النائب في «القوات» شانت جنجنيان: إنقاذ الحكومة في ملعب «حزب الله»

قال إن استقالة رئيس الحكومة كانت متوقعة بعد انسداد الأفق

جنجنيان
جنجنيان
TT

النائب في «القوات» شانت جنجنيان: إنقاذ الحكومة في ملعب «حزب الله»

جنجنيان
جنجنيان

رأى النائب في القوات اللبنانية شانت جنجنيان أن إنقاذ الحكومة اليوم ومنع انزلاق لبنان إلى ما وصفه بـ«اللهيب الإقليمي»، هو في ملعب «حزب الله»، داعيا إلى انتظار نتائج المباحثات التي تحصل بين الأفرقاء اللبنانيين بعد إعلان رئيس الحكومة تريّثه في تقديم استقالته.
وقال جنجنيان في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم تكن استقالة الحريري مفاجئة خاصة بعد محاولات حزب الله الكثيرة تقويض السلطة التنفيذية لتغطية نشاطه العسكري خارج الحدود، ولتعويم رئيس النظام السوري بشار الأسد عربيا انطلاقا من البوابة اللبنانية»، مضيفا: «الحريري حاول مرات كثيرة إنقاذ التسوية، إلا أن الفريق الآخر كان يضرب عرض الحائط غير مكترث بأهمية الحفاظ عليها، لا بل كان أمين عام حزب الله حسن نصر الله يؤكد في كل إطلالة له على معاداة الدول العربية، ناهيك عن عدم التزامه بسياسة النأي بالنفس وتعريض للبنان ليكون في عين العاصفة».
ورأى أنه «لم يعد خافيا على أحد أن ما بعد الاستقالة ليس كما قبلها، فعنوان المرحلة المقبلة سيكون النأي بالنفس لتجنيب لبنان الانزلاق إلى اللهيب الإقليمي، وهو العنوان نفسه الذي من شأنه إنقاذ الحكومة الحالية بحيث باتت الكرة اليوم في ملعب حزب الله، وعليه فإننا ننتظر نتائج المباحثات بعد تريّث الرئيس الحريري عن الاستقالة وما يتبعه من مواقف وخطوات عملية».
وعما إذا كان تقاعس قوى 14 آذار ودخوله في السلطة والخلافات بين مكوناته أدى إلى تفاقم الأمور وصولا إلى الاستقالة، أجاب جنجنيان أن «الرئيس الحريري كان واضحا في سرد أسباب استقالته وأهمها خروج حزب الله وفريقه السياسي عن مضمون التسوية، فالاستقالة كانت متوقعة خصوصا بعد انسداد الأفق أمام محاولات وزراء تيار المستقبل والقوات اللبنانية تصويب أداء الآخرين لا سيما في موضوع النأي بالنفس، والكل يعلم كم من محاولة جرت للتطبيع مع النظام السوري والخروج عن توجهات الجامعة العربية».
وعن التسوية التي أدّت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية والحريري رئيسا للحكومة وعما إذا أداء فريق رئيس الجمهورية و«حزب الله» أدى إلى فرضها، يقول جنجنيان: «هذه التسوية لم تكن لتبصر النور لولا اقتناع القوات اللبنانية وتيار المستقبل بمضمونها. فقد لعبت معراب دورا رئيسيا في صياغتها وإبرامها، وجعلت منها ركيزة المرحلة السابقة، إلا أن خروج حزب الله وفريقه السياسي عنها، أعاد خلط الأوراق وأدى إلى إعلان الحريري عن استقالته».
ويؤكد النائب جنجنيان على أن الاختلاف في وجهات النظر بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» لا يعني سقوط التفاهم بينهما، موضحا أن «تفاهم معراب أتى لينهي حقبة طويلة من الشرخ بين الأخوة، وهو بالتالي تفاهم بين أقوى حزبين مسيحيين على إدارة الخلافات السياسية بينهما وليس على انصهارهما سياسيا، إذا حصول بعض الاختلاف في وجهات النظر وفي كيفية مقاربة بعض الملفات، لا يعني لا من قريب ولا ومن بعيد انهيار التفاهم وسقوط مفاعيله، التفاهم ولد ليبقى ويستمر».
ويرى النائب في «القوات اللبنانية»، أن المعطيات الحالية تشير إلى أن الانتخابات النيابية المفترض إجراؤها في شهر مايو (أيار) المقبل لا تزال قائمة، مضيفا: «على الرغم من التطورات المحلية والإقليمية الأخيرة، فإن كل المعطيات تؤكد حصول الانتخابات النيابية في موعدها المحدد، حتى لو استقالت الحكومة، إذ لا شيء يمنع حكومة تصريف الأعمال من إنجازها وفقا للقانون الجديد، إلا في الحالات القاهرة، ونعتبر كل من يقول عكس ذلك ويُبشر بعدم حصول الانتخابات شريكا في ضرب العهد وتكبيل الحياة السياسية».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.