عبد الحليم خدام: إيران أحضرت «داعش» إلى سوريا.. وبشار الأسد شخص فاقد الاتزان

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن توحيد المعارضة ودعمها سيسقطان نظام دمشق خلال شهر

عبد الحليم خدام: إيران أحضرت «داعش» إلى سوريا.. وبشار الأسد شخص فاقد الاتزان
TT

عبد الحليم خدام: إيران أحضرت «داعش» إلى سوريا.. وبشار الأسد شخص فاقد الاتزان

عبد الحليم خدام: إيران أحضرت «داعش» إلى سوريا.. وبشار الأسد شخص فاقد الاتزان

من مقر إقامته في العاصمة الفرنسية باريس، وعلى مقربة من «قوس النصر»، أحد أشهر معالمها، استرجع نائب الرئيس السوري المنشق عبد الحليم خدام (82 سنة) ذكريات بداياته في حزب البعث، وسقوط الجولان، وحقيقة ما يسمى بـ«المقاومة».
الرجل الذي شغل مناصب نائب الرئيس ووزير الخارجية وعضو قيادة حزب البعث ومحافظ القنيطرة ومحافظ حماه، وغيرها من المناصب القيادية المؤثرة، من الشخصيات السورية التي لعبت أدوارا لافتة عبر عقود من الزمن، وكل هذه الخبرة أكسبته أناة وهدوءا يُلاحظان في دقة سرده التفاصيل. مع هذا تحدث خدام بألم عما يعانيه الشعب السوري الآن، قائلا إن «أي صلح خليجي مع إيران ستنقضه طهران بعد انتهاء الأزمة السورية».
وذكر خلال حديثه مع «الشرق الأوسط» كيف لبى الرئيس السوري بشار الأسد مطالب الأميركيين بإغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية، وتأمين الحدود مع العراق، والانسحاب من لبنان.
وفيما يلي أبرز ما جاء في الحوار:

* هل سيصوت السوريون لبشار الأسد من جديد في الانتخابات المقبلة؟

- كله أكوام ورق، لا قيمة للورق الذي سيذهب للصناديق ومن سيختار بشار أو غيره سيفعل مجبرا أو خائفا. هذه ليست انتخابات والكل يعرف، لكن بشار الأسد حريص على إقامتها نكاية بالعالم.

* مَن المسؤول عما يحدث الآن في سوريا من دمار؟

- هناك جانبان أساسيان مسؤولان: روسيا وإيران والنظام من جهة، وفي المقابل المجتمع العربي من جانب آخر. وهناك فارق أساسي بين من يقتل أو يشارك في القتل، ومن كان بإمكانه إيقاف القتل أو التخفيف منه، وهذا ما فعلته جامعة الدول العربية، حين فكرت بعد ستة أشهر من الانتفاضة في إرسال نبيل العربي للقاء بشار الأسد. وللأمانة أقول: ما يحدث الآن في سوريا يعيد إلى ذهني بدايات نكبة فلسطين، ثم إن هناك نقطة مهمة.. سوريا ما كان فيها متطرفون، والشعب السوري بطبيعته ليس متطرفا، لكن هناك نوعا من القهر وشعورا بأن العالم تخلى عنه، وهو ما دفع كثيرين من السوريين للهروب نحو التطرف.. في تعريفه الذي هو فقدان التوازن في التصرف.

* صحيح، التطرف لم يبدأ فجأة في سوريا، وكان «الجيش الحر» يقاتل بمعزل عن الجماعات الإرهابية.. ما حدث لاحقا؟

- التطرف مثلما قلت لك.. حين ازداد الضغط على الشعب السوري، وبدأ التراخي الدولي تجاهه أصبح الكل يقاتل. وبالتأكيد، هناك من يحاول استغلال هذه الحماسة غير المنضبطة.

* تقصد «داعش» و«النصرة» مثلا؟

- نعم، وغيرهما من الجماعات المسلحة. لكن «جبهة النصرة» تختلف عن «داعش» في أن أكثرية مسلحيها من السوريين، وأستطيع أن أجزم بأن هؤلاء متى رحل بشار، فسيتخلون عن السلاح مباشرة.

* بما أن الحديث عن «داعش» و«النصرة»، مَن جاء بـ«داعش» إلى سوريا؟

- إيران هي التي أحضرت «داعش» إلى سوريا، ولا أحد يشك في ذلك، وأنا أعرف ما أقول. إيران جزء رئيس من القتال في سوريا.. هناك التنظيمات الإسلامية الشيعية والحرس الثوري وحزب الله، كل هؤلاء يقاتلون إلى جانب نظام الأسد، وسقوط النظام سيكون ضربة موجعة للنظام الإيراني بأكمله. تسألني لماذا؟ سأجيبك: إذا سقط نظام بشار انتهت إيران في العراق، وسيضعف دور «حزب الله» في لبنان، إذا لم يكن سيتلاشى، وبالتالي، سيتقلص وجود ميليشيات إيران وأذرعتها. صدقني في حال حدث هذا سترى تراجع نفوذ إيران في المنطقة، ولهذا تجد الإيرانيين يمدون نظام الأسد بالأسلحة والحماية والمقاتلين. ولا أريد أن أزيد من الجزم والتأكيد إذا ما قلت لك إن «داعش» تدار من إيران مباشرة.

* هل قتال إيران إلى جانب الأسد ضمن علاقة آل الأسد وإيران التاريخية؟

- تقريبا، لكن ليس بهذه الدقة وسأتحدث عن هذه النقطة. إيران لعبت على الوتر الطائفي كثيرا، ومن هذا النكتة الغريبة عن أنهم يريدون حماية قبر السيدة زينب والدفاع عنه في سوريا؛ هل فعلا السيدة زينب بحاجة إلى الفصائل الإرهابية الشيعية ليأتوا إلى سوريا ويقتلوا باسم الدفاع عنها وحمايتها؟

* ما السيناريو الذي يمكن من خلاله أن تتخلى إيران عن الأسد؛ مصالحة مع دول الخليج، صفقة دولية، أم ماذا؟

- من قال إن إيران أساسا تبحث عن مصالحة مع الخليج؟ إنها تبحث عن تهدئة مؤقتة فقط حتى تنتهي من الأزمة السورية، ثم ستلتفت بعدها إلى دول أخرى تشعل الصراع فيهاعلى رأسها البحرين وستدعم الحوثيين في اليمن لإحداث قلاقل على الحدود السعودية. ستشهد المنطقة العربية في السنوات المقبلة نزاعا طائفيا لم يسبق له مثيل.

