ديانا تريلنغ... سيرة تعود بها إلى الضوء

اعتماداً على ستين صندوقاً محفوظاً في أرشيف جامعة كولومبيا

ديانا تريلنغ... سيرة تعود بها إلى الضوء
TT

ديانا تريلنغ... سيرة تعود بها إلى الضوء

ديانا تريلنغ... سيرة تعود بها إلى الضوء

في تاريخ الأدب ناقدات أدبيات موهوبات تصادف أن كن زوجات لنقاد أدبيين ذائعي الشهرة راسخي المكانة، ومن ثم حكم على هؤلاء الناقدات بأن يبقين في منطقة الظل، أو على أحسن تقدير في مرتبة ثانية بعد أزواجهن. وربما كان أوضح مثال لهذا هو الناقدة الإنجليزية كويني ليفيس (1906 - 1981) زوجة الناقد ف. ر. ليفيس (1895 - 1978)، والناقدة الأميركية ديانا تريلنغ (1905 - 1996) زوجة الناقد الأميركي لايونيل تريلنغ (1905 - 1975). وهذه الأخيرة هي موضوع حديثنا هنا؛ وذلك بمناسبة صدور كتاب عنها يحمل عنوان «الرحلة التي لم يروها أحد: حياة ديانا تريلنغ» من تأليف ناتالي روبنز (الناشر: مطبعة جامعة كولومبيا) في 484 صفحة.
Nathalie Robins، The Untold Journey: The life of Diana Trilling، Columbia University Press.
أول ما يلفت نظر قارئ هذا الكتاب – كما تقول مارغوري بارلوف في عرض له بـ«ملحق التايمز الأدبي» (19 مايو/أيار 2017) - هو أن المؤلفة تبذل قصارى جهدها لكي تقدم ديانا في صورة إيجابية جذابة، لكن معرفتها سطحية بالوسط الذي كان يتحرك فيه مثقفو نيويورك، الذي كانت ديانا تنتمي إليه. وبدلاً من أن تقوم ناتالي روبنز بأي دراسة عميقة لكتابات هؤلاء المثقفين أو لمواقفهم الآيديولوجية فإنها تقدم خيطاً من الذكريات والحكايات اعتمدت فيها أساساً على ستين صندوقاً من أوراق ديانا محفوظة في أرشيف جامعة كولومبيا: رسائل ويوميات ومقابلات صحافية ومسودات قصص قصيرة، بل وحتى رسائل قصيرة من رؤساء التحرير يرفضون فيها نشر ما أرسلته إليهم ديانا.
والصورة التي تنبثق من هذه الوثائق إنما هي صورة امرأة صعبة المراس كثيراً ما تكون مكدرة تتميز بالصلف والانغماس في الذات والخبث على نحو ماكر، والتنافس الحاد مع الغير، وهي صفات جعلتها إن عاجلاً أو آجلاً تنفر من كل أصدقائها وعارفيها. وقد أجرت المؤلفة مقابلات مع كثير من هؤلاء الذين عرفوها، لكن شهاداتهم عنها لا تحقق الكثير من أجل تغيير هذه الصورة. كذلك، تمكنت المؤلفة من الاطلاع على أوراق زوج ديانا الناقد والأستاذ بجامعة كولومبيا. وحتى كلمات هذا الأخير لا تغير من هذا الانطباع. ففي يومياته بعد أول لقاء لهما في 1927 كتب: «الليلة التقيت بديانا. في البداية شعرت بنفور منها، لكني حتى في قلب النفور شعرت بانجذاب إليها». ولا يبدو أن مشاعره المركبة هذه قد تغيرت عبر السنين. وما لبث الانجذاب أن أخلى السبيل لفترة من العجز الجنسي من جانبه ولد توترات بين الزوجين. وظل لايونيل تريلنغ مخلصاً لها طوال حياتهما الزوجية، لكن لا يبدو أنه قد مال إليها كثيراً في أي وقت.
ولدت ديانا في نيويورك لأسرة غنية من يهود بولنديين هاجروا إلى الولايات المتحدة الأميركية. كان لدى الأسرة سائق سيارة وخادمة مقيمة إلى أن تأثرت بالانهيار المالي في نيويورك عام 1929. التحقت الابنة بكلية رادكليف في مدينة كمبردج بولاية ماساشوستس، حيث درست تاريخ الفن التشكيلي. كان من المألوف لفتيات الطبقة المتوسطة في تلك الأيام أن يعدن إلى بيوتهن بعد التخرج ويلبثن في انتظار الزواج. التقت بلايو نيل عندما كان في الثانية والعشرين يعد رسالته للدكتوراه بجامعة كولومبيا. وكان أبوه، وهو تاجر فراء، أقل ثروة من أبي ديانا، لكن الاثنين سرعان ما عقدا خطبتهما، وبقليل من المساعدة المالية من أسرة الخطيبة تمكنا من إتمام الزواج في 1929. استقرا في سلسلة من الشقق في نيويورك. وسرعان ما عُيّن لايونيل أستاذاً للأدب الإنجليزي في جامعة كولومبيا.
