بلجيكا: مراقبة عمال مطارات يشتبه بارتباطهم بجماعات متطرفة

مهام جديدة لشرطة السكك الحديدية داخل القطارات لمواجهة أي مخاطر إرهابية

جنود من الشرطة البلجيكية في دورية أمنية بمطار بروكسل عقب هجمات العام الماضي (إ.ب.أ)
جنود من الشرطة البلجيكية في دورية أمنية بمطار بروكسل عقب هجمات العام الماضي (إ.ب.أ)
TT

بلجيكا: مراقبة عمال مطارات يشتبه بارتباطهم بجماعات متطرفة

جنود من الشرطة البلجيكية في دورية أمنية بمطار بروكسل عقب هجمات العام الماضي (إ.ب.أ)
جنود من الشرطة البلجيكية في دورية أمنية بمطار بروكسل عقب هجمات العام الماضي (إ.ب.أ)

قالت الحكومة البلجيكية إنها ترغب في إعادة تحديد المهام الموكلة إلى عناصر شرطة السكك الحديدية، ومنها السماح لهم بممارسة عملهم داخل القطارات، وألا يقتصر الأمر فقط على مجرد الوجود داخل المحطات وعلى الأرصفة.
جاء ذلك أثناء رد من وزير الداخلية جان جامبون على استجواب حول مخاوف بشأن استهداف محطات القطارات بهجمات إرهابية.
وجاءت تلك المخاوف على لسان أحد أعضاء البرلمان، وهو فرنك ديون من الحزب الديمقراطي المسيحي الفلاماني، الذي قال: «أخشى أن يؤدي تفكيك بعض البؤر الإرهابية إلى زيادة الجريمة في محطات السكك الحديدية وحولها»، وقال: «مختلف مراكز الشرطة في السكك الحديدية أثبتت فعاليتها بالفعل، خصوصا في المحطات المزدحمة جدا حيث يوجد كثير من الركاب والسياح».
ورد وزير الداخلية جان جامبون بأنه يرغب في إعادة تحديد المهام المسندة إلى شرطة السكك الحديدية. وحسب الوزير، فينبغي أن تعمل هذه الخدمة المتخصصة داخل الشرطة الاتحادية، فقط بداخل القطارات وعلى الأرصفة والمسارات، في حين أن محطات السكك الحديدية هي من اختصاص الشرطة المحلية. وسيرافق هذا التوزيع الجديد للمهام إعادة التنظيم في محطات بروكسل، وأنتويرب، وغنت، لييغ، وسيتم تجديد محطة شارلروا، في حين سيتم الاحتفاظ بمحطات هاسيلت ولوفان وبروج، على سبيل المثال، بصفتها مكاتب فرعية.
يأتي ذلك بعد أيام قليلة من الإعلان في بروكسل، عن إلقاء السلطات البلجيكية القبض على أحد العمال في قسم نقل الحقائب بمطار شارلروا جنوب بلجيكا، بسبب تهديدات إرهابية. وكشفت وسائل الإعلام المحلية مؤخرا عن اعتقال العامل، وأضافت أن القبض على العامل جاء بعد نشره دعوات تحض على قتل عناصر الشرطة وتفجير مراكزها. ووفقا للمصادر الإعلامية، فقد كانت الشرطة تشك في تصرفات العامل وقامت بمراقبة حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وهاتفه الجوال، وتبين لها أنه يعمل على نشر دعوات تحرض على العنف وارتكاب الجريمة، مما أدى إلى إلقاء القبض عليه.
وقالت صحيفة «ستاندارد» اليومية البلجيكية على موقعها الإلكتروني إن الشخص الذي اعتقلته الشرطة كان يعمل لصالح شركة وسيطة توفر العمال والأشخاص الذين يقومون بحمل الحقائب في المطار، وإن هذه الشركة لا تخضع لأي نوع من المساءلة. ونقلت وسائل الإعلام عن مصادر مطلعة ومقربة من الملف أن عمليات المراقبة والتحقيق أثبتت أن الشخص الذي لم يتم الإفصاح عن اسمه أو جنسيته الأصلية كان قد مارس ضغوطا داخل الشركة التي يعمل بها من أجل الدفع باتجاه توظيف أشخاص ينتمون إلى دول شمال أفريقيا، وجرى اكتشاف شخص منهم متورط في أنشطة إجرامية. وقال الإعلام البلجيكي إن السلطات تراقب عددا كبيرا من العمال في مختلف مطارات البلاد على أثر شكوك حول صلاتهم بمجموعات متطرفة.
وكانت بلجيكا قد شهدت هجوما إرهابيا استهدف مطار بروكسل وإحدى محطات القطارات الداخلية في مارس من العام الماضي، وأسفر عن مقتل 32 شخصا وإصابة 300 آخرين، وبعد 4 أسابيع من التفجيرات قالت القناة التلفزيونية الفلامانية «في تي إم» إن نجيم العشراوي، أحد الانتحاريين اللذين نفذا هجوم مطار بروكسل، كان قد عمل لخمس سنوات بهذا المطار. وكان يعمل بموجب عقد عمل مؤقت لصالح شركة نشطة بالموقع، وبالتالي فالرجل كان مطلعا بشكل جيد على الأمن بمطار بروكسل الوطني، حسب قول القناة التلفزيونية. وأشارت القناة إلى أن شرطة المطار عثرت أيضا وقبل وقوع الهجمات بقليل على مكان سري للصلاة. وكان مجهزا في محل لإدارة الأمتعة، بالطابق الأرضي للمبنى. وكان يجتمع فيه أعضاء متطرفون من الموظفين، وليس فقط الحمالون. وبطلب من الشرطة تم إفراغ المكان وإغلاقه. وبحسب المصادر نفسها؛ عمل نجيم العشراوي لمدة 5 سنوات بالمطار حتى أواخر 2012، وذلك بموجب عقد عمل مؤقت مع شركة تعمل بالمطار، غير أنه لا شيء كان يشير في ذلك الوقت إلى أنه كان متطرفا. ومع ذلك، يبدو أن الشرطة قد صنفت بعضا من موظفي المطار على أنهم متطرفون. واستنادا لتحقيقات أجرتها الشرطة، فقد تم التعرف على ما لا يقل عن 50 عاملا، يعملون بالمطار، على أنهم «متطرفون». وتم وضع لائحة بجميع الموظفين المستهدفين، في اليوم التالي للهجمات، من دون معرفة ما إذا كان تم استجوابهم.