* ما الذي يجعلك واثقا من انعدام جدية إيران في المصالحة؟

- سأخبرك قصة للتاريخ، في يونيو (حزيران) 1985 جاء علي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس برلمان الثورة الإيرانية، واستقبلته في المطار، ثم أخذته إلى الرئيس السابق حافظ الأسد. يومها طلب الإيرانيون أسلحة لحرب صدام، لكن هذا الطلب فاجأ حافظ، ولهذا قام يحدث الإيرانيين عن الاقتصاد والسياسة والجغرافيا، ويحاول ممازحتهم وإبعادهم عن هذا الموضوع. لكن الإيرانيين قالوا بلهجة شديدة: «أتعبناك سيادة الرئيس.. أين الجواب على ما طلبنا؟». فقال الرئيس الأسد لرئيس الوفد: «عبد الحليم سيبلغك قرار القيادة، وليس قراري الشخصي. وحين خرج الإيرانيون بقيت مع الأسد وفكرنا لو أعطيناهم السلاح فسنصبح في أزمة مع العراق، وإذا لم نعطهم فسيكون هناك إشكال كذلك. وفي اليوم التالي قلنا لرفسنجاني إن هناك صراعا سوريا - إسرائيليا وسوريا - تركيا وسوريا - عراقيا، وبالتالي لا نستطيع القيام بهذه الخطوة، لكن هناك حلا، هو أن نحاول مع ليبيا لمدكم بالسلاح. وهنا تجهم وجهه وغضب، وقال: «كنت أتمنى منكم دعمنا في حربنا ضد العراق، وسأقولها لك: إذا انتصرت إيران فستصبح المنطقة كلها أرضا واحدة ودولة واحدة من أفغانستان، وحتى البحر المتوسط». كرر هذا الكلام أكثر من مرة. بعدها خرجت ولم أكن أتوقع أن أسمع هذه العبارة إطلاقا. ومن تلك الفترة، لم نصعد العلاقة سلبا مع إيران، لأن حافظ الأسد كان يرى أن العلاقة مع إيران تشكل له سندا، سواء بالنسبة لإسرائيل، أو في حال وجود خلاف بين دولة عربية.

* ماذا حدث بعد ذلك؟

- اجتمعنا في قيادة حزب البعث، وتحدثنا عن هذا الموضوع بجدية. إيران لها أطماع، ولهذا أقول لدول الخليج إن المصالحة مع إيران غير مجدية.

* نعود إلى الأزمة السورية، بصراحة لو كنت في منصبك السابق وحدث ما حدث في سوريا الآن، ما الذي كان يمكن أن تطرحه لحل الأزمة؟

- بكل صدق، بعد رحيل حافظ الأسد لم تعد لديّ رغبة في ممارسة العمل السياسي المباشر، لكنني كنت في حرج إزاء كيف يمكن أن أخرج بسلام من العمل الحزبي والسياسي، لأن من يترك فجأة، أمامه التصفية أو السجن. سؤالك لا أستطيع الإجابة عنه لأنه توقع، لكنه يعيدني إلى حادثة في عام 1998، حين حدث خلاف بيني وبين حافظ بعد التجديد لإميل لحود. حافظ الأسد كان يريد التجديد لأن ابنه بشار كان «طالع نازل» عند لحود، وهناك من أشار وأقنع حافظ بأنه عبر لحود يمكنه السيطرة على لبنان. وحين قام بالتجديد للحود تركت أنا الملف اللبناني، وفجأة قام حافظ بتسليم ملف لبنان كاملا لبشار. هنا بدأت المشاكل تزداد، والسبب الرئيس تصرفات بشار الأسد و«هيجانه». ولا أبالغ إذا ما قلت إن رفيق الحريري كان يتصل من فترة لأخرى ليشتكي من ممارسات بشار وتصرفاته في الشأن اللبناني. في كل مرة كان حافظ الأسد يوبخ بشار أو يتحدث مع غازي كنعان.

* هذه القصة المختصرة تجعلني أسأل السؤال الذي وُجّه لكم أكثر من مرة.. مَن اغتال الحريري ومَن قتل غازي كنعان؟

- بالنسبة للحريري، لقد ذكرت أكثر من مرة أن بشار الأسد كان يظن أن رفيق يتآمر على سوريا مع الفرنسيين والأميركيين، وهو وحده كان يفكر بهذه الصورة. وأنا شخصيا نصحت رفيق الحريري أكثر من مرة بأن يترك لبنان ويرحل. وأتذكر أنه قبل اغتيال الحريري كان هناك اجتماع في قيادة حزب البعث، وفجأة تدخل بشار الأسد، وقال: دعونا نتحدث عن السياسة. ثم أردف مداخلته بقوله: «رفيق الحريري يكتل طائفته ضدنا، ويتآمر مع الفرنسيين والأميركان ضدنا»، ولا أخفيك القول: إن كثيرين في قيادة الحزب فوجئوا بهذا الحديث العشوائي وغير المسؤول. انتهت الجلسة واتصلت ببشار، وقلت له إن هذا الحديث قد يخرج من الحزب لأن وجود 20 من القادة يعني أن عشرة منهم يحتمل أن يسربوا الحديث. بعدها بيومين جاء إلى محسن دلول (وزير الدفاع اللبناني السابق)، وقلت له: «اذهب لرفيق الحريري، وأبلغه أن يرحل من لبنان لأن الوضع هو كذا وكذا». وبعدها بأسبوع تقريبا وقعت محاولة اغتيال مروان حمادة، وزرته، وزرت وليد جنبلاط الذي أعدّه الآن أهم اللبنانيين في السياسة، وأهمهم في إسقاط «اتفاق 17 آذار» الذي عمله أمين الجميل مع إسرائيل. المهم أنني أبلغت رفيق شفهيا بوجوب مغادرته للبنان، فرد عليّ: «لكن ماهر الأسد اتصل بي وأبلغني أنهم يريدوننا أن نعمل معا»، فرددت عليه: «هذا تمويه، صدقني.. ارحل عن لبنان، حياتك أهم». وبعدها بأسبوع اغتيل.

* عبارة «التكتل الطائفي» التي قالها بشار تعيد إلى الأذهان أوضاع العلويين في سوريا، وشعورهم بالاضطهاد، هل هذا هو ما يدفع ببشار (مثلا) والعلويين إلى رفع الشعار الطائفي أو التشدد في الانتقام؟

- نعود إلى البداية ومرحلة مرحلة.. مرحلة الوجود الفرنسي كان قسم من العلويين يتعاون مع الفرنسيين، وكذلك بعض السنّة وبعض المسيحيين. وفي المقابل، كان هناك قسم من العلويين من الكتلة الوطنية. إلا أنه كان هناك ما يشبه الطائفية العلنية في البدايات. تخيل أن جزءا كبيرا من العلويين كانوا يعملون فلاحين لدى الآخرين، وكان لديهم شعور بالظلم والإجحاف، وكانت بعدها «حركة 8 آذار» في سوريا التي قام بها ضباط بعثيون وناصريون، ثم أقدم البعثيون على إخراج الناصريين من الجيش. صلاح جديد كان علويا وفي السلطة، ومن عائلة «أغوات» (أعيان) له وزنه، ولم ينجر للطائفية، ولكن تشكلت حكومة يسار في سوريا (يسار شيوعي)، وهذا ما أحدث ردود فعل داخلية، ومن يدخل في دائرة حزب البعث، لا يستطيع الخروج عنه، وإلا كان مصيره القتل.
وتنتقل المراحل حتى أصبح حافظ الأسد وزير دفاع، ثم بدأ حافظ يجمع الضباط حوله، وأخذ يسحب الأضواء والنفوذ من صلاح جديد. ثم عقد اجتماع في قيادة حزب البعث، ووقف عدد كبير منهم مع حافظ الأسد ضد صلاح جديد، وكنت أنا منهم، وشكلت حكومة بقيادة نور الدين الأتاسي. ثم جاءت «الحركة التصحيحية» التي بعدها وصل الأسد للزعامة. هنا لعب الأسد لعبة طائفية، فقام بفتح المجال لدخول الكليات العسكرية، لكن 80 في المائة من خريجي الكليات العسكرية سنويا كانوا من العلويين. وهذا أمر مخطط له، قام الأسد بتنصيب ضباط سنّة في مناصب قيادية عسكرية لتغطية المسألة الطائفية، لكن هؤلاء لم يكن لهم أي نفوذ أو قرار، وإنما القرار هو قرار الأسد فقط، وهو المتصرف بكل شيء. كل سنتين كان يتخرج 4000 ضابط 80 في المائة منهم علويون.

