«الشرق الأوسط» داخل أوكار المتطرفين في ليبيا (2 من 5): قصة «سيدي خريبيش»

آخر مربع سكني يتحصن فيه مسلحو بنغازي

عناصر من الجيش الليبي الوطني يتسلقون ركام بناء مهدم بفعل الاشتباكات مع المسلحين في خريبيش أحد أحياء بنغازي (رويترز)
عناصر من الجيش الليبي الوطني يتسلقون ركام بناء مهدم بفعل الاشتباكات مع المسلحين في خريبيش أحد أحياء بنغازي (رويترز)
TT

«الشرق الأوسط» داخل أوكار المتطرفين في ليبيا (2 من 5): قصة «سيدي خريبيش»

عناصر من الجيش الليبي الوطني يتسلقون ركام بناء مهدم بفعل الاشتباكات مع المسلحين في خريبيش أحد أحياء بنغازي (رويترز)
عناصر من الجيش الليبي الوطني يتسلقون ركام بناء مهدم بفعل الاشتباكات مع المسلحين في خريبيش أحد أحياء بنغازي (رويترز)

أعلن الجيش الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر عن تحرير مدينة بنغازي من المتطرفين والتنظيمات الإرهابية، في الصيف الماضي، لكن ما زال هناك مربع سكني يسمى «سيدي خريبيش»، قبالة البحر، يتحصن فيه مسلحون متشددون يقدّر عددهم بما بين 90 عنصراً، وفق مصادر قريبة من الجيش، و150 عنصراً بحسب مصادر على صلة بالمحاصرين.
الحلقة الثانية من سلسلة التحقيقات التي تقدمها «الشرق الأوسط» عن أوكار المتطرفين في ليبيا، تسلط الضوء على هذا المربع السكني الذي انقلب رأساً على عقب، بمعنى الكلمة. ولكي تصل إلى نقطة المواجهة بين الجيش و«سيدي خريبيش»، فلا بد أن تمر بشوارع حفرتها جنازير الدبابات، وبمئات المباني المهدمة، من بينها مبنى الميناء البحري، ومبنى المحكمة المدمر، الذي كان يتظاهر أمامه الليبيون ضمن موجة ما يعرف بـ«الربيع العربي» في عام 2011.
عند نقطة معينة، من كورنيش بنغازي، وبالتحديد من بعد مبنى «الزاوية الرفاعية» التاريخي، الذي هدمته الحرب بين الجيش والمسلحين، يعلو صوت الرصاص والقذائف الصاروخية. هنا لا بد أن تتوقف. هذه «سيدي خريبيش» من ناحية البحر. أما المنطقة من الناحية الجنوبية، فلا يمكن الاقتراب منها إلا بعد اجتياز شوارع حي الصابري المزروعة بالمتفجرات، والتي تغص بعمارات متداعية وخالية من السكان.
لقد تحولت هذه المنطقة المعروفة باسم بنغازي القديمة إلى أطلال، بعد أن كانت فيما مضى تحمل عبق التاريخ القديم، وتعج بالحياة والمناقشات الثقافية وبالمشاة والمتسوقين.
ويقول مرافق من الجيش كان مع «الشرق الأوسط» في أقرب نقطة من «سيدي خريبيش»: «مركز المسلحين الرئيسي في الداخل يقع في الفندق البلدي. يقع الفندق شمال حي الصابري. نحن نرصدهم؛ لكن دخول المنطقة في الوقت الحالي صعب. نستطيع، بلا شك، أن نصل إلى هناك، ونستعيد الموقع؛ لكن هذا سيؤدي إلى خسائر كبيرة في الجيش. فالمحاصرون في الداخل قاموا بتفخيخ محيط سيدي خريبيش. فخخوا كل شيء فيه».
ويصف الجيش الليبي المحاصرين بأنهم «دواعش»؛ لكن أحد الوسطاء الذين يثق فيهم مسلحو «سيدي خريبيش»، وما زال على تواصل معهم، يقول في المقابل إن الموجودين في هذه المنطقة ينتمون إلى ما يعرف باسم «درع ليبيا 1» الذي صدر قرار بتشكيله قبل ثلاث سنوات من المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق)، للدفاع عن بنغازي. ويضيف أن بعض أمراء الحرب، من جماعة «الإخوان» ومن «الجماعة المقاتلة»، يستفيدون من الضجة الدولية حول هؤلاء المحاصرين و«من مصلحتهم أن يظلوا تحت الحصار، رغم البكاء عليهم أمام شاشات التلفزيون».
وبخلاف التفخيخ، حال دون دخول الجيش إلى سيدي خريبيش، أنها منطقة ذات أزقة ضيقة وشوارعها صغيرة. ويقول مسؤول عسكري: «الدواعش حفروا فيها أنفاقاً تحت الأرض. الأنفاق تُفتح على البيوت من أسفل، وفيها مراصد يتمركز فيها قناصون. ثم إن كل من فيها من القناصة المحترفين. هم محاصرون هنا منذ إعلان تحرير بنغازي في يوليو (تموز) الماضي. ويعتمدون في الأكل والشرب على المنتجات المنتهية صلاحيتها التي كانت مخزنة في مخازن سوق العرب في الصابري. من السهل أن ندكهم بالطيران؛ لكن نريد أن نحصل عليهم أحياء».
ويقول مسؤول في الجيش إنه في حال القبض على المحاصرين أحياء، فيمكن الحصول منهم على اعترافات مهمة بشأن علاقة بعض الأطراف المحلية والدولية بإثارة الفوضى والخراب في بنغازي؛ خاصة بعد أن تمكن الجيش من فك شفرات كثيرة عن هذه العلاقات، من المقار التي كان يدير منها المتطرفون العمليات في باقي ضواحي المدينة المحررة.
بينما يقول الوسيط الذي له علاقة بالمحاصرين، إن «من ورطهم في الاستمرار في الحرب في بنغازي، لا يريد خروجهم أحياء من سيدي خريبيش؛ لأنهم إذا خرجوا أحياء فسوف يفضحون دور من ورطوهم في الاقتتال الذي استمر منذ عام 2014 في عموم ليبيا، وليس في هذه المدينة فقط».
وعما إذا كان يوجد عسكريون بين المحاصرين، قال: «ربما اثنان أو ثلاثة. الباقون كلهم مدنيون من (درع ليبيا 1)»، مشيراً إلى تفاصيل تخص محاولات لوسطاء دوليين ومحليين لإخراج المحاصرين عبر البحر، جرى إفشالها عن «طريق قادة من جماعة (الإخوان) ومن (الجماعة المقاتلة)... رغم أن هاتين الجماعتين تبثان دعاية لا تتوقف ضد الجيش؛ بحجة أنه يحاصر سيدي خريبيش. أعتقد أن هناك من يستفيد من استمرار هذه المعضلة».
وتمكنت القوات البحرية، منذ فبراير (شباط) الماضي، من فتح ميناء بنغازي، والسيطرة على طريق البحر، وبالتالي «توقف المدد الذي كان يصل إلى سيدي خريبيش من طريق البحر، من جهة سرت ومصراتة»، بحسب ما يقول المسؤول العسكري. ويضيف: «المحاصرون في سيدي خريبيش بقايا للدواعش. وحاول قادة للمتطرفين في طرابلس ومصراتة إقناع المجتمع الدولي بأنهم عائلات من المدنيين يجب فك الحصار عنهم، وتأمين خروجهم عبر البحر. في الحقيقة لم يعد يرغب فيهم أحد. ونحن نريدهم أحياء. نريدهم أن يستسلموا لكي يقولوا لنا ما لديهم».
وأياً كان الأمر، فإن منطقة «سيدي خريبيش» تتوسط مواقع تمكن الجيش الليبي من أن يطرد منها المسلحين الذين كانوا يسيطرون عليها في الفترة الأخيرة، ومنها منطقة الصابري، وسوق الحوت التي يقع فيها ميناء بنغازي.
وفي أكثر من موقع توجد شرائط ملونة على طول الأرصفة، وحول مبان خالية جدرانها مجوفة بفعل انفجار القذائف، تحذّر من اجتيازها. وجود الشريط ذي اللونين الأحمر والأبيض يعني أن المناطق التي وراءه خطيرة. ومع ذلك تحاول عائلات عدة العودة، بعيداً عن أعين الجيش، للاطمئنان على ما تبقى من ممتلكاتها.
ومن سوء حظ واحدة من هذه العائلات أن شقتها السكنية كانت ضمن الطابق الثاني في عمارة في شارع الشويخات المجاور لـ«سيدي خريبيش». وحين تعجلت العودة إلى هناك، من وراء ظهر الجيش، فوجئت بأن المتطرفين كانوا قد استولوا على الطابق كله، وحولوه إلى واحد من مراكزهم الرئيسية؛ لكن حين انسحبوا فخخوا الموقع، وهكذا قُتل أفراد هذه العائلة، بينما تحطم ما تبقى من جدران.

«احذر منطقة ألغام»
يقول ماجد، أحد أصحاب الشقق في هذه العمارة المكونة من أربعة طوابق، والتي فيها 18 شقة، إن هذه العائلة لم تلتزم بتحذيرات عدم الدخول، وتجاهلت الأشرطة الملونة التي وضعها الجيش. ويوجد على واجهة العمارة كتابات باللون الأسود تقول: «احذر منطقة ألغام»، مثل مئات العمارات الأخرى.
ويضيف ماجد: «هذه العمارة تقع على الحد الذي كان يفصل بين قوات المتطرفين وقوات الجيش في المدينة. ويوجد في مقابل العمارة مركز (زهرة بنغازي التجاري). وهو مدمر حالياً. ومنه أطلقت قوات (داعش) قذيفة هاون أدت لمقتل شقيقي، واسمه درويش».
وتطوع ماجد مع قوات الجيش، ثم تدرب وانضم كجندي نظامي، وأصبح له رقم عسكري. ويتذكر تلك الأيام قائلاً: «كنت أعيش مع الجيش. التموين من الجيش، والذخيرة من الجيش. كنا متطوعين مع الجيش؛ أي مع جماعة القوات البحرية هنا. احتل الدواعش بيتي بعد أن دخلوه، وحين رجعت وجدته مدمراً بشكل كامل. من الخارج تعتقد أنه لا يوجد فيه أي أضرار تذكر؛ لكن من الداخل دمار تام. كان في العمارة ألغام، وما زال فيها ألغام. واستشهد فيها اثنان من جيراني حين جاءا لمعاينة بيتهما بعد خروج الدواعش منه. رب أسرة وشاب».
وبينما هو يقول ذلك، كانت طلقات الرصاص تصفر في الهواء قادمة من ناحية «سيدي خريبيش». وفي شارع آخر تمكن الجيش من تطهير مبانيه من الألغام والمفخخات، دخل عمال مرفق الكهرباء لتوصيل التيار إلى البيوت، وإصلاح المحطات المعطوبة. ويقول عامل كهرباء بجوار محطة المعرض الصناعي: «بدأنا العمل قبل أن تنتهي الاشتباكات في الجوار. أي نقطة يحررها الجيش، ندخل وراءه من أجل إعادة تشغيل الكهرباء فيها».
ويضيف أن «العمل يستمر أحياناً حتى والخطر ماثل للعيان، من أجل إرسال رسالة إلى المخربين بأنهم مهما دمروا من محطات كهرباء ومحطات مياه، فإن يد الإصلاح وراءهم. وفي يوم 15 يوليو من هذا العام، استشهد زميلنا ورفيقنا في المرفق، خالد حسن، في داخل محطة الكهرباء المجاورة لسيدي خريبيش. انفجر فيه لغم في محطة الشويخات، بعد خروج الدواعش من المنطقة. لقد قاموا بتلغيم أكثر من محطة كهرباء».
وتبدو محطة المعرض الصناعي للكهرباء متضررة من القذائف، وهي أصلاً متهالكة لأنها قديمة؛ لكنها كانت تعمل. ويقول مسؤول بالمرفق: «سيتم تجديدها بالكامل ضمن خطة لتجديد مرافق بنغازي». وفي الجانب الآخر من الشارع كانت مجموعة من عمال الكهرباء في ملابسهم الزرقاء يواصلون العمل، وهم يحفرون في الأرض لإصلاح الكابلات التي جرى تفجيرها على أيدي المتطرفين.
ورغم ضراوة المعارك التي جرت هنا، فإن معظم السكان والعمال يستمدون روح التفاؤل من سيّدة مسنة تدعى «الحاجة خديجة»؛ لأنها لم تترك بيتها رغم ضربات الصواريخ والتفجيرات التي كانت تهز الأرض وتحيل العمارات لأنقاض.
ويقول أحد العمال وقد بدت على وجهه ابتسامة من التحدي والإصرار: «نحن سعداء بمن يعودون إلى بيوتهم في المناطق التي تم تطهيرها من المفخخات. ومن يعود نهرع لتوصيل الكهرباء له. نحن لا ننسى الحاجَّة خديجة التي ظلت تقيم في بيتها هنا رغم الحرب والموت. وبعد أن هدأت حدة الاقتتال في هذه المنطقة، وبعد أن جئنا لترميم كوابل الكهرباء، أصبحت الحاجَّة تتردد علينا لتشجيعنا. تأتي لنا بالفطور والغداء، ولم تكن قد تخلت عن بيتها منذ وصول الدواعش، حتى هروبهم».
ويحيط بهذه المنطقة المدمرة مبان متداعية أيضاً بفعل المواجهات الشرسة بين الجيش والتنظيمات المتطرفة. ومنها مبنى «الإدارة العامة للخطوط الليبية»، و«دار الكتب الوطنية» و«عمارة الضمان»، حيث كانت هذه العمارة ذات الشرفات المثقوبة، مرصداً للإرهابيين والدواعش. وبجوارها عمارات سكنية قد تهاوت أعمدتها الخرسانية والتوت شرفاتها، ولم تعد تصلح إلا للتصوير.
ويقع منزل «الحاجة خديجة» بجوار مبنى «مشروع جوهرة بنغازي»، على أحد خطوط المواجهة بين الجيش و«الدواعش». وكان المبنى يكتسي بالزجاج الأزرق، إلا أن كل هذا تهدم وتبعثر وتحوّل إلى لون بني مختلط بلون الحرائق الأسود. ويبدو أن الحاجَّة قررت اليوم أخذ استراحة بعد أن ساد الهدوء المنطقة إلى حد ما. فحين توجهت «الشرق الأوسط» للمنزل لم تكن موجودة فيه؛ حيث كانت في زيارة لأقارب لها في الضاحية الخلفية، كما يقول أحد جيرانها العائد حديثاً إلى بيته، وهو حميد الفيتوري، ميكانيكي السيارات، الذي كان يتردد على المنطقة أثناء الاقتتال بين حين وآخر، ويعد شاهداً على الصمود الأسطوري للحاجَّة خديجة.
ويقول الفيتوري: «كان الضرب حولنا وفي كل مكان؛ لكن ربنا كريم ورحمته واسعة. قاومنا من أجل البقاء. لم نكن نريد أن نترك مكاننا. وبارك الله في الشباب والقوة المساندة والجيش. وقفوا وقفة لا تقدر بثمن. الكهرباء كانت تقطع كثيراً نظراً للمشكلات. وتعطلت الكابينة، وكان خلفنا محلات للمواد الغذائية ندبر منها احتياجاتنا».
وعن الدمار الكبير المنتشر حول منزله ومنزل جارته، قال: «نحن نرى أن الرجال الذين ضحّوا بحياتهم لن نستطيع أن نعوضهم؛ لكن المباني والعمارات يمكن أن نعيدها بأفضل مما كانت عليه. جماعة الكهرباء ما شاء الله عليهم. الأخ الطيب (موظف في مرفق الكهرباء) لم يتركنا أبداً، ووصَّل لنا تيار النور».
ويعتقد سكان أن «سيدي خريبيش» من الصالحين، وقد وفدَ من المغرب العربي، قبل مئات السنين، واستقر على شاطئ البحر، قرب منارة بنغازي، حيث دفن هناك.
وتأسست المدينة القديمة في هذه المنطقة التي نمت وازدهرت عبر العصور التركية واليونانية والإيطالية. وعزز مقر قصر الملك فيها، في خمسينات القرن الماضي، من مكانتها، كما حاول العقيد معمر القذافي استرضاء الخليط الحضري الذي كان يعيش فيها، من كُتّاب وفنانين وشعراء ورسامين؛ إلى أن انطلقت منها شرارة الانتفاضة ضد حكمه، من أمام مبنى المحكمة القديمة، في عام 2011؛ حيث تعرضت المنطقة برمتها لدمار كبير استمر حتى الآن.
وفي يوم من الأيام، وبينما كانت الحرب مستعرة بين الجيش والدواعش، جاء الفيتوري إلى بيته، ووجد خطوط الكهرباء مقطوعة، فحاول أن يصلحها بنفسه؛ لكنه كاد أن يفقد حياته حين استهدفه قناصة من المتطرفين. يقول: «في أحد الأيام استهدفني القناصة وقفزت من أعلى البيت، حين كنت أحاول أن أشد سلك الكهرباء. وقام الجيش بالتغطية عليَّ إلى أن قفزت. كان الدواعش يعتقدون أنني عسكري. الحاجَّة خديجة، زوجها الحاج عبد الله، قعد فترة في مصر، ولديه ابنته تحضِّر الدكتوراه، وهو مرافق لها هناك، أما هي فقد رفضت الخروج، ومكثت هنا هي وأولادها، منذ بداية الأحداث إلى آخرها».
وكان المركز الرئيسي لـ«داعش»، في العمارة ذات الـ18 شقة، على بعد عدة أمتار من بيت الحاجة خديجة. ويقول أحد المحققين إن المركز يحتوي على أدلة تثبت تورط قادة للميليشيات وزعماء سياسيين من طرابلس ومصراتة، ومن دول خارجية، في إمداد المتطرفين في بنغازي بكميات ضخمة من الأسلحة والأموال، طوال العامين الماضيين، وذلك بعد أن أصبح يطلق على تحالف المحاربين في المدينة اسم «مجلس شورى ثوار بنغازي».
ومن بين هذه الأدلة نص محضر «اجتماع تكميلي» عقد في قاعة فندق «ريكسوس» في طرابلس، وشارك فيه قادة معروفون بأسمائهم. ويقول المحقق: «عثرنا على هذا المحضر وأدلة أخرى في حاسوب أحد الدواعش في بنغازي».
واطلعت «الشرق الأوسط» على نص المحضر. وجاء فيه قرار من قيادات في العاصمة بتعضيد قوات المتطرفين في بنغازي، وتخفيف الضغط عنهم بفتح جبهة ضد الجيش الذي يقوده حفتر، في منطقة الموانئ النفطية، وتأسيس محفظة استثمارية في إحدى الدول الداعمة لـ«مجلس شورى ثوار بنغازي» للإنفاق منها على عمليات الجماعات المتطرفة في بنغازي.
وفي تلك الأثناء كان تنظيم «شورى بنغازي» يعمل على تأمين آخر حصونه في محيط «سيدي خريبيش» انتظاراً للمدد من غرب البلاد. وكان هذا الحصن في شارع الشويخات في مواجهة محور الجيش، حيث يسعى التنظيم لعرقلة تقدم الجنود، بينما كان منزل الحاجة خديجة يقع في المنتصف. وقام التنظيم المتطرف بتعطيل مضخة المجاري، ما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه في الشوارع الواقعة ناحية تمركز الجيش، إلى مستوى لا يمكن معه فتح باب السيارة «إذا فتحته دخلت عليك مياه المجاري»، كما يقول الفيتوري.
وفي واحدة من العمليات «البطولية» التي أصبح يتفاخر بها أبناء المنطقة، أنه، وبعد أن أصبحت أيدي الشبان مشغولة بحمل السلاح، تقدمت مجموعة من المتطوعين من كبار السن، ودخلوا إلى مضخة الصرف الصحي التي أعطبها الدواعش، وأمضوا نهاراً بأكمله وسط الروائح الكريهة للمياه التي كانت تصل إلى صدورهم، وهم يحاولون إصلاح المضخة، بينما القذائف تنفجر حول رؤوسهم.
ويقول الفيتوري، وهو يقف أمام بيته المثقوب في عدة مواقع بفعل الضربات الصاروخية: «تمكنت مجموعة من كبار السن، كمتطوعين، من إعادة تشغيل المضخة بالفعل. وصفقنا لهم دون أن نهاب الموت. منهم الحاج نجيب عبد الجواد، وفرج الفرجاني، وخالد الشلماني، وآخرون».
وفر غالبية المقاتلين أمام تقدم الجيش إلى خارج بنغازي، عبر طرق برية تقع في غرب المدينة، ومنها توجهوا إلى غرب البلاد، وانضموا إلى ما أصبح يعرف بـ«سرايا الدفاع عن بنغازي»، بقيادة العميد مصطفى الشركسي، الذي ما زال يعد نفسه آمراً لمنطقة بنغازي العسكرية، وفقاً لقرار من المؤتمر الوطني أو البرلمان السابق، بحسب ما قاله الشركسي نفسه. بينما تقهقرت عناصر أخرى إلى الخلف، إلى أن علقت في داخل «سيدي خريبيش».
وحين تحاول الوصول إلى «سيدي خريبيش» فلا بد أن تسلك طريق الكورنيش من ناحية الغرب. ومن هناك تمر على المباني العتيقة التي ترتبط بأحداث سياسية كبرى في تاريخ ليبيا، إلا أن كل هذه المباني أصبحت أكواماً من التراب والحجارة. ومنها مقر متحف بنغازي، ومقر «قصر المنار» الذي ألقى الملك إدريس السنوسي، من شرفته، خطاب الاستقلال في مطلع خمسينات القرن الماضي. وإذاعة بنغازي القديمة التي أعلن منها القذافي «بيان ثورة 1969». وطالت الأضرار أيضاً مبنى الاتحاد الاشتراكي الذي كان كنيسة فيما مضى، ومبنى شركة الموانئ، ومقر الجوازات، وإدارة الجمارك، وغيرها.


