وجهات سياحية لا تنسى على لائحة اليونيسكو للتراث الإنساني

بينها مواقع في دول عربية... والصين في المرتبة الأولى عالمياً

بيت لحم من ضمن الأماكن المدرجة على لائحة اليونيسكو
بيت لحم من ضمن الأماكن المدرجة على لائحة اليونيسكو
TT

وجهات سياحية لا تنسى على لائحة اليونيسكو للتراث الإنساني

بيت لحم من ضمن الأماكن المدرجة على لائحة اليونيسكو
بيت لحم من ضمن الأماكن المدرجة على لائحة اليونيسكو

يتم تحديث لائحة منظمة اليونيسكو للتراث الإنساني سنويا لكي تضم مواقع في العالم ذات أهمية تراثية سواء كانت معالم طبيعية أو من صنع الإنسان. وفي التصنيف الأخير لهذه اللائحة هناك أكثر من ألف موقع تراثي حيوي في العالم يمكن لمن يهتم بجوانب التراث العالمي أن يختار فيما بينها وجهة سياحية له لكي يجمع ما بين السياحة والوعي الثقافي.
وتضم هذه اللائحة الكثير من المواقع التي اختارتها المنظمة العالمية في دول عربية متعددة منها مواقع شهيرة مثل منطقة الأهرام في الجيزة في مصر، ضمن سبعة مواقع، وبترا في الأردن، ضمن خمسة مواقع، وبيت لحم في فلسطين، ضمن ثلاثة مواقع، ومدينة جدة القديمة ضمن أربعة مواقع مصنفة تراثيا في المملكة العربية السعودية. وهناك الكثير من المواقع التراثية الموثقة في الجزائر والمغرب ولبنان والسودان والعراق وسوريا وتونس وليبيا والإمارات وسلطنة عمان والبحرين واليمن. ويصل مجموع تلك المواقع في الدول العربية نحو 74 موقعا أكثرها عددا في المغرب بتسعة مواقع تليها تونس بثمانية مواقع ثم مصر والجزائر بسبعة مواقع لكل منهما.
وعلى المستوى العالمي تحتل الصين المركز الأول في المواقع التراثية بعدد 52 موقعا تليها إسبانيا بعدد 48 موقعا ثم فرنسا (44 موقعا) وإيطاليا (43 موقعا) وألمانيا (41 موقعا). وتأتي بعد ذلك دول مثل الهند وروسيا والمكسيك وأميركا ضمن أكثر الدول عددا في المواقع التراثية التي تضمها.
ومعظم المواقع المقترحة للزيارة السياحية توفر مشاهد خلابة سواء كانت من صنع الطبيعة مثل الحدائق والمحميات الطبيعية أو من صنع الإنسان مثل تاج محل في الهند أو قصر فرساي في فرنسا.
والمواقع التالية تمثل وجهات سياحية من الطراز الأول وتم اختيارها على أساس أنها تمثل وجهات غير عادية لتراث إنساني لا بد من زيارته ولو مرة في العمر:
- حدائق «يلو ستون ناشيونال بارك» الأميركية: وهي تغطي مساحة تسعة آلاف كيلومتر مربع ويقع معظمها في ولاية وايومنغ مع أطراف في ولايتي مونتانا وأيداهو. وتقول اليونيسكو إن يلو ستون يحتوي على نصف معالم المياه الجوفية الساخنة في العالم والتي لا يقل عددها عن عشرة آلاف منبع للمياه الجوفية الساخنة. وتمثل المنابع الساخنة مراكز لنظم نباتية وحيوانية نادرة بعضها مهدد بالانقراض. ويوفر يلو ستون فرصة لدراسة هذه النظم الحيوية على نطاق واسع من أجل تطوير وسائل حماية البيئة الطبيعية. ويمكن أن تمثل زيارة حدائق يلو ستون جزءا من زيارة موسعة للغرب الأميركي يشمل الكثير من المعالم الأخرى بالإضافة إلى سلسلة جبال روكي.
- مدينة البندقية (فينيسيا): وهي مدينة إيطالية تأسست في القرن الخامس وتشتهر بقنواتها المائية وتعتبر من التحف المعمارية العالمية. وتحتوي المدينة على الكثير من الأعمال الفنية المشهورة من عصر النهضة. وهي مدينة تجمع ما بين العاطفة والفن في مزيج تاريخي فريد لا يتكرر في أي موقع آخر في العالم. وهي مدينة مبنية على مائة جزيرة وتمثل القنوات بين مباني المدينة ما يوازي الشوارع في المدن الأخرى. والقناة الرئيسية في المدينة هي «غراند كانال» التي تنتشر على جانبيها القصور التي يعود تاريخ بعضها إلى عصر النهضة. ويضم الميدان الرئيسي في المدينة «بياتزا سان ماركو» أهم مباني المدينة وهي كنيسة سان مارك التي تزينها رسومات من العصر البيزنطي. وبلغ من شهرة المدينة سياحياً أن عدد السياح فيها يفوق عدد أهل المدينة في معظم فترات العام.
- قصر فرساي في ضاحية باريس: وهو قصر ملكي تحول الآن إلى متحف وتم بناء معالمه عبر عدة أجيال من المهندسين المعماريين. ويعود تاريخ القصر إلى القرن الحادي عشر. وعند بناء القصر كانت فرساي قرية صغيرة تبعد عن باريس 20 كيلومترا في اتجاه الجنوب الغربي، أما الآن فهي ضاحية راقية من ضواحي باريس الكبرى. وكان القصر مقر الحكم في فرنسا من 1682 إلى 1789 في الحقبة الملكية التي سبقت الثورة الفرنسية. وكان أشهر ملوك مرحلة فرساي هو الملك لويس الرابع عشر الذي مول بناء القصر من عوائد شخصية من بينها ريع مقاطعة كندا التي كان يملكها بصفة شخصية. وتستغرق زيارة القصر نحو ثلاث ساعات بصحبة دليل إلكتروني يترجم اللغة الفرنسية عبر سماعات يرتديها الزائر. ويمكن الاستمتاع بنوافير موسيقية وعروض تاريخية وقطار صغير للأطفال ودراجات هوائية ومكتبة ومطاعم متعددة. والقصر مفتوح يوميا ما عدا يوم الاثنين.
