ليبيريا تختار خلفاً لأول رئيسة أفريقية

المنافسة في الجولة الثانية من الانتخابات بين نائبها ونجم كرة قدم سابق

عاملة في اللجان الانتخابية تنظم صناديق الاقتراع في مونروفيا أمس (رويترز)
عاملة في اللجان الانتخابية تنظم صناديق الاقتراع في مونروفيا أمس (رويترز)
TT

ليبيريا تختار خلفاً لأول رئيسة أفريقية

عاملة في اللجان الانتخابية تنظم صناديق الاقتراع في مونروفيا أمس (رويترز)
عاملة في اللجان الانتخابية تنظم صناديق الاقتراع في مونروفيا أمس (رويترز)

يتوجه الناخبون الليبيريون اليوم إلى مراكز الاقتراع لانتخاب رئيس جديد للبلاد، في دورة ثانية من الانتخابات يتواجه فيها نائب الرئيسة جوزف بواكاي، ونجم كرة القدم السابق جورج ويا خلفاً لإيلين جونسون سيرليف، أول امرأة تصبح رئيسة دولة في أفريقيا.
وكانت المحكمة العليا علّقت في اللحظة الأخيرة الدورة الثانية التي كانت مقررة في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد اعتراض تقدم به المرشح الذي حل في المرتبة الثالثة في الدورة الأولى تشارلز برومسكين (9.6 في المائة)، مدعوماً من بواكاي (28.8 في المائة). أما ويا فقد جاء في الطليعة بحصوله على 38.4 في المائة من الأصوات، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
لكن المحكمة العليا رفضت طلباً لإرجاء الاقتراع قدمه حزب بواكاي، ومن المقرر أن تفتح مراكز الاقتراع من الساعة الثامنة صباحاً لاستقبال الناخبين البالغ عددهم نحو 2.1 مليون شخص. ويتوقع أن تعلن اللجنة الانتخابية الوطنية النتائج الأولى بعد أيام. ويثير موعد الاقتراع قلق معسكر ويا الذي يخشى تراجع عدد ناخبيه الذين يحتفلون بالميلاد. كما رفضت المحكمة العليا طلبين لنائب الرئيسة المنتهية ولايتها. وقال هربرت ناغبي، الناشط في الحزب الحاكم، إن أنصار بواكاي «لا خيار لديهم سوى خوض المعركة على الساحة السياسية». واعترف بأن رفض الطلبين من قبل القضاء «أثّر على معنويات البعض».
ويؤكد بواكاي في طلبيه أن اللجنة الانتخابية لم تنفّذ الشروط التي وضعتها المحكمة العليا للسماح بتنظيم الدورة الثانية، خصوصاً تصحيح المشاكل في اللوائح الانتخابية. لكن اللجنة الانتخابية أكدت أنها ستكون جاهزة في الموعد المحدد بعد مشاكل تنظيمية سجلت في عدد من مراكز الاقتراع في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول).
