عبد الله دوكوري... الصبر والمعاناة صنعا منه نجماً

مسيرة اللاعب الفرنسي كانت مليئة بالصعاب والعقبات حتى بات عنصراً أساسياً في واتفورد

TT

عبد الله دوكوري... الصبر والمعاناة صنعا منه نجماً

يقدم نادي واتفورد أداء رائعا جعله إحدى أبرز مفاجآت الموسم الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز، ويعود الفضل في ذلك بصورة جزئية إلى التألق اللافت للاعب خط الوسط الفرنسي عبد الله دوكوري، الذي نجح أخيرا في إظهار قدراته وإمكاناته الكبيرة. ويتميز دوكوري باللياقة البدنية الكبيرة والقدرة على الاستحواذ على الكرة وتمريرها بشكل رائع، فضلا عن قدرته على تسجيل الأهداف، والمساهمة في إحرازها مع فريقه في الموسم الحالي. وقد واجه اللاعب الفرنسي الكثير من العقبات التي أخرت حصوله على فرصة مناسبة لإظهار قدراته الفنية.
يقول دوكوري: «لم أستسلم مطلقا، وكنت أعرف دائما كيف أكون صبورا»، مشيرا إلى أنه تعرض لإصابة خطيرة في نفس الركبة مرتين كما واجه وضعا معقدا كان سيجبره على الرحيل عن واتفورد حتى قبل أن يلعب أي مباراة مع الفريق، لولا تأخر أوراق انتقاله لمدة 33 ثانية فقط. يقول دوكوري: «كوني ثاني أصغر ثمانية أشقاء ساعدني كثيرا، إذ كان يتعين علي دائما أن أنتظر دوري، حتى لو كان للذهاب للعب (البلاي ستيشن). وكان يتعين عليك أن تضمن أنك ستستغل الفرصة جيدا عندما تأتي. وينطبق نفس الأمر على كرة القدم».
وفي عام 2010، وصف دوكوري بأنه أحد النجوم الصاعدة بقوة في عالم كرة القدم الأوروبية، رغم أنه كان قد فشل قبل ثلاث سنوات في الالتحاق بأكاديمية كليرفونتين الفرنسية المرموقة. يقول دوكوري: «كان ذلك الأمر محبطا للغاية، لأنها أكاديمية أسطورية وكنت أحلم بالانضمام لها، لكن ذلك جعلني أكثر إصرارا على الالتحاق بأحد الأندية». ويتميز دوكوري بقدرته على الحديث بلباقة كبيرة. يقول مدرس التربية الرياضية السابق لدوكوري، مايكل بيلين، إن شخصية دوكوري تتسم بالتصميم والإرادة، وهو ما يعد نقطة قوة كبيرة لديه. وعندما كان دوكوري يبلغ من العمر 12 عاما انتخبه زملاؤه كأحد مستشاري المدرسة على المستوى المحلي، واستخدم منصبه للضغط على الحكومة المحلية لبناء مرافق كرة القدم مناسبة غرب العاصمة الفرنسية باريس، حيث نشأ مع والديه اللذين يعود أصلهما إلى مالي.
لم يتمكن دوكوري من الانضمام لأي ناد حتى كان عمره 11 عاما، وعن ذلك يقول: «لكي أذهب إلى النادي الوحيد الموجود في المنطقة التي كنت أعيش بها كان يتعين علي عبور طريق مزدحم للغاية، ولم تكن والدتي ترغب في ذلك. ولم توافق على ذلك إلا عندما ذهب إليها سكان آخرون وقالوا لها: (يجب عليك أن تسمحي له بالذهاب، فالأشياء أكثر تنظيما هناك، وسيكون قادرا على النجاح)». وبالإضافة إلى عمله في مجال التعليم، كان بيلين يعمل كشافا لنادي رين ورشح دوكوري للانضمام للنادي. انضم دوكوري إلى نادي رين وقدم أداء رائعا أهله للانضمام لصفوف المنتخب الفرنسي في مراحل عمرية مختلفة. وفي عام 2010، صنع هدفا لبول بوغبا لاعب خط وسط مانشستر يونايتد حاليا في المباراة التي خسرتها فرنسا بهدفين مقابل هدف وحيد في الدور نصف النهائي لكأس الأمم الأوروبية تحت 17 عاما أمام المنتخب الإنجليزي، الذي كان خط وسطه يضم ناثانيل تشالوبا، الذي يلعب إلى جوار دوكوري الآن في واتفورد.
يقول دوكوري: «كان هذا أول شيء تحدثنا عنه عندما التقينا هنا مرة أخرى. أتذكر أنني كنت معجبا للغاية بأدائه وأداء بعض لاعبي المنتخب الإنجليزي آنذاك، مثل مهاجم كريستال بالاس حاليا كونور ويكهام، الذي سجل هدفي المنتخب الإنجليزي في تلك المباراة. لقد كانت مباراة جيدة ووقتا ممتعا لأن المنتخبين الفرنسي والإنجليزي كانا يقيمان في نفس الفندق، وبعد ذلك لعبنا تنس الطاولة سويا. أتذكر أنني دخلت في حوار مع المهاجم الإنجليزي ذي الأصل الكونغولي الذي يلعب لفريق بورنموث حاليا بينيك أفوبي، على وجه التحديد، لأن بول بوغبا كان يعرفه وكان يجيد الحديث باللغة الفرنسية».