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

العالم إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

قضت محكمة إسبانية، الجمعة، بالسجن 10 سنوات على زعيم خلية «إرهابية» نشطت في برشلونة، و8 سنوات على 3 آخرين بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف روسية في المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وذكرت «المحكمة الوطنية» في مدريد، في بيان، أنها أدانت «4 أعضاء في خلية إرهابية متطرفة مقرُّها برشلونة، حدّدوا أهدافاً روسية لتنفيذ هجمات ضدَّها في عاصمة كاتالونيا بشمال شرقي إسبانيا. وأضافت المحكمة، المسؤولة خصيصاً عن قضايا «الإرهاب»، أنها برّأت شخصين آخرين. وجاء، في البيان، أن زعيم الخلية «بدأ تحديد الأهداف المحتملة، ولا سيما المصالح الروسية في عاصمة كاتالونيا، وأنه كان في انتظار الحصول على موادّ حربية». وأوض

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية، الثلاثاء، القبض على سوري، 28 عاماً، في هامبورغ للاشتباه في تخطيطه شن هجوم ارهابي. وأعلن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، والمكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية هامبورغ، ومكتب المدعي العام في الولاية أنه يُشتبه أيضاً في أن شقيق المتهم الذي يصغره بأربع سنوات، ويعيش في مدينة كمبتن ساعده في التخطيط. ووفق البيانات، فقد خطط الشقيقان لشن هجوم على أهداف مدنية بحزام ناسف قاما بصنعه.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
العالم هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

حكمت محكمة هولندية، اليوم (الخميس)، على أربع نساء، أعادتهنّ الحكومة العام الماضي من مخيّم للاجئين في سوريا، بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات بعد إدانتهنّ بتهم تتعلق بالإرهاب. وفي فبراير (شباط) 2022 وصلت خمس نساء و11 طفلاً إلى هولندا، بعدما أعادتهنّ الحكومة من مخيّم «الروج» في شمال شرقي سوريا حيث تُحتجز عائلات مقاتلين. وبُعيد عودتهنّ، مثلت النساء الخمس أمام محكمة في روتردام، وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث وجّهت إليهن تهمة الانضمام إلى مقاتلين في تنظيم «داعش» في ذروة الحرب في سوريا، والتخطيط لأعمال إرهابية. وقالت محكمة روتردام، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ النساء الخمس «قصدن ساحات ل

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بسقوط قتيلين عقب إطلاق نار بمدينة هامبورغ اليوم (الأحد). وأوضحت الصحيفة أنه تم استدعاء الشرطة قبيل منتصف الليل، وهرعت سياراتها إلى موقع الحادث. ولم ترد مزيد من التفاصيل عن هوية مطلق النار ودوافعه.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه، اليوم (الخميس)، تحريك دعوى قضائية ضد شابين إسلاميين بتهمة الإعداد لشن هجوم في ألمانيا باسم تنظيم «داعش». وأوضح الادعاء أنه من المنتظر أن تجري وقائع المحاكمة في المحكمة العليا في هامبورغ وفقاً لقانون الأحداث. وتم القبض على المتهمَين بشكل منفصل في سبتمبر (أيلول) الماضي وأودعا منذ ذلك الحين الحبس الاحتياطي. ويُعْتَقَد أن أحد المتهمين، وهو كوسوفي - ألماني، كان ينوي القيام بهجوم بنفسه، وسأل لهذا الغرض عن سبل صنع عبوة ناسفة عن طريق عضو في فرع التنظيم بأفغانستان. وحسب المحققين، فإن المتهم تخوف بعد ذلك من احتمال إفشال خططه ومن ثم عزم بدلاً من ذلك على مهاج

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