قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، إن ما سماها «جرثومة الفساد» هي التي سهّلت دخول تنظيم داعش إلى البلاد ومكّنته من احتلال نحو 4 محافظات عراقية. وتعهد العبادي الذي يتولى منصب القائد العام للقوات المسلحة، بمحاربة الفساد وتطوير الجهد الاستخباري، معتبراً إياهما أبرز تحديين يواجهان حكومته خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف العبادي، خلال المؤتمر الأول لجهاز الأمن الوطني الذي عُقد في بغداد، أن «التحدي المقبل أمني استخباري، وعلينا أن نُشعر المواطن بأن هناك تغيراً إيجابياً في حفظ الأمن»، مشيراً إلى أن «أمامنا مهمة فرض الاستقرار في المناطق المحررة، ويجب توفير الأمن والخدمات فيها». وأضاف العبادي أن «المواطنين قاعدة رصينة لدعم أي جهاز أمني استخباري»، وأنه «لا يمكن التهاون مع الفساد، ويجب القضاء عليه وعلى المحسوبية والمنسوبية في الأجهزة الأمنية». وتابع العبادي: «لا نحتاج إلى أعداد كبيرة من العناصر الاستخبارية، وإنما نحتاج إلى عناصر مهنية كفؤة»، مشدداً على أن «محاربة الفساد عنصر أساسي في عمل الأجهزة الأمنية». واعتبر أن «الفساد بمثابة جرثومة خطيرة سهّلت دخول تنظيم داعش».
كان العبادي، ومنذ إعلانه النصر النهائي على تنظيم داعش وطرده عسكرياً من كل الأراضي العراقية في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قد حدد أولويات حكومته للمرحلة المقبلة، وعلى رأسها إعلان الحرب على الفساد، متعهداً بإحالة ملفات كبار الفاسدين إلى المحاكم. لكنه، طبقاً لما يراه المراقبون في العاصمة العراقية بغداد، فإن العبادي نفسه يواجه تحديات داخلية، جزء منها يتعلق بوضع حزب الدعوة الذي ينتمي إليه، لا سيما بعد تحوله إلى جناحين غير معلنين، أحدهما يتزعمه سلفه نوري المالكي والآخر برئاسته. كما يواجه تحديات داخل التحالف الوطني الشيعي، وأخرى خارج إطار بيئته الحزبية والمذهبية مع الأكراد بعد أزمة الاستفتاء، ومع السنة، لا سيما قضية النازحين التي يلوح بها ممثلو السُّنة في البرلمان والحكومة سبباً لمقاطعة الانتخابات المقبلة في حال عدم إرجاعهم وفقاً لتعهدات كان العبادي قد قطعها على نفسه بعد إعلان النصر على تنظيم داعش.
وبشأن الصلة بين أهمية تطوير الجهد الاستخباري وما عانته المؤسسة الأمنية من خروقات سابقة تركت تأثيرات سلبية على طبيعة علاقتها مع المواطنين، يقول إياد الجبوري، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حسم هذه النقطة بالغ الأهمية سواء لجهة ما يمكن أن تتمتع به الأجهزة الأمنية من مهنية واحتراف في عملها مما يقلل الخسائر والتضحيات بين صفوفها، أو لجهة صلتها مع المواطنين التي تنعكس إيجاباً أو سلباً مع الدولة وفق طريقة تعامل الأجهزة الأمنية مع المواطن».
ويضيف الجبوري، وهو أحد شيوخ العشائر في منطقة حزام بغداد: «إننا سبق أن عانينا من هذا الأمر خلال الفترات الماضية، حيث كنا في الغالب نعالج أغلب المشكلات عن طريق بناء علاقات شخصية متوازنة مع الأجهزة الأمنية بهدف تلافي العديد من الخروقات والمشكلات مثل الاعتقالات العشوائية أو سواها، بينما إذا ما تمتعت الأجهزة بحس أمني عالٍ وتمكنت من بناء علاقة إيجابية مع المواطن فإنها سوف تجنب نفسها العديد من المخاطر التي تتعرض لها بسبب وشايات من المخبر السري أو غيره، كما أن المواطن سيتحول من خصم بسبب سوء المعاملة إلى مصدر يساعد على فرز الإرهابيين والخارجين عن القانون، مما ينعكس في النهاية بشكل إيجابي على الدولة والمواطن».
بدوره، أكد الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «العبادي يرى أن هناك متلازمة في التحديات التي تواجهها الحكومة، وهي التحديات الاستخبارية والأمنية، ويقابله تحدي محاربة الفساد والمفسدين»، مبيناً أن «العبادي تحدث عن مسألة في غاية الأهمية وهي العشائرية والمحسوبية في بعض القيادات الأمنية النافذة، بينما يرى العبادي أن الكفاءة تختصر المحسوبية والتضخم والتمدد، حيث إن الأمن لا يحتاج إلى أعداد كبيرة». وأشار إلى أن «العبادي كان واضحاً ومباشراً لجهة أهمية عدم زج أبناء العشيرة والمقربين داخل القطاع الأمني، لأنه يؤدي إلى الترهل، لأن المرحلة المقبلة هي مرحلة محاربة الفساد بكل أشكاله لا الفساد المالي فقط».
وحول ما إذا كان ما قاله العبادي سيرتبط بإجراءات عملية، قال أبو رغيف: إن «القضاء سيأخذ ما يحال إليه من قضايا، كما أن الادعاء العام بدأ ينهض بأعبائه»، مبينا أن «العبادي جاد تماماً في هذه القضية، حيث إن المرحلة القادمة سوف تشهد عمليات قانونية للحد من آفة الفساد والترهل في الجسم الأمني العراقي».
رئيس الوزراء العراقي يتعهد بمحاربة الفساد وتطوير الاستخبارات
في إطار إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية
رئيس الوزراء العراقي يتعهد بمحاربة الفساد وتطوير الاستخبارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة