المواجهات تتواصل في الضفة وغزة... ومقتل عنصرين من «الجهاد» بتفجير

البرغوثي يطالب القمة الإسلامية بقطع العلاقات مع إسرائيل وطرد سفرائها رداً على القرار الأميركي

فلسطينيون يشيعون مصطفى السلطان وغازي نصر الله اللذين قتلا على أيدي القوات الإسرائيلية في غزة أمس (رويترز)
فلسطينيون يشيعون مصطفى السلطان وغازي نصر الله اللذين قتلا على أيدي القوات الإسرائيلية في غزة أمس (رويترز)
TT

المواجهات تتواصل في الضفة وغزة... ومقتل عنصرين من «الجهاد» بتفجير

فلسطينيون يشيعون مصطفى السلطان وغازي نصر الله اللذين قتلا على أيدي القوات الإسرائيلية في غزة أمس (رويترز)
فلسطينيون يشيعون مصطفى السلطان وغازي نصر الله اللذين قتلا على أيدي القوات الإسرائيلية في غزة أمس (رويترز)

تواصلت المواجهات الفلسطينية - الإسرائيلية أمس في الضفة الغربية وقطاع غزة، احتجاجا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وتزامن ذلك مع إعلان «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، عن مقتل اثنين من عناصرها في تفجير بالخطأ كما يبدو.
ونعت سرايا القدس «شهيدي الإعداد والتجهيز» مصطفى السلطان (29 عاما) وغازي نصر الله (25 عاما)، وقالت إنهما «ارتقيا خلال مهمة جهادية شمال القطاع»، مضيفة في بيانها أن «دماء المجاهدين الطاهرة ومن قبلها تضحياتهم وإعدادهم لمواجهة هذا العدو سيكون لها وقع كبير في أي مواجهة قادمة».
وجاء إعلان «السرايا» بعد جدل حول مدى ضلوع علاقة إسرائيل في الحادثة، حيث اتهم مسؤولون في «الجهاد» وناطق طبي، إسرائيل بداية بقصف دراجة نارية في القطاع، أدت إلى مقتل اثنين من عناصر السرايا، قبل أن ينفي الناطق باسم جيش الاحتلال تنفيذ أي قصف على أهداف شمال قطاع غزة، مشيرا إلى أن تقديرات الجيش تشير إلى أن الانفجار داخلي.
وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إنه «خلافا للتقارير الفلسطينية لم تنفذ أي غارة إسرائيلية في قطاع غزة. ونحن ننفي هذه التقارير نفيا قاطعا».
وجاء الانفجار في غزة في ظل استمرار المواجهات على حدود القطاع، وتوتر متصاعد، بعد تدمير الجيش نفقا تابعا لحركة حماس يوم الأحد، تلاه إطلاق صواريخ من غزة على مستوطنات مجاورة، ثم قصف إسرائيل لمواقع تابعة لحركتي حماس والجهاد.
وتبادلت إسرائيل وحماس التهديدات بشأن التصعيد في غزة.
ورشق شبان فلسطينيون أمس الجيش الإسرائيلي بالحجارة على حدود غزة، فردت إسرائيل بإطلاق الرصاص وقنابل الغاز.
أما في الضفة الغربية فقد اشتبك متظاهرون مع القوات الإسرائيلية في بيت لحم ورام الله وطولكرم، كما أصيب فتى فلسطيني بجروح وصفت بالخطيرة خلال المواجهات التي اندلعت بالقرب من مستوطنة «آرئيل»، شمال الضفة الغربية، وقال شهود فلسطينيون إن الشاب حامد المصري (15عاما) من سلفيت أصيب خلال المواجهات بعدما تعمد الجيش الإسرائيلي إطلاق النار عليه عن قرب، لكن مصادر إسرائيلية قالت إنه كان يحمل سكينا ويستعد لتنفيذ عملية طعن، إذ قال بيان إسرائيلي رسمي: «لقد لوحظ فلسطينيان مشتبه بهما يحاولان ضرب السياج الأمني بالقرب من مستوطنة آرئيل، وعندما اقتربت منهم قوة عسكرية وضع أحدهم يده في جيبه فيما يبدو لمحاولة إخراج سكين، فتم إطلاق النار تجاهه وعولج في المكان ومن ثم نقل للمستشفى. والجيش يجري مزيدا من التحقيقات في ظروف إطلاق النار».
في غضون ذلك، أقدمت إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي على نقل الأسير مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، من قسم العزل الجماعي إلى زنزانة العزل الانفرادي.