ويشكل هذا الاقتراع أول انتقال ديمقراطي منذ ثلاثة أجيال في هذا البلد الأفريقي الناطق بالإنجليزية، الذي دمرته حرب أهلية أسفرت عن سقوط نحو 250 ألف قتيل بين 1989 و2003، ودخلت في انكماش في 2016 بسبب وباء إيبولا في غرب أفريقيا وتراجع أسعار المواد الأولية.
ويفترض أن تسلم سيرليف، حائزة نوبل للسلام في 2011، التي لا تستطيع الترشح لولاية رئاسية ثالثة، السلطة في 22 يناير (كانون الثاني) إلى الرئيس الجديد الذي ينتخب لولاية مدتها ست سنوات. ويبدو جورج ويا (51 عاماً)، نجم فريقي باريس سان جيرمان وميلانو في تسعينات القرن الماضي، الأوفر حظاً في مواجهة جوزف بواكاي (73 عاماً) بعدما حلّ في الطليعة في 11 من أقاليم البلاد الـ15، وهو يتمتع بدعم السيناتور وزعيم الميليشيا السابق برينس جونسون الذي حصل على 8.2 في المائة من الأصوات، وكذلك حزب تشارلز برومسكين.
وقد تمكن السبت من جمع عشرات الآلاف من أنصاره في أكبر استاد في مونروفيا.
وقال جورج ويا لوكالة الصحافة الفرنسية السبت: «تعرفون أنني شاركت في مباريات بعضها صعب، وخرجت منتصراً». وأضاف: «أعرف أن (جوزف) بواكاي لا يمكنه أن يهزمني. الشعب معي وحزب كبير وتحالف قوي». وأكد «أنني مستعد لقيادة البلاد، والنصر لنا». وقال أحد مؤيديه، جوشوا زينا، «أنتظر (احترام) حرية الرأي والوظائف، وأنا واثق مائة في المائة من أن ويا هو الشخص الوحيد الذي يمكنه تخفيف الضغط النفسي الذي نعيش فيه». واستخلص ويا العبر من فشله في الانتخابات مرتين، كمرشح للرئاسة في 2005 أمام سيرليف ونائبها بواكاي، ثم كمرشح لمنصب نائب الرئيس في 2011.
لكنه انتخب كعضو في مجلس الشيوخ في مونتسيرادو الإقليم الذي يضم أكبر عدد من السكان في 2014، وقد اختار بمنصب نائب الرئيس معه جويل هاورد - تايلور الزوجة السابقة لزعيم الميليشيا ثم الرئيس تشارلز تايلور (1997 - 2003)، وهي تمثل إقليم بونغ الذي يشكل خزان أصوات آخر، في مجلس الشيوخ.
في المقابل، يرفض معسكر بواكاي الاعتراف باحتمال هزيمته. فقد حذر المرشح الشباب من الوقوع في «خطأ» التصويت لويا. وقال: «يجب أن نضمن أن الشباب سيتم تأهيلهم وسيكونون قادرين على تغيير حياتهم».
وليبيريا هي أول جمهورية في أفريقيا الجنوبية تأسست في 1822، بدفع من الولايات المتحدة لنقل العبيد الذين يتم تحريرهم إليها. وقد احتفظ نظامها السياسي بكثير من نقاط التشابه مع النظام الأميركي على الرغم من بعض الاختلافات. وكانت الرئيسة سيرليف أشادت بالعملية الديمقراطية الخالية من العنف، وقالت إن «صناديق الاقتراع حلت مكان الرصاص، والخلافات الانتخابية باتت تحل من خلال المحاكم».



