دبلوماسي رفيع في جنوب السودان يستقيل لفشل الحكومة في تحقيق السلام

وزير الدفاع في جوبا لـ («الشرق الأوسط») : قوات مشار خرقت اتفاق وقف إطلاق النار

عاملة في الإغاثة الصحية تجري الإسعافات الأولية لشرطي مريض بالكوليرا في مخيم طبي بجوبا في جنوب السودان أمس (أ.ف.ب)
عاملة في الإغاثة الصحية تجري الإسعافات الأولية لشرطي مريض بالكوليرا في مخيم طبي بجوبا في جنوب السودان أمس (أ.ف.ب)
TT

دبلوماسي رفيع في جنوب السودان يستقيل لفشل الحكومة في تحقيق السلام

عاملة في الإغاثة الصحية تجري الإسعافات الأولية لشرطي مريض بالكوليرا في مخيم طبي بجوبا في جنوب السودان أمس (أ.ف.ب)
عاملة في الإغاثة الصحية تجري الإسعافات الأولية لشرطي مريض بالكوليرا في مخيم طبي بجوبا في جنوب السودان أمس (أ.ف.ب)

قدم المدير التنفيذي في مكتب وزير الخارجية في جنوب السودان النائب السابق لرئيس بعثة بلاده في الأمم المتحدة الدكتور فرانسيس جورج نزاريو استقالته من منصبه بسبب ما وصفه بحكومة فاقدة للحساسية تجاه ما يحدث في البلاد بعد الحرب التي اندلعت في الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتعد هذه أول استقالة لسفير في الخارجية، في وقت تجدد فيه القتال بين الجيش الحكومي والمتمردين في ولايتي الوحدة وأعالي النيل الغنيتين بالنفط، واتهمت جوبا قوات زعيم التمرد رياك مشار بخرق وقف إطلاق النار، فيما دعا الرئيس سلفا كير ميارديت غريمه مشار إلى المصالحة وإنهاء الحرب في البلاد.
وقال السفير فرانسيس جورج نزاريو لـ«الشرق الأوسط» إن أعمال العنف التي بدأت في جوبا في الخامس عشر من ديسمبر والتي أدت إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف مواطن أغلبهم من المدنيين الأبرياء، اتخذت طابعا إثنيا. وأضاف: «الأزمة الوطنية كشفت المعدن الحقيقي للنخبة السياسية» التي وصفها بأنها لا تفهم سوى منطق السلاح وأن لديها نزعة استخدام القوة لمعالجة المعضلات. وقال إن «الحرب بعد خمسة أشهر ما زالت مستعرة.. وهذا يهدد البلاد ويقودها إلى حافة الهاوية». وأضاف: «النخبة الحاكمة في بلادنا تفتقر إلى الرؤية والمنهج لإدارة الشؤون السياسية، الاجتماعية والاقتصادية وهي ما فتئت تمارس هدما ممنهجا لمؤسسات الحكم وتعصف بسيادة حكم القانون، علاوة على تقييدها للحريات العامة وازدرائها لحقوق الإنسان»، مشيرا إلى أن هناك تضييقا على حرية الإعلام والتحرش بالصحافيين وتهديدهم واعتقالهم. وأضاف أن الأمر وصل إلى حد التصفية الجسدية لبعض الصحافيين مع استشراء القبلية والمحسوبية. وقال إن الفساد أصبح متجذرا في مؤسسات الحكم، وإن ذلك أدى إلى الحد من قدرتها على تأمين الخدمات الضرورية للشعب.
من جهة أخرى قال وزير الدفاع في جنوب السودان كوال ميانق لـ«الشرق الأوسط» إن قوات موالية للمتمردين بزعامة مشار خرقت اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى توقيعه في التاسع من مايو (أيار) الماضي في أديس أبابا. وأضاف أن منطقة واتكاي القريبة من بانتيو عاصمة ولاية الوحدة قد تعرضت إلى هجوم في الثانية والنصف بعد ظهر أمس بالتوقيت المحلي من قبل قوات موالية إلى مشار، مؤكدا أن قواته طاردت المتمردين وكبدتهم خسائر في الأرواح. وقال إن قواته طردت المتمردين. وأشار إلى هجوم مماثل شنته ميليشيا ما يسمى «الجيش الأبيض» على مدينة الناصر في ولاية أعالي النيل بواسطة مدافع الهاون ومدفعية بعيدة المدى أدى إلى مصرع خمسة من جنود التمرد وجرح العشرات. وأضاف أن الجيش الشعبي لديه القدرة على وقف تلك الخروق.
وقال ميانق إن مشار يتحمل مسؤولية خرق اتفاق وقف إطلاق النار. وأضاف أن «زعيم التمرد لا يستطيع السيطرة على قواته وأنه اعترف بذلك قبل أيام»، وتابع: «لا أعتقد أن مشار يسعى إلى تحقيق السلام وهو يعتقد أن لديه القدرة على الوصول إلى الحكم عبر الحرب». وكان رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت قد دعا مساء أول من أمس في كلمة له بمناسبة استئناف أعمال البرلمان، المعارضة والمسلحين بقيادة نائبه السابق رياك مشار إلى المصالحة قبل أيام قليلة من استئناف مفاوضات السلام في أديس أبابا. وقال: «أدعو بتواضع كل مواطني، بمن فيهم أشقاؤنا وشقيقاتنا في المعارضة، إلى التسامح والتوحد بروح مصالحة حقيقية ووضع اليد في اليد من أجل العمل للوحدة».



أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)

ندّدت تشاد والسنغال بشدّة بتصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين واتّهم فيها دول الساحل بأنها «لم تشكر» بلاده على الدعم الذي قدّمته للقارة في مكافحة التمرد الإرهابي.

وقال ماكرون الإثنين إنّ بلاده كانت «محقّة» في تدخّلها عسكريا في منطقة الساحل «ضدّ الإرهاب منذ عام 2013»، لكنّ القادة الأفارقة «نسوا أن يقولوا شكرا» لفرنسا على هذا الدعم. وأضاف أنّه لولا هذا التدخّل العسكري الفرنسي «لما كان لأيّ من» هؤلاء القادة الأفارقة أن يحكم اليوم دولة ذات سيادة. وأدلى ماكرون بكلامه هذا خلال الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في العالم. وأضاف الرئيس الفرنسي بنبرة ملؤها السخرية «لا يهمّ، سيأتي هذا (الشكر) مع الوقت».

وأثارت هذه التصريحات استنكارا شديدا في كلّ من نجامينا ودكار. وفي بيان أصدره وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كلام الله أعربت نجامينا عن «قلقها العميق عقب تصريحات (...) ماكرون التي تعكس موقف ازدراء تجاه أفريقيا والأفارقة». وفي بيانه الذي تلاه التلفزيون الرسمي أكّد الوزير التشادي أنّه «ليست لديه أيّ مشكلة مع فرنسا»، لكن بالمقابل «يجب على القادة الفرنسيين أن يتعلموا احترام الشعب الأفريقي».

وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، ألغت تشاد الاتفاقيات العسكرية التي كانت تربطها بالقوة الاستعمارية السابقة. وشدّد الوزير التشادي على أنّ «الشعب التشادي يتطلّع إلى السيادة الكاملة والاستقلال الحقيقي وبناء دولة قوية ومستقلة».

بدوره، ندّد بتصريح ماكرون رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو، مؤكّدا في بيان أنّه لولا مساهمة الجنود الأفارقة في الحرب العالمية الثانية في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي «لربّما كانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية».

وفي كلمته أمام السفراء الفرنسيين في العالم قال ماكرون إنّ قرار سحب القوات الفرنسية من أفريقيا اتّخذته باريس بالتشاور والتنسيق مع هذه الدول. وقال الرئيس الفرنسي «لقد اقترحنا على رؤساء دول أفريقية إعادة تنظيم وجودنا، وبما أنّنا مهذّبون للغاية، فقد تركنا لهم أسبقية الإعلان» عن هذه الانسحابات. واضطرت فرنسا رغما عنها لسحب قواتها من دول أفريقية عديدة في السنوات الأخيرة.

وبالنسبة لسونكو الذي أعلنت بلاده في الأسابيع الأخيرة إنهاء أيّ وجود عسكري فرنسي على أراضيها خلال العام الجاري فإنّ ما أدلى به ماكرون «خاطئ بالكامل» إذ «لم يتمّ إجراء أيّ نقاش أو مفاوضات حتى الآن، والقرار الذي اتّخذته السنغال نابع من إرادتها الوحيدة، كدولة حرة ومستقلة وذات سيادة».

كما هاجم رئيس الوزراء السنغالي الرئيس الفرنسي بسبب تهمة «الجحود» التي وجّهها سيّد الإليزيه لقادة هذه الدول الأفريقية. وقال سونكو إنّ «فرنسا لا تمتلك لا القدرة ولا الشرعية لضمان أمن أفريقيا وسيادتها. بل على العكس من ذلك، فقد ساهمت في كثير من الأحيان في زعزعة استقرار بعض الدول الأفريقية مثل ليبيا، ممّا أدّى إلى عواقب وخيمة لوحظت على استقرار وأمن منطقة الساحل».

بدوره، شدّد وزير الخارجية التشادي على «الدور الحاسم» لأفريقيا وتشاد في تحرير فرنسا خلال الحربين العالميتين وهو دور «لم تعترف به فرنسا أبدا»، فضلا عن «التضحيات التي قدّمها الجنود الأفارقة». وأضاف كلام الله «خلال 60 عاما من الوجود الفرنسي (...) كانت مساهمة فرنسا في كثير من الأحيان مقتصرة على مصالحها الاستراتيجية الخاصة، من دون أيّ تأثير حقيقي دائم على تنمية الشعب التشادي».