مليارا دولار أنقذا اقتصاد مصر من أزمة شديدة

«إتش إس بي سي» وفّرهما للقاهرة لتيسير الحصول على قرض صندوق النقد

مليارا دولار أنقذا اقتصاد مصر من أزمة شديدة
TT

مليارا دولار أنقذا اقتصاد مصر من أزمة شديدة

مليارا دولار أنقذا اقتصاد مصر من أزمة شديدة

قال خبراء اقتصاديون ببنك «إتش إس بي سي» العالمي، إن الإجراءات الصعبة والجريئة التي اتخذها البنك المركزي والحكومة المصريان خلال الشهور الماضية يمكن وصفها بأنها أنقذت الاقتصاد المصري الذي كان معرضاً لأزمة شديدة قبل الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016، عندما اتخذ «المركزي» المصري قراراً تاريخياً بتحرير سعر الصرف.
وقال خبراء البنك، في تقرير أورده موقع «ريسك نت» المعنيّ بشؤون المخاطر المالية حول العالم، ونقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أمس، إن مصر كانت تعاني قبل قرار تحرير سعر الصرف من نقص مخزون السكر وارتفاع تكلفة الأرز وزيت الطهي، ما جعل الوضع على استعداد للانفجار، حيث إن نقص الدولار في الأسواق أجبر المستوردين وقتها على دخول «السوق السوداء» (الموازية) للعملات الأجنبية، وكان المعدل غير الرسمي لسعر الدولار يعادل ضعف سعر الصرف الرسمي.
وذكر الموقع أن وزارة المالية المصرية والبنك المركزي المصري، كانا يسعيان للحصول على 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ولكن للحصول على هذا القرض كان سيتعين على مصر سد فجوة التمويل القائمة، وتعزيز الاحتياطيات لمواجهة تحرير الجنيه المصري، وهو شرط أي حزمة لصندوق النقد الدولي. وساهم بنك «إتش إس بي سي» في حل المشكلة عن طريق توفير 2 مليار دولار للحكومة المصرية في ذلك الوقت.
ونقل التقرير عن طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، قوله إن «صفقة شراء بنك (إتش إس بي سي) سندات بقيمة ملياري دولار كانت مهمة جداً بالنسبة إلينا، لقد كان الوضع صعباً، وتلاها بيوم واحد حصولنا على قرض صندوق النقد الدولي».
وذكر التقرير أنه بعد التخلص من قيود العملة، فقد الجنيه المصري ما يقرب من 50% من قيمته مقابل الدولار الأميركي في الفترة التي تلت تحرير سعر الصرف مباشرةً، ومنذ ذلك الحين كان يتداول بنحو 17 جنيهاً للدولار، وأدى انخفاض قيمة العملة إلى ارتفاع كبير جداً في التضخم إلى أكثر من 30% في نوفمبر 2016، ولكن نقص العملة الأجنبية في مصر لم يستمر، فقد تراجع بشكل ملحوظ بعدها.
وأوضح التقرير أن احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية شهدت بعد ذلك ارتفاعاً إلى مستويات قياسية جديدة بلغت أكثر من 36 مليار دولار هذا العام، بعد أن كان قد انخفض إلى 15 مليار دولار في عام 2016.
ولفت إلى أن «المركزي» قام بعد ذلك بعدة إجراءات جيدة، منها رفع القيود التي تم إدخالها عندما كان هناك نقص في المعروض من الدولارات، وتحويلات الصرف، واستخدام بطاقات الخصم والائتمان في الخارج، والضوابط على إعادة توزيعات الأرباح من قبل المقرضين التجاريين، وهو ما أعطى إشارة ثقة للمستثمرين للعودة إلى مصر. وأشار إلى إعلان «المركزي» المصري عن تدفق أكثر من 80 مليار دولار من العملة الصعبة من المستثمرين إلى الداخل والخارج منذ تحرير سعر الصرف.
