الاختراق المتكرر للمواقع الصحافية المصرية يثير جدلاً

خبراء: المهاجمون يستغلون ثغرات التأمين وعدم التحديث

الاختراق المتكرر للمواقع الصحافية المصرية يثير جدلاً
TT

الاختراق المتكرر للمواقع الصحافية المصرية يثير جدلاً

الاختراق المتكرر للمواقع الصحافية المصرية يثير جدلاً

تزايدت الهجمات الإلكترونية على بعض المواقع، التابعة للمؤسسات الصحافية المصرية، في الشهور الماضية، وهو ما تسبب في حدوث حالة من البلبلة والجدل داخل الأوساط الشعبية والصحافية في مصر.
وشهد الموقعان الإلكترونيان لصحيفتي «المصري اليوم»، و«اليوم السابع»، أخيراً عدداً من الهجمات الإلكترونية وبث أخبار «مفبركة»، بالإضافة إلى اخترق خدمة «الرسائل الإخبارية القصيرة» لصحيفة «الوطن» المصرية أيضاً قبل عدة شهور.
وقد تسببت هذه الهجمات في إثارة البلبلة بين القراء، ومستخدمي المواقع الإلكترونية، والعاملين أنفسهم، وسط تساؤلات تدور حول طبيعة الاختراقات الإلكترونية، وكيفية التأكد من جدوى وسائل الحماية اللازمة، بجانب بحث خطورة تكرار تلك الهجمات على محتويات المواقع الصحافية بالكامل، وما تحدثه من إثارة للرأي العام.
عملية اختراق الموقع الإلكتروني تعني الدخول إلى الموقع الإلكتروني من شخص غير مصرح له بالدخول، فيضيف بيانات أو يُعدِّل في محتويات الموقع أو يحذف بيانات من الموقع الإلكتروني لكي يغير معناها.
وبحسب خبراء تكنولوجيا المعلومات، فإنه يصعب تأمين المواقع الإلكترونية بنسبة 100 في المائة، مدللين على ذلك بأن شركة «مايكروسوفت» الأميركية تصدر تحديثات كثيرة لسد الثغرات الأمنية، في برنامج مكافحة الفيروسات في إصدارات «ويندوز» الحديثة. كما أشاروا إلى أن مسألة «اختراق المواقع الإلكترونية» واردة لأي موقع إلكتروني لأسباب متنوعة.
يقول وليد حجاج خبير تكنولوجيا المعلومات، المُلقب بـ«صائد الهاكرز»: «إن اختراق المواقع الإلكترونية يحدث في الغالب نتيجة ضعف في عملية تأمين الموقع الإلكتروني، وعدم تحديثه لفترات طويلة، فيتم استغلال نقاط ضعف يتم اكتشافها في لغة وبرنامج التصميم الذي يتم اختراقه»، موضحاً أن «اختراق المواقع له أكثر من شكل وطريقة، أشهرها حذف الصفحة الرئيسية واستبدال بها صفحة (لقد تم اختراق الموقع)، ويحدث ذلك إما للسبب السابق، أو بسبب استخدام برامج وأدوات غير أصلية في تصميم الموقع، إلى جانب قلة خبرة العاملين بوحدة تكنولوجيا المعلومات بالمواقع الصحافية، وعدم اتباع سياسات الأمن المعلوماتي، وبالتالي تصبح تلك المواقع ضحية للهواة من الهاكرز، الذين يُطلق عليهم (Script Kiddie Hackers)».
وأضاف حجاج لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «بإمكان (الهاكرز) أيضاً حذف مواد صحافية أو إضافة أخبار أو تدمير الموقع بالكامل، لأنه يُعد صاحب الموقع في هذه اللحظة، فتصبح له كل الصلاحيات»، موضحاً أنه «لا يمكن حدوث كل هذه الأشياء في جميع حالات الاختراق، لأن مسألة العبث بمحتويات الموقع الإلكتروني، تعتمد على طريقة الاختراق، ومهارة المخترق، وقوة تأمين الموقع، وأهمية الموقع نفسه».
وقدم حجاج مجموعة من النصائح للعاملين بوحدات تكنولوجيا المعلومات في المواقع الإلكترونية الإخبارية ليحافظوا على خصوصية المحتوى الصحافي من هجمات «الهاكرز»، مثل: «توعية العاملين في وحدات تكنولوجيا المعلومات بقواعد وأسس مجال أمن المعلومات، وتوفير طرق تأمين حديثة يتم اختبارها بشكل دوري في المواقع الإخبارية، وأن يوجد خادم احتياطي ونسخة احتياطية من البيانات بشكل دوري، واستخدام البريد الإلكتروني الخاص بالمؤسسات الصحافية، وليس البريد الإلكتروني المجاني مثل (Yahoo)، و(Hotmail)».