وبعد وقت قصير من تلك المسابقة، تعرض دوكوري لأول إصابة خطيرة وكانت عبارة عن قطع في الرباط الصليبي للركبة اليسرى. يقول دوكوري عن ذلك: «قلت لنفسي إنه لا يوجد أي شيء سيمنعني من استكمال مسيرتي الكروية، لكنه في الحقيقة كان وقتا صعبا للغاية، خاصة أنني لم أكن قد أصبحت لاعبا محترفا بعد. لكن نادي رين كان يثق في قدراتي ووقع عقدا جديدا معي رغم أنني كنت مصابا، وأعتقد أنني قد رددت الدين للنادي في السنوات التالية». وأخيرا، شارك دوكوري في أول مباراة له مع الفريق الأول لنادي رين عام 2013 وترك بصمة واضحة وأحرز هدفا في تلك المباراة. لكن في وقت لاحق من هذا العام، تعرض لنفس الإصابة مرة أخرى، ليخرج من تشكيلة المنتخب الفرنسي المشاركة في نهائيات كأس العالم تحت 20 عاما، وهي البطولة التي نجح المنتخب الفرنسي في الحصول عليها.
يقول دوكوري: «كان الغياب عن تلك البطولة ضربة قوية للغاية بالنسبة لي، لكنني قلت لنفسي مرة أخرى: الطريقة الوحيدة لتعويض ذلك هي التألق مع الفريق الأول لنادي رين». وخلال فترة تعافيه من الإصابة، حصل دوكوري على دعم كبير من ابن عمه لادجي دوكوري، بطل العالم السابق في سباق 110 أمتار حواجز. يقول دوكوري: «لم نكن نعرف بعضنا البعض جيدا عندما كنا صغارا، لأنه كان يعيش في مكان بعيد عن المكان الذي كنت أعيش به، لكننا بدأنا نعرف بعضنا البعض بصورة أفضل بعد ذلك، وساعدني كثيرا لأنه كان قد تعرض لإصابات خطيرة قبل ذلك. لقد طالبني بأن أحافظ على تركيزي وأن أعمل بجدية كبيرة وألا أكون أنانيا. ومن بين الأسباب التي جعلتني أريد أن أكون لاعب كرة قدم هو أن أساعد عائلتي وأصدقائي من الناحية المالية، وكان هذا أحد الأسباب أيضا التي أمدتني بالقوة من أجل الاستمرار رغم الصعوبات التي واجهتها».
وأضاف دوكوري: «كان الشيء الجيد يتمثل في أنني كنت أعرف على الأقل أنني قادر على العودة لأنني قد فعلت ذلك بالفعل من قبل بعد تعرض للإصابة الأولى. لكن هذه التجربة جعلتني أفكر بصورة أفضل وتعلمت أن أعتني بنفسي كثيرا وأن أكون أكثر قوة وأن أبني عضلاتي بصورة أفضل. وما زلت أعمل على ذلك كل يوم في صالة الألعاب الرياضية. يتعين عليك أن تعرف إمكاناتك البدنية جيدا، وهو ما يعني أيضا أنه يجب عليك أن تعرف متى تحصل على قسط من الراحة. في بعض الأحيان، يتعامل المدير الفني مع الأمر ويمنحني راحة لمدة يوم حتى أعود بصورة أفضل بعد ذلك».
وسرعان ما استعاد دوكوري مستواه القوي بعد العودة من الإصابة وجذب أنظار نادي واتفورد، الذي حاول الحصول على خدماته في صيف 2015، رفض دوكوري ذلك العرض لأن زوجته كانت حاملا ولم يكن يرغب في الانتقال. لكن واتفورد أعاد المحاولة مرة أخرى بعد ستة أشهر ووافق رين على عرض بقيمة ثمانية ملايين جنيه إسترليني. وانتقل دوكوري على الفور إلى نادي غرناطة الإسباني على سبيل الإعارة. يقول دوكوري: «لم أكن أتوقع ذلك، لكنهم قالوا لي: لدينا عدد كبير من لاعبي خط الوسط هنا ويجب عليك أن تذهب لتساعد غرناطة على تجنب الهبوط. وبالفعل قمت بذلك، كما أن اللعب في إسبانيا قد ساعدني على أن أصبح أفضل من الناحية الفنية، لأن كرة القدم هناك تتسم بالسرعة والقوة واللعب من لمسة واحدة، حتى في التدريبات».
ويضيف: «لكن الدوري الإنجليزي أكثر إثارة ويعتمد على الناحية الهجومية بصورة أكبر، وهذا هو المكان الذي كنت أرغب دائما في اللعب به، لأنني رأيت لاعبين مثل لاعب خد وسط مانشستر سيتي الإيفواري يايا توريه ولاعب خط وسط آرسنال السابق أبو ديابي يتألقون هنا، وهم من نوعية لاعبي خط الوسط الذين أريد أن أكون مثلهم، من حيث الركض بالكرة في المساحات الخالية. لعبت بشكل جيد في إسبانيا، وكنت أعتقد أنني سأدخل التشكيلة الأساسية لنادي واتفورد بشكل أسرع مما حدث بالفعل لدى عودتي. لكن اتضح أن المدير الفني للفريق آنذاك الإيطالي والتر ماتزاري لم يكن يثق في قدراتي. وكنت أتساءل في بعض الأحيان عن السبب الذي جعل النادي يتعاقد معي من الأساس! في فرنسا من الصعب أن تفهم أن يقوم أحد الأندية بإنفاق ملايين الجنيهات على شراء لاعب ثم لا يشركه في المباريات، لكن في إنجلترا قد لا يشركون اللاعب في المباريات ولا يندمون على ذلك لأنهم يملكون الكثير من الأموال».
