الوزارات السعودية تتنافس لتثبيت أقدامها على «تويتر»

مدير الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية لـ«الشرق الأوسط» : الإعلام الاجتماعي لم يعد رفاهية بل ضرورة

بلغ عدد متابعي وزارة التجارة والاستثمار السعودية 1.6 مليون على «تويتر»
بلغ عدد متابعي وزارة التجارة والاستثمار السعودية 1.6 مليون على «تويتر»
TT

الوزارات السعودية تتنافس لتثبيت أقدامها على «تويتر»

بلغ عدد متابعي وزارة التجارة والاستثمار السعودية 1.6 مليون على «تويتر»
بلغ عدد متابعي وزارة التجارة والاستثمار السعودية 1.6 مليون على «تويتر»

قال بنجامين أمبن، رئيس قسم الإيرادات في «تويتر» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن السعودية هي محرك المنطقة، وتحتل مكاناً على قائمة الدول العشر الأكثر استخداماً لتطبيق التواصل حول العالم. وأشار أمبن في مقابلة مع «الشرق الأوسط» الشهر الماضي إلى أن السبب وراء ذلك هو تركيبة السعودية السكانية الشبابية. وأضاف أمبن: «جوهر (تويتر) أنه منبر يواكب الفعاليات في أثناء حدوثها والمصدر لاكتشاف تعديلات طارئة على الحكومات».
اليوم، لدى أكثر من 82% من قادة العالم حسابات على هذا المنبر. ويتزايد اعتماد السعودية، السوق الأكبر للتطبيق في المنطقة على «تويتر». ولذلك، تننافس وزارات المملكة على تثبيت أقدامها في شبكات التواصل الاجتماعي، ويحظى «تويتر» بنصيب الأسد، بصفته الموقع الأكثر استعمالاً من قبل السعوديين، إذ تتباهى هذه الوزارات بحساباتها المليونية، التي تعمل على مدار الساعة في بث الأخبار والتفاعل اللحظي مع الجمهور، وهو ما يعد انعطافة لافتة لأدوات الإعلام الحكومي، مع ما تحققه هذه الوزارات من تصاعد «تويتري» فائق السرعة.
- حساب «الخارجية» الأول عربياً
قبل أيام قليلة، احتفى حساب وزارة الخارجية السعودية في «تويتر»، بكونه يحتل المركز الأول عربياً والثاني عالمياً من حيث المتابعة والتأثير والتفاعل. مما يعني أن حساب الخارجية السعودية الذي جاء تأسيسه في «تويتر» عام 2010، استطاع خلال فترة وجيزة تجاوز أهم حسابات وزارات الخارجية العالمية الأخرى.
ويوضح تفاصيل ذلك أسامة نقلي، مدير الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية، قائلاً: «حقق حساب الوزارة على موقع (تويتر) في النصف الأول من عام 2017 الجاري 169 مليون مشاهدة، و887 تغريدة، و287 إنفوجرافيك، و74 فيديو، و421 ألف ريتويت، و193 ألف إعجاب، و33 ألف رد، ويتابعه اليوم أكثر من 1.7 مليون متابع».
ويتابع نقلي حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «لم تعد شبكات الإعلام الاجتماعي، رفاهية أو مجرد أداة اصطلاحية للسياسة الخارجية، بل أضحت اليوم ضرورة، خصوصاً في ظل ثورة المعلومات والتطور المستمر والمتسارع لشبكات التواصل». مضيفاً: «قرابة نصف سكان العالم يستخدمون الإنترنت وربعهم يتعايش مع شبكات التواصل الاجتماعي 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع».
ويردف: «احتلت منصات الوزارة على شبكات التواصل الاجتماعي مراتب متقدمة عربياً وعالمياً في مستوى التفاعل والمتابعة، واتباع أسلوب نشر إلكتروني متطور باستخدام الإنفوغرافكس والموشن غرافكس والملتيميديا وتفعيل الدبلوماسية الرقمية. وباعتبار وزارة الخارجية نافذة العلاقات الدولية في المملكة، تقوم تلك المنصات بالتعريف بالمملكة وأنشطتها بـ18 لغة ورسائل متناغمة، تعكس من خلالها مواقف المملكة للجمهور الخارجي، وتبني جسور التواصل مع شعوب دول العالم، وتبرز الوجه الحضاري والتاريخي والثقافي للبلاد».
