مشروع لتأسيس صندوق احتياطي لاستثمار جزء من فوائض الميزانية السعودية

يطرح للنقاش أمام أعضاء «الشورى» الاثنين المقبل.. و «الشرق الأوسط» تنفرد بنشر بعض بنوده

توقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ فوائض الميزانية السعودية ما بين عامي 2014 و2017 نحو 200 مليار دولار («الشرق الأوسط»)
توقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ فوائض الميزانية السعودية ما بين عامي 2014 و2017 نحو 200 مليار دولار («الشرق الأوسط»)
TT

مشروع لتأسيس صندوق احتياطي لاستثمار جزء من فوائض الميزانية السعودية

توقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ فوائض الميزانية السعودية ما بين عامي 2014 و2017 نحو 200 مليار دولار («الشرق الأوسط»)
توقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ فوائض الميزانية السعودية ما بين عامي 2014 و2017 نحو 200 مليار دولار («الشرق الأوسط»)

علمت «الشرق الأوسط» أن مقترحا يقضي بتأسيس صندوق احتياطي وطني لإدارة واستثمار جزء من الفوائض المالية للميزانية السعودية وفق مفهوم «الصناديق السيادية»، ستجري مناقشته من قبل أعضاء مجلس الشورى السعودي في جلستيه للأسبوع المقبل (الاثنين والثلاثاء)، وذلك بعد أن انتهت اللجنة المالية في المجلس من وضع اللمسات النهائية على بنود المقترح، الذي ينتظر أن يرفع في حال تمريره من قبل المجلس إلى الجهات العليا لإقراره.
ووفق البيانات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن الصندوق المقترح سيعهد إليه استثمار 30 في المائة من الفوائض المالية المتراكمة من الميزانية السعودية، والمقدرة، وفق بيانات صندوق النقد الدولي للسنوات الثلاث المقبلة، بنحو 842 مليون دولار (2.2 مليار ريال) خلال الفترة من عام 2014 إلى 2017.
وكانت السعودية حققت فائضا عن الميزانية عام 2013 بواقع 205 مليارات ريال وهو متوسط فائض الميزانية للسنوات الثلاث السابقة.
وكشف الدكتور سعد مارق رئيس اللجنة المالية بمجلس الشورى السعودي، عن أن الهدف من الصندوق تكوين احتياطات مالية وإدارة واستثمار تلك الاحتياطيات وتحقيق أفضل استخدام وعائد لها.
وأضاف مارق: «هدفه ضمان الاستقرار المالي للمملكة بحيث يكون صندوقا سياديا لاستثمار احتياطيات الدولة.. له شخصية اعتبارية ويتمتع بالاستقلال المالي والإداري، ويرتبط برئيس مجلس الوزراء، ويباشر المهمات والاختصاصات المنوطة به بمقتضى هذا النظام، ويكون مقر الصندوق الرئيس في مدينة الرياض، وله إنشاء فروع داخل المملكة وخارجها بحسب الحاجة».
وتتكون موارد الصندوق من رأسماله الذي يخصص من الدولة بداية لعمل الصندوق على ألا تقل النسبة عن 30 في المائة من إجمالي فوائض الميزانية المتراكمة، إلى جانب النسبة السنوية التي يجري استقطاعها من فائض الميزانية العامة للدولة على ألا تقل تلك النسبة عن 20 في المائة، والعوائد الناتجة عن خصخصة أي من قطاعات الدولة، والعوائد الناتجة عن استثمار الصندوق لموارده، فضلا عن الموارد الأخرى التي تخصص للصندوق، والرسوم التي تقررها الدولة لصالح الصندوق.
ولا يجوز السحب من رصيد الصندوق الاحتياطي الوطني إلا في حالات الضرورة القصوى المتعلقة بالمصالح العليا للدولة، وبموجب مرسوم ملكي، وفقا للمسودة التي تضمن كذلك أن يكون «للصندوق رئيس بمرتبة وزير، ويعد المسؤول التنفيذي عن إدارة شؤون الصندوق، ويكون للرئيس نائب بالمرتبة الممتازة يتولى القيام بالأعمال وفقا للصلاحيات التي يمنحه إياها الرئيس في حدود ما يقضي به هذا النظام، وينوب عن الرئيس في حال غيابه».
