لافروف: «جنيف» انتعشت بفضل مساري آستانة وسوتشي

أكد أن لا خطط للتعاون مع الأميركيين في إدلب

TT

لافروف: «جنيف» انتعشت بفضل مساري آستانة وسوتشي

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مواصلة التحضيرات لمؤتمر الحوار السوري في سوتشي، وقال إن عملية المفاوضات في جنيف تم إنعاشها بعد انطلاق مسار آستانة، وشدد على ضرورة انخراط الطرفين، المعارضة والنظام، في مفاوضات مباشرة، وتجاهل مقاطعة دمشق للمفاوضات، بينما انتقد وفد المعارضة واتهمه بفرض شروط مسبقة، وأشار إلى تعاون مع الولايات المتحدة في سوريا، لكن ليس في إدلب، التي وصف الوضع فيها بالمعقد. ومن فيينا، حيث شارك في اجتماع وزراء خارجية دول منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أكد لافروف أمس «بالنسبة للحرب المشتركة ضد (داعش)، بالفعل تم إلحاق هزيمة تامة ونهائية بالتنظيم في سوريا»، وأشار إلى بقاء بعض البؤر «لكنها لا تشكل تهديداً جدياً وسيتم القضاء عليها».
وتوقف وزير الخارجية الروسي عند الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب واحتمال تعاون روسي - أميركي هناك، وقال في هذا الشأن إن «الوضع في إدلب ما زال غير سهل»، وأوضح «نعمل مع الزملاء الأتراك بالدرجة الأولى، وكذلك الإيرانيين والسوريين، ونقوم بعمل لنتمكن من إطلاق منطقة خفض التصعيد هذه بأقصى درجات الفعالية»، وأضاف: «لا توجد لدينا أي خطط للتعاون مع الولايات المتحدة في هذه المنطقة المحددة من سوريا، وأعتقد أن هذا (التعاون مع الأميركيين في إدلب) غير بناء على الإطلاق». وكان لافروف أجرى محادثات في فيينا مساء أول من أمس مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، قال إنه أطلعه خلالها على التحضيرات الجارية لمؤتمر الحوار السوري «الذي سنحاول في إطاره المساعدة على إطلاق إصلاحات دستورية، ومناقشة الانتخابات برقابة الأمم المتحدة». وبالنسبة لعملية جنيف، أحل لافروف الفضل في إنعاشها واستئنافها لجهود الدول الضامنة، وقال: بحثنا (مع تيلرسون) العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة، التي تم إنعاشها في حينه، بعد بداية عملية آستانة، وكذلك التي نشطت في الآونة الأخيرة نتيجة المبادرات خلال القمة الثلاثية الروسية - التركية - الإيرانية في سوتشي»، في إشارة منه إلى الدعوة الروسية لعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري. وأكد بعد ذلك ترحيب روسيا باستئناف المفاوضات في جنيف، وقال: «عبرنا عن قناعتنا بأنه على الحكومة والمعارضة المشاركة في تلك المفاوضات دون أي شروط مسبقة»، واتهم «بعض المعارضين» بالتمسك بمواقف تتعارض مع التزاماتهم الذاتية، وطرح شروط مسبقة، لافتاً إلى توافق أميركي - روسي حول أهمية انخراط الجانبين السوريين في مفاوضات مباشرة.
ويصل وفد النظام السوري إلى جنيف غداً للمشاركة في المرحلة الثانية من الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف. وكان الوفد تخلف كذلك عن هذه الجولة في مرحلتها الأولى، وأعلن في ختام مشاركته أن «الجولة الحالية انتهت بالنسبة لنا». واتهم وفد المعارضة بتبني خطاب استفزازي وطرح شروط مسبقة، نظراً لأن البيان الصادر عن مؤتمر المعارضة الثاني في الرياض يتضمن تأكيداً على ضرورة رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية. وفي تعليقه على تلك الذرائع، قال المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا: «ما زلنا متمسكين بموقفنا الصلب وهو: لا يجب على أي من الأطراف استخدام تصريحات الطرف الآخر باعتبارها شروطاً مسبقة»، وأضاف: «انطلاقاً من وجهة النظر هذه فسرنا بيان (الرياض - 2)، وكذلك فعل الجزء الأكبر من المجتمع الدولي» في إشارة منه إلى أن ما جاء في البيان هو تصريحات، وشدد على أن الأساس للمفاوضات يبقى القرار 2254. وقال إنه في غضون ذلك يمكن أن يكون لكل طرف وجهة نظره الخاصة، وأن يتمسك بمواقفه المتشددة.
إلى ذلك عبَّر السفير الإسرائيلي في موسكو عن قلق بلاده إزاء بقاء القوات الإيرانية في سوريا. وقال في حديث لوكالة «ريا نوفوستي»، إن إسرائيل تشعر ببالغ القلق على ضوء الإعلان عن انتهاء الحرب ضد الإرهاب في سوريا، وأضاف: «أمس أعلنت موسكو أن الحرب ضد (داعش) انتهت، ولهذا يفرض نفسه سؤال: بما أن الحرب انتهت ضد الإرهاب، فما الذي تفعله إيران في سوريا؟»، وشدد على ضرورة أن تنهي القوات الإيرانية عملياتها هناك، مؤكداً أن حديثاً هاتفياً بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس بوتين قد يجري في أي وقت على ضوء هذا الوضع.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.