فورد يشن هجوما لاذعا على سياسات أوباما المترددة

السفير الأميركي السابق في دمشق: «لا إنجاز يشار إليه باستثناء إزالة 93 في المائة من الكيماوي»

فورد يشن هجوما لاذعا على سياسات أوباما المترددة
TT

فورد يشن هجوما لاذعا على سياسات أوباما المترددة

فورد يشن هجوما لاذعا على سياسات أوباما المترددة

شن السفير الأميركي السابق لدى سوريا، روبرت فورد، هجوما لاذعا على سياسات الإدارة الأميركية في التعامل بحزم مع الأزمة السورية ونظام الرئيس السوري بشار الأسد، واتهم واشنطن بزيادة المخاطر التي تتعرض لها الولايات المتحدة بسبب تردد إدارة الرئيس باراك أوباما في دعم المعارضة المعتدلة بسوريا.
وقال فورد، الذي غادر منصبه في نهاية مايو (أيار) الماضي، في لقاءين مع شبكة «سي إن إن» وشبكة «بي بي»، مساء أول من أمس، إنه استقال من منصبه لأنه لم يكن قادرا على الدفاع عن سياسات الولايات المتحدة في سوريا. وأضاف: «لم أعد في مركز أستطيع فيه الدفاع عن السياسة الأميركية في سوريا، نحن لم نتمكن من معالجة جذور المشكلة، سواء الصراع القائم أو التوازن على الأرض إلى جانب زيادة تهديدات المتطرفين في البلاد».
وأوضح فورد: «لا شيء تجدر الإشارة إليه لنجاح السياسة الأميركية عدا إزالة نحو 93 في المائة من الترسانة الكيماوية للأسد، ولكن الآن هو يستخدم غاز الكلور في صراعه مع خصومه». وأكد أن السياسة الأميركية «لم تتطور ولم تبادر منذ وقت طويل إلى إمداد المعتدلين في صفوف المعارضة السورية بالأسلحة والمعدات القتالية». وقال: «نحن دائما متأخرون، ومن المهم جدا أن نصبح في موضع متقدم، والسؤال: هل واشنطن مستعدة لتوسيع مساعداتها بالشكل الذي يكون له أثر ملموس على الأرض أم لا؟ هذا هو المهم».
وأضاف المسؤول الأميركي السابق، الذي عمل سفيرا لأميركا في دمشق لأكثر من ثلاث سنوات، أنه «لو فعلنا ذلك قبل سنتين، لو وسعنا نطاق مساعداتنا، لما استطاع تنظيم القاعدة أن يكسب أتباعا ينافسون المعتدلين الذين نتفق معهم في الكثير من الأمور». وأشار في المقابل إلى زيادة الدعم الذي تقدمه كل من روسيا وإيران إلى نظام الأسد بصورة كبيرة.
وبشأن الانتخابات الرئاسية السورية، قال فورد إنها «إشارة لنا وللبلدان الأخرى في المنطقة وأوروبا بأن الأسد لن يرحل وأنه باق ورسخ قدميه في العاصمة، رغم وقوع أجزاء أخرى من البلاد خارج نطاق سيطرته». وأضاف: «لا أعتقد أن الانتخابات في سوريا لها علاقة بالديمقراطية. والواقع أن بشار الأسد والدائرة المحيطة به يستعدون للاستمرار في الصراع القائم».
وأشار فورد، الذي غادر دمشق عام 2011 بعد تلقيه تهديدات ضد سلامته الشخصية، إلى أن الأسد لا يتحكم في ثلثي سوريا، كما يعتقد على نطاق واسع. وقال: «حذرنا منذ سنتين من أن المجموعات الإرهابية ستستغل هذا الفراغ كما حدث في أفغانستان والصومال ومالي واليمن».
وفي غضون ذلك، قالت ماري هارف، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، في تعليقها على تصريحات فورد، إنه «مواطن عادي ويحق له التعبير عن آرائه ووجهة نظره الخاصة». وأضافت: «كان الرئيس أوباما واضحا في خطابه الأسبوع الماضي، نحن محبطون من الوضع في سوريا، وفي طريقنا لزيادة الدعم للمعارضة المعتدلة، لأننا نعرف أنه يتعين علينا تقديم المزيد».
وحول مهاجمة فورد سياسات إدارة أوباما تجاه سوريا، قالت هارف: «سمعنا من كثير من الأشخاص، أمثال السفير فورد، أن الوضع معقد بشكل لا يصدق، وليست هناك إجابات سهلة. نحن نبحث باستمرار في طرق زيادة دعمنا (للسوريين) ،ونبحث باستمرار عن طرق لدفع الطرفين للعودة إلى طاولة المفاوضات، كما نبحث عن طرق للمساعدة في مكافحة التهديدات الإرهابية بسوريا».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.