«الموت يسكن قريباً مني» لنحاتة سورية في بيروت

صفاء الست: أردت التعبير عمن يموتون كل يوم ولا يسمع بهم أحد

جانب من المعرض
جانب من المعرض
TT

«الموت يسكن قريباً مني» لنحاتة سورية في بيروت

جانب من المعرض
جانب من المعرض

بأناملها الناعمة تحاور النحاتة السورية صفاء الست الحديد، الذي هو «ليس كما يقال عنه صلبا صعب المراس، فبقليل من الحنان وكثير من الحرارة يصبح مطاوعا لطيفا ومعبرا»، تقول صفاء لـ«الشرق الأوسط» التي التقتها في معرضها الأخير «الموت يسكن قريبا مني» الذي تستضيفه صالة نمر ببيروت.
تحقق صفاء الست قفزة جديدة في مسيرتها الفنية، سواء على صعيد تنويع الخامات التي تستخدمها (حديد ونحاس وريزين وعظام)، أو على صعيد الحمولة الفكرية الصادمة، البعيدة عن المباشرة في الطرح. فمن خلال 45 عملا نحتيا (18 عملا من الحديد والنحاس، و12 عملا من الريزين والحديد، و15 من بقجة حديد وعظم). وثقت صفاء الست وعبر عام كامل من العمل، موت الحياة العادية كأحد أقسى ملامح الحرب في سوريا، والتساقط اليومي للمدنيين «مجهولي الهوية»، جراء الحرب والجوع والحصار والحوادث. هؤلاء الذين يغفل تسجيلهم في قوائم أرقام الضحايا التي تضعها المنظمات الدولية والإنسانية والحقوقية.
الموت انتظارا، كفيل بتحويل الكائنات الحية إلى هياكل عظمية مرمية في العراء، تقول صفاء: «أردت التعبير عن هؤلاء الذين يتحولون إلى أشلاء، ويوضعون في أكياس يطلق عليهم اسم (مجهول الهوية)، عن الذين يموتون كل يوم ولا يسمع بهم أحد، عن الذين يأكلهم الغياب القسري عن كل تلك العذابات، عبر سيرة موت تحاصرنا من كل الجهات».
وعن مشاعرها وهي تعيد تشكيل سيرة الموت السوري تضيف: «لقد عانيت كثيرا من الألم، ولكن في الوقت نفسه فرغت شحنات سلبية كثيرة اختزنت داخلي طيلة سنوات الحرب، بسبب الرعب والخوف والقلق الدائم».
ولعل أكثر الأعمال إيلاما تلك التي تتضمن خمس عشرة قطعة، عبارة عن بقج من شبك معدني فيها عظام علقت على مشجب طويل، وتحمل أرقاما لـ«مجهول الهوية» (من رقم 1 إلى 15)، عمل لا بد أن يحيل إلى صور مآسي الحرب من المختفين قسريا إلى المحاصرين إلى أكياس الأشلاء، إثر كل عملية تفجير وغيرها العديد والعديد من أوجه الموت.
في هذا العمل تكشف صفاء أنها تدخل العظام الحيوانية لأول مرة في أعمالها، وقد استهلك منها ذلك بحث أربعة أشهر للوصول إلى معالجة تحول العظام إلى قطعة فنية قابلة للعرض. تقول: «جربت مختلف أنواع المواد لتنظيف العظام وقتل خلاياها الحية مع الحفاظ على شكلها، إلى أن وجدت حلا شكل لي اكتشافا مثيرا شجعني لاستخدام هذه المادة في موضوعات أخرى». إلا أن عملا كهذا قد لا يحتمل الديمومة نظرا لهشاشة العظم المعالج. وتؤكد صفاء أن «الفكرة هي الأساس»، مبدية اطمئنانها على وصولها لزوار المعرض، مشيرة إلى أنها فوجئت بتفاعل الناس: «أذهلني التأثر الذي ظهر على كثير من رواد المعرض، وهناك من بكى تأثرا»!
