مصورو «ناشيونال جيوغرافيك» يسردون حكاياتها في الشارقة

خلال مشاركتهم في المهرجان الدولي للتصوير «إكسبوجر 2017»

نجحت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» في توقيت التقاط صورها... ما أبهر قراءها
نجحت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» في توقيت التقاط صورها... ما أبهر قراءها
TT

مصورو «ناشيونال جيوغرافيك» يسردون حكاياتها في الشارقة

نجحت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» في توقيت التقاط صورها... ما أبهر قراءها
نجحت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» في توقيت التقاط صورها... ما أبهر قراءها

عبر مسيرتها الممتدة على مدى 129 عاماً، منذ صدور عددها الأول في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 1888، شكلت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» الصادرة عن الجمعية الجغرافية الوطنية في الولايات المتحدة الأميركية، مصدر إلهام للكثيرين من صانعي القرار والمسؤولين وحتى القراء العاديين، لاكتشاف ما تحفل به الطبيعة من حياة برية فريدة، ومعالم وأماكن مدهشة، وقضايا بيئية وتنموية تستوجب التحرك نحوها من أجل حمايتها لضمان استدامتها للأجيال المقبلة.
مصدر قوة هذه المجلة الشهيرة التي توزع شهرياً أكثر من 6.7 مليون نسخة بنحو 40 لغة، نصفها تقريباً داخل الولايات المتحدة، يكمن بشكل أساسي في الصور التي تنفرد بنشرها، وتلتقطها عدسات مصورين فوتوغرافيين اختاروا روح المغامرة وتحمل المخاطرة طريقاً لهم لرصد مظاهر حياة الناس اليومية، والعالم الكبير وشديد التنوع للكائنات الحية التي تشاطرهم العيش على كوكب الأرض، في مناطق قد تكون مجهولة لمعظمنا.
الكندي بول نيكلن، والأميركية جودي كوب، والمكسيكية كريستينا ميتماير، والسلوفيني بينو ساراديتش، والأميركية كاثي موران، والجنوب أفريقي برينت ستيرتون، والبريطاني ماركوس بليسدل، هم سبعة مصورين جمعتهم «ناشيونال جيوغرافيك» على صفحاتها، واختارهم المهرجان الدولي للتصوير «إكسبوجر»، الذي نظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، للمشاركة في دورته الثانية التي أقيمت بالشارقة خلال الفترة من 22 إلى 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
في الحضور الأول لمعظمهم بين جمهورهم في دولة الإمارات والعالم العربي، حرص المصورون السبعة على سرد حكايات صورهم للقراء الذين جذبتهم قوة هذه الصور وجمالياتها وتأثيرها، قبل أن يعرفوا ربما أسماء من سهر وتعب وأنفق من جهده وماله الكثير، للحصول عليها ونشرها على صفحات المجلة، التي بدأت بالصدور باللغة العربية أيضاً قبل سبعة أعوام، وتحديداً في أكتوبر من العام 2010.
بول نيكلن، المخرج والمصور والعالم الشغوف بالأحياء البحرية، والحائز على أكثر من 30 جائزة عالمية من بينها «جائزة بي بي سي للمصور الفوتوغرافي للحياة البرية»، عبّر عن سعادته بالتواجد في الشارقة، وأكد أنه يحاول من خلال صوره إيجاد نوع من التواصل العاطفي مع قصص الحياة البرية في الظروف القاسية، مركزاً بشكل خاص على ذلك العالم الفريد والغامض لأعماق البحار، الذي رآه عدد قليل جداً من الناس، مقدماً من خلال معرضه في «إكسبوجر 2017» مجموعة من الصور التي تغرس في نفس كل من يراها الحافز للتحرك ووقف كل ما يلوث هذه الحياة البحرية الجميلة، للحفاظ عليها من أجل استمتاع الأجيال المقبلة بها.
وأتاح المهرجان الدولي للتصوير لزواره كذلك التعرف عن قرب على برينت ستيرتون، الذي ألهمت طبيعة بلاده الساحرة، مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» لإفراد مساحات واسعة من صفحاتها لما تحفل به جنوب أفريقيا من براري وأدغال ومحميات تعيش فيها نحو 6 في المائة من إجمالي الثدييات والزواحف حول العالم، و10 في المائة من الأنواع النباتية والأسماك والطيور النادرة، وهو ما أتاح له نشر مئات الصور النادرة التي منحته جائزة مصور «ناشيونال جيوغرافيك» عام 2016، إضافة إلى لقب «المصور الصحافي للحياة البرية» لمدة ثلاثة أعوام متتالية من متحف التاريخ الطبيعي في العاصمة البريطانية لندن.
