18 مذكرة تفاهم بين شركات سعودية وعراقية في مجالات الطاقة

الفالح أكد أن البلدين يتمتعان بمزايا استراتيجية تشكل قاعدة صلبة للتعاون

وزير الطاقة السعودي ونظيره العراقي حضرا توقيع 18 مذكرة تفاهم بين البلدين في البصرة أمس
وزير الطاقة السعودي ونظيره العراقي حضرا توقيع 18 مذكرة تفاهم بين البلدين في البصرة أمس
TT

18 مذكرة تفاهم بين شركات سعودية وعراقية في مجالات الطاقة

وزير الطاقة السعودي ونظيره العراقي حضرا توقيع 18 مذكرة تفاهم بين البلدين في البصرة أمس
وزير الطاقة السعودي ونظيره العراقي حضرا توقيع 18 مذكرة تفاهم بين البلدين في البصرة أمس

وقعت شركات سعودية وعراقية، أمس، 18 مذكرة تفاهم في مجالات الطاقة، وذلك في مدينة البصرة العراقية، بحضور المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، ونظيره المهندس جبار اللعيبي وزير النفط العراقي.
وافتتح الفالح، بالشراكة مع اللعيبي، النسخة السابعة من مؤتمر ومعرض العراق الدولي للنفط والغاز، إذ تشارك المملكة فيه كضيف شرف، ضمن وفد يضم 22 شركة عارضة ومشاركة في مجالات الطاقة والصناعات الشقيقة.
وذكر الفالح، في كلمة عقب مراسم توقيع مذكرات التفاهم، أن الجهود الكبيرة للنهوض بالعراق واستثمار موارده، وصولاً لتحقيق تنمية شاملة، تجعل السعودية تتطلع للمشاركة في هذه المسيرة التنموية، خصوصاً أن هذه المسيرة تحاكي جهود التنمية الشاملة التي تشهدها السعودية ضمن «رؤية 2030» وبرامجها التنفيذية المُختلفة.
وقال الفالح إن «كلا البلدين تجمعهما عزيمة لبناء مستقبل واعد لشعبيهما، وتنمية اقتصاديهما، واستثمار الموارد، وتطوير القدرات البشرية، وبناء شراكات وطنيةٍ وعالمية مستدامة تساند تحقيق هذه الأهداف».
وأكد أن السعودية والعراق يتمتعان بمزايا استراتيجية، تشمل الثروات البشرية والموقع الجغرافي وموارد الطاقة والثروات الطبيعية والمعدنية والصناعية الحالية والممكنة، لافتاً إلى أن تشابه هذه المزايا وتكاملها في البعض الآخر يشكل قاعدة صلبة للتعاون بينهما، وهو ما بدأ خلال الفترة الماضية، ويشكل دافعاً لاقتناص الفرصة التاريخية لبناء شراكة فاعلة تحقق تطلعات البلدين.
وشدد الفالح على أن كل هذه الروابط والمزايا جعلت التعاون والتكامل مع العراق يمثل توجهاً استراتيجياً، وفي قمة أولويات المملكة، ويحظى باهتمام ودعم كبيرين من خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، اللذين يريان في استقرار ونماء العراق خيراً ونماء للمملكة، ويعلقان آملاً كبيراً على التسريع لتطوير العلاقات بينهما.
وبيّن أن ترجمة هذا التوجه، وإصرار البلدين على إنجاح شراكتهما الاستراتيجية، هو تشكيل مجلس التنسيق السعودي العراقي، وانعقاده في الرياض، بحضور خادم الحرمين الشريفين ورئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي، حيث أكد خادم الحرمين أنه سيُتابع شخصياً أعمال المجلس التنسيقي، حرصاً منه على نمو ونهضة واستقرار العراق إنسانياً وسياسياً وأمنياً واقتصادياً.
