الصومال: غارة أميركية جديدة تقتل 8 من «الشباب»

فرماجو يقلل من قرار الولايات المتحدة وقف المساعدات عن الجيش

TT

الصومال: غارة أميركية جديدة تقتل 8 من «الشباب»

أعلن الجيش الأميركي مسؤوليته عن مصرع 8 من حركة الشباب في الغارة الجوية الـ33 التي تشنها مقاتلاته ضد العناصر المتطرفة منذ مطلع العام الحالي، بينما سعى الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، ورئيس حكومته حسن على خيري، للتقليل من أهمية القرار الأميركي المفاجئ وقف مساعدات الغذاء والوقود لمعظم وحدات الجيش الصومالي لمخاوف تتعلق بالفساد.
وقالت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، في بيان لها، إنها بالتنسيق مع حكومة الصومال، شنت غارة جوية على مسلحين من حركة الشباب مساء الجمعة الماضي، بعد 30 ميلاً شمال غربي كيسمايو، مما أسفر عن مقتل 8 إرهابيين وتدمير سيارة واحدة.
وبعدما أكدت عدم سقوط أي مدنيين في الغارة، أشارت القوات الأميركية إلى أنها «ستواصل استخدام كل الإجراءات المصرح بها والملائمة لحماية المواطنين الأميركيين وتعطيل التهديدات الإرهابية».
وقال سكان سمعوا أصوات انفجارات ضخمة إن قاعدة لحركة الشباب تعرضت لطائرات أميركية من دون طيار، بينما قال مسؤول عسكري إن «القصف استهدف القاعدة بينما كان المسلحون يعقدون اجتماعاً».
وتستخدم «أفريكوم» طائرات من دون طيار لمهاجمة حركة الشباب و«داعش»، وكانت قد نفذت خلال الشهر الماضي ما لا يقل عن 10 ضربات في جنوب وشمال الصومال، من بينها غارة قتلت 100 من حركة الشباب بمعسكر شمال غربي العاصمة الصومالية مقديشو.
ودافعت قيادة «أفريكوم» عن اتهامات وجهت إليها بشأن مقتل مدنيين صوماليين خلال غارة جوية أميركية في شهر أغسطس (آب) الماضي، حيث أبلغت سامنثا ريهو، الناطقة باسم القيادة الأميركية في أفريقيا (الشرق الأوسط)، أنه وبعد إجراء تقييم شامل للعملية التي يقودها الجيش الوطني الصومالي بالقرب من باريير، والمزاعم المرتبطة بإصابات في صفوف المدنيين، خلصت قيادة العمليات الخاصة في أفريقيا (سوكاف) إلى أن الضحايا الوحيدين هم من العدو المسلح للمقاتلين. لكنها كشفت النقاب في المقابل عن أن «التقارير الأخيرة تتضمن تفاصيل إضافية، ومزاعم خارج نطاق التقييم السابق، لتشمل تقريراً مزعوماً مجهولاً من أحد أفراد القوة الشريكة للقوات الأميركية».
إلى ذلك، قال الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو إن حكومته ستبذل ما في وسعها لدفع رواتب جنود الجيش، وشراء المعدات، مع بدء فقد الدعم الدولي لها.
وقال فرماجو، في كلمة له أمام مسؤولي الجيش بمقر وزارة الدفاع بثتها إذاعة محلية: «أقول إنه بموجب ذلك، إذا توقف شيء، فإننا كحكومة سنبذل جهوداً 500 في المائة حتى لا يؤثر تعليق (المساعدات) على أي أحد».
وأضاف: «سواء كانت الرواتب أو المعدات، ستبذل الحكومة كل ما في وسعها... أقول لكم إن علينا أن نعتمد على أنفسنا. نشكر الأجانب الداعمين لنا».
كانت الولايات المتحدة قد عبرت عن شعورها بخيبة أمل من عجز الحكومات الصومالية المتعاقبة عن بناء جيش وطني قادر على البقاء، حيث رسمت وثائق نشرتها وكالة «رويترز» أخيراً صورة صارخة لجيش أنهكه الفساد، وعاجز عن توفير الغذاء والسلاح والأجور لجنوده، رغم تلقيه دعماً بمئات الملايين من الدولارات.
لكن رئيس الوزراء الصومالي حسن خيري قال، أول من أمس، في المقابل، إن حكومته هي من طالبت الولايات المتحدة بتعليق المساعدات لفترة وجيزة إلى كثير من وحدات الجيش الصومالي، في محاولة لتحسين الشفافية والمساءلة بعد مخاوف الفساد.
واتهم خيري، في حديث لصحافيين أول من أمس، الحكومات الصومالية السابقة بالمسؤولية عن الاتهامات الأميركية بشأن الفساد.
وقال: «في الشهر الأول في منصبي، وافقت حكومتي على ضرورة أن تحكم الصومال بمبادئ الشفافية. ولضمان هذه المبادئ، وافقت الصومال والحكومة الأميركية على تعليق المساعدات»، معتبراً أن وقف المساعدات يعد جزءاً من جهود حكومته لمحاربة الفساد، من خلال معالجة سوء السلوك، وفتح الباب أمام المساءلة.
وتابع: «لقد أجرينا دراسة تمكنت من معرفة التحديات التي تواجه إعادة بناء جيشنا الوطني، بما في ذلك تحويل رواتب الجنود، والكذب حول قائمة الأفراد العسكريين النشطين والحيويين. ونتيجة لذلك، قررنا معاً وقف المساعدات الأميركية إلى وحدات من الجيش الصومالي لبضعة أسابيع حتى نحسن ونحل الأخطاء».
وعلى الرغم من تعليق المساعدات، قال خيري إن حكومته واثقة من أنها اكتسبت ثقة الشعب الصومالي وشركائه الدوليين، مستدركاً: «في ضوء تقارير صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الأخيرة، حول الصومال والعمل الذي قمنا به حتى الآن، نحن على ثقة بأننا اكتسبنا ثقة الشعب الصومالي وأصدقائنا الدوليين».
من جهة أخرى، قالت وزارة الأمن القومي الصومالية إنها اعتقلت الوزير والمرشح الرئاسي السابق عبد الرحمن عبد الشكور، أول من أمس، بعد رفضه تفتيش بيته، وإطلاق حراسه النار على قوات الأمن.
وطبقاً لبيان أصدرته الوزارة، «فإن عبد الشكور رفض الانصياع لأوامر السلطات الأمنية لتفتيش منزله، رغم إشهار السلطات الأمنية رخصة لهذا الأمر».
وأضاف أن «حراس المنزل، أطلقوا النار على القوات الأمنية، ما دفعها للرد واقتحام المنزل، وإلقاء القبض عليه»، مشيراً إلى مصادرة ملفات قد تساهم في عمليات التحقيق حول التهم الموجهة له.


