دفن صالح يفجر جدلاً في صنعاء... وشبوة تشيِّع الزوكا

الحوثيون نهبوا منزل «أم الأيتام»

ظلال عناصر عسكرية حوثية لدى تشييع جثامين مقاتلي الجماعة الذين لقوا مصرعهم في اشتباكات مع قوات صالح في صنعاء (رويترز)
ظلال عناصر عسكرية حوثية لدى تشييع جثامين مقاتلي الجماعة الذين لقوا مصرعهم في اشتباكات مع قوات صالح في صنعاء (رويترز)
TT

دفن صالح يفجر جدلاً في صنعاء... وشبوة تشيِّع الزوكا

ظلال عناصر عسكرية حوثية لدى تشييع جثامين مقاتلي الجماعة الذين لقوا مصرعهم في اشتباكات مع قوات صالح في صنعاء (رويترز)
ظلال عناصر عسكرية حوثية لدى تشييع جثامين مقاتلي الجماعة الذين لقوا مصرعهم في اشتباكات مع قوات صالح في صنعاء (رويترز)

أعلنت مصادر إعلامية موالية لميليشيا الحوثي في صنعاء، أمس، دفن جثمان الرئيس السابق علي عبد الله صالح في مسقط رأسه في قرية بيت الأحمر في سنحان جنوب العاصمة، بحضور عدد محدود من أقاربه وقيادات في حزبه (المؤتمر الشعبي).
وتدور شكوك وسط سكان صنعاء بأن الغاية من تسريب خبر دفن صالح هي محاولة الميليشيات قطع الطريق على مطالب أنصار صالح المستمرة بتسليم الجثمان والقيام بدفنه في جنازة شعبية تليق بمكانته في نفوس الآلاف من مؤيديه.
وذكرت المصادر الحوثية، غير الرسمية، أن عملية دفن صالح تمت بحضور نجله مدين، ومحمد محمد صالح، نجل شقيقه، ويحيى الراعي رئيس مجلس النواب، والقيادي الحوثي علي أبو الحاكم، وآخرين لا يتجاوز عددهم 20 شخصاً في ظل إجراءات أمنية مشددة، في حين لم يصدر، حتى لحظة كتابة الخبر، أي تأكيد رسمي من حزب صالح أو أقاربه.
كانت الجماعة قد قمعت قبل أيام مظاهرة نسائية خرجت في شوارع صنعاء للمطالبة بتسليم الجثمان لجهة تشريحه وترتيب جنازة شعبية ورسمية للدفن في المكان الذي كان صالح اختاره في حياته، وهو الحديقة المجاورة لمسجد الصالح الواقع في ميدان السبعين جنوب العاصمة.
ويقول أنصار الرئيس السابق إن الحوثيين يخشون من إجراء جنازة شعبية لصالح، خشية أن تتحول إلى مناسبة لانفجار شعبي في وجه الجماعة الانقلابية التي غدرت بشريكها وقيادات حزبه ليخلو لها التحكم بمصير صنعاء والمحافظات الواقعة خارج سلطة الحكومة الشرعية.
إلى ذلك شيَّع آلاف من أبناء محافظة شبوة، أمس، القيادي البارز في حزب المؤتمر ورفيق صالح في أثناء مقتله عارف الزوكا، وتحرك موكب التشييع المهيب الذي شارك فيه مختلف أطياف المجتمع الشبواني من مدينة عتق وصولاً إلى مكان الدفن في مديرية الصعيد.
وكانت ميليشيا الحوثيين قد سمحت قبل يومين بتسليم جثمان الزوكا وجثمان أحد مرافقيه إلى أقاربهما في صنعاء، والذين قاموا بنقله مروراً بالبيضاء ومأرب إلى مدينة عتق في شبوة، حيث أكد أقاربه تعرضه عن قرب لعدد من الطلقات في أماكن متفرقة من جسده، ما يرجح قيام الميليشيا بتصفيته مع صالح بعد اقتحام منزل الأخير.
وواصلت ميليشيات الحوثي الانقلابية أعمال القمع والتنكيل بحق أنصار الرئيس اليمني السابق علي صالح وأقاربه وعناصر حزب «المؤتمر الشعبي العام»، بالتزامن مع استمرارها في حجب مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري.
وأقدمت الميليشيات في صنعاء، أمس، على اقتحام ونهب منزل رئيسة دار الرحمة لرعاية اليتيمات رقية الحجري، واعتقال ولديها واقتيادهما إلى مكان مجهول، وهي شقيقة إحدى زوجات صالح وابنة رئيس وزراء الأيمن الأسبق عبد الله الحجري وشقيقة السفير السابق لليمن في واشنطن عبد الوهاب الحجري.
مصادر قريبة من عائلة رقية الحجري التي يطلق عليها اليمنيون «أم الأيتام» أفادت لـ«الشرق الأوسط» بأن عشرات المسلحين الحوثيين المدججين بمختلف أنواع الأسلحة اقتحموا أول من أمس (الجمعة)، بوابة منزل رقية الواقع في حي الأصبحي جنوب العاصمة، بسيارة مدرعة دون سابق إنذار كأنهم يداهمون ثكنة عسكرية لا منزلاً عادياً.
وقالت المصادر إن المسلحين اعتقلوا ولدَي رقية، يونس وإلياس، وقاموا بتفتيش المنزل ونهب كل الأشياء الثمينة بما في ذلك الحليّ والهواتف والأجهزة المحمولة، إضافة إلى سيارتين ومبلغ 30 مليون ريال (الدولار يساوي 430 ريالاً) تعود ملكيتها لدار إيواء اليتيمات التي تأسست في 2001، وتقوم برعاية نحو 500 يتيمة في السكن الداخلي وتكفل المئات في أحضان أسرهن.
ووصف ناشطون هذا الفعل الحوثي بأنه «تجاوُز لكل الأخلاق والقيم وإصرار قبيح على ترويع الأبرياء والآمنين وانتهاك حقهم في الحياة»، مناشدين «الضمير الإنساني والدولي، وضع حد لهذه الجرائم التي ترتكبها الميليشيات بحق النساء والرجال على حد سواء».
وفي سياق متصل أفادت مصادر في حزب «المؤتمر» بأن الميليشيات اعتقلت القائد السابق في الحرس الجمهوري مراد العوبلي من بين أفراد أسرته وقامت بتصفيته وإلقاء جثته في «جولة الحثيلي» جنوب صنعاء.
كما أوردت مصادر محلية في بلدة «رصابة» الواقعة بين مدينتي معبر وذمار (70 كلم جنوب صنعاء) أن الميليشيات اقتحمت إحدى القرى في المنطقة وأطلقت النار على السكان وأصابت بعضهم بجروح قبل أن تقتحم مسجد القرية وتقوم بتصفية أحد الموالين للرئيس السابق بدم بارد.
ويقوم مسلحو الجماعة بعمليات اعتقال واقتحام للمنازل في مختلف أحياء صنعاء منذ إعلان مقتل صالح الاثنين الماضي في سياق عمل منهجي للانتقام من أنصار الرئيس السابق وقيادات حزبه والعسكريين المقربين منه.
وفي نقاط التفتيش التي يقيمها مسلحو الحوثي عند مداخل العاصمة وشوارعها يتعرض المارة لعمليات تفتيش تشمل الهواتف المحمولة، وأمس قال شهود إن الجماعة اعتقلت 4 شبان في نقطة الأزرقين شمال صنعاء وجدت في هواتفهم صوراً للرئيس السابق ومحتوى مناهضاً للجماعة.
ويقدر حقوقيون أن الميليشيات الانقلابية الموالية لإيران اعتقلت خلال أسبوع أكثر من 5 آلاف شخص زجت بهم في سجون الأمن القومي والسجن المركزي وسجن الأمن السياسي بتهمة الانتماء إلى حزب صالح. ويقول سكان العاصمة إن مسلحي الجماعة يقومون بنقل المنهوبات الثمينة من أموال وأسلحة ومقتنيات من منازل صالح وأقاربه والقيادات الموالية له على متن شاحنات شوهدت تغادر صنعاء شمالاً يرجَّح أنها باتجاه مخازن وكهوف في محافظة صعدة، حيث معقل الجماعة الرئيس.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
TT

