إعادة تأهيل الطفل اليمني المجند في الحرب تستغرق أربعة أشهر

{مركز الملك سلمان} يمول دراسة تحليلية للأسباب... والمشروع ينفذ من دون تسييس

جانب من دروس إعادة التأهيل («الشرق الأوسط»)
جانب من دروس إعادة التأهيل («الشرق الأوسط»)
TT

إعادة تأهيل الطفل اليمني المجند في الحرب تستغرق أربعة أشهر

جانب من دروس إعادة التأهيل («الشرق الأوسط»)
جانب من دروس إعادة التأهيل («الشرق الأوسط»)

يواصل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية العمل في مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب في اليمن، حيث يستفيد حالياً منه أكثر من ألفي شخص ما بين أطفال مجندين وأولياء أمورهم وأفراد من عائلاتهم.
وأوضح المركز أن مدة المشروع الذي جرى إعداده وتنفيذه وفقاً للمعايير العالمية لإعادة تأهيل الأطفال المجندين بمساهمة أكاديميين من ذوي الاختصاص في المجال النفسي والاجتماعي أربعة أشهر في مرحلته الأولى، مشيراً إلى أن 20 طفلاً يتلقون الرعاية في محافظة مأرب، و20 طفلاً آخرين في محافظة تعز خلال المرحلة الحالية.
ويركز المشروع على مراعاة الوضع الخاص بالأطفال المجندين حتى لا تفوتهم الدراسة في المناهج أثناء الدورات التدريبية تم توفير مدرسين مختصين بالتنسيق، مع مكاتب التربية والتعليم في المحافظات المستهدفة يقومون بتدريس الأطفال المواد الدراسية التي يدرسها زملاؤهم في المدارس الحكومية ليتسنى لهم الالتحاق بالمدارس بعد الدورة.
ويعد المشروع الأول من نوعه الذي يهتم بإعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب في اليمن وبطريقة تأهيل مستمرة لمدة شهر عبر برنامج تأهيلي مكثف للأطفال وأولياء أمورهم، كما سيكون من مخرجات المشروع دراسة تحليلية واقعية تدرس أسباب تجنيد الأطفال من وجهه نظر الطفل والأسرة والمجتمع، والجهة التي قامت بتجنيد الأطفال، وسبل معالجة هذه الظاهرة بناء على أسس علمية لمواجهة عملية تجنيد الأطفال، وإعادة تأهيلهم في جميع محافظات اليمن.
وأكد مركز الملك سلمان للإغاثة أن المرحلة الأولى تستهدف أربع محافظات يمنية (مأرب، والجوف، وتعز، وعمران) فيما تستهدف المرحلة الثانية خمس محافظات (مأرب، والجوف، وتعز، وصنعاء، وعمران)، على أن تشمل المرحلة الثانية إعادة تأهيل الفتيات المتأثرات بالحرب.
وجرى التنسيق مع القسم الإغاثي بمركز الملك سلمان لتوزيع سِلال غذائية على أسر الأطفال المجندين كجزء من الحلول لظاهرة تجنيد الأطفال، بعد أن اتضح أن كثيراً من العائلات تزج بأبنائها بحثاً عن المال وتغطية تكاليف المعيشة.
ويخدم المشروع إعادة تأهيل جميع الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب في اليمن، بعيداً عن التجاذبات السياسية والعسكرية ولا الجهة التي تقوم بتجنيدهم، وإنما توفير الحماية لهم بشكل أساسي.
وقد تم تنفيذ المشروع بتمويل ورعاية وإشراف كامل من قبل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وعبر الشريك المحلي المنفذ؛ مؤسسة «وثاق» للتوجه المدني.
ويركز المشروع على إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين من الحرب في اليمن نفسياً وتربوياً وتعليمياً بصورة تدمجهم بالمجتمع وتلحقهم بالمدارس التي تركوها أثناء الزج بهم في الحرب أو النزوح منها.
كما يهدف إلى توعية المجتمع وأولياء أمور الأطفال بمخاطر تجنيد الأطفال والمسؤولية القانونية على مَن يسهم في تجنيدهم والآثار المترتبة على تجنيد الطفل سواء على الطفل أو الأسرة أو المجتمع.
ويخضع الأطفال لبرنامج متابعة يمتد أربعة أشهر بعد الانتهاء من الدورة يشارك فيه مركز الملك سلمان عبر الشريك المحلي المنفذ، مؤسسة «وثاق» للتوجه المدني، وأسرة الطفل، وإدارة المدرسة، يتم عبر هذا البرنامج متابعة الطفل وتطورات حالته ووضعه في المدرسة ومستواه الدراسي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم