إسرائيل تستهدف قاعدة عسكرية قرب دمشق

فتى يتحقق من هوية أحد القتلى بعد غارة على غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)
فتى يتحقق من هوية أحد القتلى بعد غارة على غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستهدف قاعدة عسكرية قرب دمشق

فتى يتحقق من هوية أحد القتلى بعد غارة على غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)
فتى يتحقق من هوية أحد القتلى بعد غارة على غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)

استهدفت طائرات إسرائيلية قاعدة عسكرية في منطقة الكسوة في جنوب دمشق، تباينت المعلومات حول هويتها بين «مستودعات أسلحة»، كما أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أو تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران كنقطة تجمع لها وتنطلق منها لاستئناف عملياتها في جنوب سوريا، بحسب ما قالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط». وتحدثت معلومات أخرى عن أن القصف جاء من داخل الأجواء أو الأراضي اللبنانية.
وأقر النظام السوري بتدمير الغارات الإسرائيلية أهدافاً عسكرية في جنوب سوريا، إذ أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الدفاعات الجوية للجيش النظامي السوري اعترضت صواريخ إسرائيلية كانت تستهدف «موقعاً عسكرياً» في ريف دمشق، ودمرت اثنين منها، مؤكدة أن إسرائيل أطلقت بعد منتصف ليل الجمعة - السبت عدة صواريخ أرض أرض باتجاه أحد المواقع العسكرية في ريف دمشق. مضيفة: «تصدت لها وسائط دفاعنا الجوي ودمرت صاروخين منها». وأسفر القصف الإسرائيلي، وفق الوكالة الرسمية، عن «خسائر مادية».
وأفاد «المرصد السوري» بأن القصف الصاروخي «استهدف مواقع قرب منطقة الكسوة في ريف دمشق الجنوبي الغربي، بينها مستودع أسلحة»، من غير أن يحدد ما إذا كان المستودع يعود للجيش السوري النظامي أو حلفائه في حزب الله اللبناني. وأكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن القصف استهدف «مستودعاً للأسلحة في المنطقة».
وفيما رفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي التعليق على الحادثة رداً على سؤال لوكالة «الصحافة الفرنسية»، كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن صواريخ استهدفت القاعدة العسكرية التي تبنيها إيران في منطقة الكسوة بريف دمشق، إضافة إلى استهداف «اللواء 91» بمحيط بلدة كناكر، محدثة انفجارات عدة سمع دويها في أرجاء العاصمة دمشق. بينما أفاد موقع «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلي بأن القاعدة التي استهدفتها إسرائيل ليلاً قرب دمشق هي تلك التي نشرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» صوراً لها مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويرجح أن هذا الموقع هو القاعدة العسكرية الإيرانية التي كشفت عنها هيئة الإذاعة البريطانية أخيراً، والتي تبنيها القوات الإيرانية قرب دمشق. وذكرت «بي بي سي»، أن إيران لم تنته بعد من إنشاء القاعدة العسكرية «الضخمة»، فيما أظهرت صور أقمار صناعية التقطت بين يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن القاعدة تقام على منطقة تابعة لقوات النظام، وتحديداً على بعد 14 كم من منطقة الكسوة، وعلى بعد نحو 50 كيلومتراً من مرتفعات الجولان المحتلة.
وتظهر صور جوية التي عرضتها «بي بي سي» أكثر من 20 مبنى منخفضاً، مرجحاً أنها ستستخدم لإيواء الجنود وتخزين المركبات، لكنه استدرك بالقول إنه لا يمكن تحديد أهداف القاعدة ولا تأكيد تواجد الجيش الإيراني فيها. وقالت مصادر محلية في المنطقة لوكالة «الأناضول»، إن صواريخ عدة استهدفت موقعا عسكريا في جبل المانع غرب مدينة الكسوة، مشيرين إلى أن الموقع المذكور هو تحت النفوذ الإيراني وفيه مقاتلون من «حزب الله»، كما يحتوي على معمل لتصنيع الأسلحة والمواد المتفجرة. وأضافت المصادر أن القصف استهدف كذلك الفوج 137 التابع للنظام في المنطقة نفسها.
وأكدت مصادر المعارضة السورية في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» أن المقر العسكري الضخم في منطقة الكسوة «يعتبر نقطة تجمع للميليشيات المدعومة من إيران في جنوب سوريا، وتتشارك فيه وجودها مع قوات النظام السوري»، مؤكدة أنه يمثل «نقطة انطلاق للمعارك التي تخوضها تلك القوات في الريف الجنوبي الغربي لدمشق، وآخرها المعارك التي تخاض على جبهة بلدة بيت الجن»، آخر معاقل المعارضة على الحدود اللبنانية، والمواجهة لبلدة شبعا في جنوب لبنان، وتمتد جغرافيتها إلى مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل.
والتقت الترجيحات على أن الغارات نفذت من داخل الأراضي اللبناني، حيث أفادت وكالة «أناضول» بأن أربعة صواريخ شوهدت تخرج من موقع تل الفرس العسكري في الجولان المحتل، بعد منتصف الليل، باتجاه ريف دمشق.
وغالباً ما تستخدم الطائرات الإسرائيلية الأراضي اللبنانية منصة لإطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي السورية، وكان آخرها في مطلع شهر نوفمبر الماضي، حين استهدفت طائرات حربية إسرائيلية مستودع أسلحة في ريف حمص في وسط البلاد.
وتحدثت مصادر ميدانية في جنوب لبنان لـ«الشرق الأوسط» عن حركة طيران إسرائيلية ناشطة ليل الجمعة - السبت، نفذت تحليقاً على علو منخفض في أجواء منطقي الزهراني والنبطية، وهي الأجواء المقابلة للأجواء السورية المفتوحة على منطقتي القنيطرة وريف دمشق.
وعادة ما ينشط الطيران الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية، وينفذ غارات وهمية تسبق ضربات تستهدف أهدافاً داخل الأراضي السورية.
ورغم تراجع الخروق الجوية الإسرائيلية للأجواء السورية منذ تثبيت أنظمة الدفاع الجوي الروسي «إس 400» في الساحل السوري، فإن إسرائيل واظبت على قصف أهداف داخل الأراضي السورية وتركزت في ريفي دمشق وحمص القريبين من الحدود مع لبنان، كما استهدفت مناطق محيطة بمطار دمشق الدولي.
وكانت القوات الجوية الإسرائيلية قالت إنها أصابت قوافل أسلحة تابعة للجيش السوري النظامي وحزب الله اللبناني ما يقرب من 100 مرة خلال الحرب السورية المستمرة منذ أكثر من ستة أعوام.



انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)
الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)
الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)

بعد قرابة شهرين من إعلان الجماعة الحوثية تشكيل حكومتها غير المعترف بها، بدأت الجماعة إعادة هيكلة الجهاز الإداري لمؤسسات الدولة التي تسيطر عليها، عبر قرارات دمج وتقليص وصفها خبراء قانونيون بأنها لأدلجة المؤسسات و«حوثنة» الوظيفة العامة. وأصدر ما يسمى المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الحوثي) قراراً لإنشاء ما سُمِيَ «آلية استكمال تنفيذ عملية الدمج والتحديث للهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة»، وهو القرار الذي تحفظت الجماعة على مضمونه، واكتفت بالإعلان عن تقسيمه وعدد مواده وفصوله، ويأتي ضمن ما يعرف بالتغييرات الجذرية التي أعلن عنها زعيم الجماعة قبل أكثر من عام. كما صدرت قرارات وتعليمات بالبدء بإجراءات دمج مصلحتَي الضرائب والجمارك في كيان واحد، وكذلك الأمر مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، وتحويل كل من مركز الدراسات والبحوث اليمني التابع لجامعة صنعاء، ومركز التطوير التربوي التابع لوزارة التربية والتعليم كياناً واحداً بمسمى «الهيئة العامة للعلوم والبحوث والابتكار».

تسعى الجماعة الحوثية إلى تعزيز قبضتها على مؤسسات الدولة المختطفة (أ.ف.ب)

وبحسب إفادة مصادر قانونية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجماعة الحوثية تدرس دمج الكثير من المؤسسات والهيئات الحكومية الخاضعة لسيطرتها في مساعٍ لتقليص حجم الهيكل الإداري من جهة، وتحويل مؤسسات الدولة كيانات تابعة لقيادة الجماعة، وتعيين أتباعها في مختلف المناصب والوظائف داخلها.

وحذَّرت المصادر من وجود نوايا لدى قادة في الجماعة الحوثية لإلغاء المعاشات التقاعدية، وذلك بعد قرار دمج المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالهيئة العامة للتأمينات والمعاشات. المصادر ألمحت إلى أن الهيئة والمؤسسة جرى الاستيلاء على مواردهما وأرصدتهما البنكية من قِبل الجماعة الحوثية؛ وهو ما يهدد بإفلاسهما حتى مع دمجهما في كيان واحد، وحرمان عشرات الآلاف من المستفيدين منهما من حقوقهم، إضافة إلى إدراج أسماء قتلى الجماعة في الحرب ضمن أولئك المستفيدين عنوة.

تحايل وتغول

وتعمل الجماعة الحوثية طبقاً للمصادر على إعادة تصميم هياكل الوزارات مع إقرار لوائح تقضي بحرمان الوزراء في حكومة الانقلاب من الإشراف على القطاعات والمؤسسات والهيئات الإيرادية، مثل منع وزير الشباب والرياضة من الإشراف على صندوق النشء والشباب، ومنع وزير النقل والأشغال العامة من الإشراف سوى على المراكز البحرية. وفسرت المصادر القانونية في صنعاء هذا التوجه بأن الجماعة تنوي التغول داخل مؤسسات الدولة من خلال مَن تعينهم مسؤولين على قطاعاتها الإيرادية، في حين سيتم تعيين الوزراء من انتماءات جغرافية أو سياسية أو فئوية لا ترتبط بالجماعة الحوثية عرقياً أو عقائدياً للتمويه على نهج السيطرة على الدولة ونهب مواردها.