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

السلطة الفلسطينية... تكون أو لا تكون

حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
TT

السلطة الفلسطينية... تكون أو لا تكون

حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)

حين أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه سيتوّجه إلى غزة في خضّم الحرب المسعورة التي تشنها إسرائيل، كان يعرف أكثر من غيره أنها خطوة شبه مستحيلة، لكنه أراد إطلاق رسائله الخاصة، وأهمها على الإطلاق أن السلطة الفلسطينية «موجودة»، وهي «صاحبة الولاية» على الأراضي الفلسطينية،

سواء في غزة التي تئن تحت وطأة حرب مدمّرة، وتضع لها إسرائيل خططاً شتى لما تسميه «اليوم التالي»، من غير أن تأخذ السلطة بالحسبان، أو الضفة الغربية التي ترزح تحت وطأة حرب أخرى، تستهدف من بين ما تستهدف تفكيك السلطة.

وبعد عام على الحرب الأكثر مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، تخوض السلطة أصعب معركة عرفتها يوماً، وهي معركة «البقاء».

ولم تقتصر رسائل عباس على إسرائيل وحدها، بل شملت أولاً الولايات المتحدة التي انخرطت في نقاشات واسعة مع إسرائيل حول احتمالات انهيار السلطة، وراحت تتحدث عن سلطة متجددة، وثانياً، دولاً إقليمية وعربية تناقش مستقبل السلطة وشكل الهيئة التي يفترض أن تحكم قطاع غزة بعد الحرب، وأخيراً الفصائل الفلسطينية التي تهاجم و«تزايد» على السلطة، وترى أنها غير جديرة بحكم غزة، وتدفع باتجاه حلها.

الأيام الأصعب منذ 30 عاماً

تعيش السلطة الفلسطينية، اليوم، واحدة من أسوأ مراحلها على الإطلاق منذ تأسست قبل 30 عاماً.

فبعدما تقلصت المساحات التي تسيطر عليها في الأراضي الفلسطينية، وفيما هي تكابد بلا انتخابات رئاسية، وبلا مجلس تشريعي، أو أفق سياسي واقتصادي، وبالتزامن مع أزمة مالية خانقة، وأخرى أمنية، ومشاكل داخلية لا تحصى، وجدت هذه السلطة نفسها في مواجهة «طوفان» جديد؛ طوفان تغذيه أكثر حكومة يمينية تشن هجوماً منظماً وممنهجاً ضدها، وضد شعبها، وفيه كثير من المس بهيبتها وبرنامجها السياسي ووظيفتها، إلى الحد الذي يرتفع فيه السؤال حول إمكانية نجاتها أصلاً في الضفة، قبل أن تعود لتحكم غزة ثانية.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك (إ.ب.أ)

وبين الفينة والأخرى يتردد سؤال معقد بعض الشيء، ويبدو منطقياً أحياناً، وغير بريء أحياناً أخرى، وهو: لماذا لا تحل السلطة نفسها؟

هذا سؤال يبرز اليوم مجدداً، مع توسيع إسرائيل حربها ضد الفلسطينيين في الضفة وغزة، وإن كان في صيغة مختلفة كالقول: لماذا لا تسلم السلطة المفاتيح لإسرائيل، وتزيد عليها الضغوط؟

الأكيد أن السلطة لا تُخطط لحل نفسها، وهذا ينطلق من «قناعة وطنية» بأنها وجدت لنقل الفلسطينيين من المرحلة الانتقالية إلى إقامة الدولة، وأنها لا تعمل وكيلاً لدى لاحتلال.

