رئيس هيئة حقوقية: تحدثت مع أويحيى حول تغيير طبيعة النظام

جبهة الإنقاذ تعلن رفضها المشاركة في المشاورات حول «الدستور التوافقي»

رئيس هيئة حقوقية: تحدثت مع أويحيى حول تغيير طبيعة النظام
TT

رئيس هيئة حقوقية: تحدثت مع أويحيى حول تغيير طبيعة النظام

رئيس هيئة حقوقية: تحدثت مع أويحيى حول تغيير طبيعة النظام

أغلقت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائرية المحظورة، نهائيا الباب أمام السلطات بخصوص مشاركتها في «الاستشارة» حول تعديل الدستور التي انطلقت أول من أمس، إذ أعلن القيادي البارز عبد القادر بوخمخم، رفض لقاء وزير الدولة أحمد أويحيى الذي يقود «الاستشارة»، بذريعة أن «الجبهة» تدعو إلى «دستور توافقي تضعه هيئة تأسيسية منتخبة، بدل نظام غير شرعي».
وقال بوخمخم في رسالة إلى أويحيى، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إنه «استغرب أن توجه لي الدعوة بصفتي شخصية وطنية فقط، لا كقيادي مؤسّس للجبهة الإسلامية للإنقاذ. كما أن هذه الدعوة تأتي وأنا ممنوعٌ تعسّفا من ممارسة حقوقي السياسية والمدنية، واستفحل هذا المنع بالمادة 26 الجائرة من قانون السلم والمصالحة، في الوقت الذي يراد فيه دَسْتَرَة السِلم والمصالحة ضمن ثوابت الأمة. هذا بالإضافة إلى أنّني ما زلت تحت الرقابة القضائية بسبب مشاركتي في مسيرة نصرة غزة في يناير (كانون الثاني) 2009».
وتمنع المادة 26 من «قانون المصالحة» الذي صدر في 2006: «المحرضين على العنف»، من ممارسة السياسة. وعدَ قادة «الإنقاذ» المعنيين بهذا المنع، حتى لو أن القانون لم يذكرهم بالاسم. والشائع أن نائب رئيس «الجبهة»، المعارض الأبدي للنظام علي بن حاج، هو المعني بالتحديد.
ويرى بوخمخم (74 سنة)، بأن مناقشة مسودّة التعديلات الدستورية، التي يقترحها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة: «تجري في ظل أوضاع بالغة السوء بعد انتخابات رئاسية قاطعها أغلب الشعب الجزائري، مما أفقدها المشروعية والتمثيل الشعبي، وفي ظل برلمان فاقد للتمثيل الشعبي كذلك. هذا فضلا عن الاحتجاجات السياسية والاجتماعية المتصاعدة عبر مختلف الولايات، وعن محيط إقليمي ملتهب لا يُعرَف حجم تطوراته وآثاره في المستقبل القريب والبعيد، وعن محيط دولي شديد الغليان والتوتر، فمن الخطأ بمكان إلهاء الشعب بتعديل بعض مواد الدستور، وصرف الأنظار عن أزمة الشرعية التي تولّدت عنها سائر الأزمات. إذ الواجب، من وجهة نظري، وفي ظل ما سبق ذكره، أن تعديل الدستور لا يمكن إلا أن يكون تتويجا لوفاق وطني جامع».
وأحال قيادي «الإنقاذ» أويحيى، إلى بيان حزبه المحظور الصادر في مارس (آذار) الماضي، والذي دعا فيه إلى «تنظيم مرحلة انتقالية حقيقية، تشارك فيها جميع الفعاليات السياسية والاجتماعية المعتمدة والمحظورة، بما في ذلك الجبهة الإسلامية للإنقاذ وبمشاركة السلطة. وأهم معالمها: وضع دستور توافقي من طرف هيئة تأسيسية منتخبة، وإعادة الكلمة إلى الشعب الجزائري لاختيار ممثليه والمشاريع المعروضة عليه بكل حرية وسيادة، دون إقصاء أو وصاية. وعدم القفز على الحلّ الشامل والعادل للأزمة الأمّ الناجمة عن مصادرة اختيار الشعب في 1992»، في إشارة إلى تدخل الجيش لإرغام الرئيس الشاذلي بن جديد على الاستقالة، وإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فازت بها «الإنقاذ». وواصل أويحيى، الذي كان رئيسا للوزراء، أمس استقبال الشخصيات وقادة الأحزاب لسماع رأيها في مقترحات تعديل الدستور. وصرَح فاروق قسنطيني، رئيس «اللجنة الاستشارية لحماية حقوق الإنسان»، للصحافة بعد انتهاء لقائه بأويحيى، أنه قدم اقتراحات «تتمثل في ضرورة استقلالية القضاء والقاضي على وجه الخصوص، باعتبار هذه الاستقلالية ركيزة أساسية في سبيل إرساء الديمقراطية الحقيقية ودولة القانون». وتناول اللقاء، حسب قسنطيني، تغيير طبيعة النظام من رئاسي إلى شبه رئاسي وربما إلى برلماني، وهي الصيغ المطروحة في المراجعة الدستورية المرتقبة، وإن كان مستبعدا أن يتم التخلي عن النظام الرئاسي، ذي الصلاحيات غير المحدودة بالنسبة للرئيس.
وقال قسنطيني «لقد تحدث مع أويحيى عن حرية الأشخاص وحرية الصحافة، التي دعوت إلى دعمها أكثر في الدستور المقبل، لأن ذلك من شأنه إعطاء مصداقية أكثر للديمقراطية في الجزائر». وعد مشروع تعديل الدستور «خطوة هامة تخدم الأجيال الحالية والمستقبلية لأن الدستور مشروع مجتمع بكامله».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.