دراسة إسرائيلية: واضع مشروع قرار تقسيم فلسطين كان متحيزاً للصهيونية

مواجهة بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال الذي استعمل الغاز المسيل للدموع في الخليل أمس (رويترز)
مواجهة بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال الذي استعمل الغاز المسيل للدموع في الخليل أمس (رويترز)
TT

دراسة إسرائيلية: واضع مشروع قرار تقسيم فلسطين كان متحيزاً للصهيونية

مواجهة بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال الذي استعمل الغاز المسيل للدموع في الخليل أمس (رويترز)
مواجهة بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال الذي استعمل الغاز المسيل للدموع في الخليل أمس (رويترز)

كشفت دراسة أكاديمية في إحدى الجامعات الإسرائيلية فصولاً من مذكرات الدبلوماسي السويدي، باول موهان، الذي وضع الخريطة التي شكلت أساس قرار تقسيم فلسطين، قبل 70 عاماً، تبين أنه كان متعاطفاً ومتحيزاً بشكل واضح مع الصهيونية، وأن موقفه العدائي للعرب أثر على مضمون مقترحاته.
وقد أعد هذه الدراسة الدكتور إلعاد بن درور، من قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان في رمات غان (قرب تل أبيب)، وقال فيها إنه تمكن من العثور لأول مرة على مذكرات موهان، ممثل السويد في لجنة «يونيسكو ب»، التي شكلتها الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة لدراسة المسألة الفلسطينية، وطرح مقترحات لحل مشكلة فلسطين، ومهدت الخريطة التي أعدها لإقامة إسرائيل. ومع أن الخريطة التي أعدها موهان، بحد ذاتها، تكشف مدى انحيازه لليهود، إذ منح الأقلية اليهودية الصغيرة جداً نحو 58 في المائة من مجمل مساحة فلسطين التاريخية، التي تتضمن معظم مناطق الساحل، بالإضافة إلى المساحات الشاسعة لصحراء النقب، التي قطنتها العشائر العربية البدوية، أكدت مذكرات موهان هذه أنه حرص على حماية المصالح الصهيونية خلال عمل اللجنة.
وكشفت الدراسة أن الدبلوماسي موهان هو ابن قس بروتستانتي تعاطف مع اليهود في أعقاب «قضية درايفوس» التي أثارت ضجة في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر. وهو يتحدث كيف تشكل وعيه في تلك الفترة على «التاريخ المأساوي للشعب اليهودي»، حسبما جاء في المذكرات. في المقابل، لم تظهر مذكرات موهان الكثير من التعاطف مع التطلعات القومية العربية، التي انكشف عليها خلال عمله الدبلوماسي في الشرق الأوسط، خلال الحرب العالمية الثانية.
وكشفت المذكرات أن موهان اعتاد على تسمية أرض فلسطين بـ«الأرض المقدسة»، وهو التعبير الذي استخدمته الصهيونية في أدبياتها وفي خطابها السياسي. وأنه عكف، في وقت فراغه، على مراجعة قوائم الحائزين على جائزة نوبل من اليهود، وخاض في العديد من الأبحاث التي عالجت بإعجاب «العقل اليهودي المتميز»، والتقى مع ناجين من المحرقة، وأعجب بعزمهم وتصميمهم على «إقامة دولة يهودية». وكتب موهان في مذكراته، أنه في نهاية أغسطس (آب) من العام 1947 قبل أسابيع من الموعد المحدد للجنة «اليونيسكو ب» لتقدم توصياتها بشأن مستقبل أرض فلسطين: «علمت أنه ينبغي إرفاق ترسيم حدود وخرائط»، وهكذا وفي اللحظات الأخيرة، توجه موهان لمهمة تخطيط خريطة تقسيم فلسطين.
ويقول موهان: «لقد كنت هناك لإنقاذ الوضع»، ووصف كيف سهر وحده حتى ساعات متأخرة لإتمام الخريطة، ونقلها من مسودة إلى أخرى ليتوصل إلى نسخة أكثر قابلية للقراءة.
ويقول الباحث بن درور، استناداً إلى أقوال مسؤولين في تلك الفترة، منهم مبعوث الوكالة اليهودية للأمم المتحدة، ديفيد هوروفيتس: «لقد قرر موهان وحده مصير القرى والبلدات، وكان إسهامه أكبر من أي رجل آخر في رسم حدود الدولة اليهودية المستقبلية». وظهر موقف موهان المؤيد للصهيونية جلياً على خريطة تقسيم فلسطين التي وضعها.
وهكذا، سعى، من بين أمور أخرى، إلى تحويل النقب بأسره إلى أرض يهودية، بعد أن عبّر، في مذكراته، عن إعجابه بالاستيطان اليهودي الذي أظهر «نجاحاً استثنائياً». وقال موهن في مذكراته، إن البدو العرب «حتى إن عاشوا هناك (في منطقة النقب) نحو الألف سنة، لن يتركوا خلفهم أي أثر».
ويتضح من المذكرات أنه وبعد نكبة فلسطين عام 1948، استمر موهان في لعب دور دبلوماسي مهم في المنطقة، وشارك في محادثات رودوس عام 1949 بين إسرائيل، وبين كل من مصر ولبنان والأردن وسوريا.
وقسم قرار 181 فلسطين إلى 3 كيانات جديدة، دولة عربية تقوم على نحو 42 في المائة من مساحة فلسطين وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود حتى رفح جنوباً، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر، بالإضافة إلى دولة يهودية تقع على 58 في المائة من مساحة فلسطين وتقع على السهل الساحلي من حيفا حتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبرية وأصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشرش أو ما يعرف بإيلات حالياً، على أن تقع مدينة القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تحت وصاية دولية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.