* على ذكر القومية وحزب البعث، ماذا بقي من حزب البعث؟ هل لا يزال خدام مؤمنا بأفكار البعث؟

- انتسبتُ للحزب عام 1947م، ويومذاك كانت في صميم أفكاره القومية العربية والوحدة العربية، وهي الأفكار التي كان يؤمن بها جيل عربي معين. وللأمانة، كان الحزب بأفكار سامية حتى وصل إلى السلطة، فتغير المسار. مثلا يقول لك الحزب: «شرط نهوض الأمة حرية الفرد»، وفجأة يأتي الحزب ويتخذ قرارات آخر ما يمكن أن يحترم فيها حرية الفرد واستقلاليته. حزب البعث كانت له شعارات قومية عامة، آمن بها كثيرون. لكنها انتهت بعد وصوله للسلطة، بل أصبح الحزب في فترة مجرد وسيلة وليس غاية. تخيل من 4000 عضو في حزب البعث ارتفع العدد إلى أكثر من ربع مليون فقط خوفا من السلطة والقمع لا أكثر. ولذا دعني أقل: إن أفكار حزب البعث لم تعد موجودة، بل إن جيلا كبيرا من السوريين إنما انتموا إلى حزب البعث للحصول على وظيفة.

* نعود إلى الأزمة الحالية مرة أخرى؛ هل ترى أي سيناريو يمكن أن تتخلى به طهران عن سوريا بشار الأسد؟

- لا، لا يمكن.. سوريا بالنسبة لإيران مسألة حياة أو موت.

* هناك حديث عن احتمال قيام دولة طائفية في الساحل، وفي حال حدث ذلك ماذا تتوقع أن يحدث لسكان الساحل من السنّة؟

- لن يحدث ذلك.. في الساحل أكثر من 40 في المائة من السكان سنّة. وفي حال ذهب الساحل، ستصبح سوريا دولة مغلقة لا منفذ لها على البحر. ولهذا أستبعد.. أستبعد جدا أن تتكون دويلة داخل الدولة. قد تصل إلى مرحلة في النزاع الحالي يكون فيها جزء أقوى من آخر، لكن ليس بشكل مستقل أو منفصل. ودعني لأعود لما بدأنا به؛ لو أعطت الدول العربية السوريين، وليس لأحمد الجربا، أسلحة نوعية، صدقني سيسقط بشار مع نظامه في غضون شهر.

* ما إشكاليتك مع أحمد الجربا؟

- الجربا لا علاقة له مباشرة بالسوريين.. أقصد لا وجود له في الداخل السوري، ولهذا لن يستطيع أن يصنع فارقا.

* هل أنت مستعد للعب دور للمّ الشمل السوري؟ أو تسمية أشخاص قادرين على إخراج سوريا من أزمتها الحالية؟

- أنا حاولت، وما زلت أحاول، ولي اتصالاتي مع كثير من السوريين الفاعلين. وهناك تجاوب، لكن أعود لسؤالك السابق عن الجربا، فتخيل أنني بعثت مثلا رسائل لعشرات من زعماء الفصائل والسوريين المؤثرين.. وجميعهم تقريبا ردوا على ما أرسلته ما عدا أحمد الجربا، الذي قال حين سأله أحدهم: «فات الوقت». لا أعرف ما الوقت الذي فات؛ هل يضمن الجربا أنه سينزل غدا إلى دمشق؟ من يريد أن يصبح قائدا يجب عليه أن يتسع صدره للجميع ويتقبل الجميع، والجربا.

* ماذا تعني؟

- أعني أن هناك دولة عربية قامت بتأسيس «المجلس الوطني» وأتت بالإخوان المسلمين وجماعات أخرى فقط لتثبت وجودها.

* ما الدولة؟

- قطر جاءت بالإخوان المسلمين وكم شخص من المعارضة وأسست ما سمي بـ«المجلس الوطني»، ثم فشل «المجلس». من يريد أن يساعد السوريين، عليه عقد مؤتمر وطني للسوريين وأن يختار قيادة عسكرية ذات كفاءة ومدنية بالتوازي. من يحكم سوريا الآن هو «الجيش الحر». الثوار والمعارضون بحاجة إلى قيادة مركزية عسكرية ومدنية. تخيل (مثلا) لو جرى التركيز على حمص والساحل، عندها سيسقط نظام الأسد بلا شك.

* ولماذا لم يجرِ التركيز على حمص والساحل؟

- من قال إنه لم يجر التركيز عليهما؟ سأعطيك مثالا على ما حدث من خذلان للثوار في الساحل، حين طلبوا الدعم وجهوا لـ«الائتلاف»، الذي دعمهم حتى وصل الثوار إلى كسب، وقاموا بشق مسافة 50 كلم، ثم نفدت الذخيرة، لم يتبقَّ على إسقاط هذه الجبهة إلا القليل، ووقف عنهم الدعم. و«الائتلاف» وقف موقفا غريبا من هذا. لهذا يجب إقامة مؤتمر وطني شامل حتى لا يصبح القرار مزاجيا.

* كيف يمكن إذن تحقيق انتصار للثوار؟

- إذا جرى توحيد الدعم. بشار الأسد الآن يحارب بالصواريخ والطيران والدبابات، المعارضة لا تطلب طائرات أو دبابات.. بل صواريخ مضادة للدبابات والطائرات، وصواريخ متوسطة المدى أو قريبة المدى.

* نعود مرة أخرى لحزب البعث وسقوط الجولان.. سقطت هضبة الجولان، وحزب البعث كان يأمل في استرجاعها، والآن فقد تم سوريا بأكملها.. كيف؟

- ما يحدث في سوريا الآن يعيدنا إلى وقت سقوط الجولان ونكبة فلسطين. الأزمة كانت في الشعارات، أما سقوط الجولان فلم يكن خطأ حزب البعث أو القيادة، بل تراكمات أخطاء في مصر والأردن وسوريا. في سوريا، طرحت قيادة حزب البعث شعارات أكبر منها.. ولم يكن من المنطقي رفع هذه الشعارات من دون بنية أساسية جاهزة.

* إضافة إلى اللامنطق في شعارات الحزب، ألا ترى أن أيدي الحزب ملطخة بالدماء.. ولا علاقة بين سلوك أفراده والشعارات المرفوعة؟

- لا نستطيع أن نقول إن أيدي الحزب ملطخة بالدماء.. لكننا نستطيع القول إنه بعد وصول الحزب إلى السلطة حاد بعض أفراده عن أهداف الحزب.

* طائفية الجيش.. ألا يمكن تحميلها جزءا كبيرا من المشاكل في سوريا؟

- لا يوجد بيت علوي في سوريا إلا وفيه ضابط أو صف ضابط. وهذه أساس المشكلة؛ الجيش كان طائفيا وممنوع الحديث عن الطائفية. وكان هذا أساس الفساد، الدائرة المحيطة بحافظ الأسد كانت تمارس الفساد.

* ماذا بقي من البعث؛ من يمثله؟

- لم يعد هناك شيء.. لم يبق شيء.