مقالات ذات صلة

باكستان: مسلحون يقتحمون منزلاً في بلوشستان ويقتلون 7 عمال

آسيا مسؤولون أمنيون باكستانيون يتفقدون موقع انفجار عربة شرطة في كويتا أدى إلى إصابة 12 أحدهم شرطي 25 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مسلحون يقتحمون منزلاً في بلوشستان ويقتلون 7 عمال

أعلنت الشرطة الباكستانية، مساء السبت، مقتل ما لا يقل عن 7 عمال، برصاص مسلحين مجهولين، اقتحموا منزلاً في بلدة بنجكور بإقليم بلوشستان.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان: تركيا ستعيد تقييم علاقاتها بأميركا بعد انتخاب رئيسها الجديد

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده ستعيد تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
أفريقيا صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا عنصرا أمن يقتادان منفذ هجوم الطعن في زولينغن إلى التحقيق (د.ب.أ)

حملة تفتيش جديدة للشرطة الألمانية على خلفية هجوم إرهابي

على خلفية الهجوم الإرهابي الذي وقع أخيراً في مدينة زولينغن الألمانية، أجرت الشرطة مرة أخرى حملة تفتيش في إحدى المناطق بالمدينة. وقالت مصادر أمنية، إن قوات…

«الشرق الأوسط» (برلين)
الخليج الملتقى سيشهد على مدى 3 أيام أوراقاً علمية وحلقات نقاش بمشاركة عربية ودولية (الشرق الأوسط)

الرياض تستضيف ملتقى حول الذكاء الاصطناعي في المجالات الأمنية

بدأت في الرياض، الثلاثاء، أعمال «الملتقى الثاني لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في المجالات الأمنية: التركيز على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».

غازي الحارثي (الرياض)

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.