الصومال يحذر من تصاعد صراعات «القرن الأفريقي» بعد انتخابات جوبالاند

مظاهرة في العاصمة مقديشو لتأييد إجراء انتخابات مباشرة بالصومال (وكالة الأنباء الصومالية)
مظاهرة في العاصمة مقديشو لتأييد إجراء انتخابات مباشرة بالصومال (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

الصومال يحذر من تصاعد صراعات «القرن الأفريقي» بعد انتخابات جوبالاند

مظاهرة في العاصمة مقديشو لتأييد إجراء انتخابات مباشرة بالصومال (وكالة الأنباء الصومالية)
مظاهرة في العاصمة مقديشو لتأييد إجراء انتخابات مباشرة بالصومال (وكالة الأنباء الصومالية)

حذرت السلطات الصومالية من تزايد «صراعات» القرن الأفريقي، بالتوازي مع طعن قدمته مقديشو على إجراء ولاية جوبالاند (جنوبي) الانتخابات بالطريقة القديمة، بينما صادق البرلمان الفيدرالي، السبت الماضي، على قانون «الانتخاب المباشر».

هذا الموقف، الذي تعزز بمظاهرات في مقديشو للمطالبة بإجراء الاقتراع المباشر، اعتبره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنه يحمل احتمالات زيادة وتيرة الصراع الداخلي مع إقليم جوبالاند، بخلاف أزمة اتفاق إثيوبيا وإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، لافتين إلى أن هذا سيؤثر على منطقة القرن الأفريقي التي «قد تشهد مظاهر انفصال جديدة وتدخلات إثيوبية، مما قد يؤجج حروباً بالوكالة في المنطقة».

* تحذير من تزايد الصراع

في خطاب ألقاه، الثلاثاء، بمؤتمر حول التطورات السياسية احتضنته جيبوتي، أوضح وزير الخارجية الصومالي، أحمد معلم فقي، أنه «إذا ما تم تجاهل قوانين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وغيرهما من القوانين والمواثيق الدولية، فسوف تتزايد الصراعات في المنطقة»، مستدركاً: «لكن إذا تم تنفيذها فستتم الاستفادة من الموارد الطبيعية المختلفة، والعيش بسلام»، وفق وكالة الأنباء الصومالية الرسمية.

وزير الخارجية الصومالي أثناء مشاركته في مؤتمر معهد دراسة التراث والسياسات «هيرتيج» بجيبوتي (وكالة الأنباء الصومالية)

وجاء التحذير الصومالي وسط تمسّك إثيوبيا بالمُضيّ في اتفاق مبدئي في يناير (كانون الثاني) 2024 مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي عن مقديشو، تحصل بموجبه أديس أبابا على منفذ بحري في البحر الأحمر، يتضمّن ميناءً تجارياً، وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» على أنها دولة مستقلة.

وتعتبر مقديشو هذه الخطوة مساساً بسيادتها، علماً بأنها عقدت اتفاقاً دفاعياً في أغسطس (آب) الماضي مع مصر، وتسلمت أكثر من شحنة عسكرية لدعم الجيش الصومالي لمواجهة حركة «الشباب» الإرهابية، تلاها إعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية، بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

ولم يتغير موقف أديس أبابا تجاه التمسك بالوصول للبحر الأحمر، وفي هذا السياق سلط الباحث في معهد الشؤون الخارجية الإثيوبي، أنتينيه جيتاشو الضوء على «الأهمية الاستراتيجية لمنطقة البحر الأحمر»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية، الاثنين، خلال مقابلة معه، أكد خلالها أن إثيوبيا، باعتبارها دولة غير ساحلية، «يجب عليها تأمين المنافذ البحرية في البحر الأحمر سلمياً، على أساس مبدأ المنفعة المتبادلة وتسريع التكامل الإقليمي»، دون إشارة لأرض الصومال مباشرة.

وينبه حديث وزير الخارجية الصومالي، بحسب الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد المنعم أبو إدريس، إلى خطورة تحركات أديس أبابا، خاصة أن لها علاقة جيدة مع ولاية جوبالاند، التي أقامت انتخابات بالمخالفة لقرار الحكومة الفيدرالية، الاثنين، وحذر من أن منطقة القرن الأفريقي وأهميتها الاستراتيجية لا تزال محط طموح إثيوبي في إيجاد منفذ بحري، وهذا سيزيد حالة عدم الاستقرار بالمنطقة، حسبه.

ويتفق مع هذا الطرح المحلل في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، بقوله إن مقديشو «تدرك إمكانية أن تتدخل إثيوبيا في تعزيز انفصال إقليم أرض الصومال لتحقيق مصالحها، التي تعدها مساساً بسيادتها، وقد تذهب المنطقة إلى حرب بالوكالة، وبالتالي فإن تحذيرات وزير الخارجية الصومالي تحاول أن توصل رسائل دبلوماسية لتفادي أي تصعيد جديد».

وباعتقاد تورشين فإن «إثيوبيا هي أقرب للاستمرار في تدخلاتها بالصومال، ضماناً لمصالحها في وجود منفذ بحري لها، ولا يلوح في الأفق أي تغيير في مواقفها الجديدة، خاصة بعد إجراء انتخابات أرض الصومال، وأخيراً الخلافات التي قد تستغلها بين ولاية جوبالاند المقربة منها ومقديشو، بسبب الاقتراع الأخير».

