الخوخة في قبضة الجيش اليمني... والميليشيات تعزز مسلحيها في صنعاء

هادي يشيد بالانتصارات وبن دغر يأمر باستقبال الفارين من القمع الحوثي

دبابة تابعة للجيش اليمني على جبهة الغريميل حيث سيطرة الحكومة على تبة «حرشة الراكة» (سبأ)
دبابة تابعة للجيش اليمني على جبهة الغريميل حيث سيطرة الحكومة على تبة «حرشة الراكة» (سبأ)
TT

الخوخة في قبضة الجيش اليمني... والميليشيات تعزز مسلحيها في صنعاء

دبابة تابعة للجيش اليمني على جبهة الغريميل حيث سيطرة الحكومة على تبة «حرشة الراكة» (سبأ)
دبابة تابعة للجيش اليمني على جبهة الغريميل حيث سيطرة الحكومة على تبة «حرشة الراكة» (سبأ)

حققت قوات الجيش الوطني اليمني المدعومة من قوات التحالف العربي، أمس، نصراً استراتيجياً في الجبهة الساحلية الغربية، غداة إطلاقها عملية عسكرية جديدة لاستعادة محافظة الحديدة ومينائها من قبضة ميليشيات الحوثيين الانقلابية، وذلك في سياق المواجهة الشاملة التي تقودها الحكومة الشرعية على مختلف الجبهات لتحرير اليمن من قبضة الجماعة العملية لإيران.
وأكدت القوات الحكومية، أمس، سيطرتها الكاملة على مدينة الخوخة الساحلية، وهي أولى المناطق التابعة لمحافظة الحديدة، وقالت إنها تمكنت من استعادة معسكر «أبي موسى الأشعري» بعد مواجهات مع الميليشيات الحوثية التي كانت تسيطر عليه.
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» العميد عبده مجلي المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني أن قوات الشرعية وبمساندة طيران التحالف العربي حققت انتصارات حاسمة ومهمة بتحرير مديرية الخوخة، أولى مديريات محافظة الحديدة، مبيناً أن ذلك تم بعد استكمال تحرير منطقة الجهالي والرويس وحاج سالم وموشج خلال الأيام القليلة الماضية قبل السيطرة الكاملة على مديرية الخوخة يوم أمس.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن السيطرة على مديرية الخوخة التي يوجد فيها معسكر أبو موسى الأشعري ويتسع لأكثر من 40 ألف مقاتل، تكون الطريق مؤمنة بالكامل حتى مركز محافظة الحديدة.
وكشف مجلي بأن العملية التي يقوم بها الجيش الوطني اليمني بمساندة طيران التحالف العربي تستهدف تحرير محافظة الحديدة بالكامل ومينائها الحيوي، وقال: «هناك تقدم للجيش الوطني بخطى متسارعة بعد اختراق الميليشيات الإيرانية التي لاذت بالفرار أمام ضربات الجيش وطيران التحالف العربي باتجاه مدينة حيس والجراحي... العملية مستمرة لتحرير محافظة الحديدة بالكامل ومينائها الاستراتيجي الذي تتخذه الميليشيات الانقلابية وكراً لتنفيذ عملياتها الإرهابية في البر والبحر واستهداف الممرات الدولية وتهديد الملاحة».
ولفت المتحدث باسم الجيش اليمني إلى أنه «بتحرير الحديدة سيتم تضييق الخناق على الميليشيات الحوثية، وسيتم القضاء على تهريب الأسلحة وقطع شريان الإمدادات الإيرانية التي تمد الحوثيين بالمعدات والأسلحة، ويتم حماية الممر الدولي والتجارة الدولية، كما سيحمي الصيادين من الألغام البحرية التي زرعتها الميليشيات في البحر».
في غضون ذلك أفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) بأن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أجرى اتصالاً هاتفياً بقائد جبهة الخوخة العميد أحمد الكوكباني للوقوف على مستجدات الأوضاع والموقف العام في ميدان المواجهات التي «استطاع أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تحقيقها تباعاً في وجه ميليشيا الحوثي الإمامية التي انقلبت على التوافق وغدرت بالشعب اليمني لمصلحة أجندة إيران».