جاءت النقطة الحاسمة في حياتها في عام 1941 حين استرقت السمع إلى مهاتفة تليفونية بين زوجها وبين مرغريت مارشال محررة القسم الأدبي في مجلة «ذا نيشان». ومن هذه المهاتفة علمت أن الأخيرة كانت تبحث عن أحد يكتب غفلاً من التوقيع مراجعات للروايات الجديدة على صفحات المجلة، وسرعان ما تقدمت ديانا لشغل الوظيفة وحصلت عليها. وبعد عام صارت تنشر فيها بتوقيعها، كما بدأت توافي صحفاً ومجلات أخرى بكتاباتها.
كيف واتاها النجاح بهذه السرعة؟ من المفارقات أنها بخلاف زوجها لم تكن «مثقفة» بالمعنى الدقيق للكلمة - وفي الوقت الذي كان لايونيل يكتب فيه دراسات عميقة عن ماثيو أرنولد وهنري جيمز وروايات آداب السلوك في القرن التاسع عشر كانت هي تنظر بعين الاستهانة إلى أعمال أدبية مهمة عهد إليها بكتابة مراجعات لها. ذهبت إلى أن رواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»: «لا تزيد على أن تعيد ببساطة إنتاج الموقف التاريخي في روسيا دون أن تضيف إلى ذلك أي استبصارات أخلاقية أو سياسية جديدة».
ووصفت «إعادة زيارة برايدزهيد» - أهم روايات الروائي الإنجليزي إفلين وو - بأنها «مفتقرة إلى الاتساق» و«مملة»: وشكت من أن فرجينيا ولف في كتابها النقدي «القارئ العادي»: «دائماً ما تلوذ بحساسيتها الأنثوية». وفي مقابل ذلك كانت تشيد بأعمال أقل قيمة وكتّاب أدنى مستوى.
وشاب علاقتها التوتر مع سائر كتاب مجلة «بارتيزان رفيو» مثل حنة أرنت وماري مكارثي (ذهبت ديانا إلى أن هاتين الأخيرتين كانتا تنصبان شباكهما حول زوجها لايونيل، لكن لا يوجد دليل على ذلك في سيرة أيهما).
وإنما بعد وفاة لايونيل في 1975 قد علا نجمها. كان مما ساعد على ذلك أن اتجاهات النقد النسوي تلاقت مع اتجاهاتها (رغم أنها شخصياً كانت لها تحفظات على النقد النسوي ومن يمثلنه مثل جرمين جرير). ونظر إليها القراء على أنها قد ظلت طويلاً تعيش في منطقة الظل نتيجة لشهرة زوجها، وأنه قد آن الأوان لإتاحة الفرصة لها كي تتحدث بصوتها الخاص. أخرجت كتابها المسمى «مسز هاريس» (1981) وموضوعه ناظرة مدرسة بنات في ولاية فرجينيا قتلت عشيقها الطبيب لأنه خانها. لاقت هذه القصة هوى في نفسها وتحولت بين يديها من إحدى الجرائم التي تتحدث عنها الصحافة الشعبية الرخيصة إلى إحدى ميلودرامات المحاكم كتلك التي تقدمها مسلسلات التلفزيون الأميركية. وكانت هناك خطة لتحويل الكتاب إلى فيلم سينمائي، لكن ذلك لم يتم. على أن أحد النقاد دعا كتابها «من الكلاسيات».
وقال الناقد جاك بارزن لها إنها قد كتبت «واحدة من الأوصاف العظيمة للمحاكمات في عصرنا». وإلى جانب هذا الكتاب، أصدرت ديانا عدداً من الكتب التي تجمع شمل دراساتها النقدية ومقالاتها المتفرقة.
وفي الوقت ذاته ظلت ديانا محتفظة بروحها القتالية. ففي إحدى مقالات قدمتها لواحدة من دور النشر كي تدرج في كتاب لها نقدت الكاتبة المسرحية ليليان هيلمان نقداً جارحاً جعل الدار تحجم عن نشر الكتاب وتلغي عقدها معها. كان الخلاف بين المرأتين سياسياً، حيث إن هيلمان يسارية التوجه، لكن عنصراً من الغيرة الشخصية دخل، وبخاصة وقد كانت هيلمان كاتبة مسرحية مشهورة.
ولا يسع المرء إلا أن يتفق مع مارغوري بارلوف، التي أوردنا كلامها في مطلع هذا المقال، حين تقول إن ديانا وإن كانت ناقدة مثيرة للخلاف كانت تستحق كتاباً أفضل من هذا الكتاب الأشبه بمسلسل تلفزيوني متواضع المستوى.



كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.