وقبل أيام، أعلنت المفوضية الانتخابية في أرض الصومال انتخاب المعارض عبد الرحمن محمد عبد الله (عرو)، رئيساً جديداً للإقليم، كما انتخب أعضاء برلمان ولاية جوبالاند، أحمد مدوبي، الاثنين، رئيساً للولاية في فترة رئاسية ثالثة، وذلك بعد يومين من مصادقة نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المعنيّ بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد. وهذا القانون لا يزال محل رفض مدوبي، الذي يعد رئيساً لجوبالاند منذ إنشائها عام 2013، والذي يعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

* انتخابات «غير شرعية»

واجه الصومال هذا الرفض قبل الانتخابات بتأكيد رئيس الوزراء، حمزة عبدي بري، على أنها «غير شرعية»، وتلاها خلال اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء، الاثنين لبحث تطورات الوضع في ولاية جوبالاند، مؤكداً أن «انتخاب مدوبي زعيماً للولاية يخالف الدستور والقانون».

وانتهى الاجتماع إلى أن «تعيين لجنة الانتخابات، والإجراءات المصاحبة لها في جوبالاند، تمت خارج الأطر القانونية، وأوعز إلى النائب العام للدولة بتحريك دعوى قضائية أمام المحكمة العليا للطعن في الإجراءات، التي اتخذها الرئيس السابق للولاية أحمد مدوبي، بهدف تعزيز سيادة القانون وضمان التزام الإدارات الإقليمية بالدستور والقوانين الوطنية»، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الصومالية.

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)

وأجريت آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، تلاها انقلابات وحروب أهلية، ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، إذ ينتخب بناء على المحاصصة القبلية في ولاياته الخمس أعضاء المجالس التشريعية المحلية، ومندوبو العشائر نواب البرلمان الفيدرالي، الذين ينتخبون بدورهم رئيس البلاد، إلا أنه في الآونة الأخيرة تزايدت المطالب لإجراء انتخابات مباشرة، وقد اتفق منتدى المجلس التشاوري الوطني في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على اتفاق، يقضي بإجراء انتخابات مباشرة في سبتمبر (أيلول) 2025 بعد وضع القوانين، وسط رفض ولايتي جوبالاند وبونتلاند وسياسيين، قبل أن يصادق البرلمان عليها السبت.

وغداة إعلان النتائج بولاية جوبالاند شهدت مقديشو، الثلاثاء، مظاهرة حاشدة لتأييد مصادقة مجلسي البرلمان الفيدرالي على قانون الانتخابات الوطنية، للمطالبة بالوحدة، والثقة في إجراء انتخابات بنظام الصوت الواحد، والتي تمكن المواطنين من التصويت واختيار من يريدون، وفق وكالة الأنباء الصومالية الرسمية.

وباعتقاد تورشين، فإن «الطعن الصومالي، وتحريك المظاهرات يعني أننا إزاء معضلة حقيقية ستعيد الأوضاع في الصومال إلى الوراء، في ظل تمسك كل جانب بموقفه، وقد يزيد من خيارات حرب أشبه بحروب الوكالة في الصومال، مع التدخلات لا سيما الإثيوبية»، محذراً من أن «عودة الأوضاع للاقتتال الداخلي الأهلي في الصومال، وعدم حسم الخلافات الكبيرة بالحوار سيزيد من أعمال حركة (الشباب) الإرهابية».

ويرى عبد المنعم أبو إدريس أن «تطورات الأحداث في جوبالاند، وتحرك المظاهرات بمقديشو تشير إلى حالة من التصعيد، وأن الحرب بالوكالة ستكون هي الأداة التي تصفي كل من مقديشو، وأديس أبابا بها حساباتهما، ما لم يحدث اتفاق بينهما عبر وسطاء».