مجلس الصندوق هو السلطة المهيمنة على شؤون الصندوق وتصريف أموره ويتخذ جميع القرارات اللازمة لتحقيق أغراض الصندوق في حدود أحكام النظام وله على وجه الخصوص، وهو الذي يصدر الموافقة على استراتيجية الاستثمار ومراجعتها كلما دعت الحاجة، ويجري «اقتراح الأنظمة المتعلقة بنشاط الصندوق، والموافقة على الاستراتيجيات والخطط والسياسات المتعلقة بنشاط الصندوق ومراجعتها وتقويمها والعمل على تطويرها وتحديثها، إلى جانب إقرار الهيكل التنظيمي للصندوق ولوائحه الإدارية والمالية، وغيرها من اللوائح الداخلية، والموافقة على مشروع ميزانية الصندوق، وحسابه الختامي وتقرير مراجع الحسابات، إضافة إلى التقرير السنوي للصندوق».
كما يحق لمجلس الصندوق الموافقة على إنشاء صناديق ومحافظ استثمارية، وتأسيس مؤسسات وشركات استثمارية أو المشاركة في تأسيسها، أو تملك حصص في شركات قائمة، وفقا للإجراءات النظامية المتبعة، وإقرار إنشاء فروع للصندوق داخل المملكة وخارجها بحسب الحاجة، وتشكيل اللجان المتخصصة الدائمة والمؤقتة، من بين أعضائه أو من غيرهم، واعتماد إجراءات عملها، وتحديد واجبات أعضائها ومكافآتهم، فضلا عن الاستعانة بمن يلزم من الخبراء والمستشارين، والتعاقد مع من تدعو الحاجة إليهم وفق القواعد التي يحددها، وتحديد مكافآتهم. ويجوز للمجلس تفويض بعض اختصاصاته إلى من يراه من المسؤولين أو اللجان في الصندوق وفق ما يقتضيه سير العمل فيها.
وفي ما يتعلق باجتماعات الصندوق، فإن النظام يقترح أن يجتمع المجلس - بناء على دعوة من الرئيس أو نائبه - مرة كل شهرين على الأقل، وكلما دعت الحاجة إلى ذلك، وعلى الرئيس أو نائبه أن يدعو المجلس إلى الاجتماع متى طلب ذلك أربعة من أعضائه، ويتعين أن تكون الدعوة مصحوبة بجدول أعمال الاجتماع، وأن يشترط لصحة الاجتماع حضور أغلبية الأعضاء بمن فيهم الرئيس أو نائبه، وتصدر القرارات بأغلبية أعضاء المجلس، وعند التساوي يرجح الجانب الذي صوت معه الرئيس، على أن يعقد المجلس اجتماعاته في مقر الصندوق، وله - عند الاقتضاء - أن يعقدها في مكان آخر داخل المملكة، كما تثبت مداولات المجلس وقراراته في محاضر يوقعها رئيس الاجتماع والأعضاء الحاضرون، ويحق لمجلس الصندوق دعوة من يرى الاستعانة بهم من المتخصصين والمستشارين لحضور اجتماعاته، دون أن يكون لهم الحق في التصويت، ولا يجوز للعضو تفويض شخص آخر للتصويت عنه عند غيابه، وللعضو الحاضر تسجيل اعتراضه الذي أبداه في الجلسة وأسباب الاعتراض ضمن محضر قرارات المجلس، كما لا يجوز للعضو أن يفشي شيئا مما وقف عليه من أسرار الصندوق بسبب عضويته في المجلس.
ويتضمن المقترح استحداث لجنة باسم «لجنة المراجعة»، مهمتها حماية أموال الصندوق وممتلكاته، وضمان سلامة أنظمة الرقابة الداخلية وفاعليتها ودقة البيانات المالية والسجلات المحاسبية واكتمالها، وضمان فاعلية العمليات الإدارية والمالية وكفايتها والتحقق من التقيد بالأنظمة واللوائح والتعليمات والسياسات والخطط المقرة، وتحدد اللائحة اختصاصات هذه اللجنة. ويرفع الصندوق حسابه الختامي إلى مجلس الوزراء خلال ثلاثة أشهر على الأكثر من تاريخ انتهاء السنة المالية، كما يرفع تقريرا سنويا عن أعماله إلى رئيس مجلس الوزراء.
ولا يجوز أن يكون لأي من أعضاء المجلس، أو موظفي الصندوق، أو أقاربهم حتى الدرجة الرابعة، وكل من له علاقة بإدارة أعمالها، أي مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في أي مشروع أو اتفاق يعقد مع الصندوق، ولا يجوز له كذلك أن يتعامل بالبيع أو الشراء أو غير ذلك لحساب نفسه أو لحساب الغير في أموال الصندوق، ويكون باطلا أي تصرف مخالف لأحكام هذه المادة.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.