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

تتجه الجماعة الحوثية في اليمن إلى توسيع دائرة مواردها من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيها إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتها، وأنشأت أخيراً آلية جديدة تحت اسم «موارد دعم القضاء»، إلى جانب توجهها لفرض جبايات على صناعة المحتوى الإلكتروني، وعلى عدد من الخدمات العمومية.

وكشفت وثيقة جرى تسريبها عن قرار أصدره القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الانقلابي) بدمج عدد من المؤسسات في السلطة القضائية بوزارة العدل وحقوق الإنسان في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وإعادة تنظيم مهام وأهداف الكيان الجديد، بما في ذلك تولي تحصيل موارد ما سماه «صندوق دعم القضاء».

قرار حوثي بإعادة هيكلة مؤسسات حكومية تضمن الإشارة إلى صندوق موارد لصالح القضاء (إكس)

وبينما لم تعلن الجماعة الحوثية إنشاء هذا الصندوق أو مهامه رسمياً، ترجح مصادر قانونية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء صدور قرار بإنشاء الصندوق دون الإعلان عنه، خصوصاً أن الجماعة تتحفظ على الإعلان عن قراراتها الأخيرة بشأن دمج وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة المختطفة، ومنها هذا القرار الذي جرى تسريب بعض مواده.

