رحيل جان دورميسون... ساحر الكلمات وعضو الأكاديمية الفرنسية

الفرنسيون فقدوا ابتسامة دائمة وحزنوا عليه كحزن العرب على شادية

دورميسون صاحب العبارة الساحرة والنظرة الماكرة
دورميسون صاحب العبارة الساحرة والنظرة الماكرة
TT

رحيل جان دورميسون... ساحر الكلمات وعضو الأكاديمية الفرنسية

دورميسون صاحب العبارة الساحرة والنظرة الماكرة
دورميسون صاحب العبارة الساحرة والنظرة الماكرة

في واحدة من المرات النادرة، ظهرت جميع الصحافيات ومقدمات فقرات البرنامج الصباحي على التلفزيون الفرنسي الرسمي مرتديات السواد حداداً على جان دورميسون، الكاتب وعضو الأكاديمية الفرنسية للآداب الذي رحل بسكتة قلبية عن 92 عاماً، في ساعة مبكرة من صباح أمس. ورافق دورميسون حياة أجيال من الفرنسيين الذين اكتشفوا مع غيابه درجة حبهم له، فمضوا يعربون عن ذلك الحب عبر مواقع التواصل في هبة تشبه ردة فعل المواطنين العرب على رحيل المغنية شادية.
كتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تغريدة جاء فيها أن الراحل كان «أفضل ما في الروح الفرنسية. مزيج متفرد من الذكاء والأناقة والمكر، أمير من أمراء الكلمات عرف ألا يأخذ نفسه مطلقاً مأخذ الجد». وتوالت، طوال نهار أمس، عبارات النعي والإشادة من سياسيين في اليسار واليمين، رغم أن الراحل كان محسوباً على اليمين دون أن يكون محافظاً أو منغلقاً.
نشأ دورميسون نشأة أرستقراطية، وبدأ الكتابة في سن مبكرة، وكان روائياً ومفكراً وفيلسوفاً ومديراً لصحيفة «الفيغارو» وكاتب الافتتاحيات فيها لـ40 عاماً وممثلاً في أدوار معدودة؛ منها فيلم أدى فيه دور الرئيس ميتران. وقد خص دار «غاليمار» العريقة بمؤلفاته ومنها عدة كتب للمذكرات، إذ كانت تمر به السنوات وتتجمع لديه مذكرات جديدة يبادر إلى نشرها بالتتابع. وقد اشتهر بحضور الخاطر وسحر العبارة وعمق التحليل واتساع الثقافة وخفة الروح، الأمر الذي جعل منه الضيف المفضل لدى أصحاب البرامج الإذاعية والتلفزيونية. وكانت له طريقته الفريدة في الإيمان، وقال في واحدة من آخر مقابلاته التلفزيونية: «هناك من لا يخاف الموت وهناك من يكرهه. وبما أننا لا نملك طريقة لمعرفة ما يوجد بعد الموت، فإنني أفضل أن أموت بدافع اكتشاف ما وراء الحياة».



رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.