وقال الفالح، مخاطباً الحضور من مسؤولين عراقيين ومستثمرين في مجالات الطاقة والغاز: «اسمحوا لي هنا أن أتناول جانباً يبرز أحد أهم أمثلة نجاح وفاعلية التعاون بين البلدين، باستثمارهما للثقل والمكانة السياسية التي يحظيان بها إقليمياً وعالمياً، وكونهما من أبرز أقطاب الصناعة النفطية العالمية، في جهود دعم استقرار وتوازن السوق النفطية خلال الفترة الماضية، وتحقيق التنسيق بين الدول المُنتجة للنفط الأعضاء في منظمة (أوبك)، ودولٍ مُنتجة أخرى من خارجها. ونحن واثقون أن استمرار التعاون والتكاتف سيضيف المزيد من الإنجازات والاستقرار والتوازن للسوق النفطية».
وتطرق إلى أن الفرص غير محدودة لتعاون الطرفين، فهناك مجالات تبادل الخبرات، والتعاون في مجال صناعة الزيت والغاز، واستغلال مصادر الطاقة المتجددة، والتعاون في مجال فتح الأسواق وتنمية الصادرات بين البلدين، وتابع: «قناعتنا العميقة بذلك جعلتنا حريصين على المشاركة الكبيرة للمملكة في معرض بغداد الدولي في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومشاركتها اليوم في معرض البصرة للزيت والغاز 2017، بـ22 شركة عاملة في قطاع الزيت والغاز، ضمن الجناح السعودي».
إلى ذلك، أكد وزير النفط العراقي أهمية المشاركة المتميزة للشركات السعودية بمعرض البصرة، معرباً عن تفاؤله بفتح آفاق التعاون والشراكة مستقبلاً، من خلال توقيع هذه المذكرات التي تعزز العلاقات، مشيراً إلى أن البصرة واحدة من عواصم الطاقة المهمة في العالم والمنطقة، وتضم مجالاً لشراكات واسعة مع مستثمرين كبار.
ولفت إلى أن السعودية أحد أهم المستثمرين في المنطقة والعالم، لافتاً إلى أن الحكومة العراقية ووزارة النفط تتطلعان إلى تفعيل التعاون والعمل المشترك مع الشركات السعودية بما يعزز اقتصاد البلدين.
من جهته، أكد المهندس صالح السلمي، الأمين العام لهيئة تنمية الصادرات السعودية، أن المشاركة السعودية في معرض النفط والغاز بالبصرة ستعزز حجم التبادل التجاري بين البلدين بعد المشاركة الإيجابية للهيئة بجناح مميز في معرض بغداد الدولي، ضم 60 شركة سعودية تمثل كثيراً من القطاعات الاقتصادية في المملكة.
وأفاد بأن المعرض يمثل بوابة اقتصادية ومنصة للتواصل الاقتصادي بين البلدين، بما يخدم المنتجين والمصدرين من الجانبين، ويوفر فرصة مثلى لاستعراض الفرص التجارية الاستثمارية بين البلدين، وقال: «نسعى من جانبنا إلى تذليل العقبات أمام المنتجين، وتسهيل إجراءات التصدير بين المملكة والعراق».
وبيّن السلمي أن التوجه للسوق العراقية جاء في إطار سعي «الصادرات السعودية» لتنمية الصادرات غير النفطية في السوق العراقية بشكل خاص، والأسواق الدولية بشكل عام، وتوفير الأدوات والوسائل التي تسهم في تذليل العقبات أمام المنتجات الوطنية السعودية.
يشار إلى أن معرض البصرة للنفط والغاز يقدم مجموعة واسعة من الفرص للمستثمرين الدوليين، إذ شارك في المعرض نحو 1300 شركة عالمية، ورعته 60 شركة، وقدم البرنامج العلمي على هامش المعرض نحو 120 ورقة عمل.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً).

وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدّخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بكمية استهلاك الطاقة، أكد آل الشيخ أن كمية استهلاك الطاقة لإنتاج متر مكعب واحد، من الماء تتجاوز 4 كيلو واط بالساعة لكل متر مكعب في الماضي، «بينما الآن حققنا كمية استهلاك الطاقة 2.5 كيلو واط بالساعة لكل متر مكعب مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل».

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.