المغرب: العثماني يخلف ابن كيران على رأس «العدالة والتنمية»

TT

المغرب: العثماني يخلف ابن كيران على رأس «العدالة والتنمية»

انتخب حزب «العدالة والتنمية» المغربي، سعد الدين العثماني الرئيس السابق للمجلس الوطني للحزب، ورئيس الحكومة الحالية، أميناً عاماً للحزب خلفاً لعبد الإله ابن كيران، خلال المؤتمر العام للحزب، الذي عُقد على مدى يومين في المجمع الرياضي «الأمير مولاي عبد الله» في الرباط.
وحصل العثماني على 1006 أصوات مقابل 912 صوتاً لمنافسه إدريس الأزمي الإدريسي، القريب من الزعيم السابق للحزب عبد الإله بن كيران. ورشح أعضاء المجلس الوطني (برلمان الحزب)، أمس، في اليوم الثاني من المؤتمر العام، 8 أسماء لقيادة الحزب في المرحلة المقبلة هم: العثماني، والأزمي الإدريسي، والمصطفى الرميد، وعبد العزيز أفتاتي، وعبد العزيز رباح، وجامع المعتصم، وعبد العزيز عماري، وسليمان العمراني.
واعتذر 6 من القياديين عن الترشح لشغل المنصب، أبرزهم الرميد والرباح، اللذان عارضا بشدة التمديد لابن كيران لولاية ثالثة.وانحصرت المنافسة بين العثماني والأزمي الإدريسي، فتصدر العثماني نتائج التصويت الأولية للمجلسين الوطنيين السابق والجديد، قبل فوزه في التصويت النهائي. وجرى صباح أمس، أيضاً خلال المؤتمر، انتخاب أعضاء المجلس الوطني للحزب الذي يضم في عضويته 160 عضواً.
ومن أبرز الأسماء التي انتُخبت بالمجلس، عبد العزيز أفتاتي، والمقرئ أبو زيد الإدريسي، وبلال التليدي، وآمنة ماء العينين، وهي قيادية دافعت بشدة عن تمكين ابن كيران من ولاية ثالثة، كما انتُخب كل من محمد العربي بلقايد، وعبد الصمد السكال، وعبد الله بووانو، والحبيب الشوباني، وموح الرجدالي، وعبد الصمد حيكر. وقبل ظهور نتائج التصويت أهدى ابن كيران، أمس، تذكاراً إلى الأمين العام الجديد الذي سينتخبه المؤتمر الوطني الثامن للحزب، وهو عبارة عن مصباح زجاجي، الذي يتخذه الحزب رمزاً له، أهداه له بدورة أعضاء الحزب بمدينة طنجة. وقال ابن كيران: «أُهدي هذا التذكار إلى الأمين العام الجديد، لكي يحافظ عليه».
وبانتخاب أمين عام جديد يكون حزب «العدالة والتنمية»، وهو أكبر حزب إسلامي في المغرب، قد طوى مرحلة ابن كيران، زعيمه السياسي الأبرز الذي قاد حزبه إلى انتصارات انتخابية غير مسبوقة، مكّنته من رئاسة الحكومة لولايتين بعد موجة {الربيع العربي}. وتميز بشخصية كاريزمية وخطاب سياسي صريح ومباشر وصدامي أيضاً ابتعد فيه كلياً عن لغة الخشب التي يستعملها السياسيون المغاربة، وبذلك صالح الشارع المغربي مع الشأن السياسي العام حتى أضحى أشهر رئيس حكومة في تاريخ المغرب الحديث.
وخلافاً لشخصية ابن كيران المندفعة، يتميز العثماني بالهدوء ويميل إلى التوافق والتعاون مع الحلفاء السياسيين بدل التصادم، والعثماني أمازيغي من مواليد مدينة إنزكان بإقليم سوس، يوم 16 يناير (كانون الثاني) 1956، وهو طبيب نفساني وفقيه، سبق له أن شغل منصب الأمين العام للحزب لولاية واحدة من 2004 إلى 2008، كما انتُخب رئيساً للمجلس الوطني للحزب منذ 2008، وعُيِّن لفترة قصيرة وزيراً للخارجية في حكومة ابن كيران الأولى.
وكان العثماني، من بين الذين أشرفوا مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي على إعداد ميثاق «الجماعة الإسلامية» باعتباره أحد مؤسسيها إلى جانب ابن كيران ومحمد يتيم، بعد انفصالهم عن منظمة «الشبيبة الإسلامية» في أعقاب تبنيها العنف. ومن ثم تحولت «الجماعة» إلى حركة «الإصلاح والتجديد»، وتضمن الميثاق مجموعة من المراجعات الفكرية للحركة الإسلامية. وانشغل العثماني منذ بداية عقد الثمانينات بالجانب الثقافي والفكري وكان مسؤولاً عن مجلة «الفرقان»، محاولاً تأصيل المفاهيم الجديدة في كيفية التعامل مع الفرقاء السياسيين والدولة والملكية. وألّف العثماني في هذا المجال 3 كتب فقهية.
بعد عام 1987 انشغل العثماني بالمشاركة السياسية للإسلاميين والتأصيل الشرعي لهذه المشاركة. وعندما التحق الإسلاميون، أعضاء حركة «الإصلاح والتجديد»، بحزب الحركة الشعبية الدستورية برئاسة الدكتور عبد الكريم الخطيب، عُيِّن مديراً للحزب، وأشرف على تأمين الإطار السياسي وإنشاء فروع الحزب في كل مناطق المغرب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.