صفاء الست التي لا تزال في دمشق تنحت أعمالها في ورشة صغيرة كائنة في سوق النحاسين في دمشق القديمة، لم تهدر وقتا في البحث عن الفكرة، بل جاءتها عبر معاشرة يومية للموت العبثي في سوريا الملتهبة، فكان يكفي أن تقع عيناها على هيكل عظمي لطائر حمام وجد في منزل صديقها الذي عاد لتفقده بعد سفر طويل، كي تبدأ بسرد الحكاية المؤلمة، بداية من طائر حمام ميت صاغته من الحديد والنحاس موثقة لحظة الموت العام، بأعمال نحت تجميعي. ومن دون اللجوء إلى وضع اسكتش أو مخطط مسبق رصدت أشكال موت الجرذ والببغاء والغراب والعصفور والباشق والكلب والغزال والزرافة والجاموس بقرنيه النحاسيين.. والعنزة التي ترفع رأسها بعناد رافضة الزوال رغم تحولها إلى سلة عظام، عنزة لا تشبه عنزة بيكاسو المعدنية الشهيرة التي يكنز في بطنها كثيرا من الحياة. وحدها البقرة عاندت الفنانة ورفضت الاستسلام للموت وظلت تضحك. تقول صفاء إن هذا العمل أعجزها... حاولت بكل جهدها لتظهر البقرة كئيبة قتيلة، إلا أنها ظلت تضحك «فما كان مني إلا أن رفعت ساقها بحركة راقصة، وليكن، فما دامت تصرّ على الضحك إذن، فلترقص».
أما في عمل «مائدة الطعام» المؤلف من 12 عملا نحتيا، تضيف صفاء إلى موادها التي اعتادت العمل بها مادة الريزين في تشكيل مقادم البقر بألوان زاهية، وقد غرست في أعلاها أدوات المطبخ، بطريقة تزاوج بين بهجة المذاق اللذائذي ووحشية القتل، فيتبادر إلى الذهن الدعوة لاعتماد الطعام النباتي، إلا أن صفاء تنفي ذلك لأنها ليست نباتية، وتقول: «أنا آكل اللحم النيئ، بعض ممن زاروا المعرض قالوا إن المعرض يدفعهم ليكونوا نباتيين، لكن ذلك لم يخطر في بالي، كنت معنية بالكشف عن وحشيتنا كبشر. نحن في مطابخنا وحوش! نحن كبشر نذبح ونقتل بالطريقة ذاتها التي نقتل بها الحيوانات لنأكلها».
يمكن القول إن الفنانة السورية صفاء الست سجلت عبر مسيرتها الفنية حضورا متميزا بالنحت المعدني التجميعي، وأجادت في الكشف عن إمكانيات فنية جمالية في الحديد والخردة والنحاس ومعادن أخرى، إذ كان أغلب موضوعاتها ينهل من الكماليات من الحلي والزينة والأحذية، وكل ما يتصل بالبهجة، لكنها في معرضها الأخير تبدو وقد دخلت مرحلة جديدة فرضتها وقائع الحياة اليومية في دمشق تحت النار، فلم تعد تجمع الخردة وتركبها في صياغة تشكيلية لافتة، بل راحت تجتهد كحرفي حدّاد يقص المعادن، ويطوعها لتأتي على مقاس الفكرة، مع عناية بالشغل على كل تفصيل، بروح لوعها الخوف حتى صادقت الموت.



