تعديلات إردوغان على المناهج تثير جدلاً حاداً في تركيا

آخرها تقليص تاريخ أتاتورك والتوسع بالمدارس الدينية

مدارس «الفاتح» التابعة لغولن تحولت إلى مدارس «إمام خطيب»
مدارس «الفاتح» التابعة لغولن تحولت إلى مدارس «إمام خطيب»
TT

تعديلات إردوغان على المناهج تثير جدلاً حاداً في تركيا

مدارس «الفاتح» التابعة لغولن تحولت إلى مدارس «إمام خطيب»
مدارس «الفاتح» التابعة لغولن تحولت إلى مدارس «إمام خطيب»

شهد البرلمان التركي جدلاً حاداً بين حزبَي «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، و«العدالة والتنمية» الحاكم، بسبب فيديو أعدته وزارة التربية والتعليم في مناسبة الاحتفال بيوم المعلم، الذي تحتفل به تركيا في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، بسبب عدم ظهور أي صورة لمؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك أو أي إشارة إليه.
الفيديو الذي أُعدّ لعرضه على شاشات التلفزيون للفت الأنظار إلى قيمة المعلم في المجتمع، قام على فكرة ظهور معلم أمضى في الخدمة 40 عاماً وحان موعد درسه الأخير قبل أن يتقاعد، وفوجئ لدى دخوله الفصل بتلاميذه ممن درّس لهم على مدى مسيرته المهنية وقد جاءوا لتكريمه.
المشاجرة التي شهدها البرلمان، والتي دافع فيها حزب العدالة والتنمية عن الفيلم مؤكداً أنه قام على فكرة تكريم المعلم ولم يتطرق إلى قضايا أخرى، هي في الواقع انعكاس لقلق أكبر لدى العلمانيين في تركيا الذين يمثلهم حزب الشعب الجمهوري، الذي أسسه أتاتورك، من «الانقلاب» على إرثه عبر تغيير المناهج وبخاصة منهج التاريخ لتقليص الجزء الذي يتناول سيرة حياته وكفاحه لتأسيس الجمهورية التركية بعد انتهاء حكم الدولة العثمانية وكذلك التغييرات التي أدخلت في مادة «التربية والدين والأخلاق» التي ركزت على فكرة الجهاد، والدعوات التي أطلقها الرئيس رجب طيب إردوغان لإدخال اللغة العثمانية في المناهج الدراسية بدلاً عن التوسع في اللغات الأجنبية.
مجمل هذه التغييرات أدت إلى مخاوف كبيرة لدى العلمانيين في تركيا من التحول عن إرث أتاتورك على الرغم من تأكيد إردوغان والحكومة أنه لا تراجع عن مبادئه التي قامت الجمهورية على أساسها، كان آخر تأكيد واضح لذلك قد جاء على لسان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الخميس الماضي لدى تخريج دفعة جديدة من جامعة الدفاع الوطني وقبلها في ذكرى وفاة أتاتورك في العاشر من نوفمبر الجاري.

تغييرات واسعة
في مطلع العام الجاري أعلن وزير التعليم التركي عصمت يلماز عن عملية واسعة لتغيير مناهج التعليم الابتدائي قال إنها تهدف إلى تحسين نوعية التعليم عن طريق حذف كثير مما سماه «موضوعات الحشو غير اللازمة في الحياة العملية للطالب» من المناهج الجديدة، التي أشار إلى أنها ستركز على نوعية التعليم لا على كمية المعلومات المعطاة للطلاب.
المنهج الجديد قلص من الجزء الخاص بسيرة أتاتورك، التي كانت تدرّس في المراحل الأولى من التعليم، وهي خطوة ربما كانت غير متصورة أو واردة قبل سنوات، لكن مؤيديها من أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم رأوها ضرورية من أجل إنهاء «قدسية أتاتورك».
في المقابل فإن الأتاتوركيين، أعلنوا رفضهم هذه الخطوة التي رأوها جزءاً من حملة إردوغان وحزبه على النظام العلماني في تركيا، تزامناً مع الضغوط التي بدأت تمارَس على المدافعين عن بقاء النظام العلماني والحفاظ على مبادئ أتاتورك.
ومع بدء العام الدراسي بدأ تنفيذ التغييرات بصورة تدريجية وسط انقسام بين المعلمين والطلاب إلى فريقين، مؤيد ومعارض، وتمثل أول التغييرات في تقليص الجزء الخاص بتاريخ أتاتورك في المراحل الأولية للتعليم، وحذف نظرية «النشوء والارتقاء» التي وضعها البريطاني تشارلز داروين من منهج المرحلة الثانوية، بعد جدل ونقاش طويل في شأنها بين معسكري الإسلاميين والعلمانيين.
وقال وزير التعليم التركي، رداً على معارضي حذف النظرية، إن وزارته ملزمة بكل ما هو علمي وحقيقي، قاصداً أن نظرية داروين هي نظرية غير علمية، وأضاف: «نظرية داروين نتيجتها كانت نشوء نظرية التطور، مثل الفيزياء التي بدورها أنشأت نظرية الانفجار العظيم، لذلك هذه الموضوعات لا بد من نقاشها خارج إطار المنهج الدراسي بشكل منفصل».
وأدخلت وزارة التعليم أيضاً تغييرات على منهج مادة «التربية والدين والأخلاق»، وقالت صحيفة «جمهوريت» المعارضة، إنه لوحظ حذف موضوعات كثيرة تتحدث عن الأخلاق والفضائل العامة، لمصلحة التركيز أكثر على موضوعات الشريعة الإسلامية، مع دخول مفهوم «الجهاد في سبيل الله» والاستشهاد في منهج الصف السابع.
وتمت إضافة دروس تتحدث عن انتصارات الدولة العثمانية لا سيما في معركة «كوت العمارة» التي جرت بين الجيشين العثماني والإنجليزي في العراق في الحرب العالمية الأولى، وانتصر فيها العثمانيون بعد حصار طويل استسلم في نهايته الجيش البريطاني، وتقرر العودة للاحتفال بهذه المناسبة في المدارس بعد أن كان قد تم إلغاؤها منذ عشرات السنوات بضغط من بريطانيا.
كما دخل المناهج الجديدة أيضاً شرح محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016 باعتبارها دفاعاً عن الديمقراطية.

