اشتداد ضغوط الفصائل على «تحرير الشام» في الغوطة

انقسام في صفوفها... ومئات المقاتلين سجلوا للخروج إلى إدلب

الدفاع المدني يجلي مصابين مدنيين بعد القصف المدفعي الذي تعرضت له الأحياء السكنية في دوما بالغوطة الشرقية («الشرق الأوسط»)
الدفاع المدني يجلي مصابين مدنيين بعد القصف المدفعي الذي تعرضت له الأحياء السكنية في دوما بالغوطة الشرقية («الشرق الأوسط»)
TT

اشتداد ضغوط الفصائل على «تحرير الشام» في الغوطة

الدفاع المدني يجلي مصابين مدنيين بعد القصف المدفعي الذي تعرضت له الأحياء السكنية في دوما بالغوطة الشرقية («الشرق الأوسط»)
الدفاع المدني يجلي مصابين مدنيين بعد القصف المدفعي الذي تعرضت له الأحياء السكنية في دوما بالغوطة الشرقية («الشرق الأوسط»)

اشتدت الضغوط على «هيئة تحرير الشام» في الغوطة الشرقية بعد اتخاذ القرار بإنهاء وجودها تنفيذاً لاتفاق خفض التصعيد الذي التزم به «فيلق الرحمن» ووقعه مع الجانب الروسي في جنيف في شهر أغسطس (آب) الماضي. وفي حين تؤكد مصادر عدة أنه لم يعد أمام الهيئة إلا خيار الخروج، ظهر في الأيام الأخيرة انقسام في صفوف قيادييها وعناصرها بين من يرفض الانتقال إلى إدلب في الشمال، وفق اتفاق يتم العمل عليه بين «فيلق الرحمن» بشكل رئيسي و«جيش الإسلام» و«أحرار الشام» من جهة، وقوات النظام وموسكو من جهة أخرى.
ورفض المتحدث باسم «الفيلق» وائل علوان التعليق على هذا الموضوع، مكتفياً بالتأكيد لـ«الشرق الأوسط» على «الالتزام بتنفيذ الاتفاق الموقع في جنيف في 16/ 8/ 2017 بكامل بنوده»، بينما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الاتفاق الجديد الذي يشكل عملية دفع من «الفيلق» بشكل خاص لإنجاح اتفاقه مع الروس ضمن اتفاقية تخفيف التصعيد عبر إخراج الهيئة وصل إلى مراحله الأخيرة ويواجه بعض الصعوبات لاستكماله، نتيجة الانقسام في صفوف الهيئة، ورصد كذلك بدء عملية تسجيل مقاتلين لأسمائهم للخروج من آخر معقل لهم في دمشق وريفها باتجاه إدلب، على أن ينضم من يقرر البقاء إلى فصائل المعارضة، وخصوصاً «الفيلق» و«تحرير الشام».
ونص «اتفاق جنيف» على التزام الفيلق بـ«منع وجود أي من منتسبي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) في المناطق الخاضعة لسيطرته في منطقة خفض التصعيد، ويشدد على منع أي وجود لتنظيمي داعش والنصرة وفكرهما المتطرف في أي من مناطق سيطرته، وفي حال استعداد منتسبي جبهة النصرة للمغادرة مع أو دون أسرهم إلى إدلب يتم توفير ضمانات للعبور الآمن من قبل الطرف الثاني (موسكو) لهذا الاتفاق».
كذلك، أكدت مصادر في الغوطة التي تعاني من حصار خانق أن «قرار إنهاء الهيئة المدني والعسكري، اتخذ في الغوطة، ومن المتوقع أن يبدأ التنفيذ خلال ساعات أو أيام». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيم يتعرض لضغوط شعبية كما من فصائل المنطقة للخروج وأبرزها فيلق الرحمن الذي كان متحالفاً معها، وذلك تنفيذاً لاتفاق خفض التصعيد، في حين يقوم جيش الإسلام باعتقال أي شخص يثبت تعامله مع الهيئة». وأشار المرصد إلى أن هيئة تحرير الشام منقسمة على نفسها داخل الغوطة، حيث يرفض قادة وأمراء وعناصر تابعون لها الخروج والاتفاق حول نقلهم إلى إدلب، كما أكدت مصادر في المنطقة أن هذا الانقسام أدى في الأيام الأخيرة إلى مواجهات بين «الرافضين» و«الراغبين»، كما سجل عمليات اعتقال لبعض من وافق على الخروج. ورجحت المصادر أن يكون عدد الخارجين مع عائلاتهم بين 500 و600 شخص، في حين لفت مصدر في إدلب إلى أنه وفق المعلومات المتداولة لن يكون عددهم أكثر من مائة، في وقت قدَّرت فيه بعض المصادر، بحسب المرصد، أعداد المقاتلين غير السوريين بالمئات.
ورصد المرصد تسجيلاً نسب لقيادي في هيئة تحرير الشام من الغوطة الشرقية، يتحدث فيه عن سعي لـ«تفريغ الغوطة الشرقية من المجاهدين» ومن هيئة تحرير الشام، وأن محاولات تجري بضمانة من جيش الإسلام وفيلق الرحمن ومن الجانب الروسي، لإخراج مقاتلي تحرير الشام غير السوريين ومن يرغب من السوريين، نحو الشمال السوري. واتهم القيادي «العاملين على إنجاح هذه الخطوة بمحاولة شق الصف لمصالح شخصية منهم، وأن من الخارجين من يعمل على تحقيق مشروع تنظيم القاعدة خارج الغوطة الشرقية»، كما دعا في تسجيله إلى «عدم الخروج من الغوطة الشرقية وترك المقاتلين وحيدين في مواجهة النظام وحلفائه».
ورأى المرصد أنه في حال فشل تنفيذ الاتفاق سيكون هناك اقتتال داخل الغوطة الشرقية وعملية عسكرية ضد الهيئة على غرار العمليات السابقة التي جرت ضد تنظيم داعش سابقاً، والتي انتهت بإخراج التنظيم بشكل كامل من الغوطة.
وأشارت المصادر إلى أن «معظم الخارجين هم من المهاجرين أو ممن تورطوا بجرائم، بينما من سيبقى في الغوطة سيكون عليه ترك العمل المسلّح بشكل نهائي»، فيما رجّح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «من سيبقى في الغوطة من المقاتلين سوف ينخرطون في صفوف فصائل أخرى مثل فيلق الرحمن أو جيش الإسلام أو حركة أحرار الشام، إذا لم يفضلوا ترك القتال بشكل نهائي والتزام بيوتهم».
وفي حال نجح هذا الاتفاق وتكرس خروج الهيئة بشكل كامل من الغوطة، فينتهي بذلك وجودها في محافظتي دمشق وريفها، سوى في جنوب العاصمة دمشق وفي ريف دمشق الجنوبي الغربي، بحسب المرصد، وذلك بعد الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه في جرود فليطة السورية وجرود عرسال اللبنانية في شهر أغسطس الماضي مقابل تسليم أسرى من حزب الله اللبناني كانوا موجودين لدى هيئة تحرير الشام في إدلب، حيث دخلت القافلة التي كانت تحمل على متنها نحو 8 آلاف شخص بينهم المئات من عناصر الهيئة ومن عوائلهم إلى إدلب.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.