ويعرف المسؤولون الفلسطينيون أنه لطالما أرادت إسرائيل أن تجعل السلطة وكيلاً أمنياً لها، لكنهم يقولون في العلن والسر، إنهم ليسوا قوات «لحد» اللبنانية، وإنما هم في مواجهة مفتوحة لإنهاء الاحتلال، وهذا سبب الحرب التي تشنّها تل أبيب على السلطة سياسياً وأمنياً ومالياً.

وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، قال توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول جهاز المخابرات السابق: «إن السلطة لا تنهار لأنها نتاج طبيعي لنضال طويل للثورة الفلسطينية، وستبقى حتى إقامة الدولة».

هل هو قرار فلسطيني وحسب؟

ربما يرتبط ذلك أكثر بما ستؤول إليه الحرب الحالية الآخذة في الاتساع، وهي حرب يتضح أنها غيّرت في عقلية الإسرائيليين قبل الفلسطينيين، وفي نهج وسلوك وتطلعات الطرفين، وماضية نحو تغيير وجه الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمتنع حتى الآن عن وضع خطة واضحة لما بعد الحرب، لا في الضفة ولا في غزة، يجاهر أركان حكومته وحلفاؤه بما سيأتي، وهي خطة على الأقل واضحة جداً في الضفة الغربية، وتقوم على تغيير الواقع والتخلُّص من السلطة وإجهاض فكرة إقامة الدولة.

وقد بدأ الانقلاب على السلطة بوضوح بعد شهرين فقط من بدء الحرب على القطاع، نهاية العام الماضي، عندما خرج نتنياهو ليقول إن جيشه يستعد لقتال محتمل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي تصريحات فهمتها الرئاسة الفلسطينية فوراً، قائلة إنها تعبر عن نياته المبيتة لاستكمال الحرب على الفلسطينيين من خلال السلطة بعد «حماس»، وفي الضفة بعد غزة.

تصريحات نتنياهو التي جاءت في جلسة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أعقبها توضيح بالغ الأهمية من نتنياهو ومفاده أن «الفارق بين السلطة و(حماس) هو أن الأخيرة تريد إبادتنا حالاً، أما السلطة فتخطط لتنفيذ ذلك على مراحل».

فلسطينيون في وقفة احتجاجية في مدينة رام الله بالضفة الغربية الثلاثاء طالبوا بالإفراج عن جثامين أسراهم في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)

ويفسر هذا الفهم لماذا عَدّ نتنياهو أن اتفاق «أوسلو» كان خطأ إسرائيل الكبير، موضحاً أن «السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية و(حماس) في غزة يريدان تدمير إسرائيل... طرف يقول ذلك صراحة، والآخر يفعل ذلك من خلال التعليم والمحكمة الجنائية الدولية».

وهجوم نتنياهو على السلطة ليس جديداً، لكنه الأوضح الذي يكشف جزءاً من خطته القائمة على تقويض السلطة. ومنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تتعامل إسرائيل مع السلطة كأنها غير موجودة.

الضفة مثل غزة ولبنان

وصعّدت إسرائيل في الضفة الغربية منذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، وقتلت أكثر من 720 فلسطينياً، في هجمات متفرقة، تميّزت بإعادة استخدام الطائرات في عمليات اغتيال، وتنفيذ عمليات واسعة.

وكان لافتاً أن التصعيد في الضفة كان مبادرة إسرائيلية، إذ هاجم الجيش مدناً ومخيمات وبلدات، وراح يقتل الفلسطينيين قصفاً بالطائرات ويعتقلهم، كما يدمر البنى التحتية، مستثيراً الجبهة الضفَّاوية، بحجة ردع جبهة ثالثة محتملة.

اليوم لا تكتفي إسرائيل بالمبادرة، بل تريد أن تجعل الضفة أحد أهداف الحرب، مثل غزة ولبنان. ولم يتردد وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، بالقول إن الحرب التي تخوضها إسرائيل «ليست فقط ضد غزة وضد (حزب الله) اللبناني، بل هي أيضاً في الضفة»، مؤكداً أنه طلب من رئيس الوزراء أن يدرج ضمن أهداف الحرب تحقيق النصر في الضفة أيضاً.

لكن لماذا تخشى إسرائيل الضفة إلى هذه الدرجة؟ يقول مسؤول فلسطيني -فضّل عدم الكشف عن اسمه- لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يستهدفون الضفة لضرب المشروع الوطني الفلسطيني، ويسعون إلى تقويض السلطة».

