جولات تبدأ بالسكّر وتنتهي بالجبنة في أرقى أحياء لندن

«سويت توث تورز» للذين يذوبون أمام الشوكولاته

خلال إحدى الجولات مع الطاهية لين ستارجس
خلال إحدى الجولات مع الطاهية لين ستارجس
TT

جولات تبدأ بالسكّر وتنتهي بالجبنة في أرقى أحياء لندن

خلال إحدى الجولات مع الطاهية لين ستارجس
خلال إحدى الجولات مع الطاهية لين ستارجس

في لندن لا يخلو شارع من محل لبيع السكريات والشوكولاته والقهوة، والإقبال على هذا النوع من المحلات عال جدا لا سيما من الزوار الوافدين من منطقتنا العربية الذين يذوبون أمام رائحة الشوكولاته وحبوب القهوة وهي في مرحلة التحميص، وقطع «الماكارون» الملونة الأنيقة. ولا تكتمل أي جلسة إلا بتناول قطعة من «أصفهان»، النكهة الأكثر مبيعاً في متاجر «بيير هيرميه» الفرنسية المنتشرة حول العالم.
فإذا كنتم من محبي الشوكولاته يسرني إعلامكم بأنه من الممكن أن تزوروا بعضا من أهم المتاجر في لندن في ساعتين فقط تتذوقون خلالها ألذ أنواع الشوكولاته الساخنة والقهوة وقطع الشوكولاته بالملح والكراميل والفاكهة، وتعلم طريقة تحضير البوظة الإيطالية الـ«آيس كريم» والخضوع لفحص يعرفك على مكونات الماكارون لتنتهي الرحلة في واحد من أهم متاجر بيع الأجبان المحلية والعالمية في واحد من أرقى أحياء لندن.
اللقاء كان أمام محطة سلون سكوير القريبة من منطقة نايتسبريدج الشهيرة بوسط لندن، حيث كانت بانتظارنا طاهية الحلوى المتخصصة أميركية الأصل لين ستارتجس التي بدأت عملها كدليل خاص لأهم متاجر الحلوى من خلال تأسيسها شركة خاصة بها أطلقت عليها اسم «سويت توث تورز» Sweet Tooth Tours تقوم من خلالها بتنظيم جولات في مناطق توجد بها أهم متاجر الحلوى، وتستمر الجولة على مدى ساعتين أو ساعتين ونصف الساعة، ويمكن حجزها لستة أشخاص يتذوقون خلالها ألذ أنواع الحلوى.
في جولتنا اختارت ستارجيس شارع «إيبري» في منطقة بلغريفيا الجميلة، وكانت محطتنا الأولى في متجر «آر شوكولات» R Chocolate، وبعد تناول كوب من الشوكولاته اللذيذة الساخنة وتعريف سريع من دليلنا بحبوب الكاكاو وزراعتها والأماكن الأشهر التي توجد بها، مستعينة بلوحها الإلكتروني لرؤية مراحل زراعة وقطف حبوب الكاكاو إلى أن تصبح إلى ما هي عليه في المتجر، يكون قد جاء وقت تذوق بعض قطع الشوكولاته التي يشتهر بها المتجر، فتذوقنا الشوكولاته مع الملح والشوكولاته الداكنة مع الكاراميل. (وهنا أشير إلى أن سعر الجولة يشمل ثمن تذوق الحلوى ولكن لا تبالغوا في أكلها في المتجر الأول لكي تتمكنوا من تذوق المزيد في المحطات التالية). بعد مشي على مسافة قصيرة وصلنا إلى متجر البوظة الإيطالية «أوليفو جيلو» Olivo Gelo الذي يصنع الآيس كريم على الطريقة الإيطالية التقليدية مع استخدام الفاكهة الطازجة بدلا من النكهات الصناعية ومستحضرات تلوين الأكل، والجولة في المتجر مفيدة جدا لأنها لا تقتصر فقط على تذوق الآيس كريم وإنما تخولك زيارة المطبخ للتعرف على مراحل تصنيع الآيس كريم الذي يرتكز كله في البداية على نكهة الحليب ومن ثم تضاف إليه نكهات الفاكهة، أما نكهة الفستق فهي الوحيدة التي لا تعتمد على خلاصة الحليب كقاعدة أساسية للخامة الرئيسية.
وبعدها يكون قد حان وقت تذوق ما يحلو لك من نكهات غريبة عجيبة وفريدة مثل نكهة الزعفران.
المحطة التالية كانت في متجر «بيغي بورسكين» Peggy Porschen الشهير بديكوره الرائع بلونه الوردي عند تقاطع طريقين وهو من أكثر الأماكن التي يقصدها العرب في لندن لتناول القهوة والشاي والحلوى.
وتابعنا مشوارنا بعدها لنصل إلى متجر بيير هيرمي Pierre Herme الفرنسي المعروف ببيعه ألذ وأرقى أنواع الماكارون في العالم، وعندما تصل يقدم لك العامل في المتجر، عصبة للعين تحمل اسم المتجر، ويقدم إليك قطعة من الماكارون لكي تتذوقها من دون التمكن من رؤيتها لكي تعرف مكوناتها الثلاث الرئيسية.
وبما أن نكهة «أصفهان» هي الأكثر مبيعاً فكان من السهل التعرف على نكهتها المميزة التي تدخل فيها فاكهة الـ«لايتشي» الآسيوية وماء الزهر.
وبعد ساعتين من المشي المتقطع مع محطات ملؤها السكر يكون قد حان وقت تغيير الذائقة من الحلو إلى المالح وأفضل عنوان لذلك هو متجر «ذا فاين تشيز كومباني» The Fine Cheese Company ليكون بانتظارك لوك مع تشكيلة من ألذ أصناف الأجبان اللذيذة، التي بدأناها بأجبان من مزارع بريطانية، والطريف هو أن كل نوع جبنة يحمل اسم فتاة مثل «رايتشل».. وردا على سؤالنا عن السبب أخبرنا لوك بأن صاحب المزرعة يطلق الأسماء على أنواع أجبانه إحياء لذكرى علاقاته مع صديقاته السابقات. وهذا المكان جميل جدا وفيه حديقة خارجية يمكنك الجلوس فيها لتناول المأكولات الخفيفة التي تحوي على الجبن في غالبيتها.
تتعلم الكثير خلال هذه الجولة الحلوة كما يحصل كل مشترك على خصم 10 في المائة إذا ما أراد شراء أي منتج من المتاجر المذكورة.
فكرة الجولة جميلة جدا يمكن تقديمها كهدية، وتكلفة الشخص 48 جنيها إسترلينيا ويمكن التفنن بالجولة لتتناسب مع ما تفضله المجموعة، ومن الممكن أيضاً بأن تنظم هذه الجولات للصغار للاحتفال بأعياد ميلادهم مع أصدقائهم.
حاليا تنظم لين ستارجس جولاتها في محيط منطقة بلغريفيا، ومن المنتظر بأن تبدأ جولات جديدة في منطقة سوهو مطلع العام المقبل.
إضافة إلى تنظيم هذه الجولات تقوم ستارجس بتعليم طريقة تحضير كعك السكونز الذي يتناوله الإنجليز مع الشاي بعد الظهر.
الجولات الحالية تعتمد على المشي، ولكن من الممكن القيام بنفس الجولة على متن سيارة رولز رويس بعد الشراكة التي أقيمت ما بين الشركتين، وهذه الجولة مع سائق ويتم خلالها اختيار عناوين راقية جدا في العاصمة، كما تنظم لين جولات مماثلة إلى كل من باريس وأمستردام ونيويورك.


مقالات ذات صلة

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».