وتابع: «يُفضّل أيضاً استخدام خدمات (DDoS Attack Protection)، التي تُتيح لمستخدميها حماية مواقعهم ضد هجمات (الهاكرز)، واستخدام (Disaster Recovery Site)، وهو بمثابة مكان آمن بعيد عن الموقع الأصلي يحتفظ بنسخة كاملة من الموقع، ويعمل تلقائياً في حالة حدوث خلل أو اختراق حتى يتم سد الثغرة وإعادة الموقع للعمل بشكل طبيعي من الخادم الأصلي».
من جهته قال الدكتور شريف درويش اللبان أستاذ تكنولوجيا الاتصال بكلية الإعلام جامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد نوعان من عمليات اختراق المواقع الإلكترونية؛ ففي النوع الأول يقتحم (الهاكرز) المواقع الإلكترونية لتوجيه رسائل معينه للعاملين في المواقع الإلكترونية، أو لأصحاب الموقع نفسه، أما النوع الثاني فيستهدف الإضرار بالموقع الإلكتروني من خلال (الكراكرز)، الذين يستخدمون أسلوباً منهجياً في العمل».
وأضاف د. شريف اللبان أن «اختراق المواقع الإلكترونية للصحف، يعد من أساليب الحروب الممنهجة، التي تمارسها جماعة الإخوان ضد الدولة المصرية»، موضحاً أن «تكرار ظاهرة اختراق المواقع الإخبارية المصرية، واختراق خدمة الرسائل القصيرة، يعودان لكونهما من أكثر المواقع الإلكترونية من حيث عدد الزوار وفقاً لتصنيف (أليكسا)، وبالتالي تقوم الميليشيات الإلكترونية بعمل هجمات على تلك المواقع من أجل إحداث البلبلة، ونشر الشائعات، وعرقلة المشروعات التنموية في مصر».
وينصح د. شريف اللبان العاملين في المواقع الإلكترونية بالمراقبة الدقيقة لأداء الموقع الإلكتروني طوال 24 ساعة، للتقليل من عمليات الهجوم، كما يجب أن تكون لدى شركات تكنولوجيا المعلومات، التي تشرف على تصميم المواقع الإلكترونية برمجيات متقدمة حتى يصعب اختراق المواقع الإلكترونية.
يشار إلى أن الموقع الإلكتروني لصحيفة «المصري اليوم» قد تعرض للاختراق أخيراً، وقام المهاجمون ببث مواد «مفبركة» عبر موقعها الإلكتروني، ما دعا إدارة التحرير بالجريدة إلى حذف تلك الأخبار المفبركة، التي تم نشرها نتيجة الاختراق.
وانتهت الصحيفة وقتئذ إلى وقف بث الأخبار بالموقع الإلكتروني، وإغلاقه لمدة يومين لعلاج المشكلة، ووضع إجراءات وقائية تضمن عدم الاختراق من جديد.
كما تعرض أيضاً موقع صحيفة «اليوم السابع» المصرية في عام 2010، لاختراق إلكتروني من أحد القراصنة، حيث قام «الهاكرز» بحظر الموقع ليظهر بدلاً منه بيان أشاروا فيه إلى الأسباب التي دفعتهم لاختراق الموقع، وذلك على خلفية اعتزام الجريدة نشر إحدى الروايات المثيرة للجدل للكاتب أنيس الدغيدي.
إلى ذلك قال إيهاب الزلاقي رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «المصري اليوم»: «توجد أسباب متنوعة لاختراق المواقع الإلكترونية، فقد تكون سياسية، تقف وراءها ميليشيات إلكترونية، أو مجموعة من الهواة، وذلك بسبب قصور في تأمين الموقع الإلكتروني».
وأضاف الزلاقي قائلاً: «شركات خدمات استضافة مواقع الإنترنت تعمل جاهدة على ضمان أكبر قدر من عملية التأمين لمواقعها الإلكترونية، وأخذ كل الاحتياطات لمنع دخول أي شخص غير مصرح له بالدخول، وبالتالي تقف حائلاً أمام نفاذ هجمات (الهاكرز) للمواقع الإخبارية، وبث مضامين مسيئة تستهدف نشر البلبلة والشائعات، ورغم ذلك فإن ثمة هجمات إلكترونية تقع في مصر والكثير من دول العالم».