* لماذا تخلى عنك بشار الأسد، أو لماذا تركته أنت؟

- أنا من عزمت الرحيل، وحضرت اجتماعا لقيادة الحزب لمدة ساعة ونصف الساعة... تحدثت مع القيادة عما يجب فعله مستقبلا. وبالمناسبة، أنا لم أعمل معه كثيرا، والرحلة الخارجية الوحيدة مع بشار هي إلى طهران قبل دخول الجيش الأميركي للعراق. يومذاك ذهبنا إلى طهران والتقينا بالإيرانيين، وفجأة طرح بشار عليهم تدريب فصائل شيعية مقاتلة، لقتال الأميركيين في العراق في حال دخولهم. الإيرانيون أبدوا تحفظا. كان لدى الإيرانيين ارتباط واتصال بالفصائل العراقية، ولا حاجة لتشكيل وحدات مقاتلة.

* كيف يقوم بشار بهذا الطرح في الوقت الذي كانت فيه الحدود السورية - العراقية شبه مفتوحة للإرهابيين لدخول العراق؟

لم تكن الحدود مفتوحة بهذه الطريقة، لكن فعلا كان هناك ما يشبه التساهل في مرور من يريد الذهاب إلى العراق. بل هناك قصة غريبة؛ كان هناك قرابة 1800 معتقل من جنسيات مختلفة في السجون السورية في بداية الأزمة العراقية، وقام الأمن العام السوري بإيعاز من بشار بإطلاق سراح كل هؤلاء وتوجيههم بشكل غير مباشر للعراق، حسب حديث بعض الضباط المقربين من أجهزة الأمن.

* كيف كان الموقف الأميركي من هذا التصرف؟

- الأميركان كانوا غاضبين، السفير الأميركي التقى ببشار، وطلب منه ثلاثة أمور، أولها إغلاق الحدود بشكل كامل وتأمينها، والانسحاب السوري من لبنان، وإغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية في سوريا، وقام بشار الأسد بتنفيذ هذه الطلبات الثلاثة بشكل كامل.

* متى كان هذا؟

- لا أتذكر تحديدا، لكن بعد أشهر قليلة جدا من دخول الأميركان للعراق.

* ونفذ جميع طلباتهم؟

- نعم، نفذ جميع طلباتهم بلا تردد.

* ماذا فعل الإيرانيون لاحقا باقتراح بشار؟

- الإيرانيون كانوا أذكياء في استخدام الجماعات المسلحة في العراق. بل حتى استخدموا الجماعات الموالية لصدام حسين لقتال الأميركان ثم وجهوا نيران تلك الجماعات ضد بعضها بعضا.

* بعيدا عن هذا، دعني أسألك سؤالا مباشرا.. من الذي اغتال غازي كنعان؟

- هناك نظريتان؛ الانتحار أو الاغتيال. آخر مكالمة له مع صحافية لبنانية، قال لها: «هذه آخر مرة تسمعين فيها كلامي». وهناك نقطة أن المنتحر يموت برصاصة، وكان في رأسه رصاصتان. وأهله هم من رجحوا نظرية الاغتيال، إذا كان هناك قتل فهو من الأمن بتوجيه من بشار الأسد. وبشار الأسد طلب غازي كنعان صباحا يوم اغتياله، وقال له بالنص: «روح رتب حالك، أو حنا نرتبك»، وغازي كنعان ذهب، وأخذ مسدسه، وتحدث إلى الصحافية اللبنانية، وبعدها قتل. والسبب كما قيل إن غازي كنعان اعترف بعض الاعترافات ضد نظام بشار، وتورطه بكثير من القضايا الأمنية.

* ملف الاغتيالات في لبنان.. هناك من يقول إنك كنت على رأس المهندسين؟

- لا يمكن أن أقبل بهذا الاتهام، ولا أريد تحميل النظام السوري مسؤولية مباشرة في حال غياب معلومات دقيقة.

* رشيد كرامي مثلا؟

- ميليشيات الموارنة هي من اغتالته.

* المفتي حسن خالد وكمال جنبلاط؟

- اغتياله جاء بعد آراء له ضد السياسة السورية، لكن لم يكن واضحا من اغتاله. وكمال جنبلاط كذلك كانت به خلافات ومشاكل مع حافظ الأسد. هل الأمن السوري متورط في اغتيالهما؟ قد يكون، وقد لا يكون.

* في ذكر الاغتيالات، من حاول اغتيال الآخر أكثر من مرة؟ صدام حسين أم حافظ الأسد؟

- صدام حسين حاول وخطط لاغتيال حافظ الأسد أكثر من مرة، وأنا خطط لاغتيالي ثلاث مرات، آخرها أصبت بطلق ناري.

* ما السبب؟

- السبب هو مواقف الحكومة السورية أو خطاباتها في اجتماعات جامعة الدول العربية، وصدام حسين كان يريد أن يكون رأيه الأقوى والمتفرد بكل شيء.

* هل من شواهد؟

- كثيرة، لكن هناك قصة عبد الفتاح بومدين؛ زار العراق والتقى بصدام حسين، وسأله: «لماذا خططتم لاغتيال خدام أربع مرات؟». ورد عليه صدام حسين: «تقصد ثلاث مرات»! وصدام حسين لا يوجد عنده ميزان في عقله؛ مرة تجده هادئا متزنا، ومرة فاقدا لأعصابه.

* جمعية المرتضى، التي كانت تشرف على نشر الثقافة العلوية والشيعية في سوريا، أين هي الآن؟

- انتهت، من أقام الجمعية هو جميل الأسد أخو حافظ، وهو انتهازي حاول تأسيس الجمعية للحصول على المال فقط، لكن الجمعية انتهت تقريبا.

* آخر سؤال، الأزمة السورية هل ستبقى عشر سنوات مقبلة كما قالت مؤسسات استخباراتية عالمية؟

- إذا أرادوا هم كذلك، فستبقى أكثر من 20 سنة، وإذا أرادوا فسينتهي بشار الأسد في شهر واحد. ويجب عليهم أن لا يقلقوا من الجماعات المسلحة، لأنها ستنتهي بعد سقوط بشار.



دمشق و«قسد» تُسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
TT

دمشق و«قسد» تُسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

قال أشخاص مشاركون في محادثات لدمج القوات الكردية مع الدولة السورية، أو مطلعون عليها، إن المسؤولين السوريين والأكراد والأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدم في اتفاق متعثر قبل المهلة المحددة بنهاية العام.

وذكرت المصادر السورية والكردية والغربية التي تحدّثت إلى «رويترز» أن المناقشات تسارعت في الأيام القليلة الماضية، على الرغم من تزايد الإحباط بسبب التأخيرات، وحذّر بعضهم من أن تحقيق انفراجة كبيرة أمر غير مرجح.

وقال 5 من المصادر إن الحكومة السورية الانتقالية أرسلت مقترحاً إلى «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد وتُسيطر على شمال شرقي البلاد.

وأضاف أحد المسؤولين السوريين ومسؤول غربي و3 مسؤولين أكراد أن دمشق عبّرت في الاقتراح عن انفتاحها، على أن تُعيد «قوات سوريا الديمقراطية» تنظيم مقاتليها، وعددهم نحو 50 ألف مقاتل، في 3 فرق رئيسية وألوية أصغر، ما دامت ستتنازل عن بعض سلاسل القيادة، وتفتح أراضيها لوحدات الجيش السوري الأخرى.

ولم يتضح ما إذا كانت الفكرة ستمضي قدماً أم لا، وقللت عدة مصادر من احتمالات التوصل إلى اتفاق شامل في اللحظات الأخيرة، قائلة إن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات.