- وزارة التجارة وحملات التسويق
من ناحيته، يوضح عبد الرحمن الحسين، المتحدث باسم وزارة التجارة والاستثمار، أن عدد متابعي حساب الوزارة في موقع «تويتر» بلغ 1.6 مليون متابع، قائلاً: «هو منصة للإعلام والتواصل مع الرأي العام وأكثر من ذلك أيضاً، إذ تحول إلى منصة لخدمة العملاء، من الساعة 8 صباحاً حتى 12 منتصف الليل، ويتم خلاله استقبال البلاغات العاجلة وضبط المخالفات بسرعة عالية».
ويفصح الحسين لـ«الشرق الأوسط»، عن أن حساب وزارة التجارة في «تويتر» تم اختياره لإجراء 6 رسائل للماجستير والدكتوراه، قائلاً: «اختير الحساب نموذجاً لحسابات الوزارات السعودية». وعن حراك الوزارة في «تويتر» يقول: «هذا العام نشرنا 33 حملة تسويقية وتوعوية وكانت المنصة داعمة لنشر ثقافة حقوق المستهلك بمعرفة حقوقهم وتعريف رواد الأعمال بخدمات الوزارة الإلكترونية التي تسهل عليهم إنجاز أعمالهم، كذلك خدمات قطاع الأعمال من سجلات تجارية وعلامات تجارية وأعمال الشركات وغيرها، إلى جانب إعلانات التشهير بالمخالفين وإجراءات تحسين بيئة الأعمال».
- «العمل والتنمية» تستعين بالسوشيال ميديا
أما خالد أبا الخيل، المتحدث باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، فيرى أن شبكات التواصل الإعلامية أصبحت منصة مهمة لإيصال الرسائل التوعوية والمعلوماتية التي تخدم عملاء الوزارة والمستفيدين من خدماتها في مختلف المناطق «من خلال إبراز المبادرات والبرامج التي تعمل عليها منظومة العمل والتنمية الاجتماعية لتنظيم سوق العمل ورفع معدلات التوطين لدى منشآت القطاع الخاص في بيئات عمل مستقرة ومحفزة ومنتجة، بالتعاون مع الجهات التي تعمل مع الوزارة وفق شراكة استراتيجية».
ويتابع أبا الخيل حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «قنوات الوزارة في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي تركز على بث المعلومات المباشرة التي تخدم العملاء بمختلف شرائحهم، بأساليب متنوعة منها من خلال رسائل نصية مكتوبة (تغريدات)، وأخرى في إنفوغرافيك، وثالثة عبر فيديوهات، وغيرها من الوسائل التي نسعى أن تكون بطابع يمكّن من سرعة الانتشار والتداول وفي وقت وجيز وسريع ويخدم المعنيين من محتوياتها. كما أن للوزارة حساباً آخر مخصصاً لخدمة العملاء يتفاعل معهم باستمرار ويتلقى طلباتهم وشكاواهم».
وفي مسح سريع لعدد متابعي حسابات الوزارات السعودية على شبكة «تويتر»، اتضح أن حساب وزارة الداخلية يتربع على عرش اهتمام السعوديين، بواقع 2.3 مليون متابع. أما الحسابات التي يتجاوز عدد متابعيها حدود المليون ونصف المليون فتشمل (التعليم، الصحة، الخارجية، التجارة والاستثمار، العمل والتنمية الاجتماعية). ويحظى حساب وزارة الخدمة المدنية بـ1.1 مليون متابع، في حين يتراوح متوسط متابعي حسابات بقية الوزارات حدود نصف المليون متابع.
يأتي ذلك في حين يستحوذ السعوديون على 29% من عدد الحسابات العربية في «تويتر»، بعد أن كانت حصتهم تبلغ نحو 40% من قبل 3 أعوام، إلا أن هذا التراجع في الحجم لم ينعكس إطلاقاً على نسبة تفاعلهم، حيث يحتل السعوديون نسبة التفاعل الأولى في العالم مقارنةً مع عدد السكان، حسب أحدث الإحصاءات.


مقالات ذات صلة

إيلون ماسك سيستضيف زعيمة اليمين المتطرف الألمانية في مقابلة مباشرة

أوروبا صورة ملتقطة في 17 ديسمبر 2024 بالعاصمة الألمانية برلين تظهر فيها أليس فايدل زعيمة الكتلة البرلمانية لحزب «البديل من أجل ألمانيا» خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

إيلون ماسك سيستضيف زعيمة اليمين المتطرف الألمانية في مقابلة مباشرة

أعلنت المرشحة الرئيسية للانتخابات البرلمانية الألمانية عن حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، أنها ستُجري حواراً مباشراً عبر الإنترنت مع إيلون ماسك.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

مددت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مهلة حتى الاثنين المقبل، أمام إيلون ماسك للرد على عرضها لحسم تحقيق في استحواذه على «تويتر» مقابل 44 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك رئيس شركة «تسلا» ومنصة «إكس» (أ.ب)

إيلون ماسك يسخر من مسؤول كبير في «الناتو» انتقد إدارته لـ«إكس»

هاجم إيلون ماسك، بعد تعيينه مستشاراً للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مسؤولاً كبيراً في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الملياردير الأميركي إيلون ماسك مالك منصة «إكس» (رويترز)

صحف فرنسية تقاضي «إكس» بتهمة انتهاك مبدأ الحقوق المجاورة

أعلنت صحف فرنسية رفع دعوى قضائية ضد منصة «إكس» بتهمة استخدام المحتوى الخاص بها من دون دفع ثمنه.

«الشرق الأوسط» (باريس)

رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
TT

رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)

في ظل صراعات وحروب إقليمية متصاعدة وتطورات ميدانية متسارعة، لعب الإعلام أدواراً عدة، سبقت في بعض الأحيان مهمات القوات العسكرية على الأرض؛ ما ألقى بظلال كثيفة على وسائل الإعلام الدولية. تزامن ذلك مع زيادة الاعتماد على «المؤثرين» ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار؛ ما دفع رئيسة «منتدى مصر للإعلام»، نهى النحاس، إلى التحذير من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار.

وفي حوارها مع «الشرق الأوسط»، عدّت نهى دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار «خطأً مهنياً»، وقالت إن «صُناع المحتوى و(المؤثرين) على منصات التواصل الاجتماعي يقدمون مواد دون التزام بمعايير مهنية. ودمجهم في غرف الأخبار كارثة مهنية».

وأشار تقرير نشره «معهد رويترز لدراسات الصحافة»، أخيراً، إلى «نمو في الاعتماد على مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار». ومع هذا النمو باتت هناك مطالبات بإدماج صناع المحتوى في غرف الأخبار. لكن نهى تؤكد أن الحل ليس بدمج المؤثرين، وتقول: «يمكن تدريب الصحافيين على إنتاج أنواع من المحتوى تجذب الأجيال الجديدة، لكن يجب أن يكون صانع المحتوى الإعلامي صحافياً يمتلك الأدوات والمعايير المهنية».

وتعد نهى «الإعلام المؤسسي أحد أبرز ضحايا الحروب الأخيرة»، وتقول إن «الإعلام استُخدم باحة خلفية للصراع، وفي بعض الأحيان تَقدمَ القوات العسكرية، وأدى مهمات في الحروب الأخيرة، بدءاً من الحرب الروسية - الأوكرانية وصولاً إلى حرب غزة».

وتبدي نهى دهشتها من الأدوار التي لعبها الإعلام في الصراعات الأخيرة بعد «سنوات طويلة من تراكم النقاشات المهنية ورسوخ القيم والمبادئ التحريرية».

وتاريخياً، لعب الإعلام دوراً في تغطية الحروب والنزاعات، وهو دور وثّقته دراسات عدة، لكنه في الحروب الأخيرة «أصبح عنصراً فاعلاً في الحرب؛ ما جعله يدفع الثمن مرتين؛ أمام جمهوره وأمام الصحافيين العاملين به»، بحسب نهى التي تشير إلى «قتل واغتيال عدد كبير من الصحافيين، واستهداف مقرات عملهم في مناطق الصراع دون محاسبة للمسؤول عن ذلك، في سابقة لم تحدث تاريخياً، وتثبت عدم وجود إرادة دولية للدفاع عن الصحافيين».