الإشارة الأولى
جاءت الإشارة الأولى لحملة تغيير المناهج من جانب الرئيس رجب طيب إردوغان الذي قال خلال افتتاح جامعة ابن خلدون، في إسطنبول، إنه لا يزال يذكر تلك الأيام التي كان يُحرم فيها الطلبة من حقوقهم ومظهرهم الخارجي الإسلامي كارتداء الحجاب أو إطلاق اللحية، لافتاً إلى تقديره لدور الجامعات التي تسعى إلى التجديد والمعاصرة انطلاقاً من جذور الحضارة والتاريخ العثماني.
وقال إردوغان إن «الأمة التي لا تنتمي إلى ماضيها لا يمكن أن يكون لها مستقبل، ونعرف أن هذه الحضارة هي مصدر إزعاج للبعض، ولطالما حاول الكثيرون طمس أفكارها وتاريخها». وعبّر عدم رضائه عن مواد التاريخ التي تدرّس في المدارس، قائلاً: «من المؤسف أننا أعددنا تاريخنا الرسمي لسنوات بالشكل الذي أراده البريطانيون... مناهج كتب التاريخ في تركيا ناقصة».
ودعا إردوغان الجامعات والمؤسسات التعليمية إلى اعتماد ثقافة الحضارة الإسلامية في مناهجها والابتعاد عن الاعتماد على الثقافة الأوروبية واستيراد الأفكار الغربية التي قال إنها غريبة عن تاريخ وتراث البلاد، معلناً اعتزامه إدخال تعديلات على المناهج الدراسية في البلاد من أجل «تعزيز الكتب والمناهج بتاريخها العريق والمشرف».
وظهرت استجابة وزارة التعليم التركية لهذا النداء بتغيير خطتها لإدخال اللغة الإنجليزية في مناهج الدراسة اعتباراً من الصف الأول الابتدائي ليبدأ تعليم اللغات الأجنبية في المدارس الحكومية من الصف الخامس الابتدائي اختيارياً، حيث يشمل الإنجليزية أو العربية أو لغات أوروبية أخرى كالإسبانية والألمانية وأيضا الروسية.

انقسام واسع
دافع رئيس مجلس التعليم العالي التركي ألب أرسلان دورموش، عن التغييرات في المناهج، قائلاً: «عملنا من خلال التعديلات الجديدة في المناهج على التخلص من الموضوعات التي تتحدث عن التاريخ من وجهة النظر الأوروبية، وعملنا على التركيز على مساهمات العلماء المسلمين والأتراك، أمثال ابن سينا وابن خلدون، بهدف تأكيد القيم الوطنية وتسليط الضوء على الإنجازات التي قدمتها الحضارة الإسلامية».
واعتبرت جمعيات ونقابات تعليمية تحديث وتغيير المناهج خطوة على الطريق الصحيح، من أجل تطوير المنظومة التعليمية، لكن المعارضة العلمانية رأت أن حزب العدالة والتنمية الذي حكم تركيا على مدى 15 عاماً، تولى فيها 5 وزراء المسؤولية عن التعليم، جاء كلٌّ بمشروعه الخاص ليهدم مشروع سلفه وهو ما تسبب في غياب أي استراتيجية للتعليم.
وانتقد رئيس اتحاد نقابات العاملين في التعليم قاسم بركات المنهج الجديد قائلاً إنه يتحدى نظام التعليم العلماني كوسيلة للحياة، وإن تبسيط النصوص في الكتب المدرسية هو هجوم منظّم على العلوم الطبيعية والتاريخ والفلسفة، ويشكل مبادرة خطيرة من وزارة التربية والتعليم تفصل المناهج عن المعرفة العلمية والواقع، وتجعلها مماثلة للمناهج الموجودة في المدارس الدينية. وأضاف أنه «لم تتم استشارة خبراء التعليم ومنظمات المجتمع المدني، وهذا غير ديمقراطي ويثير قلقنا كثيراً».