وقالت الحملة الشعبية لإطلاق سراحه وجميع الأسرى إن «قرار العزل جاء لمنعه من التواصل مع أبناء شعبه في الوطن والشتات، في وقت تشهد فيه فلسطين ومختلف عواصم ومدن العالم حركة احتجاج واسعة على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإعلان اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي. ويأتي قرار العزل على خلفية بيان صدر عن القائد البرغوثي قبل أيام بمناسبة ذكرى الانتفاضة الشعبية الكبرى، أكد فيه «استحالة التعايش مع الاحتلال والاستيطان، ورفض هذه الحالة، وضرورة مقاومة الاحتلال والاستيطان والإصرار على الحق المقدس لشعبنا في تقرير مصيره، وتحقيق العودة والتمسك بالقدس عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية كاملة السيادة»، كما طالب البرغوثي بدعم ومساندة المصالحة الوطنية وحمايتها وتحصينها، و«التمسك بمبدأ الشراكة الوطنية الكاملة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة والتشريعي والوطني، وإعادة النظر في وظائف السلطة بما يخدم وينسجم مع مرحلة التحرر الوطني، واعتبار مقاومة الاحتلال والاستيطان أولوية وطنية مقدسة للشعب الفلسطيني».
وأدانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين نقل البرغوثي إلى زنازين العزل الانفرادي في سجن «هداريم»، وشددت على أن البرغوثي رمز وطني وشعبي، ولا يستطيع الاحتلال الإسرائيلي أن يفصل بينه وبين شعبه.
يأتي ذلك فيما يصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم إلى تركيا للمشاركة في اجتماعات مؤتمر القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي المقرر عقدها اليوم في إسطنبول لبحث قرار ترمب بشأن القدس.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) عن السفير الفلسطيني لدى تركيا فائد مصطفى، قوله إن عباس سيلقي كلمة خلال المؤتمر، وسيعقد لقاءات مهمة على هامش القمة، وأعرب مصطفى عن الأمل في أن «يتم اتخاذ قرارات وإجراءات على مستوى الحدث السياسي»، ردا على القرار الأميركي بشأن القدس.
وعلى صعيد متصل بالقمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي طالب مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، اجتماع قمة التعاون الإسلامي الذي سيعقد اليوم بإعلان قطع العلاقات مع دولة «الاحتلال» الإسرائيلي.
ونقلت وكالة (قدس نت) للأنباء أمس عن البرغوثي، قوله إن «أقل ما يمكن أن تتخذه دول العالم الإسلامي هو طرد سفراء إسرائيل، وسحب السفارات منها، والإعلان عن قطع العلاقات معها»، داعيا القمة لتبني «حملة المقاطعة، وفرض العقوبات على إسرائيل، وعزلها بصفتها دولة عنصرية تمارس أبشع الجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته وأرضه»، مشددا على أن هذا سيمثل البداية الصحيحة للرد على قرار الرئيس الأميركي إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.
وسيترأس سامح شكري، وزير الخارجية المصري، وفد بلاده المشارك في أعمال القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، فيما أعلنت هيئة كبار علماء بالأزهر أمس رفضها للإعلان الأميركي، داعية إلى تحرك «فاعل وجاد» لإبطاله.
وقال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن وزير الخارجية سيستعرض خلال القمة الموقف المصري الرافض للقرار ولأي آثار مترتبة عليه، ومحصلة الاتصالات التي قامت بها مصر للحد من التبعات السلبية لهذا القرار، وآخرها القمة المصرية - الفلسطينية الاثنين الماضي بالقاهرة.
كما أعلن في الرياض أمس أن الدكتور نزار عبيد مدني، وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، سيرأس وفد بلاده لحضور اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي التحضيري لقمة اسطنبول الإسلامية، الذي سيعقد اليوم.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.