بابا الفاتيكان في بنغلاديش للقاء الروهينغا

طائرته حلقت فوق مخيماتهم لاجئي البائسة في «كوكس بازار»

بابا الفاتيكان فرنسيس الأول لدى وصوله إلى دكا المحطة الثانية والأخيرة في جنوب آسيا (رويترز)
بابا الفاتيكان فرنسيس الأول لدى وصوله إلى دكا المحطة الثانية والأخيرة في جنوب آسيا (رويترز)
TT

بابا الفاتيكان في بنغلاديش للقاء الروهينغا

بابا الفاتيكان فرنسيس الأول لدى وصوله إلى دكا المحطة الثانية والأخيرة في جنوب آسيا (رويترز)
بابا الفاتيكان فرنسيس الأول لدى وصوله إلى دكا المحطة الثانية والأخيرة في جنوب آسيا (رويترز)

بنغلاديش، ذات الأغلبية المسلمة، التي وصلها أمس بابا الفاتيكان فرنسيس الأول هي المحطة الثانية والأخيرة في جولة محاطة بالحساسيات السياسية. في ميانمار تفادى الحبر الأعظم التطرق لمأساة الأقلية المسلمة الروهينغا التي تتعرض «لتطهر عرقي» في بلد تقطنه أغلبية ساحقة من البوذيين، 50 مليون منهم، حتى لا يثير حفيظتهم ويتعرض القلة القليلة من الكاثوليك، 700 ألف منهم، لاضطهاد.
ولن يحتاج البابا لمثل هذه المناورة في دكا عاصمة بنغلاديش حيث من المتوقع أن يلتقي بمجموعة من لاجئي الروهينغا الذين وصل عددهم إلى نحو 625 ألف لاجئ فروا من ميانمار منذ نهاية أغسطس (آب)، خلال الحملة الأخيرة لمسلسل اضطهادهم.
ويوجد في بنغلاديش نحو 375 ألف كاثوليكي، وهو عدد صغير جدا بالنسبة لسكانها البالغ عددهم 160 مليون نسمة 90 في المائة منهم من المسلمين. والزيارة هي الثانية لبابا الفاتيكان خلال ثلاثة عقود. وكان البابا الأسبق الراحل يوحنا بولس الثاني قد زار بنغلاديش في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 1986. ويقول الكاردينال باتريك دي روزاريو، مطران دكا، إن زيارة البابا تبعث البهجة في نفوس الكاثوليك، الذين يمثلون نسبة صغيرة للغاية في بنغلاديش ذات الأغلبية المسلمة. وأشار المطران إلى أن الزيارة مهمة لبنغلاديش لأن البابا هو رئيس الفاتيكان من ناحية والحبر الأعظم في الكنيسة الكاثوليكية. وقال نيرمال روزاريو، رئيس الرابطة المسيحية في بنغلاديش، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية «إنها تمنحنا إحساسا بالفخر بأن عددا قليلا من الكاثوليك مثل هذا الذي يوجد في بنغلاديش يحظى باهتمام الفاتيكان».
في محطته الأولى ميانمار تجنب البابا الكلام عن مأساة الروهينغا، التي أشغلت العالم خلال الأشهر الماضية، واكتفى بالكلام عن أهمية السلام والتآخي بين الأديان والطوائف والأقليات المختلفة، الأمر الذي واجه استنكارا من بعض منظمات حقوق الإنسان، لكن فسر كثير من المعلقين وأبناء الطائفة الكاثوليكية في ميانمار بأن إحجامه عن الكلام عن مآسي الروهينغا، التي تواجه «التطهير العرقي المبرمج» كان مفهوما. وجاء هذا الموقف بعد طلب من الكنيسة هناك باتباع الأعراف الدبلوماسية، حيث إن المسؤولين في ميانمار لا يعتبرون الروهينغا طائفة عرقية، بل يعتبرونهم «بنغاليين» مهاجرين من بنغلاديش. لكن الفاتيكان رفض الانتقادات لعدم تحدث الحبر الأعظم صراحة عن الأزمة. ودافع الفاتيكان عن قرار البابا عدم استخدام كلمة «روهينغا» خلال زيارته التي استمرت أربعة أيام وقال إن سلطته الروحية لم يشبها أي عوار وإن مجرد وجود البابا هناك لفت الأنظار لأزمة اللاجئين.
لكن مؤتمرا صحافيا للفاتيكان في يانغون في ختام الزيارة سلط الأضواء على حقل الألغام الدبلوماسي الذي خاضه البابا بسبب القضية. وقال المتحدث غريغ بورك، كما نقلت عنه وكالة رويترز، إن قرار البابا عدم الإشارة إلى الروهينغا لا ينتقص من أي شيء قاله في الماضي فلقد ذكرهم وذكر معاناتهم قبل زيارته لميانمار.
لكن المتحدث أضاف أن دبلوماسية الفاتيكان «ليست معصومة من الخطأ» وأن الآخرين لهم الحق في إبداء الرأي. وقال المحلل دايفيد ماتيسون في رانغون، لوكالة الصحافة الفرنسية: «أدرك على ما يبدو المعضلة التي كان يواجهها»، مشيدا بهذه البراعة في بلد ما زال الجيش فيه يمارس نفوذا قويا. وأضاف: «إنه البابا وليس ملاكما»، موضحا: «لقد جاء إلى هنا لمساعدة البلاد على إحراز تقدم في هذه الأزمة الإنسانية الرهيبة والاستماع أيضا إلى السلطات المدنية والعسكرية».
والبابا، المعروف بجرأته في التحدث حول قضايا العدالة الاجتماعية، تكلم سابقا بصراحة حول اضطهاد الروهينغا وأهمية منحهم حقوقهم المدنية بالتساوي عندما حرقت قراهم ولجأ مئات الآلاف منهم إلى بنغلاديش. وقد أبدى اليسوعي الأرجنتيني اهتمامه مرارا في الأشهر الأخيرة بمصير هؤلاء عديمي الجنسية «الذين يتعرضون للتعذيب والقتل بسبب تقاليدهم وإيمانهم».
المتوقع حسب برنامج الزيارة أنه سيلتقي البابا ببعض أبناء الأقلية المسلمة في دكا. لكن قبل وصوله من يانغون إلى عاصمة بنغلاديش، حلقت طائرة البابا فوق منطقة «كوكس بازار» التي تأوي لاجئي الروهينغا في مخيمات بائسة. ومنذ ثلاثة أشهر، تواجه بنغلاديش التي يعتبر سكانها من بين الأفقر في العالم، والمعرضة للاحترار المناخي، النزوح الجماعي للروهينغا من ميانمار. ويتكدس هؤلاء في مخيمات كبرى مثل مدن، حيث يرتبط بقاؤهم على قيد الحياة بتلقيهم المساعدات والمواد الغذائية. لكن لن يزور البابا فرنسيس منطقة المخيمات في الجنوب التي تبعد ساعة بالطائرة من العاصمة دكا. وسيلتقي في المقابل اليوم الجمعة وفدا من اللاجئين. ويبدو هذا الحدث واحدا من اللحظات الكبيرة في هذه الأيام الثلاثة. ومن المتوقع أن تشارك مجموعة صغيرة من الروهينغا في تجمع يستضيفه البابا في متنزه سوهراواردي أوديان بارك في دكا بعد غد السبت، حسبما قال كومول كوريا رئيس لجنة التنسيق الإعلامي التي تم تشكيلها استعدادا لزيارة البابا. وأعرب أبراهام دوريز (75 عاما) الذي يسكن في قرية قريبة من دكا، عن «تلهفه» للمشاركة في القداس الذي سيحتفل به الحبر الأعظم في حديقة عامة الجمعة. ومن المنتظر مشاركة نحو 80 ألف مؤمن مثله في هذا القداس. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «أنا عجوز الآن. آمل في أن يباركني حتى أموت بسلام وأذهب إلى السماء».
واستقبل رئيس بنغلاديش، عبد الحميد، البابا فرنسيس بمطار حضرة شاه جلال الدولي، كما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية الذي يرافقه في الرحلة. ومن المتوقع أن يلتقي البابا فرنسيس رئيسة الوزراء شيخة حسينة وعددا من أعضاء مجلس الوزراء وممثلين للسلك الدبلوماسي وأعضاء من المجتمع المدني خلال زيارته بنغلاديش، التي سيغادرها. ويغادرها غدا السبت إلى الفاتيكان.