- جزيرة فريزر، أستراليا: وهي أكبر جزيرة رملية في العالم وتوفر نوعا من الجمال الطبيعي النادر بما في ذلك 250 كيلومترا من الشواطئ الرملية الناعمة التي تمتد بلا انقطاع. وداخل الجزيرة تمتد الغابات الاستوائية ونحو 40 بحيرة مياه عذبة. وهي تقع على الجانب الشرقي من أستراليا بمواجهة ساحل كوينزلاند وتبلغ مساحتها 120 كيلومترا مربعا. وهي مخصصة للسياحة البيئية وتقام فيها المعسكرات السياحية. ويمكن قضاء يوم كامل في الجزيرة برحلة قصيرة من أستراليا حيث تخصص الزيارة لقضاء وقت بين معالم الجزيرة بين الشواطئ والغابات والبحيرات. وتتكلف رحلة اليوم الواحد من أستراليا نحو 550 دولارا للعائلة. وهي رحلة بحرية بعبارة تتضمن قضاء يوم في السباحة مع وجبة باربيكيو ومغامرة في الأدغال الاستوائية. وتنتهي الزيارة في المغرب عودة إلى أستراليا مرة أخرى.
- دلتا أوكافانغو في بوتسوانا: وهي مساحة شاسعة من الأرض المسطحة وبها مصادر مياه متعددة وتأوي الكثير من الحيوانات الوحشية المهددة بالانقراض مثل فرس النهر والفهود والأسود. وتقع الدلتا في شمال غربي بوتسوانا وتحتوي على أرض مستنقعات وأراض تغمرها مياه الفيضان سنويا. وهي فريدة من نوعها لأنها لا تصب في أي بحر ولأن موسم الفيضان فيها من نهر أوكافانغو يقع في الفصل الجاف من العام. ولذلك تتواصل دورة حياة الحيوانات بين موسمي الفيضان والأمطار وتزدهر طوال شهور العام. ويرى الزائر الأهالي وهم يخوضون النهر بزوارقهم الخشبية الصغيرة بين حيوانات فرس النهر والتماسيح بينما تنتشر على شواطئ الدلتا الأفيال والفهود والأسود وحيوانات وحيد القرن.
- مدينة هافانا في كوبا: وهي تشتهر بعمارة تعود في معظمها إلى القرن التاسع عشر وعمارات تحتوي شققها على بالكونات بأسوار حديدية. وهي عاصمة كوبا وأهم مركز تجاري وميناء فيها. ويبلغ عدد سكانها 2.1 مليون نسمة وأسسها الإسبان في القرن السادس عشر وكانت تستخدم كرأس حربة في الغزوات الإسبانية لأميركا نظرا لموقعها الاستراتيجي. وهافانا الحديثة هي ثلاث مدن في واحدة فهي تتكون من هافانا القديمة وحي فيلدادو والأحياء الجديدة. وهي تجذب إليها أكثر من مليون سائح سنويا، بزيادة 20 في المائة عن معدلات عام 2005. وهي تشتهر بالعمارة والتاريخ والثقافة. وهي تتمتع بطقس استوائي مثل بقية أنحاء كوبا.
- تاج محل في الهند: وهو قصر يقع على الجانب الأيمن من نهر يامونا وسط حدائق موغال التي تمتد على 17 فدانا في ضاحية أغرا في ولاية أوتار براديش في الهند وبناه الإمبراطور شاه جاهان في ذكرى زوجته ممتاز محل. وبدأ تشييد القصر في عام 1632 واكتمل في 1648 وهو يعتبر من أعظم الإنجازات المعمارية في الهند. وتشمل الحدائق المحيطة مسجدا وبيت ضيافة ويحيط بالمنطقة سور من ثلاث جهات. وبلغت تكلفة بناء تاج محل وقتها نحو 53 مليون روبية أي ما يعادل حاليا 827 مليون دولار. واختارت اليونيسكو تاج محل لكي يكون تراثا إنسانيا في عام 1983 لكونه «جوهرة الفنون الإسلامية في الهند وأحد المعالم العالمية التي تمثل الإنسانية». وقد وصفه الشاعر الهندي تاغور بأنه «دمعة على جبين الإنسانية». ويجذب تاج محل ما بين سبعة وثمانية ملايين سائح سنويا، وتم إعلانه في عام 2007 واحدا من عجائب الدنيا السبع الجدد.
- كاركاسون، فرنسا: وهي مدينة محصنة بالأسوار والقلاع تقع في جنوب فرنسا بين مونبلييه على الساحل الجنوبي وتولوز إلى الشمال الغربي منها. وهي تقع على قمة تل ويحيط بها سور مزدوج عليه 53 برجا بالإضافة إلى مجرى من المياه يحيط بالمدينة ويمثل جزءا من دفاعاتها. وفي وسط هذه التحصينات التاريخية تقع قلعة ومدينة صغيرة لا يزيد تعدادها على 47 ألف نسمة. وتسمى المنطقة التاريخية «لاسيتيه» أي المدينة وهي تطل على مدينة كاركاسون القريبة التي تعرف المنطقة باسمها وتعد الآن من أشهر المعالم التاريخية في فرنسا. وتعتبرها منظمة اليونيسكو مدينة حية مستمرة كما هي بلا تغيير يذكر منذ العصور الوسطى. وهي لا تخلو من انتقاد بعض السياح الذين يعتبرون أن جهود ترميم المدينة لم تكن موفقة وأنها تشبه الآن مدينة ديزني التاريخية بها متاجر تبيع سلعا وهدايا باهظة الثمن. كما أن نوعية المطاعم فيها متوسطة الدرجة. ولكنها مع ذلك تشهد إقبالا سياحيا كبيرا لأنها نموذج واضح لما كانت عليه مدن القرون الوسطى وتحصيناتها المنيعة ضد محاولات الغزو الخارجي.


