ضربات للتحالف «أوجعت» الحوثيين في صنعاء وصعدة

تحرير جبل استراتيجي في نهم... وانشقاق {محافظ الانقلاب} في البيضاء

أرشيفية لقتلى الحوثيين (إ.ب.أ)
أرشيفية لقتلى الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

ضربات للتحالف «أوجعت» الحوثيين في صنعاء وصعدة

أرشيفية لقتلى الحوثيين (إ.ب.أ)
أرشيفية لقتلى الحوثيين (إ.ب.أ)

نفذ تحالف دعم الشرعية ضربات استباقية لميليشيات الحوثي في صنعاء وصعدة أمس، عبر استهداف تجمعات مسلحة احتشدت لتعزيز صفوف الجماعة التي توالت انهياراتها في الأسبوعين الأخيرين على أكثر من جبهة، وفي ظل التقدم الميداني الكبير للقوات الحكومية عند الأطراف الشمالية الشرقية للعاصمة. وقال مصدر عسكري في القوات الموالية للحكومة اليمنية الشرعية إن الضربات «أوجعت الحوثيين، لأنها استبقت التجمع المسلح».
وبينما استمرت الميليشيا الحوثية في عمليات القمع ضد أنصار الرئيس الراحل علي صالح وقيادات حزبه (المؤتمر الشعبي)، أفادت مصادر في الحزب لـ«الشرق الأوسط» بأن محافظ البيضاء والمعين من حكومة الانقلاب غير المعترف بها علي محمد المنصوري وصل أمس إلى عدن فارا من قبضة الميليشيا الحوثية، بعد رفضه الاستمرار في العمل معها، عقب مقتل صالح والتنكيل بأعضاء حزبه.
وجاء ذلك بعد يوم من وصول قيادات عسكرية وقبلية من منطقة الحدا في محافظة ذمار إلى مأرب، للانضمام إلى صفوف الحكومة الشرعية، يتقدمهم القائد الأسبق لقوات الأمن الخاصة اللواء فضل القوسي.
إلى ذلك كشفت مصادر «مؤتمرية» عن أن محافظة البيضاء تشهد غليانا غير مسبوق في الأوساط القبلية الموالية للحزب، ينذر باندلاع انتفاضة عارمة ضد الميليشيات، فيما يتزامن ذلك - بحسب المصادر نفسها - مع تحركات قبلية أخرى مناهضة في مناطق وصاب والعدين في محافظتي ذمار وإب لجهة رفضها إملاءات الجماعة لحشد المقاتلين ودفع الإتاوات لتمويل حرب الميليشيا.
وقمعت الجماعة، أمس، في صنعاء محاولة للتظاهر من قبل موظفي شركة النفط، دعت إليها نقابة موظفيها، للمطالبة بوقف فساد الميليشيات، وإعادة الاعتبار للشركة لاستئناف نشاطها بعد أن كانت قد أوقفته الجماعة منذ عامين لصالح ازدهار «السوق السوداء» التي يتحكم بها مقربون من قادة الميليشيا.
وأكد شهود لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات اعتدت بالضرب على موظفي الشركة وقامت باعتقال عدد منهم، ووجهت إليهم اتهامات بـ«الخيانة والولاء للرئيس السابق وإثارة الفتنة».
وتزامن ذلك مع اجتماع لرئيس مجلس رئاسة الانقلاب صالح الصماد مع رئيس البرلمان يحيى الراعي، ورئيس حكومة الانقلاب غير المعترف بها عبد العزيز بن حبتور، وكبار القادة العسكريين والأمنيين الموالين للجماعة.
وذكرت مصادر الجماعة الرسمية، أن الاجتماع ناقش كيفية تنفيذ وتوسيع قرار «العفو العام» الهزلي الذي أصدرته الميليشيا قبل يومين بحق المشاركين في انتفاضة الثاني من ديسمبر (كانون الأول) التي قادها الرئيس السابق وانتهت بمقتله والتنكيل بالمئات من أنصار حزبه ومؤيديه.
ميدانيا، أفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» في مديرية أرحب (20 كلم شمال صنعاء) بأن طيران التحالف شن ثلاث ضربات على تجمع قبلي مسلح موال للجماعة احتشد في منطقة بوسان المجاورة لمنزل القيادي الحوثي أبو نشطان لجهة الدفع بالمقاتلين القبليين لتعزيز جبهات الحوثي المنكسرة.
وأكدت المصادر أن قيادات عسكرية للحوثي كانت حاضرة في الحشد المسلح إلى جانب زعماء قبليين، في وقت أدت فيه الضربات بحسب المصادر نفسها إلى مصرع 30 مسلحا على الأقل وجرح العشرات.
وفي محافظة صعدة حيث معقل الجماعة الرئيسي، أفادت مصادر محلية بأن ضربات جوية مماثلة لمقاتلات التحالف استهدفت حشدا قبليا مسلحا ضم قيادات للحوثي جوار مبنى كلية التربية وسط مدينة صعدة، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات بينهم زعماء قبليون.
وفي ظل تكتم الجماعة على خسائرها جراء هذه الضربات في أرحب، أفادت المصادر بأن بين القتلى شقيق القيادي الحوثي البارز فارس الحباري، ويدعى حاشد، وهو قيادي ميداني كبير، إضافة إلى قائد «معسكر 62 حرس جمهوري» الموالي للميليشيات العميد علي مكرم ونجله حسين.
إلى ذلك، أعلنت القوات الحكومية أنها حققت تقدما كبيرا في جبهة نهم شمال شرقي العاصمة صنعاء، وسيطرت على جبل «القناصين» ومواقع مجاورة بعد معارك ضارية مع الميليشيات الحوثية، في حين جاءت السيطرة على الجبل الاستراتيجي، بعد محاولات مضنية استمرت قرابة سنة كاملة لجهة استماتة المتمردين في الدفاع عنه.
وكشفت مصادر ميدانية في مديرية نهم لـ«الشرق الأوسط» عن أن القوات الحكومية فرضت حصارا دام خمسة أيام قبل سقوط جبل «القناصين»، وأكدت أن القوات الحكومية في شمال الجبهة ووسطها التحمت سوية بعد السيطرة على الجبل في جبهة واحدة، واضعة عينها على الأجزاء الجنوبية من نهم التي ما زالت تسيطر عليها الميليشيات.
وقال الناطق باسم المنطقة العسكرية السابعة، العقيد عبد الله الشندقي، في بيان رسمي، إن «الجيش الوطني تمكن (السبت) من تحرير جبال الدشوش وجبل التفاحة وتبة القناصين وجبل المشنة»، مؤكدا مقتل 28 حوثيا وجرح العشرات.
وأضاف الشندقي، أن «طيران التحالف العربي شن عدة غارات على مواقع وتعزيزات الميليشيات، حيث تم تدمير خمسة أطقم وآليتين وعدد من العيارات الثقيلة والمتوسطة»، مشيرا إلى أن «المعارك لا تزال مستمرة في ظل فرار الميليشيات باتجاه العاصمة صنعاء».
على صعيد متصل، أطلقت الميليشيات أمس صاروخا من نوع «كاتيوشا» من مواقعها في جبل هيلان على مدينة مأرب سقط قرب الصالة الرياضية والجامعة، دون أن يخلف أي أضرار.
وأكد مراقبون أن الجماعة الانقلابية لجأت إلى هذا النوع من الصواريخ بعد فشل الصواريخ الباليستية المتكرر في استهداف المدينة لجهة اعتراضها وتدميرها من قبل دفاعات التحالف.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.