وأضاف: «يصعّدون هنا حتى يثبتوا للفلسطينيين أن السلطة ضعيفة وواهنة ولا تحميهم، ويجب أن ترحل، لأنها غير جديرة بهم».

قوات إسرائيلية خلال عملية اقتحام لمخيم فلسطيني قرب رام الله بالضفة مارس الماضي (أ.ف.ب)

وخلال الأسابيع القليلة الماضية فقط، حذّرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من أن الوضع الأمني في الضفة قد يتطور إلى انتفاضة؛ ولذلك دفع الجيش بـ3 كتائب احتياط إلى الضفة، لأهداف «تشغيلية ودفاعية» على ما قال، وللقيام بمهام «عملياتية».

وجاء القرار الذي تحدّث عن تعزيز الدفاع، وسط تصاعد الصراع في المنطقة وقبيل ذكرى السابع من أكتوبر، لكن إذا كانت هذه خطة الحكومة الإسرائيلية، فيبقى من السابق لأوانه معرفة إن كانت نجحت في مهمتها أم لا.

يكفي لجولة صغيرة على مواقع التواصل الاجتماعي أن تشير إلى أن السلطة في وضع لا تحسد عليه. فهي عاجزة عن خلق أفق سياسي وأفق اقتصادي وتوفير الأمن، وأساسيات أخرى من بينها رواتب الموظفين للعام الثاني على التوالي.

واليوم، الجميع على المحك في مواجهة حرب ممنهجة، تسعى إلى تغيير الواقع مرة وإلى الأبد.

خطة قديمة جديدة

كان الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموترتيش، واضحاً عندما قال إنه لا يفعل شيئاً سرياً، وهو يعمل ضد السلطة في الضفة، ويسعى لمنع إقامة دولة.

وتعهد سموتريتش نهاية الشهر الماضي، بأن تكون «مهمة حياته» إحباط قيام دولة فلسطينية، وكتب في منشور على منصة «إكس»: «أخذت على عاتقي، إضافة إلى منصب وزير المالية، مسؤولية القضايا المدنية في يهودا والسامرة (الضفة)».

وأضاف: «سأواصل العمل بكل قوتي حتى يتمتع نصف مليون مستوطن موجودين في الضفة بحقوق كل مواطن في إسرائيل وإثبات الحقائق على الأرض، التي تمنع قيام دولة إرهابية فلسطينية يمكن أن تكون قاعدة إيرانية أمامية للمجزرة المقبلة».

فلسطينيون يحتفلون فوق صاروخ إيراني صقط في رام الله (أ.ف.ب)

وكان تسجيل مسرب لسموتريتش قبل شهرين فضح خطة حكومية رسمية لفرض السيطرة الإسرائيلية المدنية على الضفة الغربية، قال خلاله الوزير المسؤول عن الإدارة المدنية الإسرائيلية، إن الحكومة منخرطة في جهود سرية لتغيير الطريقة التي تحكم فيها إسرائيل الضفة الغربية.

وخطة سموترتيش الماضية، ستعني حتماً تفكيك السلطة، لكن المحلل السياسي محمد هواش يرى أن العالم لن يسمح بذلك.

وقال هواش لـ«الشرق الأوسط»: «إن السلطة مرتبطة بالمشروع القائم على إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، وهذا جزء من تسوية دولية. مشروع دولي بالأساس، وهناك حتى الآن رعاية دولية له، ومن الصعب التراجع عنه».

وأضاف هواش: «التراجع يعني إعادة الاحتلال، وهذا غير مقبول فلسطينياً ودولياً، وإسرائيل لن تقبل، لأنها ستذهب إلى دولة واحدة ونظام (أبرتهايد)».

وتابع هواش: «لا توجد مصلحة لإسرائيل بإنهاء السلطة بالكامل، بل في إضعافها حتى تتوقف مطالبها بإنهاء الاحتلال، وتغير العلاقة مع إسرائيل». وحذر من أن «إسرائيل ستتحمل العبء الأكبر من غياب عنوان سياسي للشعب الفلسطيني».

الثابت الوحيد اليوم أنه لا أحد يملك وصفة سحرية، سواء أذهبت السلطة أم بقيت، قويت «حماس» أم ضعفت، امتدت الحرب أم انتهت، تطرفت إسرائيل أكثر أم تعقّلت، سيظل يوم السابع من أكتوبر شاهداً على أن الطريق الأقصر للأمن والاستقرار هو بصنع السلام، وليس بطائرات حربية ومدافع ورشاشات.