البشير إلى تشاد في زيارة رسمية لـ {بحث دارفور} وقضايا مشتركة

TT

البشير إلى تشاد في زيارة رسمية لـ {بحث دارفور} وقضايا مشتركة

يغادر الرئيس عمر البشير الخرطوم، اليوم الجمعة، متوجها إلى العاصمة التشادية انجمينا، في زيارة لمدة يومين، وبرفقته وفد رفيع، للمشاركة في احتفالات دولة تشاد باليوم الوطني.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سونا) أمس، أن الرئيس السوداني يجري مباحثات مع نظيره التشادي إدريس ديبي، حول العلاقات الثنائية بين البلدين، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وبالخصوص قضية دارفور، التي عادت أحداثها إلى الواجهة مؤخرا. وتربط دولة تشاد والسودان، فضلا عن الجوار الجغرافي، علاقات تداخل قبلي ومصاهرات، إضافة إلى كونها محاذية لإقليم دارفور السوداني المضطرب، وقد ظلت تلعب دورا إيجابيا في تحقيق السلام والاستقرار في الإقليم. وتنسق البلاد علاقاتهما السياسة والعسكرية، وبلغ التنسيق ذروته بتكوين قوات سودانية تشادية على الحدود المشتركة بين الدولتين، وتحرس هذه القوة عددا من المناطق الحدودية. وتكونت القوة المشتركة وفقا لاتفاقية وقعتها الدولتان عام 2009، وقضت بنشر قوة من جيشي البلدين، لتأمين الحدود بينهما، وذلك بعد فترة من تبادل الاتهامات بين البلدين، بدعم كل منها لمعارضة الثانية. وحسب «سونا» يرافق البشير وفد مكون من وزير رئاسة الجمهورية فضل عبد الله فضل، ومدير الأمن والمخابرات محمد عطا المولى، ومدير مكاتب الرئيس وزير الدولة بالرئاسة حاتم حسن بخيت، ووزير الدولة بالخارجية عطا المنان بخيت.
من جهة ثانية، أعلنت الأمم المتحدة، أمس، أن بعض الجماعات المسلحة في السودان لا تزال تجند الأطفال، لكنها أقرت بأن الحكومة بذلت جهودا لمنع تجنيد القاصرين. وقال أولوف سكوغ، رئيس مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة حول عمالة الأطفال والنزاعات المسلحة: «لقد وجهنا نداء قويا إلى الجماعات المسلحة لتنفيذ القانون الدولي بشكل كامل فيما يتعلق باحترام الأطفال». وشرح سكوغ للصحافيين في الخرطوم الصعوبات في الحصول على معلومات عن حالة الأطفال في مناطق من السودان، كما يحصل في ولايتي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق).
وأشار إلى أن فريق عمله التقى أطفالا جنودا، وأن العديد من القاصرين ما زالوا ضحايا لجماعات مسلحة بينها فصائل متمردة. وقال سكوغ: «لا أستطيع أن أعطيكم أرقاما، لكن هذا يقلقني». ويتعرض الأطفال في مناطق النزاع لجميع أنواع الانتهاكات بينها القتل والتشويه والاعتداء الجنسي والخطف، كما تتعرض المدارس والمستشفيات غالبا لهجمات بحسب ما أكد سكوغ. ووفقا لسكوغ، بذلت الحكومة السودانية جهودا لمنع تجنيد الأطفال منذ توقيعها في مارس (آذار) 2016 على «خطة عمل» مع الأمم المتحدة. كما وقعت بعض الجماعات المتمردة على الخطة، لكنها لم تُنفّذها بالكامل. وتابع سكوغ: «على الرغم من خطة العمل التي وقّعتها بعض تلك المجموعات، فإنه تم نشر عدد من الأطفال الجنود، الأمر الذي يشكل انتهاكا واضحا لالتزاماتها». وحض الخرطوم على ضمان إعادة دمج الأطفال الذين يسلمون أسلحتهم، في المجتمع بشكل سريع.
من جهة ثانية، صرح مصدر عسكري سوداني بأن شخصين قتلا وأصيب ثلاثة آخرون جراء انفجار عبوة ألعاب نارية أثناء الاحتفال بمولد النبوي الشريف. ونقلت وكالة السودان للأنباء (سونا) عن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، عميد أحمد خليفة أحمد الشامي، تعميما ذكر فيه أنه «أثناء فعاليات الاحتفال بالمولد بميدان الخليفة بأم درمان بولاية الخرطوم حدث انفجار لإحدى عبوات الألعاب النارية داخل ماسورة القاذف، ما أدى إلى استشهاد مواطنين اثنين كانا على مسافة قريبة من منصة الإطلاق وأصيب ثلاثة مواطنين بإصابات خفيفة».
وأضاف أنه بعد الانفجار «حدث تدافع بين المواطنين، الأمر الذي أدى إلى حدوث إصابات متفرقة بين عدد منهم». وذكرت أن مختلف الجهات العسكرية والشرطية والطبية تعاونت للسيطرة على الموقف وإعادة الأمور إلى الوضع الطبيعي. وأكد أن الجهات المختصة ممثلة في مفتش عام المفرقعات ستقوم بالتحقيق في أسباب الحادث، وستتخذ الإجراءات الإدارية والفنية والقانونية اللازمة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.