وتقول نهى: «على الجانب الآخر، أدت ممارسات مؤسسات إعلامية دولية، كانت تعد نماذج في المهنية، إلى زعزعة الثقة في استقلالية الإعلام»، مشيرة إلى أن «دور الإعلام في الحروب والصراعات هو الإخبار ونقل معاناة المدنيين بحيادية قدر المستطاع، لا أن يصبح جزءاً من الحرب وينحاز لأحد طرفيها».

نهى النحاس

وترفض نهى «الصحافة المرافقة للقوات العسكرية»، وتعدها «صحافة مطعوناً في صدقيتها»، موضحة أن «الصحافي أو الإعلامي المرافق للقوات ينظر للمعركة بعين القوات العسكرية التي يرافقها؛ ما يعني أنه منحاز لأحد طرفَي الصراع». وتقول: «عندما ينخرط الصحافي مع جبهة من الجبهات لا يعود قادراً على نقل الحقائق».

وضعت الحروب الأخيرة الصحافيين في غرف الأخبار «أمام واقع جديد جعل أصواتهم غير مسموعة في مؤسساتهم، في بعض الأحيان»، وتوضح نهى ضاربة المثل بالرسالة المفتوحة التي وقّعها عدد من الصحافيين في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية ضد تغطية حرب غزة وتجاهل قتل عدد كبير من الصحافيين، والتي أدت في النهاية إلى إيقافهم عن تغطية حرب غزة.

زعزعت الانحيازات الإعلامية في التغطية، الثقة في استقلالية الإعلام، وأفقدت مؤسسات إعلامية كبرى مصداقيتها، بعد أن كانت حتى وقت قريب نماذج للالتزام بالمعايير المهنية. ورغم ما فقدته مؤسسات الإعلام الدولية من رصيد لدى الجمهور، لا تتوقع نهى أن «تقدم على تغيير سياستها؛ لأن ما حدث ليس مجرد خطأ مهني، بل أمر مرتبط بتشابك مصالح معقد في التمويل والملكية». ولفتت إلى أن «الحروب عطّلت مشروعات التطوير في غرف الأخبار، وأرهقت الصحافيين نفسياً ومهنياً».

وترى أن تراجع الثقة في نماذج الإعلام الدولية، يستدعي العمل على بناء مدارس إعلامية محلية تعكس الواقع في المجتمعات العربية، مشيرة إلى وجود مدارس صحافية مميزة في مصر ولبنان ودول الخليج لا بد من العمل على تطويرها وترسيخها بعيداً عن الاعتماد على استلهام الأفكار من نماذج غربية.

بناء تلك المدارس الإعلامية ليس بالأمر السهل؛ فهو بحسب نهى «يحتاج إلى نقاش وجهد كبير في التعليم وبناء الكوادر وترسيخ الإيمان بالإعلام المستقل». وهنا تؤكد أن «استقلالية الإعلام لا تعني بالضرورة تمويله من جهات مستقلة، بل أن تكون إدارته التحريرية مستقلة عن التمويل قدر الإمكان»، مشددة على أن «التمويل العام لوسائل الإعلام مهم ومرحّب به، لا سيما في لحظات الاستقطاب السياسي؛ حتى لا يلعب المال السياسي دوراً في تخريب مصداقية المؤسسة».

غيّرت الحروب غرف الأخبار وألقت بظلالها على طريقة عملها، لتعيد النقاشات الإعلامية إلى «الأسس والمعايير والأخلاقيات»، تزامناً مع تطورات تكنولوجية متسارعة، ترى نهى أنها «ضرورية لكن كأدوات لإيصال الرسالة الإعلامية بفاعلية».