وفي اليوم الأخير من فترة الانتقالات الصيفية لعام 2016، بعد مشاركة وحيدة في التشكيلة الأساسية لواتفورد وكان ذلك في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة أمام غيلينغهام، كان دوكوري على متن طائرة خاصة في مطار لوتون في طريقه إلى نادي لوريان الفرنسي للعب على سبيل الإعارة. لكن الرحلة ألغيت بعدما وصلت أوراق الصفقة إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بعد 33 ثانية فقط من انتهاء فترة الانتقالات الصيفية. لذلك، استمر دوكوري في انتظار الحصول على فرصة من أجل إثبات قدراته مع نادي واتفورد. وحصل دوكوري على تلك الفرصة بعد أربعة أشهر بسبب الإصابات التي عصفت بالفريق.
شارك دوكوري في أول مباراة له مع واتفورد في الدوري الإنجليزي الممتاز أمام توتنهام هوتسبير في يوم رأس السنة الجديدة عام 2017، وكان ذلك يتزامن مع عيد ميلاده الرابع والعشرين. خسر واتفورد هذه المباراة بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، لكن دوكوري قدم أداء لافتا للأنظار ونجح في حجز مكانه في التشكيلة الأساسية بعد ذلك، وأصبح يلعب دورا محوريا في الفريق بعد رحيل المدير الفني السابق ماتزاري والتعاقد مع ماركو سيلفا خلال الصيف الجاري لقيادة الفريق. يقول دوكوري، الذي يؤمن بأن سيلفا والكثير من لاعبي فريق واتفورد قادرون على تحقيق نتائج عظيمة: «أخبرني فور توليه مسؤولية الفريق بأنه يتوقع أن أكون لاعبا مهما للغاية في طريقة لعبه».
وأضاف: «إنه طموح مثل بعض اللاعبين هنا والذين أعتقد أنهم سينتقلون إلى أندية أكبر يوما ما. إنه يهتم بأدق التفاصيل وقريب للغاية من اللاعبين، ويعتمد على المنافسة من أجل أن يبذل الجميع قصارى جهدهم ويقدمون أفضل ما لديهم، في الوقت الذي يحافظ فيه على العمل الجماعي بين الفريق. بالنسبة لي، نصحني فيما يتعلق بالتمركز داخل الملعب وكيفية اتخاذ القرارات بصورة أفضل. العمل معه ممتع للغاية، ويشرح لنا كثيرا عبر الفيديو كيف نلعب كفريق أو حتى بصورة فردية. وبالنسبة لي، كان يركز معي على الأشياء الجيدة التي أقوم بها وكذلك على الأخطاء التي أرتكبها حتى أتجنبها في المستقبل. لقد يساعدني حقا على تطوير قدراتي».
وكان سيلفا رفض الشهر الماضي الإفصاح عن طبيعة مستقبله مع واتفورد. وزعمت تقارير في وسائل إعلام بريطانية أن إيفرتون لا يزال يسعى لتولي سيلفا المسؤولية خلفا لرونالد كومان في غوديسون بارك. ورفض واتفورد بالفعل عرضا من إيفرتون في هذا الصدد. وقال متحدث باسم واتفورد لشبكة سكاي سبورتس آنذاك: «لن نؤيد أي مفاتحة للتعاقد مع مدربنا سواء من إيفرتون أو من أي فريق آخر سواء ينافس في الدوري الإنجليزي الممتاز أو في الخارج».
وعند سؤاله عن مدى التزامه بالبقاء مع واتفورد عقب الأداء الذي دفع فريقه للتقدم للمركز الثامن في الدوري الممتاز، رد سيلفا بإجابات غامضة.
وقال سيلفا في مقابلة مع محطة سكاي سبورتس: «ليس لدينا أي مصدر للإلهاء. نعرف ما يجب أن نقوم به. قمنا بعمل رائع حتى الآن وبذل اللاعبون أقصى الجهد كما أدوا بشكل جيد حقا ونحن نستحق الوجد في هذا المركز بل أعلى منه».
وأضاف: «مستقبلي هو هذا الموسم. سنواصل الاستعداد. وضعنا خطط الحصص التدريبية الجديدة بالفعل. هذا هو مستقبلي». وتابع: «أفهم الأسئلة جيدا لكن هناك بعض الأشياء التي لا يمكن التحكم فيها. أدرك ما بيدي حاليا وهو الموسم الحالي. اللاعبون يدركون مدى التزامي وهناك أمور في كرة القدم لا يمكن التحكم بها وأي شيء قد يحدث».