القادة الحوثيون يتنافسون على السيطرة على المؤسسات وبناء كيانات موازية لها (إ.ب.أ)

ويرى الخبير القانوني اليمني محمد حيدر أن هذه القرارات والإجراءات لا تفتقر فقط إلى الشرعية والمشروعية لكونها صادرة عن حكومة لا يعترف بها أحد، بل وتفتقر أيضاً إلى الموضوعية والمنطق القانوني، وتأتي ضد طبيعة التطور القانوني والإداري للدولة التي يفترض أن تتوسع بنيتها ويزيد عدد قطاعاتها بمرور الوقت. وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يتهم حيدر، وهو أحد قيادات وزارة الشؤون القانونية السابقين، الجماعة الحوثية بانتهاج سلوك رجعي يهدف إلى تخلي الدولة عن واجباتها تجاه السكان الذين تتزايد أعدادهم باستمرار، وينتج من هذه الزيادة والتطورات التي تشهدها مختلف المجالات متطلبات تقتضي توسع هيكل الدولة، وإنتاج المزيد من المهام والواجبات. وينوّه إلى أن هذا السلوك الرجعي اتضح بشكل جلي عند إلغاء الجماعة لوزارة الشؤون القانونية، واستبدالها بمكتب تابع لمجلس الحكم الانقلابي يتولى مهامها نفسها؛ وهو ما يشير إلى وجود نوايا لإعادة الدولة إلى أشكال بدائية وقديمة من الهياكل التنظيمية والإدارية.

توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

وتربط المصادر بين قرارات دمج المؤسسات وما يسمى «مدونة السلوك الوظيفي» التي أعلنت الجماعة الحوثية عنها قبل أكثر من عامين وأجبرت الموظفين العموميين على التوقيع عليها، والالتزام بما فيها من مقررات ملزمة لهم بالتبعية للجماعة وموالاتها.

توسيع دائرة الفساد

ومنذ قرابة الشهر تعمل الجماعة الحوثية على إجراء تعديلات لأحكام قانون السلطة القضائية، بإجراءات مخالفة لما هو متعارف عليه دستورياً وقانونياً عند تعديل القوانين واللوائح، إلى جانب تنفيذ حركة تعيينات لعدد من القضاة الموالين لها، وإزاحة من ليس محسوباً عليها، تحت مسمى «الإصلاحات ومواجهة القصور». وأوضح حيدر، وهو ممن أبعدتهم الجماعة الحوثية عن مناصبهم، أن الكثير من الممارسات تؤكد بوضوح هذا النهج، بدءاً بإيقاف رواتب الموظفين العموميين، والتوقف أو التراجع عن تقديم الكثير من الخدمات، أو رفع أسعارها بشكل كبير، وممارسة الجبايات وفرض الإتاوات مقابل خدمات يفترض أنها أبسط واجبات الدولة تجاه مواطنيها. ولفت حيدر، إلى أن الإجراءات الحوثية ستؤدي إلى تقليص حجم الجهاز الإداري للدولة، وتوسيع مهام المسؤولين فيه؛ ما يتناقض تماماً مع مبادئ وسياسات مكافحة الفساد المتبعة حول العالم، ومع مع تقرّه الدساتير والقوانين واللوائح.

الجماعة الحوثية ألغت وزارة الشؤون القانونية في حكومتها الانقلابية (فيسبوك)

وأبدى أكاديميون وباحثون في مركز الدراسات والبحوث اليمني استياءهم الشديد من دمج المركز مع هيئة تابعة لوزارة التربية والتعليم، وعدّوا ذلك انتقاصاً من دور المركز ومهامه، وتهميشاً لدوره، واعتداءً على تاريخه الذي يزيد على خمسة عقود. واستغرب عدد من الباحثين في المركز من أن يجري طمس وجود مركز بهذه العراقة والتاريخ بقرار اتخذته جماعة لا علاقة لها بالعلم أو البحث العلمي، ولا تهتم بتاريخ الدولة ومؤسساتها، وفق تعبير عدد منهم. وتتوقع المصادر أن يتم استغلال عمليات دمج المؤسسات لإزاحة مئات الموظفين الذين لم يثبتوا ولاءهم للجماعة، خصوصاً وأن عمليات الدمج ستتضمن إجراءات هيكلة وإعادة بناء. ويرجّح أن يتم إقصاء جميع الموظفين العموميين الذين رفضوا المشاركة في دورات ثقافية تنفذها الجماعة لنشر أفكارها، وغيرهم ممن لا يشاركون في فعالياتها ومظاهراتها واحتفالاتها.