فصائل تعلن إسقاط مروحية للنظام بين دمشق وحدود لبنان

TT

فصائل تعلن إسقاط مروحية للنظام بين دمشق وحدود لبنان

أسقطت فصائل معارضة مروحيةً تابعة لقوات النظام السوري في ريف دمشق الغربي، حيث تخوض قوات النظام منذ 3 أيام أعنف معارك في مسعى لاستعادة السيطرة على آخر البلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة قرب الحدود اللبنانية، وقطع شريان إمداد المعارضة الذي يمكنها من مهاجمة بلدة حضر الدرزية المحاذية لهضبة الجولان المحتل.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 3 ضباط، هم عميد وعقيد طيار ورائد، في المروحية التي استهدفتها الفصائل صباح أمس (الجمعة)، بصاروخ موجَّه في أثناء تحليقها في سماء ريف دمشق الجنوبي الغربي. وقال «المرصد» إن المروحية كانت تحلق في مهمة لإلقاء براميل متفجرة، كما هو الحال بشكل يومي في المنطقة. وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من الطائرة لدى إصابتها قبل سقوطها قرب بلدة كناكر.
وتبنّى «اتحاد قوات جبل الشيخ» المكون من عدة فصائل من بينها: أحرار، وتحرير الشام، وفصائل الجيش الحر، من إسقاط الطائرة، وقالوا إنهم استهدفوها في أثناء تحليقها في سماء الغوطة الغربية بصاروخ موجّه. وأقرّ النظام السوري بسقوط الطائرة بصاروخ من الأرض.
وتشهد بلدة بيت جن، القريبة من الحدود اللبنانية وهضبة الجولان المحتلة على حد سواء، وآخر البلدات الحدودية مع لبنان الخاضعة لسيطرة المعارضة السوري، معارك عنيفة يخوضها النظام السوري منذ الثلاثاء الماضي، في محاولة لاستعادة السيطرة على البلدة المحاصرة، بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي وجوي متواصل.
ويحمل الهجوم الأخير للنظام باتجاه بيت جن، الرقم 14 منذ عامين، وفشل النظام خلال الفترة الماضية باقتحام البلدة، كما فشلت قوات المعارضة في فك الحصار عنها، ولا يوجد منفذ للبلدة إلا مع مزارع شبعا اللبنانية المحتلة من قبل إسرائيل. وقالت مصادر بارزة في المعارضة في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» إن النظام «يسعى للسيطرة على آخر معاقل المعارضة قرب الحدود اللبنانية، ومنع اتصالها بالأراضي اللبنانية»، فضلاً عن أنه «يسعى لتأمين البلدات الدرزية المحاذية من الهجمات، كون البلدة تعتبر نقطة إمداد ناري للفصائل التي هاجمت حضر في الشهرين الأخيرين».
لكن قيادات سورية معارضة أخرى، تشكك في أن يكون الهدف السيطرة على آخر المعاقل الحدودية المعارضة مع لبنان، «بالنظر إلى أن المنطقة جبلية، ويصعب إحكام السيطرة عليها، وسيتوجه المقاتلون إلى المناطق الجبلية، ما يمهد لخطر على لبنان عندها»، كما قال النقيب براء النابلسي، قائد جيش «المعتز بالله» في جنوب سوريا لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً أن «بيت جن هي آخر معاقل المعارضة في الغوطة الغربية لدمشق، ويحاول النظام في أثناء مفاوضات جنيف أن يمتلك ورقة السيطرة على كامل الغوطة الغربية لدمشق».
وقال النابلسي إن «تأمين حدود لبنان ليس هدفاً بحد ذاته، بقدر ما هدفه أن يضع الثوار في مناطق جبلية بهدف خلق ذريعة لحزب الله بالبقاء في المنطقة، عبر الإيحاء بأن هؤلاء يشكلون خطراً على الحزب في داخل الأراضي اللبنانية».
وأكد النابلسي أن النظام «يسعى لتأمين المناطق الدرزية وإقناع الدروز بأنهم باتوا تحت حمايته ومنع الهجمات التي تنطلق من بيت جن ضدهم في حضر ومغر»، وهما قريتان يسكنهما الدروز وتقعان قرب هضبة الجولان المحتل، وتعرضتا خلال الأسابيع الفائتة لهجمات عنيفة بينها واحدة بسيارة مفخخة استهدفت قرية حضر، ووقفت وراءها «هيئة تحرير الشام».
وألقت مروحيات النظام، أمس، أكثر من 26 برميلاً متفجراً على مزرعة بيت جن، والضهر الأسود، وتل مروان، ومغر المير، بالتزامن مع قصف مكثف بالقذائف والصواريخ التي يعتقد أنها من نوع أرض – أرض، ما تسبب بمزيد من الدمار. وجاءت تلك المعارك العنيفة وتصعيد القصف، في استكمال لعمليات القصف الجوي التي اقتربت من إنهاء 10 أسابيع متتالية من القصف المدفعي والجوي المكثف، حيث ألقت مروحيات النظام خلال هذه الفترة أكثر من 750 برميلاً متفجراً على ريف دمشق الجنوبي الغربي، مع قصف بمئات الصواريخ وقذائف المدفعية والهاون والدبابات على قرى وبلدات ومزارع وتلال الريف الجنوبي الغربي للعاصمة دمشق.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل إسلامية أخرى على بلدة بيت جن والمناطق المحيطة بها.
وأشار «المرصد السوري» إلى أن «قوات النظام تحاصر تلك المنطقة التي تصاعدت حدة المعارك فيها منذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».
وتسابق معركة النظام على بيت جنّ، المساعي الدولية الهادفة إلى وضع البلدة ضمن المناطق المشمولة بخفض التصعيد، كون النظام يسعى لتحقيق الالتصاق بين قواته، والقوات الموالية له من أبناء الطائفة الدرزية في بلد حضر، علماً بأن بيت جنّ خارج نطاق الاتفاقات الدولية المرتبطة بخفض التصعيد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.