وقالت كريستيان ديسيغليز، رئيس صناديق الثروات السيادية والعامة في بنك «إتش إس بي سي»، إن «توفير البنك مبلغ 2 مليار دولار للحكومة المصرية كان مفيداً للغاية، ولا نعلم ماذا كان يمكن أن يحدث لولا حصولها على ذلك المبلغ، إلا أن الصفقة كانت عنصراً حاسماً في وقت حرج بالنسبة إلى الحكومة المصرية».
وأضافت أن «المركزي» المصري تمكن من سد ثلثي الفجوة التمويلية البالغة 6 مليارات دولار من خلال اتفاقات القروض التي تم التوصل إليها مع بنوك مركزية أخرى، أبرزها بنك الشعب الصيني. ومع ذلك، ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، كانت مصر لا تزال بحاجة إلى جمع 2 مليار دولار، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن صندوق النقد الدولي لا يحب إقراض البلدان المتأخرة عن سداد الديون القائمة، كما يرجع إلى رغبة محافظ «المركزي» المصري في التحصل على مساحة أكبر من السيولة النقدية للتعامل مع تحرير سعر الصرف.
وأشار التقرير إلى أن حصول مصر التي قضت وقتاً طويلاً غائبة عن أسواق رأس المال الدولية بعد الأحداث التي شهدتها عام 2011، على قرض بهذه القيمة كان أمراً ليس بالسهل، خصوصاً بعدما ما حدث في الأرجنتين، وهو ما أدى إلى طلب مزيد من الضمانات، حتى وصل الأمر إلى أن المقرضين كانوا سيحصلون على 4 مليارات دولار من الضمانات، بدلاً من مبلغ يعادل 2 مليار دولار الذي تم إقراضه، كمستوى إضافي من الضمانات.
ويقول فيناي راج، المدير الإداري ورئيس حلول التمويل للأسواق العالمية في «إتش إس بي سي» في لندن: «ما أردنا القيام به هو إنشاء معاملة من شأنها أن تعزز الائتمان من خلال ما يكفي من الضمانات لتوفير التمويل اللازم للصفقة، وكان البنك المركزي المصري حريصاً في الوقت نفسه على ألا تؤثر الصفقة سلباً على منحنى العائد من الدين السيادي في أسواق الدين العام».
وأضاف راج: «لا جدوى من زيادة التمويل على حساب جعل الوصول إلى الأسواق العالمية أكثر صعوبة في المستقبل، لذلك كنا بحاجة إلى التواصل مع قاعدة مستثمري السندات في الخارج، وكان هذا هو أفضل وسيلة لتوليد اهتمام كافٍ من المجموعة المصرفية في وقت صعب ووسط حالة من عدم اليقين كانت تشهدها مصر وقتها. وللتغلب على تلك العقبة، وافقت وزارة المالية على إصدار سندات سيادية بقيمة 4 مليارات دولار، تم تحويلها مباشرة إلى البنك المركزي».
وأوضح أن ذلك كان يتطلب الكثير من العمل من «المركزي» المصري، ومجمع البنوك المقرضة، لضمان وجود آلية محاسبية واضحة بين الكيانين، والوضوح القانوني بشأن ما إذا كانت السندات قد صدرت بشكل صحيح، وبعد شهرين فقط من بدء المناقشات بين بنك «إتش إس بي سي» و«المركزي» المصري، تم تنفيذ عملية إعادة الشراء في أوائل نوفمبر 2016، وبمجرد القيام بذلك كان هناك ابتكار آخر، حيث قام البنك، جنباً إلى جنب مع البنوك الاستثمارية المعتمدة (النقابية) الأخرى، بتوزيع جزء من المخاطر على المستثمرين، وأدى ذلك إلى خلق سوق جديدة كلياً للأصول السيادية المنظمة.
ونقل الموقع عن خبراء بنك «إتش إس بي سي» أن هذه الصفقة التي رتّبها البنك مع الإجراءات التي اتخذها «المركزي» المصري والحكومة بعد ذلك، يمكن القول إنها أنقذت الاقتصاد المصري، لشجاعتهم في اتخاذ مجموعة مؤلمة، وضرورية، من الإصلاحات المالية، وهو ما يجعل بنك «إتش إس بي سي» يفخر بأن هذا التمويل لعب دوراً مهماً في جعل هذه الإصلاحات ممكنة.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.