مدينة لهم بالمال... الإعدام لتايلاندية متهمة بقتل 14 من أصدقائها بـ«السيانيد»

الشرطة ألقت القبض على سارات رانجسيوثابورن في بانكوك عام 2023 (إ.ب.أ)
الشرطة ألقت القبض على سارات رانجسيوثابورن في بانكوك عام 2023 (إ.ب.أ)
TT

مدينة لهم بالمال... الإعدام لتايلاندية متهمة بقتل 14 من أصدقائها بـ«السيانيد»

الشرطة ألقت القبض على سارات رانجسيوثابورن في بانكوك عام 2023 (إ.ب.أ)
الشرطة ألقت القبض على سارات رانجسيوثابورن في بانكوك عام 2023 (إ.ب.أ)

حُكم على امرأة في تايلاند بالإعدام، بعدما اتُّهمت بقتل 14 من أصدقائها بمادة السيانيد.

أدانت محكمة في بانكوك سارات رانجسيوثابورن، البالغة من العمر 36 عاماً، بوضع السم في طعام وشراب صديقة ثرية في أثناء رحلة العام الماضي، حسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

رفض أقارب الصديقة قبول وفاتها لأسباب طبيعية، ووجد تشريح الجثة آثاراً لـ«السيانيد» في جسدها. ألقت الشرطة القبض على سارات، مكتشفة وفيات مماثلة أخرى تعود إلى عام 2015. نجا شخص واحد يُزعم أنها استهدفته.

أوضحت الشرطة أن سارات التي أطلق عليها الإعلام التايلاندي اسم «أم سيانيد»، كانت مدمنة على القمار، واستهدفت أصدقاء كانت مدينة لهم بالمال، ثم سرقت مجوهراتهم وممتلكاتهم الثمينة.

وأفادت الشرطة بأن سارات سافرت مع صديقتها سيريبورن خانوونغ (32 عاماً) إلى مقاطعة راتشابوري غرب بانكوك في أبريل (نيسان) 2023؛ حيث شاركتا في طقوس بوذية عند أحد الأنهار.

وقال المحققون إن المرأة انهارت وماتت بعد تناول وجبة مع سارات التي لم تبذل أي جهد لمساعدتها.

وكشفت الشرطة عن أنه تم العثور على آثار «سيانيد» في جسد سيريبورن، وسط فقدان هاتفها وأموالها وحقائبها.

وقالت والدة سيريبورن، ثونجبين كياتشاناسيري، أمام قاعة المحكمة وهي تمسك بصورة لابنتها: «لقد حصلتِ على العدالة يا ابنتي. اليوم، هناك عدالة في هذا العالم».

وأشارت ثونجبين إلى أنها من شدة الغضب لم تستطع تحمّل النظر إلى سارات التي قالت إنها كانت تبتسم في أثناء قراءة الحكم. ودفعت سارات ببراءتها من التهم الموجهة إليها.

والدة سيريبورن خانوونغ تحمل صورة لابنتها في أثناء حديثها إلى وسائل الإعلام (إ.ب.أ)

وحُكم على زوجها السابق، وهو ضابط شرطة سابق، ومحاميها، بالسجن لمدة عام وأربعة أشهر، وسنتين على التوالي، بتهمة إخفاء الأدلة لمساعدتها على التهرب من الملاحقة القضائية. كما دفعا ببراءتهما قبل صدور الحكم.

وسلّم الزوج السابق، فيتون رانجسيوثابورن، نفسه العام الماضي. وقالت الشرطة إنه على الأرجح ساعد سارات في تسميم صديقها السابق، سوثيساك بونكوان.

كما أمرت المحكمة سارات بدفع تعويض إلى عائلة سيريبورن بقيمة مليوني بات (57 ألفاً و667 دولاراً أميركياً).

تتسبّب مادة السيانيد في حرمان خلايا الجسم من الأكسجين، مما قد يؤدي إلى حدوث نوبات قلبية. وتشمل الأعراض المبكرة الدوخة وضيق التنفس والقيء.

كما قد تؤدي إلى ضرر في الرئة والغيبوبة والوفاة في غضون ثوانٍ عند تناولها بكميات كبيرة، ولكن حتى الجرعات الصغيرة قد تكون ضارة للغاية.

يتم تنظيم استخدامها في تايلاند بشكل كبير، ويواجه أولئك الذين يُعثر عليهم وهم يستخدمونها دون تصريح عقوبة بالسجن لمدة عامين.