الشرع مصافحاً عبدي عقب توقيع اتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري في 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

ومع ذلك، قال مسؤول بـ«قوات سوريا الديمقراطية»: «نحن أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى».

وذكر مسؤول غربي ثانٍ أن أي إعلان في الأيام المقبلة سيكون هدفه جزئياً «حفظ ماء الوجه»، وتمديد المهلة والحفاظ على الاستقرار في دولة لا تزال هشّة بعد عام من سقوط الرئيس السابق بشار الأسد.

وذكرت معظم المصادر أنه من المتوقع ألا يرقى أي شيء، تفرزه هذه المساعي، إلى مستوى الاندماج الكامل لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى بحلول نهاية العام، وهو المنصوص عليه في اتفاق تاريخي بين الجانبين في 10 مارس (آذار).

ويُهدد الفشل في رأب الصدع الأعمق المتبقي في سوريا بإشعال صدام مسلح قد يعرقل خروجها من حرب استمرت 14 عاماً، وربما يستدرج تركيا المجاورة التي تُهدد بالتدخل ضد المقاتلين الأكراد الذين تعدّهم إرهابيين.

ويتبادل الجانبان الاتهامات بالمماطلة والتصرف بسوء نية، فـ«قوات سوريا الديمقراطية» لا ترغب في التخلّي عن الحكم الذاتي الذي فازت به بوصفها الحليف الرئيسي للولايات المتحدة خلال الحرب، التي سيطرت بعدها على سجون تنظيم «داعش» وموارد النفط الغنية.

وقالت عدة مصادر إن الولايات المتحدة، التي تدعم الرئيس السوري أحمد الشرع، وتحث على دعم عالمي لحكومته الانتقالية، نقلت رسائل بين «قوات سوريا الديمقراطية» ودمشق وسهّلت المحادثات، وحثت على التوصل إلى اتفاق.

تركيا: صبرنا ينفد

ومنذ أن فشلت جولة كبيرة من المحادثات بين الجانبين في الصيف، تصاعدت الاحتكاكات، بما في ذلك المناوشات المتكررة على طول عدد من خطوط المواجهة في الشمال.

وسيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» على جزء كبير من شمال شرقي سوريا، حيث يوجد معظم إنتاج البلاد من النفط والقمح، وذلك بعد هزيمة مسلحي «داعش» في 2019.

وقالت «قوات سوريا الديمقراطية» إنها تنهي عقوداً من القمع ضد الأقلية الكردية، لكن الاستياء من حكمها تنامى بين السكان الذين يغلب عليهم العرب، بما في ذلك الاستياء من التجنيد الإجباري للشباب.

وقال مسؤول سوري إن الموعد النهائي للاندماج في نهاية العام ثابت، ولا يمكن تمديده إلا «بخطوات لا رجعة فيها» من «قوات سوريا الديمقراطية».

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، اليوم، إن تركيا لا تريد اللجوء إلى الوسائل العسكرية، لكنه حذّر من أن الصبر على «قوات سوريا الديمقراطية» «ينفد».

عناصر من «قسد» في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وقلل المسؤولون الأكراد من أهمية المهلة، وقالوا إنهم ملتزمون بالمحادثات من أجل تحقيق الاندماج العادل.

وقال سيهانوك ديبو، وهو مسؤول في «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، إن «الضمانة الأكثر موثوقية لاستمرار صلاحية الاتفاق تكمن في مضمونه، لا في الإطار الزمني»، مشيراً إلى أن الأمر قد يستغرق حتى منتصف 2026 لمعالجة جميع النقاط الواردة في الاتفاق.

وكانت «قوات سوريا الديمقراطية» قد طرحت في أكتوبر (تشرين الأول) فكرة إعادة تنظيم نفسها في 3 فرق جغرافية بالإضافة إلى الألوية. ومن غير الواضح ما إذا كان هذا التنازل، الوارد في الاقتراح الذي قدمته دمشق في الأيام القليلة الماضية، سيكون كافياً لإقناعها بالتخلي عن السيطرة على الأراضي.

وقال عبد الكريم عمر، ممثل «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، التي يقودها الأكراد في دمشق، إن الاقتراح الذي لم يُعلن عنه يتضمن «تفاصيل لوجيستية وإدارية قد تسبب خلافاً وتؤدي إلى تأخير».

وصرح مسؤول سوري كبير لـ«رويترز» بأن الرد السوري «يتسم بالمرونة لتسهيل التوصل إلى توافق من أجل تنفيذ اتفاق مارس».


وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه
TT

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

بعد ساعات من إعلان وزارة الخارجية المصرية إطلاق «الكتاب الأبيض» بشأن مبدأ الاتزان الاستراتيجي في الدبلوماسية المصرية، حاورت «الشرق الأوسط» وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، في مكتبه بالعاصمة الإدارية الجديدة، حول عدد من الملفات التي تضطلع فيها القاهرة بأدوار تتراوح ما بين الوساطة والشراكة والحوار والاتصالات الدبلوماسية.

في حديثه أكد عبد العاطي «تميز» العلاقات المصرية - السعودية، معلناً التحضير للاجتماع الأول لـ«مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس عبد الفتاح السيسي. وأشار وزير الخارجية المصري إلى التنسيق مع الرياض في ملفات إقليمية عدة، بينها غزة وأمن البحر الأحمر، مؤكداً أن القاهرة والرياض هما جناحا الأمتين العربية والإسلامية ودونهما لن يصلح حالهما.

وحمَّل عبد العاطي إسرائيل مسؤولية تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وقال إن «الاتصالات مستمرة مع الجانب الأميركي لنقل الرؤية المصرية بشأن الكيانات الانتقالية، وعلى رأسها مجلس السلام وقوة الاستقرار»، مشدداً على موقف القاهرة بأن تكون قوة الاستقرار «قوة حفظ سلام لا فرض سلام». وتحدث عن حصر السلاح في غزة لا نزعه.

كما نفى عبد العاطي الاتهامات الموجهة لبلاده بلعب دور ميداني في السودان، مؤكداً دعم مصر للدولة ومؤسساتها، وعلى رأسها الجيش السوداني، وهو «ما لا يمكن مساواته مع أي ميليشيا أو أي إطار غير خارج الدولة»، على حد تعبيره.

وأشار وزير الخارجية إلى تطور العلاقات مع تركيا، مؤكداً أن «بناء الشراكات لا يعني التوافق في كل الملفات بنسبة 100 في المائة». كما جدد التأكيد على أن البحر الأحمر للدول المشاطئة، وشدَّد على حق بلاده في الدفاع عن أمنها المائي بعد وصول المفاوضات مع إثيوبيا إلى «طريق مسدود».

