نتنياهو لترمب: ممتنون لك إلى الأبد

جيش الاحتلال يعلن الاستنفار في القدس والضفة تحسباً لردود الفعل

TT

نتنياهو لترمب: ممتنون لك إلى الأبد

رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة إلى المدينة، ووصفه بأنه «حدث تاريخي»، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي حالة استنفار في القدس والضفة الغربية لمواجهة ردود الفعل الفلسطينية الغاضبة المتوقعة على القرار.
ونشر نتنياهو شريطاً مصوراً مسبقاً تم بثه حال انتهاء ترمب من إلقاء كلمته، مما يعني أنه كان على اطلاع دقيق على الخطاب. وقال: «هذا يوم تاريخي لدولة إسرائيل. الرئيس ترمب أظهر صدقاً واعترافاً تاريخياً بارتباط اليهود بالقدس. وأعتقد أن هذا الإعلان يساهم في عملية السلام وليس كما يقول الفلسطينيون». ودعا دول العالم إلى أن «تحذو حذو الولايات المتحدة». غير أنه أكد أن الإعلان «لن يغير الوضع القائم»، متعهداً «الحفاظ على حرية العبادة في القدس». وتوجه إلى ترمب قائلاً: «سنبقى ممتنين لك للأبد».
ورحّب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بقرار ترمب. وقال إنه «لا هديّة أجمل من هذه في سنوات إسرائيل السبعين، القدس ليست أبدا ولن تكون عقبة أمام الآملين بالسلام». وقالت وزيرة الثقافة في حكومته ميري ريغيف إن «اسم الرئيس ترمب حُفر للأجيال الإسرائيليّة المقبلة في حجارة القدس». وكتبت عضو الكنيست عن حزب «ميرتس» ميخال روزين، في حسابها على «تويتر»، أن هدف إعلان ترمب هو «إنقاذ نتنياهو» الذي يواجه تحقيقاً في اتهامات بالفساد، في حين قالت رئيسة حزب «ميرتس» زهافا غالئون، إن إعلان ترمب «لن يساعد في دفع مسار إقليمي للسلام، لكنه، بالتأكيد، يشكل دعماً لليمين المهووس في إسرائيل».
وأجرت القيادات الأمنية في إسرائيل «مشاورات على أعلى مستوى»، تحسباً لاندلاع أعمال شغب. وأعد الجيش الإسرائيلي خطة تتضمن «مراحل» لحالة التأهب سيتم تفعيلها حسب الضرورة، وتم إنذار كتائب عسكرية عدة تجري حالياً تدريبات، بأنه قد يتم إرسالها إلى الضفة الغربية حتى نهاية الأسبوع.
ويرى الإسرائيليون أن النقطة الأكثر حساسية هي بطبيعة الحال القدس نفسها، لكن هناك أيضاً تخوفات من العنف في الخليل، حيث يعيش مئات المستوطنين في قلب السكان الفلسطينيين، وفيها يقوم الحرم الإبراهيمي. وقام رئيس أركان الجيش جادي آيزنقوط، أمس، بجولة على قواته في الضفة الغربية للاطلاع على الأوضاع، كما قام بزيارة طمأنة للمستوطنين اليهود في قلب الخليل.
وتشمل المخاطر التي تستعد لها قوات الأمن الإسرائيلية، المظاهرات الجماهيرية ورشق الحجارة وقنابل المولوتوف في نقاط الاحتكاك المعروفة (كالحواجز العسكرية) وعلى الطرق التي تخدم المواصلات الإسرائيلية. وهناك خطر محتمل آخر يتعلق بتكثيف محاولات شن هجمات فردية مثل الطعن واستخدام الأسلحة المرتجلة.
والموعد الأكثر حساسية هو يوم الجمعة القريب، بعد انتهاء الصلوات في المساجد، من الظهر فصاعدا، على غرار الأحداث التي شهدتها مدينة القدس الشرقية في يوليو (تموز) الماضي، إثر قرار إسرائيل تركيب بوابات إلكترونية للأقصى. فقد استمر العنف آنذاك قرابة أسبوعين، وأدى إلى مقتل ثلاثة أفراد من عائلة إسرائيلية في مستوطنة حلميش، وستة فلسطينيين. وفي تلك الفترة وقع أيضاً الحادث الذي قتل فيه حارس أمن إسرائيلي مواطنين أردنيين في عمان، الذي تسبب في إغلاق السفارة الإسرائيلية في الأردن منذ أكثر من أربعة أشهر.