مقالات ذات صلة

مصر لتسجيل «الكشري» بقوائم التراث غير المادي باليونيسكو

يوميات الشرق آلة السمسمية (وزارة الثقافة المصرية)

مصر لتسجيل «الكشري» بقوائم التراث غير المادي باليونيسكو

بعد أن أعلنت مصر إدراج الحناء والسمسمية ضمن قائمة الصون العاجل بمنظمة اليونيسكو، تتجه لتسجيل الكشري أيضاً.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)

«الورد الطائفي» في قوائم «اليونيسكو»

أعلن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة التراث رئيس اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، نجاح السعودية في تسجيل.

عمر البدوي (الرياض) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة «اليونيسكو»، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء» تراثاً ثقافياً لا مادياً.

يوميات الشرق صابون الغار الحلبي الشهير من الأقدم في العالم (أ.ف.ب)

الحنّة والصابون الحلبي والنابلسي... «تكريم» مُستَحق

أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، الحنّة والتقاليد المرتبطة بها، والصابون النابلسي، وصابون الغار الحلبي، في قائمة التراث الثقافي غير المادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)

اليونيسكو تُدرج الورد الطائفي في التراث غير المادي

أعلن وزير الثقافة السعودي عن نجاح المملكة في تسجيل «الممارسات الثقافية المرتبطة بالورد الطائفي» في قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي غير المادي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.