من هذا المنطلق، ترفض نهى التوسع في مناقشة قضايا الذكاء الاصطناعي على حساب القضايا المهنية، وتقول: «نحتاج إلى إعادة تثبيت وترسيخ القواعد المهنية، ومن ثم الاهتمام بالأدوات التي تسهل وتطور الأداء، ومن بينها الذكاء الاصطناعي الذي لا يمكن إنكار أهميته».

وتضيف: «إذا كان الأساس به خلل، فإن الأداة لن تعالجه؛ لذلك لا بد من مناقشات في غرف الأخبار حول الأسس المهنية لاستعادة الجمهور الذي انصرف عن الأخبار».

وبالفعل، تشير دراسات عدة إلى تراجع الاهتمام بالأخبار بشكل مطرد، تزامناً مع تراجع الثقة في الإعلام منذ جائحة «كوفيد-19»، وتزايد ذلك مع الحرب الروسية - الأوكرانية. ووفقاً لمعهد «رويترز لدراسات الصحافة»، فإن «نحو 39 في المائة من الجمهور أصبحوا يتجنبون الأخبار».

وهنا تقول نهى إن «الثقة تتراجع في الإعلام بشكل مطرد؛ لأن الجمهور يشعر أن صوته لم يعد مسموعاً، إضافة إلى تشبع نسبة كبيرة من الجمهور بأخبار الحرب، إلى حد مطالبة البعض بنشر أخبار إيجابية». وتضيف أن «هذا التراجع امتزج مع صعود منصات التواصل التي أصبحت يُخلط بينها وبين الإعلام المؤسسي، لا سيما مع ما قدمته من متابعات للحروب والصراعات الأخيرة».

وتشير رئيسة «منتدى مصر للإعلام» إلى أن «الحروب الأخيرة في أوكرانيا وغزة وضعت أعباء مالية، وفرضت محتوى مختلفاً على المؤسسات الإعلامية أدى إلى زيادة تجنب الجمهور للأخبار»، بحسب ما جاء في دراسة نشرها معهد «رويترز لدراسات الصحافة»؛ ما يستلزم البحث عن وسائل لإعادة جذبه، أو لـ«غرفة أخبار ثالثة» كما فعلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، مستهدفة «جذب مزيد من القراء وزيادة الموارد».

وتستهدف «غرفة الأخبار الثالثة» إنشاء محتوى خاص لمنصات التواصل الاجتماعي، ومقاطع فيديو قصيرة تتناول موضوعات متنوعة لجذب الأجيال المرتبطة بالهواتف الذكية.

ويعد التدريب واحداً من أدوار المنتديات الإعلامية، ومن بينها «منتدى مصر للإعلام». وأوضحت نهى، في هذا المجال، أن «المنتديات الإعلامية هي تعبير عن الواقع الإعلامي لدولةٍ أو منطقةٍ ما، ونقطة تلاقٍ لمناقشة قضايا ومعارف مهنية، وملاحقة التطورات التكنولوجية».

وكان من المقرر عقد النسخة الثالثة من «منتدى مصر للإعلام» نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن تم تأجيلها «بسبب الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة والتي كانت ستؤثر على حضور بعض ضيوف (المنتدى)»، بحسب نهى التي تشير إلى أنه «سيتم عقد النسخة الثالثة من (المنتدى) منتصف 2025».

وتوضح أنه «يجري حالياً مراجعة أجندة (المنتدى) وتحديثها وتغييرها استعداداً للإعلان عنها في الربع الأول من العام المقبل»، مشيرة إلى أنه لم يتم الاستقرار بعدُ على عنوان النسخة الثالثة، وإن كان هناك احتمال للإبقاء على عنوان النسخة المؤجلة «يمين قليلاً... يسار قليلاً!».

وتقول نهى إن «منتدى مصر للإعلام» سيركز كعادته على المناقشات المهنية والتدريبات العملية، لا سيما «منصة سنة أولى صحافة» المخصصة لتقديم ورش تدريبية لطلاب الإعلام تتناول الأساسيات والمعايير المهنية.

وتختتم حديثها بالتأكيد على أن الالتزام بالمعايير المهنية هو الأساس لبقاء الإعلام المؤسسي، مجددة الدعوة لفتح نقاشات جادة بشأن مأسسة نماذج إعلام محلية في المنطقة العربية.