وتعتمد تقييمات الاستخبارات في الوقت الحالي على القرارات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية والفصائل المختلفة. ووفقاً للتقييمات، فإن جوهر النشاط التظاهري سيجري داخل المدن أمام مباني القنصليات والسفارة الأميركية. لذلك قررت الشرطة تعزيز قواتها حول السفارة الأميركية في تل أبيب، والقنصلية في البلدة القديمة في القدس، خشية محاولات تنفيذ عمليات.
ودعت القنصلية الأميركية في القدس، أمس، مواطنيها إلى الامتناع عن الوصول إلى مناطق التجمعات في القدس والضفة الغربية، وكذلك المناطق التي تم تعزيز وجود الجيش والشرطة فيها. ومنعت موظفي الإدارة وعائلاتهم من السفر الشخصي إلى هذه المناطق، وقالت إن السفريات الرسمية ستتم فقط إذا كانت حيوية وستخضع لإجراءات أمنية.
إلى ذلك، كشف النقاب عن جهود محمومة قام بها ثلاثة رؤساء حكومات إسرائيلية سابقة لثني الكونغرس الأميركي عن اتخاذ قرار بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة الأميركية إلى المدينة. وبدأ هذه الجهود رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين قبيل سن قانون في مجلس الشيوخ في أكتوبر (تشرين الأول) 1995، إذ سافر إلى واشنطن خصيصاً، بطلب من الرئيس بيل كلينتون، لإضافة بند يسمح بتأجيل تنفيذ القانون الذي يعترف بـ«القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس».
وحسب السيناتور الرفيع دانئيل إينوا، فإن رابين تدخل في أبحاث أعضاء مجلس الشيوخ وتمكن من إقناعهم بإضافة الفقرة التي تسمح للرئيس بالتأجيل كل ستة أشهر لأسباب أمنية.
وفي عام 1999، سئم عضوان في مجلس الشيوخ كايل من مواصلة تأجيل تطبيق القانون، وقدما مشروع قانون جديداً لا يتضمن فقرة التأجيل الرئاسي، وينص على خفض مائة مليون دولار من ميزانية السفارات في العالم إذا تواصل التأجيل. إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك، طلب من أعضاء مجلس الشيوخ قبول طلب كلينتون وإزالة الاقتراح الذي كان يدعمه 84 من أصل مائة عضو في مجلس الشيوخ، حتى لا يضر بعملية السلام. وتكرر الأمر أيضاً في عهد رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت.
وكان الرؤساء الأميركيون يوقعون على مرسوم رئاسي مرة كل ستة أشهر، بناء على هذا البند، يتم بموجبه تمديد أمر تجميد تنفيذ القانون ستة أشهر. ويقول الخبير السياسي الإسرائيلي أودي سيغل إن ترمب «يرغب في إظهار أنه يتصرف بطريقة مغايرة. فإذا كان الأمر مجرد ارتجال لأغراض الاستهلاك الداخلي، كي يظهر ترمب لليهود أنه مختلف، حتى لو كان ثمن قراره الصدام مع العالم العربي، فإنه سيكون قراراً سخيفاً نتائجه مدمرة».
لكنه أشار إلى أن «هناك احتمالاً أيضاً لأن تكون خلف هذا القرار مخططات منظمة تعوّض العرب ويكون القرار بشأن القدس مجرد دفعة مقدمة. بمعنى، لعل القرار كان خطوة تمنح لإسرائيل امتيازاً، بهدف فرض ثمن باهظ عليها لاحقاً. على غرار برنامج سلام مثلاً». وأضاف أنه «خلال الأسبوع الماضي نشرت وسائل إعلام مختلفة كثيرا من التلميحات حول وجود مخطط تسوية سياسية إبداعي. هنا، ربما يكون ترمب يمنح إسرائيل هدية ثمنها أكبر بكثير من قدرة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تحمله، وهو الذي ينوء الآن تحت ثقل التحقيقات. ربما يقول ترمب للعرب: سأعطيهم القدس وأخرج موضوعها من المفاوضات، لكنني سأمنحكم فلسطين، فلسطين من دون كتل استيطانية، وباعتراف أميركي. فإن لم يتمكن نتنياهو من قبول الأمر، فسيصبح هو الرافض. نتنياهو لن يتمكن من رفض طلباتي. أنا سأعطيه القدس، وهو سيمنحني موافقته على إقامة دولة فلسطينية».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.