32 قتيلاً في أعمال عنف طائفية بباكستان

عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

32 قتيلاً في أعمال عنف طائفية بباكستان

عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)

قتل 32 شخصاً على الأقل في أعمال عنف طائفية جديدة في شمال غربي باكستان، وفق ما أفاد مسؤول محلي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (السبت) بأنه بعد يومين من هجمات استهدفت أفراداً من الطائفة الشيعية أسفرت عن مقتل 43 شخصاً.

ومنذ الصيف، خلفت أعمال العنف بين السنة والشيعة في إقليم كورام الواقع في ولاية خيبر بختونخوا الواقعة على الحدود مع أفغانستان، نحو 150 قتيلاً.

والخميس، أطلق نحو عشرة مهاجمين النار على قافلتين تقلان عشرات العائلات الشيعية بمواكبة الشرطة في هذه المنطقة الجبلية. وقتل ما لا يقل عن 43 شخصاً ولا يزال «11 مصابا» في حالة «حرجة»، بحسب السلطات.

ومساء أمس (الجمعة)، بعد يوم طويل شيع خلاله الضحايا وساده التوتر في كورام على وقع مسيرات للشيعة نددت بـ«حمام دماء»، قال ضابط كبير في الشرطة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الوضع تدهور». وأضاف «هاجم شيعة غاضبون مساء سوق باغان المحسوب خصوصاً على السنة» موضحاً أن «المهاجمين المزودين بأسلحة خفيفة ورشاشة وقذائف هاون أطلقوا النار» طوال ثلاث ساعات و«قام سنّة بالرد» عليهم.

من جهته، قال مسؤول محلي لم يشأ كشف هويته للوكالة إن «أعمال العنف بين المجموعتين الشيعية والسنية تواصلت (السبت) في أماكن مختلفة، وسجل مقتل 32 شخصاً في آخر حصيلة هم 14 من السنة و18 من الشيعة».

وذكر مسؤول محلي آخر هو جواد الله محسود أن «مئات المتاجر والمنازل تم إحراقها» في منطقة سوق باغان، لافتاً إلى «بذل جهود من أجل إعادة الهدوء، وتم نشر قوات أمنية والتأمت مجالس قبلية (جيرغا)».

ومحور النزاعات بين القبائل ذات المعتقدات المختلفة هو مسألة الأراضي في المنطقة، حيث تتقدم قواعد الشرف القبلية غالباً على النظام الذي تسعى قوات الأمن إلى إرسائه.