عام صعب على تجارة التجزئة الأميركية

توقعات باختفاء ربع مراكز التسوق الكبيرة خلال 5 سنوات

TT

عام صعب على تجارة التجزئة الأميركية

ظلت «مولات التسوق» الأميركية لسنوات طويلة القلب النابض لتجارة التجزئة، وجذبت إليها عملاء بالملايين. ولكن زحف التجارة الإلكترونية بقيادة شركة «أمازون» هوى بهذا القطاع في أزمة عميقة، خصوصا في عام 2017.
إن اختفاء المراكز العملاقة للتسوق لن يعني فقط اختفاء ساحات لعب خاصة بالحياة الاجتماعية، تلك الساحات التي كانت مكانا لتجول الأسر ولقاء الشباب بعضهم ببعض؛ بل يهدد كثيرا من الوظائف... فهل يكون عام 2018 سببا للأمل؟
أصبحت هناك صورة معتادة بامتداد الطرق السريعة بعيدا عن المدن الأميركية الكبرى... صفوف من المحلات المهجورة، جدران متداعية، خواء رتيب. وبعد أن كانت مراكز التسوق تزدهر في هذه الأماكن، أصبح الجو تسوده الأشباح.
خلف زوال تجارة التجزئة الذي يوصف في أميركا بـ«قيامة التجزئة» أنقاضا من العقارات ومدن أشباح في جميع أنحاء أميركا. ويحذر خبراء من أن ما حدث ليس إلا بداية هجرة الزبائن إلى الإنترنت، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وبينما كان الزبائن في السابق يستغلون التسوق في التنزه، أصبحوا اليوم يطلبون مشترياتهم عبر الإنترنت، خصوصا عبر عملاق التسوق الإلكتروني «أمازون» الذي أصبح يعرض كل ما توفر بيوت التسوق والأسواق الحديثة بشكل متزايد. وبذلك، فإن ازدهار «أمازون» يحدث بشكل أساسي على حساب تجار البضائع الذين يعملون في محلاتهم.
وقد مر هذا القطاع بعام مرعب رغم ازدهار الاقتصاد الأميركي، حيث خفضت أيقونات تسوق أميركية مثل سلسلة متاجر «مايسز»، أعداد العاملين لديها وفروعها بشكل واسع؛ بل إن هذه السلسلة العريقة التي تأسست عام 1858 بدأت في بيع ممتلكاتها العقارية لمواجهة خسائرها المتزايدة. كما شعر منافسو «مايسز»، مثل كولس أو جي سي بينيس بل، والسلاسل التجارية التي تتمتع بوضع قوي مثل «ولمرت» أو «تارغت»، بتنامي قوة «أمازون».
بدا الأمر أكثر كآبة في أماكن أخرى، حيث تتردد إشاعات قوية بشأن نية سلسلة أسواق «سيرس» العريقة للتجزئة إعلان إفلاسها. كما أعلنت سلاسل «تويز آر أص»، Toys R Us، لألعاب الأطفال إفلاسها مؤخرا. وتقدمت أكثر من 10 سلاسل أميركية مثل «بيليس» و«جيمبوري» و«بيرفومانيا» هذا العام بطلب لإشهار الإفلاس.
واختفت شركات كبيرة أخرى مثل سلسلة «راديو شاك» للمنتجات الإلكترونية، و«سبورتس أوثوريتي» من الأسواق بالفعل.
وربما كان كل ذلك مجرد بداية فقط؛ حيث تتوقع «كو ستار غروب» للخدمات الاستشارية على سبيل المثال أن يصبح أكثر من 10 في المائة من مساحات تجارة التجزئة في الولايات المتحدة فائضا عن الحاجة العام المقبل.
وربما كانت مراكز التسوق الكبيرة الأكثر تضررا من ذلك، حيث يتوقع خبراء بنك «كريدي سويس» أن يختفي من 20 إلى 25 في المائة من هذه المراكز في غضون 5 سنوات.
وبشكل عام، فإن الاختفاء المستمر للمتاجر ومحلات التجزئة التقليدية سيكون خطيرا على الاقتصاد الأميركي، وستكون له أيضا عواقب وخيمة اجتماعيا؛ حيث تعتمد ربع الوظائف في الولايات المتحدة على هذا القطاع وفقا لاتحاد «NRF» الذي يمثل العاملين في قطاع التجزئة في أميركا.
ورغم أن معظم هذه الوظائف ذات أجور متدنية، فإنها مهمة، حيث توفر فرصة عمل لكثير من الأشخاص الذين لم يتلقوا تعليما مهنيا عاليا. ومع كل ذلك، فقد شهد هذا القطاع الذي يعاني من المشكلات بريقا من الأمل مؤخرا، حيث وفر 12 ألفا و900 وظيفة جديدة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بشهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين؛ «وهي إحدى أقوى الزيادات التي شهدناها هذا العام» وفقا لجاك كلين هينس، كبير اقتصاديي اتحاد «NRF».
ولكن لا بد من النظر لهذه الزيادة في ضوء ازدياد الحاجة للوظائف في قطاع تجارة التجزئة على خلفية بدء موسم أعياد الميلاد ومعركة التخفيضات التي يشهدها هذا الموسم.
كما أن هذا التوجه القصير خادع، حيث تم تسريح أكثر من 70 ألف عامل في قطاع تجارة التجزئة الأميركي منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وفقا لبيانات وزارة العمل.
إلى أين تتجه الرحلة؟ هذا ما يظهره بوضوح مؤشر الاستهلاك السنوي فيما يتعلق بعيد الشكر الأميركي؛ حيث أنفق الزبائن الأميركيون خلال يوم «الجمعة الأسود» و«اثنين الإنترنت» أموالا أكثر من أي عام مضى، وذلك بفضل رقم قياسي جديد في التسوق الإلكتروني، وذلك وفقا لمحللي بيانات السوق في مؤسسة «أدوب ديجيتال إنسايتس».



