ليكون المظلة الأكبر للمعارضة السورية، وممثلها الأساسي في المؤتمرات والمناسبات الدولية، وحظي باعتراف الكثير من العواصم الغربية العربية. وقررت عدد من الدول أخيرا مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا اعتبار ممثليه «بعثات دبلوماسية » لديها.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.