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
TT

رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)

في ظل صراعات وحروب إقليمية متصاعدة وتطورات ميدانية متسارعة، لعب الإعلام أدواراً عدة، سبقت في بعض الأحيان مهمات القوات العسكرية على الأرض؛ ما ألقى بظلال كثيفة على وسائل الإعلام الدولية. تزامن ذلك مع زيادة الاعتماد على «المؤثرين» ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار؛ ما دفع رئيسة «منتدى مصر للإعلام»، نهى النحاس، إلى التحذير من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار.

وفي حوارها مع «الشرق الأوسط»، عدّت نهى دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار «خطأً مهنياً»، وقالت إن «صُناع المحتوى و(المؤثرين) على منصات التواصل الاجتماعي يقدمون مواد دون التزام بمعايير مهنية. ودمجهم في غرف الأخبار كارثة مهنية».

وأشار تقرير نشره «معهد رويترز لدراسات الصحافة»، أخيراً، إلى «نمو في الاعتماد على مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار». ومع هذا النمو باتت هناك مطالبات بإدماج صناع المحتوى في غرف الأخبار. لكن نهى تؤكد أن الحل ليس بدمج المؤثرين، وتقول: «يمكن تدريب الصحافيين على إنتاج أنواع من المحتوى تجذب الأجيال الجديدة، لكن يجب أن يكون صانع المحتوى الإعلامي صحافياً يمتلك الأدوات والمعايير المهنية».

وتعد نهى «الإعلام المؤسسي أحد أبرز ضحايا الحروب الأخيرة»، وتقول إن «الإعلام استُخدم باحة خلفية للصراع، وفي بعض الأحيان تَقدمَ القوات العسكرية، وأدى مهمات في الحروب الأخيرة، بدءاً من الحرب الروسية - الأوكرانية وصولاً إلى حرب غزة».

وتبدي نهى دهشتها من الأدوار التي لعبها الإعلام في الصراعات الأخيرة بعد «سنوات طويلة من تراكم النقاشات المهنية ورسوخ القيم والمبادئ التحريرية».

وتاريخياً، لعب الإعلام دوراً في تغطية الحروب والنزاعات، وهو دور وثّقته دراسات عدة، لكنه في الحروب الأخيرة «أصبح عنصراً فاعلاً في الحرب؛ ما جعله يدفع الثمن مرتين؛ أمام جمهوره وأمام الصحافيين العاملين به»، بحسب نهى التي تشير إلى «قتل واغتيال عدد كبير من الصحافيين، واستهداف مقرات عملهم في مناطق الصراع دون محاسبة للمسؤول عن ذلك، في سابقة لم تحدث تاريخياً، وتثبت عدم وجود إرادة دولية للدفاع عن الصحافيين».