ستيرتون ركز في مجموعة صوره على الصيد الجائر للفيلة، بهدف الحصول على عاجها، وكذلك للغوريلا، لطردها من الغابات وحرق الأشجار لاستخراج الفحم منها، وذلك في دول الكونغو الديمقراطية، وجنوب السودان، وأوغندا، وتوغو، والكاميرون، وجنوب أفريقيا، ملاحقاً أسواق العاج الرئيسية في الصين، والفلبين، وفيتنام، موجهاً عبر أعماله صرخة إنسانية لوقف قسوة الصيادين والحد من تعديهم على الكائنات البرية، في لقطات مؤثرة لحيوانات ميتة وأخرى مصابة جراء محاولات الحصول على قرونها.
وعرضت كريستينا ميتماير، المصورة الجوالة التي انتقلت من المكسيك إلى أكثر من 100 دولة، مجموعة من صورها التي التقطتها ليس لمجرد توثيق مشاهد الطبيعة المدهشة أو الغريبة فحسب، وإنما لتسليط الضوء على ضرورة تضافر الجهود لحماية الأماكن البرية، وأهمية العلاقات بين الثقافات البشرية، والتنوع البيولوجي الضروري للحياة، مركزة على البعد الإنساني في أعمالها التي دفعت مجلة «آوت دور» الأميركية إلى وصفها بأنها واحدة من أفضل 40 مصوراً مختصاً بتصوير المناطق الخارجية حول العالم، إضافة إلى فوزها بجائزة مؤسسة سميثسونيان لعام 2011. وجائزة بعثة جمعية أميركا الشمالية لمصوري الطبيعة لعام 2010.
وشكلت استضافة كاثي موران في الشارقة، إضافة قيّمة للصحافيين المهتمين بالشأن البيئي والحياة الطبيعية، للتعرف على تجربتها وخبرتها والاستفادة منها، فهي مصورة وصحافية في الوقت ذاته، من خلال عملها كمحررة أولى لمجلة «ناشيونال جيوغرافيك» عن مشاريع التاريخ الطبيعي، وقامت بإنتاج مشاريع حول الأنظمة البيئية الأرضية وتحت الماء للمجلة منذ عام 1990. إضافة إلى تحريرها العديد من الكتب المصورة مثل «أفضل 100 صورة عن الحياة البرية»، و«المصورات الفوتوغرافيات في ناشيونال جيوغرافيك»، و«يوميات أفريقية - حياة مصورة في الأدغال»، و«لقطات للقطط» و«نمور للأبد».
أما جودي كوب فتركز في قصصها المصورة، التي عرضت جانبا منها في الشارقة، على القصص الإنسانية، التي استوحتها من رحلاتها إلى أكثر من 50 دولة، من بينها الصين، وفيتنام، والسعودية، واليابان، وقد فازت بالجائزة الوطنية للمصورين الصحافيين، عدة مرات، وجائزة صورة العام، وجائزة وورد برس. في حين يركز بينو ساراديتش، الفنان البصري ومستكشف الطبيعة، على مشاهد الغابات، وهو ما أهله لنيل العديد من الجوائز الكبرى أهمها الميدالية العالمية الذهبية في مهرجان نيويورك للأفلام عام 2015.
ويبتعد ماركوس بليسدل في صوره عن الطبيعة والبيئة قليلاً، ليتناول انتهاكات حقوق الإنسان في أكثر الحروب وحشية حول العالم، إضافة إلى النزاعات حول الموارد في أفريقيا، التي خصص لها أكثر من 18 عاماً من العمل الميداني، منشداً من خلالها دعوة المجتمع الدولي إلى وقف الحروب في المناطق المنسية أو المغيبة عن وسائل الإعلام، ومطالباً ببذل جهد أكبر لإحلال السلام وإرساء الاستقرار.
ولعل قدرة المهرجان الدولي للتصوير على جمع هذه النخبة من المصورين المحترفين في مكان واحد، يثبت نجاحه، وهو الذي لم ينطلق سوى العام الماضي فقط، في إبراز قوة الصورة وتأثيرها بالقضايا التي يجب أن تهم كل الناس في كل مكان من العالم، فلطالما شكلت الحروب، والكوارث، وانتهاك كرامة وحرية الإنسان، وتلوث البيئة، وانقراض الحيوانات، والاستيلاء على الموارد الطبيعية، مواضيع مشتركة بين جميع المجتمعات والشعوب، ومن الواجب توحيد الجهود لوقفها والحد من زحفها المستمر على مناطق كثيرة من العالم.



شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
TT

شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)

وقّعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وأكاديمية «دونهوانغ» الصينية شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي والسياحي والتراثي بين المملكة والصين، وتُمثل هذه الشراكة علامة فارقة في العلاقات السعودية - الصينية، إذ تجمع بين خبرات أكاديمية «دونهوانغ» التي تمتد لأكثر من 8 عقود في أبحاث التراث والحفاظ الثقافي، والتزام الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالحفاظ على التراث الثقافي الغني للعلا ومشاركته مع العالم.