وبدا لافتاً تقاطع الاتصالات الأميركية - المصرية في ملفات عدة، من بينها غزة والسودان و«سد النهضة»، في إشارة واضحة إلى حوار وصفه عبد العاطي بـ«الإيجابي» بين القاهرة وواشنطن. وفيما يلي نص الحوار:

 

* نبدأ بملف غزة، رغم الجهود المبذولة لتنفيذ «خطة ترمب»، لماذا يتعذر الوصول للمرحلة الثانية من الاتفاق؟

- الأمر مرتبط بالتعاون والالتزام من الجانب الإسرائيلي بخطة الرئيس ترمب، وهي خطة واضحة تم تنفيذ المرحلة الأولى منها بالكامل باستثناء جثة وحيدة يتم البحث عنها وسط آلاف الأطنان من الركام والمتفجرات التي خلفها العدوان الإسرائيلي على غزة. نحن نعوّل على الدور الأميركي وقيادة ترمب للعمل على إنفاذ الخطة والانتقال إلى المرحلة الثانية، ورغم كل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة يومياً، لا بد أن نعيد التأكيد على ضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار والمضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية بكل استحقاقاتها، بما في ذلك إعادة الانتشار والانسحاب الإسرائيلي من داخل قطاع غزة، ووفقاً للخطة، ولما تضمنه أيضاً قرار مجلس الأمن 2803، ونرمز حالياً إلى الكيانات الانتقالية المؤقتة التي تم النص عليها في قرار مجلس الأمن، سواء ما يتعلق بمجلس السلام أو قوة الاستقرار الدولية أو اللجنة الإدارية الفلسطينية. نحن جاهزون، ولا بد من الضغط في اتجاه الدخول في المرحلة الثانية والعمل على تنفيذها.

 

* بمناسبة الحديث عن الكيانات الانتقالية، ما آخر تطورات تشكيل «مجلس السلام العالمي»؟

- نحن على تواصل مستمر مع الجانب الأميركي، لا سيما أن الولايات المتحدة معنية بشكل كامل بوضع خطة ترمب موضع التنفيذ على أرض الواقع. الاتصالات مستمرة مع الجانب الأميركي على كل المستويات، السياسي والأمني والاستخباراتي؛ بهدف تذليل أي مشاكل موجودة. ومصر بصفتها دولة عربية وإسلامية وواحدة من الدول الثماني التي اجتمعت بالرئيس الأميركي في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة لأمم المتحدة ودعمت رؤيته، لديها تصور يتوافق مع الرؤية العربية والإسلامية، خاصة فيما يتعلق بهذه الأطر الانتقالية المؤقتة، ونحن نتفاعل ونتحاور مع الجانب الأميركي بشكل إيجابي.

نحن ننقل رؤيتنا بأن «مجلس السلام» مهم للغاية ولا بد من تدشينه، ولا بد من أن تتركز صلاحياته في تعبئة وحشد الموارد المالية الخاصة بتنمية غزة وإعادة إعمارها والتعافي المبكر، وأيضاً مراقبة صرف أموال إعادة الإعمار، وإذا كان هناك صندوق سيتم تدشينه من جانب البنك الدولي لهذا الغرض فلا بد أن يكون تحت رعاية هذا المجلس وإشرافه.

 

* ما آخر تطورات تشكيل «قوة الاستقرار»، وهل ستضم قوات من مصر ودول عربية؟

- نحن في حوار جدي وإيجابي مع الجانب الأميركي؛ لأن هذه القوة لا بد أن يكون طبيعتها حفظ السلام وليس فرض السلام، وهناك بون شاسع بين الاثنين. حفظ السلام يعني التركيز على مراقبة مدى التزام طرفي الاتفاق بوقف إطلاق النار، إضافة إلى المساعدة في تشغيل المعابر، أما فرض القانون أو إقرار النظام العام الداخلي فهذه صلاحيات أصيلة للشرطة الفلسطينية التي يتعين نشرها داخل قطاع غزة، وإلى جانب ذلك تؤكد مصر ضرورة تشكيل اللجنة غير الفصائلية، اللجنة «التكنوقراط»؛ لتتولى إدارة الأمور الحياتية في القطاع. ومصر قدمت قائمة من 15 اسماً هناك توافق بين الفصائل عليها.

 

* هل سيكون هناك مشاركة مصرية أو عربية في القوة الدولية؟

- بالتأكيد مصر تدعم تشكيل القوى الدولية، وهناك أطر مختلفة لتقديم الدعم اللوجستي والفني لهذه القوة. وبالتأكيد نحن منخرطون في أعمال القيادة والسيطرة، ومصر موجودة في «اللجنة المدنية العسكرية» في كريات غات بجنوب إسرائيل، والتي تم تشكيلها لمتابعة تنفيذ اتفاق شرم الشيخ.

 

* هناك حديث عن نزع سلاح حركة «حماس»، فهل يمكن أن توافق الحركة على ذلك؟

- خطة ترمب تتحدث عن حصر السلاح وتسليمه وليس نزع السلاح. وهذه أمور سيتم التفاهم بشأنها بين الفصائل الفلسطينية. وأعتقد أن هناك إمكانية في إطار التفاهم بين الفصائل للوصول إلى صيغة تتضمن تسليم الأسلحة بشكل متدرج في الإطار الفلسطيني - الفلسطيني.

 

* قدمت مصر خطة لإعادة إعمار غزة. وأعلنت استعدادها لاستضافة مؤتمر لتمويل إعادة الإعمار، فإلى أين وصلت الجهود؟

- هناك تنسيق كامل مع الجانب الأميركي على المستوى السياسي، وتحدثت مؤخراً مع وزير الخارجية ماركو روبيو وأيضاً مع جارد كوشنير. هناك حوار ممتد ننقل فيه رؤيتنا بشأن مكان وتوقيت عقد المؤتمر والاستفادة من الزخم الحالي.

 

* هل في موعد قريب؟

- حتى الآن لم يتم تحديد موعد، لكننا ننخرط في حوار مع الجانب الأميركي لتحديده.

 

* السعودية كانت من الدول الرئيسية الداعمة للحراك السياسي من أجل وقف الحرب في غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية، فكيف تقيّم العلاقات السعودية - المصرية؟ وكيف تصف دور المملكة إزاء الملفات الإقليمية المهمة؟

- علاقات المصرية والسعودية علاقات متميزة للغاية، وهي علاقات أبدية بين بلدين وشعبين شقيقين. وبالتأكيد مصر والمملكة هما جناحا الأمتين العربية والإسلامية، ولن ينصلح حالهما إلا بالتنسيق الكامل والتعاون الكامل بين جناحي الأمة.

هناك تنسيق على كل المستويات بين مصر والمملكة في ضوء توجيهات عليا من الرئيس السيسي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ للارتقاء بهذه العلاقات في كل المستويات الاقتصادية والتجارية والاستثماريّة، وفي مجالات الطاقة والمجالات القنصلية أيضاً.

التنسيق على المستوى السياسي في أبهى وأفضل حالاته. وقريباً سيتم عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الأعلى.

 

* متى يُتوقَع عقد الاجتماع؟

- يجري الآن الاختيار من بين مواعيد مختلفة، ونأمل أن يُعقَد في الربع الأول من العام المقبل.

 

* إلى أين وصلت الجهود المصرية لوقف الصراع في السودان؟

- الجهود المصرية مستمرة، ولا يمكن أن تتوقف على الإطلاق؛ لأن السودان هي الفناء الخلفي لمصر لذلك فالاتصالات المصرية مستمرة بشكل يومي على كل المستويات، سواء مع مجلس السيادة أو الحكومة أو الجيش السوداني، من منطلق الحرص المصري على الحفاظ على المؤسسات الوطنية، وفي مقدمتها الجيش الوطني، فضلاً عن الحفاظ على وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه.