مقالات ذات صلة

نقاش مع صديق حول «بطاقة صفراء» يُخضع الحكم الإنجليزي كوت للتحقيق

رياضة عالمية الحكم الإنجليزي ديفيد كوت خلال مباراة بين ليفربول وأستون فيلا (أ.ب)

نقاش مع صديق حول «بطاقة صفراء» يُخضع الحكم الإنجليزي كوت للتحقيق

يخضع ديفيد كوت، الحكم الموقوف عن التحكيم في الدوري الإنجليزي الممتاز، للتحقيق، من قبل الاتحاد الإنجليزي، بعد مزاعم بأنه ناقش إشهار بطاقة صفراء مع صديق له.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ساوثغيت (أ.ب)

ساوثغيت: لن أقصر خياراتي المستقبلية على العودة إلى التدريب

يقول غاريث ساوثغيت إنه «لا يقصر خياراته المستقبلية» على العودة إلى تدريب كرة القدم فقط.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية محمد صلاح (أ.ف.ب)

هل انتهت قصة الحب المتبادل بين صلاح وليفربول؟

استأثرت العروض الرائعة التي يقدمها محمد صلاح على أرضية الملعب وتصريحاته النارية بشأن مستقبله في صفوف ليفربول حيث ينتهي عقده بنهاية الموسم بالأضواء

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم (رويترز)

اتحاد الكرة الإنجليزي يسعى لزيادة نسبة الخلفيات العرقية لمدربي إنجلترا

يسعى الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم إلى أن تكون 30% من طواقم تدريب منتخبات إنجلترا للرجال من خلفيات عرقية متنوعة بحلول عام 2028.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أرنه سلوت (أ.ب)

حارس ليفربول القديم يتألق رغم المستقبل المجهول

استهل الهولندي أرنه سلوت مهامه مدرباً لليفربول الإنجليزي بطريقة شبه مثالية حتى الآن على الصعيدين المحلي والقاري.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».