وتوقعت المصادر أن يكون قرار إنشاء صندوق بهذا الاسم بوابة لتحصيل جبايات مختلفة من مصادر متعددة، سواء من المؤسسات أو القطاعات الإيرادية، بهدف السيطرة على إيراداتها وضمان دخولها في أرصدة تابعة للجماعة في البنوك، أو من الشركات التجارية والتجار ورجال الأعمال، وحتى من صغار الباعة ومختلف المهن والأعمال.

وذهبت المصادر في توقعاتها إلى أن مثل هذا الصندوق قد يستخدم في ابتزاز التجار ورجال الأعمال والشركات والبيوت التجارية، من قبيل أن عدم مساهمتهم في رفد موارد القضاء قد يتسبب في تعطيل مصالحهم أو معاملاتهم القانونية، وإجراءات التقاضي الخاصة بهم.

وبدأت الجماعة الحوثية منذ أسابيع تقليص الهيكل الإداري للدولة ومؤسساتها في مناطق سيطرتها من خلال عمليات دمج وإلحاق وإلغاء، بهدف مزيد من السيطرة عليها وإزاحة الموظفين فيها من غير الموالين للمشروع الحوثي.

ملاحقة صناعة المحتوى

وذكرت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تدرس منذ عدة أسابيع إنشاء آلية لفرض رسوم على صناعة المحتوى الإلكتروني من خلال فرض جبايات على المواقع الإلكترونية، وعلى صناع المحتوى والمشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفقاً للمصادر فمن المتوقع أن يجري فرض الجبايات تحت اسم ضريبة الدخل، ويجري تحصيلها مقابل ما يتحصل عليه صناع المحتوى ومالكو المواقع الإلكترونية من مبالغ، سواء كانت عائدات من نشاطهم، أو من الإعلانات التي يقدمونها.

مبنى مجلس القضاء الأعلى في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية وتفرض جبايات باسمه (فيسبوك)

وبينت المصادر أن الجماعة تدرس آليات ووسائل فرض هذه الرسوم من خلال تتبع أنشطة صناع المحتوى، ومراقبة المواقع الإلكترونية وما تعرضه من إعلانات على صفحاتها، وتسعى إلى الاستفادة من تجارب عدد من الدول في هذا الشأن.

إلا أن الجماعة تواجه تحدياً كبيراً في تنفيذ نياتها، ويتمثل ذلك في قلة صناع المحتوى اليمنيين، ووجود كثير منهم خارج البلاد، حيث لا تساعد سرعات وأسعار الإنترنت في مناطق سيطرة الجماعة على إتاحة الفرصة لصناعة محتوى يدر مداخيل كبيرة.

كما أن غالبية مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن لا يحصلون على إيرادات كبيرة، ويكتفي أغلبهم بالحصول على هدايا من الجهات التي يقدمون لها خدمات إعلانية.

ومنذ قرابة شهر ونصف الشهر أخطرت وزارة إعلام الجماعة الحوثية ملاك المواقع الإخبارية ومحركات البحث، بتقديم تخفيضات بنسبة 70 في المائة على رسوم الحصول على تراخيص مزاولة النشاط، ولمدة لا تتجاوز الشهرين، مهددة بإجراءات عقابية على من يتخلف عن السداد والحصول على التراخيص.

جبايات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على نتائج اختبارات النصف الأول من العام الحالي (إعلام حوثي)

ومن المتوقع أن تبدأ الجماعة فرض إجراءات عقابية بحق المواقع الإلكترونية، مثل الحجب، واقتحام المكاتب، ومصادرة الأجهزة والمعدات، ضد كل من تخلف عن الحصول على تلك التراخيص.

وأخيراً فرضت الجماعة الانقلابية رسوماً على نتائج اختبارات طلبة المدارس للنصف الأول من العام الدراسي الحالي في مناطق سيطرتها.

وذكر أولياء أمور الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرسوم التي فرضتها الجماعة الحوثية مقابل الحصول على النتائج تراوحت بين أقل من نصف دولار إلى أكثر من دولار (بين 300 و600 ريال، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً)، وجرى تحصيلها من دون سندات.

واستنكر أولياء الأمور هذه الجبايات الجديدة، التي تضاف إلى ما يجري فرضه عليهم وعلى أبنائهم من رسوم منذ بداية العام الدراسي، والتي ضاعفت من الأعباء المفروضة عليهم، خصوصاً مع توقف الرواتب، وغلاء الأسعار، وتردي أحوالهم المعيشية.