وزير الدفاع الروسي يلعب دوراً دبلوماسياً - عسكرياً في سوريا

الجيش يقحم نفسه في سياسة موسكو الخارجية... بتأييد من بوتين

وزير الدفاع الروسي شويغو مرافقاً الرئيس فلاديمير بوتين إلى قاعدة حميميم في سوريا حيث التقيا الأسد (سبوتنك)
وزير الدفاع الروسي شويغو مرافقاً الرئيس فلاديمير بوتين إلى قاعدة حميميم في سوريا حيث التقيا الأسد (سبوتنك)
TT

وزير الدفاع الروسي يلعب دوراً دبلوماسياً - عسكرياً في سوريا

وزير الدفاع الروسي شويغو مرافقاً الرئيس فلاديمير بوتين إلى قاعدة حميميم في سوريا حيث التقيا الأسد (سبوتنك)
وزير الدفاع الروسي شويغو مرافقاً الرئيس فلاديمير بوتين إلى قاعدة حميميم في سوريا حيث التقيا الأسد (سبوتنك)

بدأ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو يظهر في أماكن غير متوقعة؛ من دمشق إلى الدوحة، وذلك في مؤشر على تنامي نفوذ الجيش في عهد الرئيس فلاديمير بوتين. ففي الأشهر القليلة الماضية أجرى شويغو محادثات مع رئيس النظام السوري في دمشق، ومع رئيس الوزراء الإسرائيلي في تل أبيب، كما استقبله أمير قطر في الدوحة، وكان في بعض المناسبات يرتدي زي العمليات العسكرية.
وبدأت الحواجب ترتفع تعبيرا عن الدهشة في روسيا لإقحام وزارة الدفاع نفسها في مجالات ظلت لفترة طويلة حكرا على وزارة الخارجية، حيث تقتضي المراسم بأن يجري الوزراء في العادة محادثات مع نظرائهم المباشرين فقط في الدول الأجنبية. هكذا بدأ الجيش يحصد المغانم السياسية لما عدّه الكرملين نجاحاً كبيراً في شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا من أوكرانيا بعد أن سيطر جنود روس يرتدون زيا موحدا ليست عليه علامات مميزة، على شبه الجزيرة في عام 2014، وفي سوريا حيث ساعدت القوات الروسية في تحويل مسار الحرب لصالح رئيس النظام بشار الأسد.
وقال مسؤول روسي قديم يتعامل مع وزارة الدفاع ردا على تقرير لـ«رويترز» وطلب عدم نشر اسمه: «تُرجم ذلك إلى نفوذ أكبر على أعلى المستويات». ولم يرد الكرملين ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية على طلبات تفصيلية للتعليق في هذا التقرير. غير أن 3 مصادر مطلعة على عمل الوزارتين أكدت هذا الاتجاه.
وقد تسبب تنامي نفوذ الجيش في استياء بين بعض الدبلوماسيين الروس وتوتر بين بعض المسؤولين الغربيين، لما يضفيه ذلك من سمة التشدد على السياسة الخارجية الروسية. ويقول بعض المسؤولين الغربيين إن رسم السياسة الخارجية اكتسب طابعا حربيا وازداد غموضا، وإن ذلك يرجح احتمال دخول روسيا في مغامرات عسكرية جديدة. وقال مسؤول غربي طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع: «إذا أنت سمحت لوزارة الدفاع بصلاحيات أكبر في السياسة الخارجية، فستبحث عن المتاعب».
كما أحيا الدور البارز الذي يلعبه شويغو حليف بوتين المخلص، ما يتردد منذ مدة طويلة عن إمكانية ترشحه للرئاسة إذا ما اضطر بوتين، الذي يسعى للفوز بفترة رئاسة رابعة في الانتخابات خلال شهر مارس (آذار) المقبل، للتنحي فجأة وعجز عن إتمام فترة الرئاسة التي تبلغ مدتها 6 سنوات.
وليس لشويغو (62 عاما) أي نشاط في الحياة الحزبية، غير أن استطلاعات الرأي كثيرا ما تجعله ضمن أكثر 5 مرشحين شعبية لتولي الرئاسة. كما أنه يأتي من حيث ثقة الشعب فيه في المرتبة الثانية بعد بوتين الذي نشرت له صور معه وهما في رحلة لصيد الأسماك خلال الصيف.
تقلب نفوذ الجيش بين الصعود والهبوط في روسيا وفي الاتحاد السوفياتي قبل ذلك. وعاود نجم الجيش الصعود في عهد بوتين؛ ضابط المخابرات السوفياتية السابق، الذي تولى بصفته رئيسا للبلاد منصب القائد العام للقوات المسلحة. وشهد الإنفاق الدفاعي زيادة كبيرة، وانتشر الجيش في جورجيا وأوكرانيا وسوريا، واستغلت السلطات تحركات الجيش في إثارة المشاعر الوطنية.
وكان نفوذ الجيش على المستوى السياسي وفي السياسة الخارجية أوضح ما يكون في سوريا. فقد سافر شويغو إلى دمشق مرتين هذا العام لإجراء محادثات مع الأسد، وكان واقفا بجوار بوتين هذا الأسبوع عندما توجه إلى سوريا للقاء الأسد. ولم يقم وزير الخارجية سيرغي لافروف بزيارة سوريا خلال 2017.
وعلى غير المعتاد لوزير الدفاع، شارك شويغو في مساع دبلوماسية لإحلال السلام في سوريا. وقال مسؤول غربي أجرى اتصالات مباشرة مع وزارتي الخارجية والدفاع، إن الجيش الروسي له ثقل في دمشق ليس لوزارة الخارجية. وقال المسؤول إن ثمة «ثقة قوية متبادلة» بين الجيش الروسي وكبار المسؤولين في دمشق، لأن «الروس أنقذوهم، والسوريون يحترمون ذلك».
ولوزارة الخارجية خبراء لهم ثقلهم في شؤون الشرق الأوسط وما زالت تلعب دورا مهما في سوريا؛ إذ ساعدت في إجراء محادثات السلام التي تمت في كازاخستان. غير أن مساعي لافروف للتوصل إلى اتفاق أميركي - روسي من أجل التعاون في سوريا أظهرت مدى الاختلاف في التفكير أحيانا بين وزارتي الخارجية والدفاع.
ولا يزال لافروف يعد دبلوماسيا ذا قدرات هائلة ويثق فيه بوتين ويحترمه. غير أن المسؤولين الغربيين يقولون إنه لا يُستدعى لحضور كل الاجتماعات المهمة ولا يتم إطلاعه على العمليات العسكرية الكبرى في سوريا.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.