وتتولى أكاديمية «دونهوانغ» إدارة كهوف «موغاو»، وهي مجمع يضم 735 كهفاً بوذياً في مقاطعة «قانسو»، تم تصنيفه موقعاً للتراث العالمي للـ«يونيسكو» في عام 1987، وتشتهر كهوف «موغاو» بجدارياتها ومنحوتاتها التي تعكس تلاقي الثقافات على طول طريق الحرير القديم.

وبوصفها بوابة مهمة إلى الغرب، كانت «دونهوانغ» مركزاً رئيسياً للتجارة على طريق الحرير، في حين شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة؛ حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية، وأسهمت في تبادل المعرفة والتجارة عبر العصور.

وتُشكل المنطقتان مركزاً حيوياً للتجارة والمعرفة والتبادل الثقافي، ما يجعل هذه الشراكة متماشية مع الإرث التاريخي المشترك.

وتهدف الشراكة إلى توحيد الجهود بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وأكاديمية «دونهوانغ» للحفاظ على تراث وتقاليد المحافظة، وقد نالت الأكاديمية إشادة دولية من قبل «اليونيسكو» والبنك الدولي والحكومة الصينية؛ تقديراً لجهودها في الحفاظ على كهوف «موغاو».

تشتهر كهوف «موغاو» بجدارياتها ومنحوتاتها التي تعكس تلاقي الثقافات على طول طريق الحرير القديم (الشرق الأوسط)

وستسهم الشراكة في تطوير برنامج شامل للحفاظ على المواقع والمعالم التاريخية في غرب الصين والعلا، إضافة إلى تنظيم معارض أكاديمية وبرامج تبادل للموظفين والعلماء.

وقالت سيلفيا باربون، نائب رئيس الشراكات الاستراتيجية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا: «لطالما جمعت بين السعودية والصين علاقة تاريخية عميقة، تجاوزت المسافات واختلاف الفترات الزمنية، لتربط بين الشعوب والأماكن، واليوم نواصل تعزيز هذه الروابط من خلال تعاوننا المثمر مع المؤسسات الرائدة والوجهات الحاضنة لأبرز المعالم التاريخية في العالم».

وأضافت: «بصفتنا حماة لبعض من أهم المواقع الثقافية في العالم وروّاداً لتراثنا الإنساني المشترك، تنضم أكاديمية (دونهوانغ) إلى الهيئة في طموحنا لجعل العلا مركزاً للبحث والاكتشاف في مجالات الثقافة والتراث والسياحة، في حين نواصل التجديد الشامل للعلا».

وتأتي هذه الشراكة عقب انطلاق معرض السفر السعودي، الذي نظمته الهيئة السعودية للسياحة؛ حيث تميّزت العلا بمشاركة لافتة من خلال جناح مميز في حديقة «تيان تان» بالعاصمة الصينية بكين، والذي سلّط الضوء على التراث الطبيعي والثقافي الغني للعلا.

وتزامنت هذه المشاركة مع توقيع اتفاقية تعاون جديدة بين وزارتي الثقافة السعودية والثقافة والسياحة الصينية لإطلاق العام الثقافي السعودي الصيني 2025.

من جانبه، قال الدكتور سو بوه مين، مدير أكاديمية «دونهوانغ»: «نحن فخورون بالدخول في هذه الشراكة مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وتُمثل هذه الشراكة خطوة مهمة نحو ربط تاريخنا الثقافي الغني وتعزيز جهود الحفاظ على التراث».

وأضاف: «من خلال مشاركة خبراتنا ومواردنا، نسعى إلى تعزيز التبادل الثقافي، وتعميق الفهم المتبادل، وابتكار برامج جديدة تُفيد المجتمع في الصين والسعودية، ونتطلع إلى تعاون مثمر يلهم ويثقف الأجيال القادمة».

وفي يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، استضافت المدينة المحرّمة -موقع التراث العالمي للـ(يونيسكو) في بكين- معرض العلا: «واحة العجائب في الجزيرة العربية»، الذي تضمن عرضاً لمقتنيات أثرية من مجموعة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وذلك لأول مرة، واستقطب المعرض أكثر من 220 ألف زائر، والذي اتبعه توقيع اتفاقية شراكة بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وإدارة التراث الثقافي في مدينة خنان الصينية.

وتدعم هذه الشراكة تطوير العلا و«دونهوانغ» بوصفها مراكز سياحية عالمية، كما تسهم في تفعيل برامج الحفاظ المشتركة والمبادرات الثقافية، وتعزيز مشاركة المجتمعات لدعم الازدهار، بما يتماشى مع مبادرة الحزام والطريق الصينية و«رؤية السعودية 2030».