وتقول نهى: «على الجانب الآخر، أدت ممارسات مؤسسات إعلامية دولية، كانت تعد نماذج في المهنية، إلى زعزعة الثقة في استقلالية الإعلام»، مشيرة إلى أن «دور الإعلام في الحروب والصراعات هو الإخبار ونقل معاناة المدنيين بحيادية قدر المستطاع، لا أن يصبح جزءاً من الحرب وينحاز لأحد طرفيها».

نهى النحاس

وترفض نهى «الصحافة المرافقة للقوات العسكرية»، وتعدها «صحافة مطعوناً في صدقيتها»، موضحة أن «الصحافي أو الإعلامي المرافق للقوات ينظر للمعركة بعين القوات العسكرية التي يرافقها؛ ما يعني أنه منحاز لأحد طرفَي الصراع». وتقول: «عندما ينخرط الصحافي مع جبهة من الجبهات لا يعود قادراً على نقل الحقائق».

وضعت الحروب الأخيرة الصحافيين في غرف الأخبار «أمام واقع جديد جعل أصواتهم غير مسموعة في مؤسساتهم، في بعض الأحيان»، وتوضح نهى ضاربة المثل بالرسالة المفتوحة التي وقّعها عدد من الصحافيين في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية ضد تغطية حرب غزة وتجاهل قتل عدد كبير من الصحافيين، والتي أدت في النهاية إلى إيقافهم عن تغطية حرب غزة.

زعزعت الانحيازات الإعلامية في التغطية، الثقة في استقلالية الإعلام، وأفقدت مؤسسات إعلامية كبرى مصداقيتها، بعد أن كانت حتى وقت قريب نماذج للالتزام بالمعايير المهنية. ورغم ما فقدته مؤسسات الإعلام الدولية من رصيد لدى الجمهور، لا تتوقع نهى أن «تقدم على تغيير سياستها؛ لأن ما حدث ليس مجرد خطأ مهني، بل أمر مرتبط بتشابك مصالح معقد في التمويل والملكية». ولفتت إلى أن «الحروب عطّلت مشروعات التطوير في غرف الأخبار، وأرهقت الصحافيين نفسياً ومهنياً».

وترى أن تراجع الثقة في نماذج الإعلام الدولية، يستدعي العمل على بناء مدارس إعلامية محلية تعكس الواقع في المجتمعات العربية، مشيرة إلى وجود مدارس صحافية مميزة في مصر ولبنان ودول الخليج لا بد من العمل على تطويرها وترسيخها بعيداً عن الاعتماد على استلهام الأفكار من نماذج غربية.

بناء تلك المدارس الإعلامية ليس بالأمر السهل؛ فهو بحسب نهى «يحتاج إلى نقاش وجهد كبير في التعليم وبناء الكوادر وترسيخ الإيمان بالإعلام المستقل». وهنا تؤكد أن «استقلالية الإعلام لا تعني بالضرورة تمويله من جهات مستقلة، بل أن تكون إدارته التحريرية مستقلة عن التمويل قدر الإمكان»، مشددة على أن «التمويل العام لوسائل الإعلام مهم ومرحّب به، لا سيما في لحظات الاستقطاب السياسي؛ حتى لا يلعب المال السياسي دوراً في تخريب مصداقية المؤسسة».

غيّرت الحروب غرف الأخبار وألقت بظلالها على طريقة عملها، لتعيد النقاشات الإعلامية إلى «الأسس والمعايير والأخلاقيات»، تزامناً مع تطورات تكنولوجية متسارعة، ترى نهى أنها «ضرورية لكن كأدوات لإيصال الرسالة الإعلامية بفاعلية».

من هذا المنطلق، ترفض نهى التوسع في مناقشة قضايا الذكاء الاصطناعي على حساب القضايا المهنية، وتقول: «نحتاج إلى إعادة تثبيت وترسيخ القواعد المهنية، ومن ثم الاهتمام بالأدوات التي تسهل وتطور الأداء، ومن بينها الذكاء الاصطناعي الذي لا يمكن إنكار أهميته».