وأضافت الوكالة أن هادي أشاد ببطولات الضباط والجنود الذين يخوضون معركة العزة والكرامة بإسناد قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، مؤكداً أن «الخلاص من تلك العصابات المارقة هدف ومصير لأبناء الشعب اليمني عامة لبناء يمن اتحادي عادل ومستقر».
وفي جبهة محافظة الجوف، أعلن الجيش الوطني أمس رسمياً قطع الطريق الرابطة بين مدينة البقع بمحافظة صعدة والجوف، وأعلنها منطقة عسكرية بعد معارك عنيفة سقط فيها العشرات من عناصر الميليشيا الإمامية بين قتيل وجريح وأسير.
وأكد الناطق الرسمي باسم المنطقة العسكرية السادسة عبد الله الأشرف لوكالة (سبأ) أن «أبطال لواء حرس الحدود حرروا مواقع الحرير وتجاوزوا منطقة عرق الأبتر، ووصلوا إلى الخط الدولي، فيما لاذت ميليشيا الحوثي بالفرار مخلفة جثث قتلاها وكميات من الأسلحة والذخائر».
وقال إن «قطع الخط الدولي الرابط بين صعدة والجوف والسعودية سيقطع إمدادات ميليشيات الحوثي لجبهة العقبة ويعتبر إنجازاً كبيراً في تحرير ما تبقى من مديرية خب الشعف».
في السياق نفسه، أفادت مصادر الجيش في محافظة تعز بأن القيادي في ميليشيا الحوثي الانقلابية ورئيس عمليات اللواء 201 الموالي للجماعة رضوان صلاح لقي مصرعه مع أربعة من مرافقيه في عملية لقوات الجيش في منطقة الأقروض جنوب المدينة.
وتسعى الحكومة الشرعية والقوات الموالية لها إلى توسيع نطاق العمليات العسكرية ضد جماعة الحوثيين الانقلابية مستغلة حالة السخط التي أعقبت قيام ميليشيات الجماعة بالانقلاب على حليفها الرئيس السابق علي صالح في صنعاء، وإعدامه مع عشرات من قيادات حزبه وقوات الحرس الجمهوري.
على صعيد متصل، أفاد شهود في صنعاء بأن الحوثيين واصلوا، أمس، استقدام تعزيزات مسلحة من عمران وصعدة وحجة إلى العاصمة لجهة مخاوفها انفجار الوضع مجدداً في ظل الغليان وحالة الغضب التي تشهدها المدينة عقب مقتل صالح وعمليات التنكيل والإعدام التي أقدمت عليها الميليشيات في حق أعوانه وقادة حزب المؤتمر الشعبي.
ووسط عمليات النزوح المستمرة من صنعاء أكد مسافرون في مدينة رداع التابعة للبيضاء أن ميليشيا الجماعة تحتجز في إحدى نقاط التفتيش التابعة لها منذ أيام عشرات المسافرين القادمين من صنعاء بينهم مرضى وكبار في السن يحاولون الوصول إلى مأرب ومناطق أخرى متفرقة.
وفي السياق نفسه، وجه رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر محافظي المحافظات المحررة باستقبال النازحين من قيادات وأعضاء المؤتمر الشعبي العام المشاركين في الانتفاضة الشعبية على ميليشيا الحوثي الإمامية.
وقال بن دغر في رسالة بثتها وكالة سبأ إن «الميليشيا الحوثية تمارس جرائم يندى لها الجبين ضد الكثير من قيادات وأعضاء المؤتمر الشعبي العام وأنصاره ومؤيديه، اضطرت البعض منهم إلى الاختفاء والبعض الآخر لمغادرة محافظاتهم حيث وصل البعض جريحاً أو مكلوماً في ابنه أو أخيه أو قريبه».
وأضاف مخاطباً المحافظين: «عليكم اتخاذ جميع الإجراءات لاستقبالهم من صنعاء وأي محافظة أخرى وعلى أن ترفع كشوفات عاجلة بالموظفين ليتسنى صرف مرتباتهم أو تقديم المساعدات الممكنة لهم».
وتسود مخاوف في صنعاء من استمرار الميليشيات الحوثية في الإجراءات الانتقامية من أنصار حزب المؤتمر الشعبي وأنصار الرئيس السابق، في أعقاب عمليات التصفية التي قامت بها الجماعة في صفوفهم والاعتقالات ومداهمة المنازل وتفتيشها وفرض الإقامة الإجبارية على عدد منهم.
كما يخشى أعضاء في الحزب أن تقوم الميليشيات في صنعاء بمصادرة أموال وممتلكات قيادات الحزب وأنصاره المناوئين لهم، على غرار ما سبق أن أعلنته من مصادرة لأموال الرئيس السابق وممتلكاته هو وأقاربه ورفضها حتى الآن تسليم جثمانه.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم