الجيش الأميركي سيحارب «القاعدة» في سوريا «حتى لو انتهى داعش»

المتحدث باسم القيادة المركزية لـ«الشرق الأوسط»: لدينا 5200 جندي في العراق

الكولونيل جون توماس المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية
الكولونيل جون توماس المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية
TT

الجيش الأميركي سيحارب «القاعدة» في سوريا «حتى لو انتهى داعش»

الكولونيل جون توماس المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية
الكولونيل جون توماس المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية

قال الكولونيل جون توماس المتحدّث باسم القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) إن قوات التحالف الدولي باقية في سوريا لدعم عمليات «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية حتى إنجاز مفاوضات الحل السياسي في جنيف، وإن القوات الأميركية ستواصل في سوريا محاربة التنظيمات الإرهابية القريبة من تنظيم «القاعدة»، بما فيها «جبهة النصرة» التي غيرت اسمها مرات عدة «بغض النظر عن وجود داعش».
واستعرض الكولونيل توماس في حديث مع «الشرق الأوسط» بلندن أمس، العمليات العسكرية التي تشرف عليها، أو تشارك فيها، القيادة المركزية الأميركية في اليمن وسوريا والعراق.
وأوضح الكولونيل توماس أن الولايات المتحدة لا تشارك بأي شكل من الأشكال في الحرب الأهلية القائمة في اليمن، مقسّما المهام الأميركية في هذا البلد إلى ثلاث. الأولى تكمن في محاربة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، والثانية مكافحة «داعش اليمن» الذي يُقدّر مقاتلوه بـ«مئات» معظمهم يمنيون. أما المهمة الثالثة، فهي دعم السعودية في حماية حدودها، بما يشمل حمايتها من الصواريخ التي تطلق باتجاه المدن السعودية. وقال توماس: «لدينا فريق صغير في الرياض يدعم السعوديين في حماية حدودهم عبر تبادل المعلومات الاستخباراتية».
وأكّد الكولونيل توماس في حديثه عن الغارات التي تنفذها القوات الأميركية في اليمن، أنها تتم بالتنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية، وأنه يتم «إشعار الرئيس عبد ربه منصور هادي بكل التحركات». كما لفت الكولونيل إلى أن العمليات الأميركية في اليمن لا تقتصر على غارات، وتشمل تجميع معلومات استخباراتية لاستيعاب كيفية عمل مقاتلي «القاعدة» وتمريرهم للمعلومات، «خاصة أن هذا التنظيم الإرهابي يسعى إلى تصدير خططه خارج اليمن».
وعن الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون باتجاه مطار الرياض، قال الكولونيل إنه «إذا كان قادما من إيران بالفعل، فإن المهربين كانوا حذرين للغاية في عملية تهريبه، وجزّأوه إلى قطع صغيرة شُحنت في مراكب». وتابع الكولونيل بأنه «فيما لم نلحظ أي حركة تهريب أسلحة إيرانية إلى اليمن، إلا أن هناك عددا من الأدلّة الظرفية تتجاوز الأسلحة نفسها إلى الخبرات ومستوى التدريب المطلوب لاستخدام هذه الأسلحة في اليمن»، لافتا إلى أن الحوثيين لا يملكون هذه الخبرات والتدريب «على حد علمه». واستنتج المتحدّث باسم «سنتكوم» أن هذه الأدلة الظرفية وإطلاق الصاروخ الأخير باتجاه مطار الرياض، تدلّ على وجود «تأثير إيراني كبير ومضرّ وغير مرحّب به في اليمن».
وكان تقرير أممي قد أفاد بأن مكونات صاروخين أطلقا من الحوثيين صوب السعودية «حملت شعاراً مماثلاً لشعار مجموعة الشهيد باقري الصناعية»، وهي شركة إيرانية تضعها الأمم المتحدة على قائمتها السوداء.