وتضيف: «إذا كان الأساس به خلل، فإن الأداة لن تعالجه؛ لذلك لا بد من مناقشات في غرف الأخبار حول الأسس المهنية لاستعادة الجمهور الذي انصرف عن الأخبار».

وبالفعل، تشير دراسات عدة إلى تراجع الاهتمام بالأخبار بشكل مطرد، تزامناً مع تراجع الثقة في الإعلام منذ جائحة «كوفيد-19»، وتزايد ذلك مع الحرب الروسية - الأوكرانية. ووفقاً لمعهد «رويترز لدراسات الصحافة»، فإن «نحو 39 في المائة من الجمهور أصبحوا يتجنبون الأخبار».

وهنا تقول نهى إن «الثقة تتراجع في الإعلام بشكل مطرد؛ لأن الجمهور يشعر أن صوته لم يعد مسموعاً، إضافة إلى تشبع نسبة كبيرة من الجمهور بأخبار الحرب، إلى حد مطالبة البعض بنشر أخبار إيجابية». وتضيف أن «هذا التراجع امتزج مع صعود منصات التواصل التي أصبحت يُخلط بينها وبين الإعلام المؤسسي، لا سيما مع ما قدمته من متابعات للحروب والصراعات الأخيرة».

وتشير رئيسة «منتدى مصر للإعلام» إلى أن «الحروب الأخيرة في أوكرانيا وغزة وضعت أعباء مالية، وفرضت محتوى مختلفاً على المؤسسات الإعلامية أدى إلى زيادة تجنب الجمهور للأخبار»، بحسب ما جاء في دراسة نشرها معهد «رويترز لدراسات الصحافة»؛ ما يستلزم البحث عن وسائل لإعادة جذبه، أو لـ«غرفة أخبار ثالثة» كما فعلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، مستهدفة «جذب مزيد من القراء وزيادة الموارد».

وتستهدف «غرفة الأخبار الثالثة» إنشاء محتوى خاص لمنصات التواصل الاجتماعي، ومقاطع فيديو قصيرة تتناول موضوعات متنوعة لجذب الأجيال المرتبطة بالهواتف الذكية.

ويعد التدريب واحداً من أدوار المنتديات الإعلامية، ومن بينها «منتدى مصر للإعلام». وأوضحت نهى، في هذا المجال، أن «المنتديات الإعلامية هي تعبير عن الواقع الإعلامي لدولةٍ أو منطقةٍ ما، ونقطة تلاقٍ لمناقشة قضايا ومعارف مهنية، وملاحقة التطورات التكنولوجية».

وكان من المقرر عقد النسخة الثالثة من «منتدى مصر للإعلام» نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن تم تأجيلها «بسبب الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة والتي كانت ستؤثر على حضور بعض ضيوف (المنتدى)»، بحسب نهى التي تشير إلى أنه «سيتم عقد النسخة الثالثة من (المنتدى) منتصف 2025».

وتوضح أنه «يجري حالياً مراجعة أجندة (المنتدى) وتحديثها وتغييرها استعداداً للإعلان عنها في الربع الأول من العام المقبل»، مشيرة إلى أنه لم يتم الاستقرار بعدُ على عنوان النسخة الثالثة، وإن كان هناك احتمال للإبقاء على عنوان النسخة المؤجلة «يمين قليلاً... يسار قليلاً!».

وتقول نهى إن «منتدى مصر للإعلام» سيركز كعادته على المناقشات المهنية والتدريبات العملية، لا سيما «منصة سنة أولى صحافة» المخصصة لتقديم ورش تدريبية لطلاب الإعلام تتناول الأساسيات والمعايير المهنية.

وتختتم حديثها بالتأكيد على أن الالتزام بالمعايير المهنية هو الأساس لبقاء الإعلام المؤسسي، مجددة الدعوة لفتح نقاشات جادة بشأن مأسسة نماذج إعلام محلية في المنطقة العربية.