أما على مستوى الرباعية الدولية، فمصر في انخراط وتواصل مستمرين مع السعودية والإمارات والولايات المتحدة لبحث سبل وقف هذه الحرب المروعة، وتتواصل مصر مع الأمم المتحدة لحشد وتعبئة الموارد الإنسانية وفتح الممرات الإنسانية وإقامة ملاذات آمنة. كما ننسق أيضاً مع بريطانيا وقطر، وكلتاهما أبدت رغبة في الإسهام والمشاركة جنباً إلى جنب مع الرباعية الدولية. ولن نهدأ إلا بالتوصل إلى هدنة ووقف إطلاق نار بما يمهد إلى إقامة أو تدشين عملية سياسية شاملة لا تقصي أحداً. فما يحدث في السودان أمر يدمي القلوب ولا يمكن السماح أو القبول باستمراره.

 

* هل هذه الهدنة ممكنة في ظل استمرار النزاع واتهامات بدعم أطرافه؟

- هدف هذه الهدنة هو بالتأكيد تهيئة الظروف نحو وقف دائم لإطلاق النار بما يؤسس للعملية السياسية، نحن نسعى لهذا بما يحقق مصلحة السودان، ولا يمكن ولا نقبل بتقسيم السودان، أو نقبل بوضع مؤسسة الدولة السودانية على قدم المساواة مع أي كيانات موازية نرفضها تماماً ولا يمكننا أن نعترف بها.

 

* تُتَهم القاهرة عادة بأن لها دوراً ميدانياً فيما يخص الحرب السودانية، فهل هذا صحيح؟

- هذه أكاذيب. مصر لا تنخرط إلا في إطار وقف وخفض التصعيد. وموقف مصر واضح ومعلن، وهو مع الحلول السياسية والدبلوماسية؛ لأنه ببساطة شديدة لا يوجد حل عسكري للأزمة في السودان.

 

* تدعم مصر مؤسسات الدولة السودانية، فهل يتسبب موقف القاهرة الواضح إزاء طرفي الحرب في إرباك علاقاتها الإقليمية؟

- هناك طرف يمثل الدولة الوطنية ومؤسساتها ولا يمكن مساواته مع أي ميليشيا أو أي إطار غير خارج الدولة، وبالتالي فالحفاظ على الدولة ومؤسساتها وفي قلبها الجيش الوطني مسألة مهمة جداً ومفروغ منها.

 

* ألا يربك ذلك علاقات مصر الإقليمية؟

- لا، على الإطلاق.

 

* لا يمكن إغفال الوضع في ليبيا، فما موقف مصر من استمرار الأزمة؟

- الوضع في ليبيا يثير القلق، ولا يمكن أن نقبل بتكريس الانقسام الحالي بين الشرق والغرب، ولا بد من العمل على توحيد مؤسسات الدولة، وفي القلب منها الجيش الوطني والمؤسسات الأمنية؛ بهدف تهيئة الظروف نحو إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن. نحن نسعى لتحقيق ذلك، وكان هناك حوار مطول مع مبعوث الرئيس ترمب إلى أفريقيا مسعد بولس، أكّدنا خلاله على أنه لا مخرج للوضع في ليبيا سوى من خلال التحضير لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

 

* المشير خليفة حفتر التقى الرئيس السيسي أخيراً بالقاهرة، وكان هناك حديث عن ملف ترسيم الحدود البحرية، وسبق لمصر أن أبدت اعتراضاً على اتفاقيات تركية - ليبية في هذا المجال، فما الخطوات التي تتخذها مصر في هذا الملف؟

- نعم، نحن لا نعترف بمذكرة التفاهم الموقَّعة بين الجانب التركي والحكومة «غير الشرعية» حكومة السراج آنذاك في الغرب، وأبلغنا مجلس الأمن والأمم المتحدة بهذا الموقف، ولدينا حوار مع الجانب الليبي حول الأمر الذي يعدّ مسألة ثنائية تخص البلدين.

 

* هل هناك حوار أيضاً مع الجانب التركي في هذا الإطار؟

نعم، هناك حوار عام ومشاورات على المستوى الوزاري وغير الوزاري، يتم خلالها تناول الأوضاع في ليبيا والعمل على تجاوز أي نقاط قد تكون خلافية. ومواقف مصر واضحة ومعلنة وسبق الحديث عنها في أنقرة وفي كل أنحاء العالم. والقاهرة تؤكد دائماً على ضرورة خروج القوات الأجنبية من ليبيا وتفكيك الميليشيات، وأن ترسيم الحدود البحرية مسألة ثنائية بين مصر وشقيقتها ليبيا.

 

* شهدت العلاقات المصرية - التركية تطورات في الآونة الأخيرة، فكيف يمضي مسار التقارب بين البلدين؟

- تمضي العلاقات بشكل جيد جداً ونعدّ حاليا للاجتماع الثاني لمجلس التنسيق الاستراتيجي المقرر عقده العام المقبل في القاهرة وبحضور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان؛ كون الاجتماع الأول كان في أنقرة.

 

* هناك تباينات بين مواقف مصر وتركيا إزاء بعض الملفات الإقليمية، فكيف توازن مصر بين علاقاتها مع تركيا في ظل هذه التباينات؟

- هناك تنسيق مشترك، ونحن نبني شراكات، وليس معنى ذلك التوافق في كل الملفات بنسبة 100 في المائة؛ فهذا أمر يستعصي حتى ما بين الأشقاء. وبالتالي، نحن نبني على نقاط الاتفاق الموجودة ونحاول التوصل إلى تفاهمات حول النقاط العالقة.

 

* دعمت مصر الصومال وأكدت مراراً حرصها على استقرار منطقة القرن الأفريقي، لكن أحياناً ينظر لأي تحركات مصرية بأنها تستهدف الضغط على إثيوبيا؟ لماذا؟

- هذه أكاذيب وأوهام ولا علاقة لها بالواقع، مصر علاقتها بالصومال تمتد إلى آلاف السنين، وبالتالي نحن معنيون باستقراره. ولذلك؛ ستشارك مصر في بعثة حفظ السلام بناءً على طلب من الاتحاد الأفريقي ومن الحكومة الصومالية، وبهدف واحد هو تمكين الحكومة الصومالية من فرض سيطرتها ومكافحة الإرهاب.

 

* تدعم مصر الصومال ودول القرن الأفريقي، فما خطة مصر لأداء دورها إزاء الأمن في البحر الأحمر؟ ومع من تتعاون؟

- نحن معنيون أيضاً بقضية الاستقرار في القرن الأفريقي وأيضاً حوكمة البحر الأحمر، وننسق بشكل كامل مع السعودية والدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر، وهناك توافق كامل بأن حوكمة هذه المنطقة، خليج عدن والبحر الأحمر، يخص الدول المشاطئة فقط ولا دخل لأي دولة أخرى، ولن نسمح بأي نفاذ بحري لأي أغراض عسكرية لأي دولة غير مشاطئة.

 

* يقودنا الحديث عن مساعي الدول غير المشاطئة للوجود على البحر الأحمر، إلى إثيوبيا وملف سد النهضة، فما خطة مصر للتعامل مع هذا الملف؟

- الموقف مصري واضح تماماً، وسبق أن أعلنا أن المسار التفاوضي وصل إلى طريق مسدود ولا مجال لاستئنافه حالياً؛ لأنه ليس ما يبرر ذلك بعد استنزاف 13 سنة في مفاوضات عبثية بسبب سوء النية من الطرف الآخر. ومصر تحتفظ لنفسها بحق الدفاع الشرعي عن النفس المكفول في ميثاق الأمم المتحدة إذا حدث ضرر لأمنها المائي.

 

* ما المسارات الأخرى بعد إيقاف المفاوضات؟ وفي ظل وجود السد كأمر واقع؟

- مصر تتابع الوضع على الأرض، وإذا حدث ضرر لأمنها المائي سيكون هناك رد فعل.