قضية الحريات
وتصاعد الأمر إلى ما هو أكبر من الجدل والنقاش، حيث نظمت الشرطة حملة دهم طالت منزلَي شابَّين كتبا على جدار مدرسة في منطقة سكنهما «تركيا علمانية وستبقى علمانية»، وذلك بعد 10 أيام على توقيف شاب تجول بين المقاهي الشعبية محدّثاً روادها عن أهمية العلمانية، ونتيجة لذلك قدم حزب الشعب الجمهوري استجواباً لوزير العدل متسائلاً: «منذ متى بات الدفاع السلمي عن العلمانية في تركيا جريمة يُعاقب عليها القانون؟».
واتسعت اعتراضات حزب الشعب الجمهوري على المساس بسيرة أتاتورك والسعي لما سماه «أسلمة التعليم» إلى فتح ملف الحريات في تركيا، حيث أعلن نائب الحزب بالبرلمان باريش ياركداش، أن أجهزة الأمن أعدت مذكرات اتهام لنحو 17 ألف مستخدِم لمواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تعليقاتهم، وأنها تبحث عن عناوين 45 ألفاً آخرين، من أجل استدعائهم للتحقيق معهم، قائلاً إن امتلاء السجون ومراكز الشرطة بالموقوفين والسجناء جعل أجهزة الأمن لا تستعجل استدعاء هؤلاء، حيث لا مكان لاحتجازهم الآن، لكن الدور سيأتي عليهم في كل الأحوال.

محاولات مستمرة
يرفض إردوغان وحزبه (العدالة والتنمية) الاتهامات بالسعي إلى ما يسمى «أسلمة المجتمع»، ويقول إن 99 في المائة من الشعب التركي مسلمون، ولا يصح إطلاق هذا الوصف على مجتمع غالبيته المطلقة من المسلمين بالأساس.
لكن منذ صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا عام 2002، بقيادة إردوغان، سعى إلى القيام بعمليات تغيير واسعة في مناهج التعليم الأساسي، لكنه واجه صعوبات كبيرة بسبب سطوة القوى العلمانية وتغلغلها، فلم يتمكن الحزب إلا من إجراء تغيير طفيف عام 2007، لكنه واصل مساعيه التي تكثفت في السنوات الأخيرة وصولاً إلى تطبيق أول تغيير جوهري كبير في المناهج في بداية العام الدراسي الجاري.
دفع إردوغان خلال السنوات الأخيرة باتجاه تعزيز ودعم وتوسيع «مدارس إمام خطيب» الدينية التي درس فيها حتى المرحلة الثانوية وتمكن من زيادة عدد طلابها إلى أكثر من مليون طالب، بعد أن كان قد تقلص إلى عشرات الآلاف نتيجة التضييق عليها في السابق، وقامت السلطات بتحويل جميع مدارس «حركة الخدمة» المعروفة بمدارس «الفاتح» التي تمت مصادرتها عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، وعددها أكثر من 1400 مدرسة، كانت تعتبر من أعلى المدارس في تركيا من حيث جودة التعليم وتدريس اللغات، فضلاً عن تصميم مبانيها وارتفاع مستوى خدماتها، إذ كان يدرس بها أبناء الصفوة، إلى مدارس «إمام خطيب». كما أصبح بإمكان طلاب هذه المدارس الالتحاق بمختلف الجامعات والدراسة في جميع التخصصات.
ويرى إردوغان أنه لا يزال هناك نقص في طرق إعداد الأجيال للمستقبل قائلاً: إن هذا «مطلب شعبي وحاجة وطنية... بدأنا منذ وقت قصير بتغيير المناهج الدراسية التي وُضعت من قبل للتنفير من لغتنا وتاريخنا وأجدادنا».
ويكرر إردوغان لفت الانتباه إلى الدور الكبير الذي يشكله الشباب في رسم مستقبل البلاد، ويثني دائماً على دورهم في التصدي للمحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو 2016.
وأقدمت وزارة التعليم التركية منذ عام 2014 على إدخال العديد من التغييرات على طرق ومناهج التعليم ومن بينها التوسع في الدروس الدينية ومدارس تحفيظ القرآن، وهو ما ينظر إليه المعارضون من الأقليات الدينية، وأبرزهم العلويون، على أنه ضرب للتعددية في المجتمع التركي من خلال إصرار إردوغان وحزبه على تطبيق شعار «وطن واحد... أمة واحدة... دين واحد... عَلم واحد».
ويقول منتقدو ومعارضو إردوغان إنه وحزبه يتخذان من إصلاح التعليم وسيلة لتغيير ثقافة المجتمع التركي عبر القضاء على العلمانية، لأن الكثير من المناهج الجديدة تغير لدى الطلاب منذ سنواتهم الأولى في المدرسة العديدَ من المفاهيم التي تأسست عليها الجمهورية التركية العلمانية، ومن أهمها النظرة إلى المرأة وإلى مفهوم الأسرة وكذلك مفاهيم العمل والاختلاط، وهو ما من شأنه تنشئة أجيال منغلقة تتمحور ثقافتها حول المبادئ الإسلامية لحزب العدالة والتنمية.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.