إلى ذلك، رجّح المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية أن «داعش» و«تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» يحاربان بعضهما بعضاً في اليمن «أحيانا»، مستبعدا فرضية أنهما يعملان سويا. وشبّه توماس التنظيمين بجماعات إجرامية منظّمة و«أمراء حرب»، معتبرا أن «القاعدة» و«داعش» والمهرّبين يستغلون غياب سلطة حكومية في بعض المناطق شرق اليمن لـ«تهديد» الناس أو «شرائهم». ولفت توماس إلى أن نفوذ «القاعدة» بدأ يتراجع في بعض المحافظات.
يذكر أن الحكومة اليمنية الشرعية مسنودة بتحالف دعم الشرعية في اليمن، ساهمت في تحرير مناطق يمنية كانت تحت سيطرة تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» الإرهابي، وأبرزها محافظات حضرموت وأبين والضالع، إلى جانب تحرير غالبية المناطق التي كان يرتكز عليها التنظيم في محافظة شبوة. وشنّت الولايات المتحدة سلسلة هجمات لا تقل عن مائة غارة على مواقع تنظيمات إرهابية في اليمن، منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترمب سدة الرئاسة. ويرجّح مسؤولون يمنيون أن التنظيم بات يتردد على مناطق نائية عن المحافظات التي طرد منها، أو إلى محافظة البيضاء التي تشهد بدورها معارك بين الانقلابيين والقوات الحكومية.
وعلى الصعيد السوري، شدد الكولونيل توماس على أنه رغم مساهمة روسيا ونظام الأسد، فإن النصر على «داعش» في سوريا هو إنجاز قوات سوريا الديمقراطية على الأرض والتحالف الدولي جوّا بشكل أساسي. وأكّد المتحدّث أن الولايات المتحدة ستبقى في سوريا لدعم قوات سوريا الديمقراطية حتى انتهاء محادثات «جنيف». وأوضح: «نواصل تدريب قوات الأمن السورية في الرقة، كما فعلنا في منبج، فضلا عن تطهير المناطق التي كان يسيطر عليها داعش من القنابل والألغام وغيرها»، لافتا إلى أن عودة مئات الآلاف إلى مناطقهم وإعادة بناء بيوتهم مرهون بعودة الأمن.
أما عن التهديد الإرهابي الذي تطرحه «جبهة النصرة»، فرّق المتحدّث باسم «سنتكوم» بين مهمة التحالف الدولي ضد «داعش» والولايات المتحدة. وقال إن الولايات المتحدة ستلاحق «القاعدة»، والتنظيمات التابعة له «بغض النظر عن وجود داعش»، لافتا إلى أن «النصرة غيّرت اسمها (إلى فتح الشام ثم هيئة تحرير الشام)، لكن القاعدة تبقى القاعدة».
وردا على سؤال حول التهديد التركي باستهداف الأكراد في عفرين، قال الكولونيل إن هذه الأخيرة ضحت بمئات بل الآلاف في الحرب ضد «داعش»، وإنها كانت القوة المقاتلة الرئيسية على الأرض. وتابع أن الولايات المتحدة أعلنت في الفترة الأخيرة أنها لن تسلّح قوات سوريا الديمقراطية بأكثر مما تتطلّبه الحرب ضد «داعش»، مضيفا: «كنا واضحين مع حلفائنا الأتراك بشأن ما نقدّمه من أسلحة إلى قوات سوريا الديمقراطية، بما يشمل (تزويدهم) بالأرقام التسلسلية للأسلحة»، وتابع: «نأمل في تفادي (هذا السيناريو) عبر الحفاظ على تواصل مستمر مع حليفتنا تركيا».
وعن التنقل المحتمل لمقاتلي «داعش» عبر الحدود بعد سقوط الرقة والموصل، استبعد المتحدث باسم «سنتكوم» قدرة من تبقى من التنظيم الإرهابي على الهروب من مناطق القتال، وأرجع ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها جهود تركيا في مراقبة حدودها، وعمليات التفتيش المشددة التي تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية.
وسئل عن الوجود الأميركي في العراق عقب الإعلان عن هزيمة «داعش»، فأجاب بأن القوات الأميركية باقية في العراق بطلب من حكومة حيدر العبادي وأن كل أنشطتها السابقة والمقبلة كانت بدعوة من الحكومة العراقية. وأكد الكولونيل توماس أن عدد القوات الأميركية الموجودة في العراق حاليا يقدّر بـ5200.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.