 

* هل تطمح مصر لوساطة أميركية في هذا الملف؟

- هناك حديث مع الجانب الأميركي ومع أطراف أخرى، لكن لن تحدث أي انفراجة في هذا الملف ما لم يعي الجانب الإثيوبي أن نهر النيل نهر عابر للحدود، ومن ثم فهو لا يخضع لسيادة إثيوبيا. والمجاري المائية العابرة للحدود مثل نهر النيل تخضع لقواعد القانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بمبادئ الإخطار المسبق وعدم إحداث أي ضرر بالدول التي يمر بها النهر.

 

* كيف تنظر مصر إلى التطورات الأخيرة في سوريا؟ وهل لا تزال لدى القاهرة تحفظات إزاء الإدارة السورية الجديدة؟

- مصر يعنيها بشكل مبدئي وبشكل شديد الأهمية الاستقرار والخير لسوريا والشعب السوري، ونحن ندعم الشعب السوري بكل قوة وندين إدانة كاملة أي انتهاكات للسيادة السورية من جانب إسرائيل. وأنا على اتصال مع وزير الخارجية السوري وكنت قد التقيته مؤخراً في الدوحة. وإذا كانت هناك أي نصائح نقدمها، فإن ذلك من باب الأخوة والحرص على أمن سوريا واستقرارها ومساعدتها ودعمها في استرداد أراضيها المحتلة، والعمل على كف الجانب الإسرائيلي عن التدخل في شؤون سوريا.

نحن نتحدث عن أهمية الانفتاح لكل مكونات المجتمع السوري وعدم إعطاء الذرائع لأي دولة خارجية أن تنصّب نفسها داعمة لأي أقلية كما تحاول إسرائيل أن تفعل، ومن ثم نقول إن الدولة والحكومة السورية هي المعنية بشكل أساسي بتقديم كل الدعم والحماية والتواصل مع كل أطياف الشعب السوري.

أيضاً قضية المقاتلين الأجانب لا بد من التعامل معها، وكذلك قضية الإرهاب فلا يجب أن تكون سوريا قاعدة لتهديد أي دولة من دول المنطقة.

 

* قدمت مصر مبادرة إزاء لبنان؟ فما آخر تطورات الجهود المصرية؟

- نبذل جهوداً مكثفة، وكثيرة للغاية على كل المستويات مع كل الأطراف الدولية والإقليمية المعنية، وأجريت اتصالات مكثفة مع إسرائيل وإيران والولايات المتحدة لتجنيب لبنان ويلات أي تدخلات أو أي عمليات عسكرية تمس بمقدرات الشعب. ونحن نثمّن كل الخطوات التي اتخذها الجيش اللبناني وكل الإنجازات التي تحققت في منطقة جنوب الليطاني فيما يتعلق بفرض سيادة الدولة وسيطرتها، كما نثمن تأكيد الحكومة اللبنانية التزامها باتفاق وقف العدائيات الموقَّع العام الماضي وتنفيذه في كل ربوع لبنان وليس فقط في منطقة جنوب الليطاني. ومصر لا تدخر وسعاً لدعم لبنان وشعبها وقيادتها.


حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
TT

حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)

أظهرت سلسلة لقاءات واتصالات أجراها سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاغن، مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، اتجاهاً أميركياً نحو تثبيت الشراكة السياسية والأمنية مع الحكومة اليمنية واحتواء الخلافات داخل معسكر الشرعية، في مرحلة تتسم بتعقيد المشهد المحلي، وازدياد التحديات الإقليمية المرتبطة بالأمن والاستقرار في اليمن.

وشملت هذه التحركات لقاءً جمع السفير فاغن برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، أعقبه لقاء آخر مع عضو المجلس الشيخ عثمان مجلي، إلى جانب اتصال مرئي مع عضو المجلس اللواء سلطان العرادة، في سياق مشاورات تناولت مسار العلاقات الثنائية، والتطورات السياسية والعسكرية، والملفات ذات الأولوية، وفي مقدمها مكافحة الإرهاب، والتعامل مع تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق ما رشح عن هذه اللقاءات، فقد تركزت المباحثات مع رئيس مجلس القيادة على مستوى الشراكة اليمنية - الأميركية، والدور الذي تضطلع به واشنطن في دعم الدولة اليمنية، سواء على الصعيد السياسي في المحافل الدولية، أو في ملف مكافحة الإرهاب، وردع شبكات تهريب السلاح والتمويل المرتبطة بإيران. كما برز ملف الإصلاحات الحكومية كأحد محاور النقاش، في ظل الحاجة إلى دعم دولي مستمر يخفف من الضغوط الاقتصادية والإنسانية.

في هذا السياق، جرى التطرق إلى المستجدات في المحافظات الشرقية، وما رافقها من إجراءات أحادية، والجهود الإقليمية التي تقودها السعودية، والإمارات، لاحتواء التوتر، وإعادة تطبيع الأوضاع، بما يحافظ على التوافق داخل إطار الشرعية، ويمنع انعكاس الخلافات الداخلية على وحدة القرار الأمني والعسكري.

القيادة اليمنية شددت خلال هذه المشاورات على أهمية الالتزام بالمرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض، بوصفها الإطار الناظم للشراكة السياسية، محذرةً من أن أي تجاوز لهذه المرجعيات قد يخلق فراغات تستغلها الجماعة الحوثية والتنظيمات الإرهابية، بما يفاقم التحديات الأمنية.

مقاربة أوسع

في اتصال مرئي أجراه السفير الأميركي ستيفن فاغن، مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة، برزت مقاربة أوسع لطبيعة المرحلة التي يمر بها اليمن، بوصفها مرحلة مركَّبة تتداخل فيها الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية.

وأكد العرادة أن مواجهة هذه التحديات تتطلب موقفاً دولياً أكثر صرامة، ودعماً عملياً يمكّن الحكومة من استعادة مؤسسات الدولة، وتجفيف مصادر تمويل الميليشيات، ومنع تقويض الجهود الأممية. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

التحذير من تداعيات التساهل الدولي مع الممارسات الحوثية شكّل نقطة تقاطع في هذه النقاشات، إذ اعتُبر هذا التساهل عاملاً مشجعاً على استمرار التصعيد، وعرقلة مساعي السلام، وخلق بيئة غير مستقرة تؤثر على الأمن اليمني والإقليمي، وعلى خطوط الملاحة الدولية.

السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)

أما لقاء السفير الأميركي مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي، فقد ركّز على أبعاد التهديد الإيراني في اليمن، ودور طهران في دعم القدرات العسكرية للحوثيين، وما يمثله ذلك من خطر على الداخل اليمني، ودول الجوار، والأمن البحري في البحرين الأحمر والعربي.

كما جرى تأكيد دور تحالف دعم الشرعية في الحفاظ على السلم الاجتماعي في المناطق المحررة، ودعم مؤسسات الدولة، والبنك المركزي، لاستكمال الإصلاحات الاقتصادية.

وحسبما أورد الإعلام الرسمي اليمني، أعاد السفير الأميركي تأكيد ثوابت موقف بلاده الداعم لوحدة اليمن، وسلامة أراضيه، ووحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، والتزام واشنطن بالشراكة في مكافحة الإرهاب، والتخفيف من المعاناة الإنسانية، وتعزيز فرص الاستقرار والتنمية.