الأسواق المالية العربية تشهد تحسُّناً... تزامناً مع تنصيب ترمب

متعامل سعودي يراقب سوق الأسهم عبر شاشات في الرياض (رويترز)
متعامل سعودي يراقب سوق الأسهم عبر شاشات في الرياض (رويترز)
TT

الأسواق المالية العربية تشهد تحسُّناً... تزامناً مع تنصيب ترمب

متعامل سعودي يراقب سوق الأسهم عبر شاشات في الرياض (رويترز)
متعامل سعودي يراقب سوق الأسهم عبر شاشات في الرياض (رويترز)

تفاعلت معظم الأسواق المالية العربية إيجاباً مع تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لولاية جديدة، رغم تخوف بعض الدول من التعريفات الجمركية التي ينوي رئيس البيت الأبيض فرضها، والتي يتوقع أن تؤثر على مسار التجارة العالمية والأسعار.

وقد تقاطع تنصيب ترمب مع بدء هدنة بين إسرائيل و«حماس»، والتي يتوقع أن يكون لها وقعها الإيجابي على الأسواق.

وأكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن هدوء التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي في الأسواق العربية. وبناءً على هذه العوامل، يتوقعون تحسناً ملحوظاً بأداء الأسواق في المنطقة، وخاصة الخليجية، خلال الفترة القادمة؛ مما يعزز التفاؤل بالنمو الاقتصادي المستقبلي.

تعزيز سلاسل الإمداد

وقال الرئيس الأول لإدارة الأصول في «أرباح كابيتال»، محمد الفراج، إن التوقعات الدولية تُشير إلى تحسن ملحوظ في الاقتصاد العالمي بعد تنصيب ترمب.

وأرجع الفراج، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، هذا التحسن إلى عدة عوامل رئيسة، أبرزها الاستقرار السياسي المتزايد، وتعزيز سلاسل الإمداد، فضلاً عن السياسات المالية والنقدية الداعمة التي اتبعتها الإدارة الأميركية الجديدة.

ومن المتوقع أن يكون للرفع التدريجي للرسوم على الواردات إلى الولايات المتحدة، تأثيرات كبيرة على سوق العمل والتضخم، وفق الفراج. وهو ما سيخلق بيئة اقتصادية أكثر استقراراً ونمواً في الأسواق العربية، خاصة الخليجية، وعلى رأسها السوق المالية السعودية (تداول).

نمو الشركات

من ناحيته، أكد المختص الاقتصادي والأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة لـ«الشرق الأوسط»، أن تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيؤدي إلى تحقيق الأسواق الأميركية مكاسب كبيرة، بسبب سياساته المحفزة لنمو الشركات. وسيؤثر ذلك إيجاباً على الأسواق المالية بشكل عام، وخاصة الخليجية.

كما ساهم هدوء التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى اتفاق غزة وتبادل الأسرى، في تعزيز الاستقرار الاقتصادي في الأسواق العربية، بحسب باعجاجة.

متداولون يراقبون الشاشات التي تعرض معلومات الأسهم في بورصة قطر بالدوحة (رويترز)

أداء الأسواق العربية

وأغلقت معظم أسواق الأسهم في المنطقة العربية والخليجية على ارتفاع بنسب متفاوتة، يوم الاثنين.

وأنهت سوق الأسهم السعودية الرئيسة (تاسي)، جلسة يوم الاثنين على زيادة بنسبة تقارب 0.40 في المائة، عند 12379 نقطة، لتلامس أعلى مستوياتها منذ 8 مايو (أيار) الماضي، بقيادة سهم «أكوا باور» الذي صعد 4.4 في المائة. وقد ثبت سهم «أرامكو»، الأثقل وزناً على المؤشر، عند 28.15 ريال دون تغيير.

وربح المؤشر القطري 0.40 في المائة ليغلق عند 10508 نقطة، بدعم من سهم شركة «صناعات قطر» للبتروكيميائيات الذي زاد 2.2 في المائة، في حين صعد مؤشر بورصة الكويت بنسبة 0.53 في المائة. وارتفعت سوق أبوظبي للأوراق المالية 0.08 في المائة.

أما مؤشر سوق دبي الرئيسة، فقد تراجع 0.30 في المائة، بعدما انخفض سهم شركة «سالك لرسوم التعرفة المرورية» 2.9 في المائة. كما نزل مؤشر بورصة البحرين 0.08 في المائة.

وخارج منطقة الخليج، خسر مؤشر الأسهم القيادية في مصر 0.37 في المائة، مع هبوط سهم البنك التجاري الدولي 0.9 في المائة. كما انخفض مؤشر بورصة الدار البيضاء 0.33 في المائة. في المقابل، سجل مؤشر بورصة مسقط ارتفاعاً طفيفاً بلغ 0.03 في المائة.